بعد ما أنهت الزهراء كلامها مع القوم بكت عند قبر رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) حتى ابتل بدموعها، ثم انكأفت (عليهاالسلام) راجعة إلى الدار و أميرالمؤمنين (عليه السلام) يتوقّع رجوعها إليه و يتطلع طلوعها عليه، فلما استقرت بها الدار قالت لأميرالمؤمنين (عليه السلام): «يابن أبي طالب اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافه يبتزنى نحلة أبي، و بلغة ابنى، لقد أجهر في خصامى، و ألفيته الألد في كلامي حتى حبستني قيلة نصرها، و المهاجرة وصلها، و غضت الجماعة دونى طرفها، فلا دافع و لا مانع، خرجتُ كاظمة وعدتُ راغمة، أضرعتَ خدَّك يوم أَضعت حدَّك، إفترست الذئاب، وافترشت التراب، ما كففت قائلاً، و لا أغنيت باطلاً، و لا خيار لي ليتني متُّ قبل هِينَتي و دون ذلّتي، عذيري اللَّه منك عادياً و منك حامياً، ويلاي في كل شارق مات العمد و وهن العَضد شكواي إلى أبي وعدواي إلى ربّي، اللهمّ أنت أشد قوةً و حولاً، و أحدُّ بأساً و تنكيلاً.
فقال أميرالمؤمنين (عليه السلام): «لا ويل عليكِ، الويل لشانئكِ، نهنهي عن وجدك يا بنت الصفوة و بقية النبوة، فما ونيت عن ديني، و لا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البُلغة فرزقكِ مضمون، و كفيلكِ مأمون، و ما أُعد لكِ خير مما قطع عنكِ، فاحتسبي اللَّه»، فقالت (عليهاالسلام): «حسبي اللَّه» و سكتت.
شكواها إلى الإمام علي علیه السلام
- الزيارات: 2340