السيدة تعايش ترحيل أخيها
سنه 201 هـ
يوم 10 جمادي الآخر
مدينة مرو
الإمام الرضا ( عليه السلام ) وأخوه اسماعيل ، وعمه محمد بن جعفر ، وعلي بن الحسن بن زيد ، وابن الارقط ، ومجموعة ممن كان قد خرج على المأمون ، يقدم بهم رجاء بن الضحاك على مرو ، ويدخلهم على المأمون لعشر خلون من جماي الآخر سنة إحدى ومائتين ، فقد أمر المأمون بإشخاصهم وإشخاص من كان قام عليه من الطالبيين ، فحملهم الجلودي وأخذ بهم على طريق البصرة ـ الأهواز (1) في المفاوز والبراري لا في العمران ، لئلا يراه الناس فيرغبوا فيه ، فما من منزل من منازل إلا وله فيه معجزة (2) .
وصاروا إلى فارس حيث لقيهم رجاء بن الضّحاك وتسلّمهم من الجلوديّ (1) .
وبذلك يكون الإمام قد فارق مدينة جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان ( عليه السلام ) قبل إخراجه قد دخل المسجد النبوي الشريف ليودع جده ، فودعه مراراً ، كل ذلك [وهو] يرجع الى القبر ، ويعلو صوته بالبكاء والنحيب . فتقدم إليه مخول السجستاني وسلٌم عليه ، فردّ السلام .
وقال ( عليه السلام ) : زرني ! فإنّي أخرج من جوار جدي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاموت في غربة (2) .
كل هذا في منظر ومسمع من السيدة المعصومة وإخوتها وإخواتها حيث إن الإمام ( عليه السلام ) حينما أرادوا الخروج به من المدينة جمع عياله ، وأمرهم بالبكاء عليه ، ثم فرق فيهم إثني عشر الف دينار .
ثم قال : أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا (3) .
وهكذا أخرج الإمام ( عليه السلام ) من مدينة جدّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أمام أخته المصونة وسائر عياله ، وعيونهم عبرى ، وقلوبهم مملوءة بالحزن والأسى .
____________
(1) شرح الأخبار : ج3 ص 339 .
(2) العوالم : ج 22 ص 229 ح 3 من المستدركات .
(3) شرح الأخبار : ج3 ص 339 .
(4) عيون الأخبار : ج2 ص 217 ح 26 .
(5) عيون أخبار الرضا : ج2 ص 217 ح 28 .