• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المآسي والآلام

المآسي والآلام

إن من أقصى ما مرّ على أهل البيت (عليهم السلام) في تاريخهم الحافل بالمآسي والآلام أن الأيدي الآثمة قد تجاوزت الحدّ في خصومتها وعدوانها عليهم، فامتدّت لتهتك حرماتهم، وتكشف أستارهم، وتعتدي على نسائهم بالضرب والسلب والنهب والأسر والتشهير.
وليس بعد قتل المعصوم ما هو أفظع وأفجع ممّا جرى على بنات الرسالة وعقائل الوحي، وإذا كان المتآمرون في السقيفة قد وضعوا الأساس حيث استطالت أيديهم فضربوا الزهراء (عليها السلام)، وهي بضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) ووكزوها بالسيف وأسقطوا حملها في وحشيّة عدم فيها الضمير، وإذا كان الأمويون قد ساقوا بنات الزهراء أسارى بعد السلب والنّهب، فإن بني العباس جاءوا ليكملوا ما تبقّى من حلقات هذا المسلسل، بل زادوا على أولئك في التعدّي والعدوان، فقد مرّ علينا أنّ أسرى واقعة فخ لما جيء بهم إلى الهادي العباسي وأدخلوا عليه وهم مقيّدون بالحبال والسلاسل ووضعوا أيديهم وأرجلهم في الحديد أمر بقتل بعضهم فقتلوا صبراً وصلبوا بباب الجسر ببغداد.(133)
وقد اعترف المأمون بأنّ بني العباس فاقوا بني أمية في عدوانهم وظلمهم للعلويين، فقال: فأخفناهم، وضيّقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إيّاهم.
ويحكم إنّ بني أمية إنّما قتلوا منهم من سلّ سيفاً، وإنّا معشر بني العباس قتلناهم جملاً، فلتسألنّ أعظم الهاشميّة بأي ذنب قتلت؟ ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت ببغداد والكوفة أحياء..(134)
وقد ذكرنا فيما تقدّم شيئاً ممّا لاقاه العلويّون من بني العباس، والغرض في المقام أن نذكر شيئاً ممّا لاقته العلويات، ونكتفي بما يرتبط بالسيدة المعصومة (عليها السلام) وما نالها من عدوان بني العباس.
اتّفق الرواة على أن محمد بن جعفر خرج في زمان الرشيد أو المأمون، وأعلن الدعوة إلى نفسه، وقد حذّر الإمام الرضا (عليه السلام) من مغبة ذلك وأخبره بأنّه أمر لا يتم وأن حركته فاشلة، فأرسل العباسيون جيشاً بقيادة عيسى بن يزيد الجلودي وأمروه إن ظفر به أن يضرب عنقه، وأن يغير على دور آل أبي طالب، وأن يسلب نساءهم، ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوباً واحداً، ففعل الجلودي ذلك، وقد كان مضى أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فصار الجلودي إلى باب دار أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وهجم على داره مع خيله، فلمّا نظر إليه الرضا جعل النساء كلّهن في بيت ووقف على باب البيت، فقال الجلودي لأبي الحسن (عليه السلام): لابدّ من أن أدخل البيت فاسلبهنّ كما أمرني أمير المؤمنين، فقال الرضا (عليه السلام) هنا سقط فلم يدع عليهنّ شيئاً حتى أقراطهن وخلاخيلهنّ وأزرهنّ إلا أخذه منهن، وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير.(135)
ترى ما حال تلك النسوة آنذاك؟‍ وما حال الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) وهو يرى بنات الرسالة وقد سلبن كلّ شيء؟
وهل تظنّ أن الجلودي اكتفى بالهجوم على بيت الإمام الرضا (عليه السلام) دون بقية دور آل أبي طالب؟
والذي ذكرته الروايات أن الجلودي أمر بالغارة على دور آل أبي طالب، وأن يسلب نساءهم، والجلودي كان خادماً مخلصاً لبني العباس، ولا أظنّ أنّه اكتفى بذلك، بل هجم على بقيّة الدور، وربما سلّب النساء بنفسه، وإن لم تفصح الروايات عن ذلك.
والذي يؤيد ما ذكرنا ما جاء في نفس هذه الرواية، من أنّه لمّا أدخل الجلودي على المأمون، وكان الإمام الرضا (عليه السلام) حاضراً وأراد الإمام أن يشفع فيه، فقال (عليه السلام): يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ، فقال المأمون: يا سيّدي هذا الذي فعل ببنات محمد (صلّى الله عليه وآله) ما فعل من سلبهن.(136) فإنّ فيه إشعاراً بذلك.
وإذا كانت الخصومة بين الرجال فما بال النسوة؟ وما هي جنايتهن ليفعل بهنّ ذلك؟ وهن بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وودائع النبوة!!!
وإذا لم يكن الدين رادعاً ولا الضمير وازعاً فلا أقل أن النسب يكون صارفاً فإن لهن رحماً قريبة بأولئك المتسلطين ولكن..
وعلى أي حال فقد نال السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) من الخوف والترويع والظلم ما جعل أيّام حياتها القصيرة تمتزج بالآلام والأحزان والمآسي.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page