• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التاريخ واقع يروى والحاضر تاريخ يرى

التاريخ واقع يروى والحاضر تاريخ يرى

لعل التمهيد للإجابة عما يرتبط بمستقبل الإنسان يتطلب منا معرفة أمور شتى، منها أن التاريخ هو واقع مضى لكنه اليوم يروى. وأن الحاضر الذي نعيشه إنما هو تاريخ يرى. إذ ليس من شيء في هذا العالم ينقضي أثره، بل هي الصورة التي تتبدل. فما مضى من التاريخ ما زال يتفاعل مع الحاضر، وليس هو الا جذور لهذا الحاضر والمستقبل. ومثل هذه الحقيقة مثل شجرة امتدت أغصانها وفروعها في الفضاء، فهي وان تبدو للعيان كيانا قائماً بذاته، لكنها في الحقيقة ترتبط ارتباطاً وثيقاً حياتياً بما لها من جذور امتدت وتغلغلت في أعماق الأرض. كذلك هو الإنسان بكيانه المشاهد للعيان، فأي فرد يعيش الآن إنما يحمل معه حقائق تاريخية وصلت إليه عبر أجداده، وتلك التي تبدو عليه بشكل أو بآخر من خلال أفكاره وتحركاته وتصرفاته أحياناً، بل وحتى في ملامحه الشخصية الظاهرية. فلو تسنى للإنسان أن يرى صورة جده الرابع مثلاً، لا شك أنه سيلحظ فيه ولو بعضاً من ملامحه الخاصة.
ونحن حين نحترم السا دة من ذرية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. لأن جذورهم تتصل بشكل ما بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولان دم الرسول الطاهر ما يزال يجري في عروقهم، ولان أخلاقه مازالت موجودة فيهم ولو بنسبة ضئيلة جداً قد لا تتجاوز الواحد من المليون. لذا فما روي في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: احترموا أولادي وذريتي. الصالحون لأنفسهم والطالحون لي يعمّ كل سيّد من ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فمن كان منهم صالحاً يحترم لنسبه ولصلاحه، ومن كان طالحاً منحرفاً يحترم لنسبه لجده.
وحين يقف الإنسان أمام مرقد أحد من ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو لا يعرفه لافتقاد شجرته، أو يقف في أحد أضرحة ذرية الأئمة عليهم السلام ليسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويبسط حوائجه في حضرة الباري عز وجل متوسلاً بالرسول وبذريته، إنما يعني ذلك احتراماً للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، في ذريته وعترته وإطاعـة لأمره.
ونحن إذ نقتدي ونسترشد فإنما نسترشد بالإمام علي عليه السلام فانه وبعد وفاة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام كان يبكي كثيراً، وحين يسأله عمار عن هذا الجزع، يقول عليه السلام لعمار: كان مشيها مشي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كذلك كانت حركاتها وصورتها. فهو عليه السلام كان يرى فيها شخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فلم يعد يصبر بفقدها.
فالتاريخ إذ يتمثل بالحاضر، وليس الحاضر إلاّ وليد الماضي وابن للتاريخ، بل الحاضر ليس إلا صورة له، وإنما الفرق أن ذلك حديث يروى وهذا واقع يرى. وانطلاقاً من هذه الزاوية فإننا حين نمحّص أنفسنا لنعرف مدى ولائنا لسيدتنا الزهراء عليها السلام، نقف على حقيقة أن موالاتنا لابد وان تكون بالشكل وبالطريقة التي نجعل من ذلك التاريخ وتلك السيرة العطرة الوضاءة الزكية واقعاً تنبض به الحياة الحاضرة.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page