• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اخلاق فاطمة عليها السلام و سيرتها و قبسات من حياتها

 

سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام
لجنة التحرير فى طريق الحق
الزّهد:
نقل عن الامام الصّادق عليه السّلام، و عن جابر الانصاري «انّه راى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة عليها السّلام و عليها كساء، من اجلة الابل و هي تطحن بيديها و ترضع ولدها، فدمعت عيناً رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا بنتاه تعجلي مرارة الدّنيا بحلاوة الآخرة، فقالت‏يا رسول اللّه، الحمد اللّه على نعمائه و الشكر للّه على آلائه، فانزل اللّه «و لوسف يعطيك ربّك فترضى‏» (1)

العمل في البيت:
روي عن الامام الصّادق عليه السّلام «... و كان عليّ عليه السّلام و يستقي و يحتطب و كانت فاطمة عليها السّلام تطحن و تعجن و تخبز و ترقع و كانت من احسن الناس وجهاً كانّ وجنتيها وردتان، صلّى اللّه عليها و على ابيها و بعلها و ولدها الطّاهرين.» (2)
و عن عليّ عليه السلام، حول فاطمة عليها السّلام »...انها استقت‏ب القربة حتّى اثرت في صدرها، و طحنت‏بالرّحى حتّى مجلت‏يداها، و كسحت البيت‏حتّى اغبرت ثيابها، و اوقدت النّار تحت القدر حتّى دكنت ثيابها». (3)
النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يساعد فاطمة عليها السّلام في عملها:
«دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على عليّ فوجده هو و فاطمة يطحنان في الجاروش (الرّحى) فقال النّبيّ صلّى الله عليه و اله و سلّم: ايّكما اعيى؟ فقال عليّ: فاطمة يا رسول اللّه، فقال لها: قومي يا بنيّة، فقامت و جلس النّبي صلّى الله عليه و آله وسلّم موضعها مع عليّ عليه السّلام فواساه في طحن الحبّ‏». (4)

امراة لا تطالب زوجها بشي‏ء:
عن الامام الباقر عليه السلام قال: «انّ فاطمة ضمنت لعليّ عليه السّلام عمل البيت و العجين و الخبز و قمّ البيت، و ضمن لها عليّ عليه السلام ما كان خلف الباب، نقل الحطب و ان يجي بالطعام فقال لها يوماً، يا فاطمه هل عندك شئ‏ء؟ قالت: والذي عظّم حقّك ما كان عندا منذ ثلاثة ايّام شي‏ء نقريك به، قال: افلا اخبرتني؟ قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهايي ان اسالك شيئاً فقال: لا تسالين ابن عمّك شيئاً ان جاءك بشي‏ء و الاّ فلا تساليه‏» (5) .

الانسجام و التلاؤم في الحياة الزوجية:
قال عليّ عليه السّلام: فواللّه ما اغضبتها (خلال الحياة المشتركة مع فاطمة عليها السلام) و لا اكرهتها على امر حتّى قبضها اللّه عزّوجلّ، و لا اغضبتني و لا عصمت لي امراً، و لقد كنت انظر اليها فتنكشف عني الهموم و الاخزان‏» (6)

اصدق النساء:
«و عن عائشة، و ذكرت فاطمة عليها السّلام: ما رايت اصدق منها الاّ اباها» (7)

العبادة:
عن الحسن البصري «ما كان في هذه الامة اعبد من فاطمة كانت تقوم حتّى تورم قدماها» (8)

العبادة و الدّعاء للآخرين:
عن الامام الحسن عليه السلام: «قال: رايت اميّ فاطمة عليها السّلام قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة و ساجدة حتّى انفجر عمود الصبح و سمعتها تدعو للمؤمنين و المؤمنات و تسميّهم و تكثر الدّعاء لهم، و لا تدعوا لنفسها بشي‏ء، فقلت لها: يا امّاه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت: يا بنيّ، الجار ثمّ الدار» (9) .
الحجاب:
عن الامام موسى بن جعفر عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام قال: قال عليّ عليه السّلام، استاذن اعمى على فاطمة عليها السّلام فحجبته، فقال رسول الله صلّى عليه و آله و سلّم لها، لم حجبتيه و هو لا يراك؟ فقالت عليه السّلام: ان لم يكن يراني فاني اراه و هو يشمّ الريح، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اشهد انّك بضعة منّي‏» (10) .

العفاف، و الابتعاد عن الرّجال الجانب:
«حين سئلت فاطمة عليها السّلام: ايّ شي‏ء خير للنساء اجابت: و خير لهنّ ان لا يرين الرّجال، و لا يراهنّ الرّجال‏» (11) .
«و حين سئلت عن المراة: فمتى تكون ادنى من ربها، اجابت عليها السّلام: ادنى ما تكون من ربها ان تلزم قعر بيتها، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم حين سمع جوابها: انّ فاطمة بضعة منّي‏». (12)
و من الواضح انّ خروج المراة من دارها، ليس محرّماً، لو لم يؤدّ لارتكاب الحرام، بل ربّما يكون خروجها راجحاً او لازماً، لممارسة بعض الاعمال و هذه الرّوايات انّما تستهدف التاكيد على هذه الملاحظة، و انّه لو لم يكن هناك امر ضروري يفرض على المراة الخروج، فالافضل لها ان لا تعرض نفسها على الرّجال و انظارهم.

توزيع العمل مع خادمة البيت:
و عن سلمان الفارسي قال «كانت فاطمة عليها السّلام جالسة، قدامها رحى تطحن بها الشّعير، و على عمود الرّحى دم سائل (بسبب جرح اصاب يد فاطمة عليها السّلام)، و الحسين في ناحية الدّار يتضوّر من الجوع، فقلت: يا بنت رسول الله، دبرت كفاك (اي جرحت)، و هذه فضة (13) و هي تتولّى الاعمال، فقالت: اوصاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان تكون الخدمة لها يوماً، فكان امس يوم خدمتها...» (14)

التّضحية و الايثار بزينتها:
عن الامام السّجّاد: «انّه قال: حدّثتني اسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة عليها السّلام اذا دخل عليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و في عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها عليّ بن ابي طالب عليه السّلام من فى‏ء، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا فاطمة لا يقول النّاس ان فاطمة بنت محمّد تلبس لباس الجبابرة، فقطعتها و باعتها و اشترت بها رقبة فاعتقتها، فسرّ بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم‏» (15)
و عن الامام الباقر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم اذا اراد السفر سلّم على من اراد التسليم عليه من اهله، ثمّ يكون آخر من يسلّم عليه فاطمة عليها السّلام فيكون وجهه الى سفره من بيتها، و اذا رجع بدا بها، فسافر مرّة و قد اصاب عليّ عليه السّلام شيئاً من الغنيمة فدفعه الى فاطمه فخرج فاخذت سوارين من فضّة و علّقت على بابها ستراً، فلمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دخل المسجد فتوّجه نحو بيت فاطمه عليها السلام كما كان يصنع، فقامت فرحة الى ابيها صبابة و شوقاً اليه، فنظر، فاذا فى يدها سواران من فضّة، و اذاً على بابها ستر، فقعد رسول الله عليه و آله وسلّم حيث‏ينظر اليها، فبكت فاطمة و حزنت و قالت: ما سنع هذا بي قبلها.
فدعت ابنيها، فنزعت الستر من بابها، و خلعت السوارين من يديها، ثم دفعت السوارين الى احدهما و الستر الى الآخر، ثم قالت لهما: انطلقا الى ابي فاقرئاه السّلام و قولا له: ما احدثنا بعدك غير هذا فشانك به، فجاءآه فابلغاه ذلك عن امهما، فقبلهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم، و التزمهما و اقعد كلّ واحد منهما على فخذه ثمّ امر بذينك السوارين فكسرا فجعلها قطعاً ثم دعا اهل الصفة - و هم قوم من المهاجرين لم يكن لهم منازل و لا اموال - فقسّمه بينهم قطعاً، ثمّ جعل يدعو الرّجل منهم العاري الذي لا يستتر بشي‏ء و كان ذلك الستر طويلاً ليس له عرض فجعل يؤزر الرّجل فاذا التقيا عليه قطعه حتى قسّمه بينهم ازراً.
ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و سلّم: «رحم الله فاطمة ليكسونّها اللّه بهذا الستر من كسوة الجنة، و ليحلينّها بهذين السوارين من حلية الجنة‏» (16) .

ثوب العرس:

و قد روي «انّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله وسلّم صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها و زفافها و كان لها قميص مرقوع و اذاً بسائل على الباب يقول: اطلب من بيت النبوة قميصاً خلقاً، فارادت ان تدفع اليه القميص المرقوع، فتذكرت قوله تعالى: «لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبون‏» (17) فدفعت له الجديد...» (18)

الزّهد و الخوف من اللّه:
لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم «و ان جهنم لموعدهم اجمعين لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم‏» (19) بكى النبي صلّى اللّه عليه و اله وسلّم بكاءً شديداً، و بكت صحابته لبكائه، و لم يدروا ما نزل به جبرائيل و لم يستطع احد من صحابته ان يكلّمه، و كان النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اذا راى فاطمة فرح بها، فانطلق بعض اصحابه الى باب بيتها، فوجد بين يديها شعيراً و هي تطحن فيه و تقول «و ما عند اللّه خير و ابقى‏»، فسلّم عليها، و اخبرها بخبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و بكائه، فنهضت، و التفت‏بشملة لها خلقة، قد خيطت اثنى عشر مكاناً بسعف النّخل، فلمّا خرجت نظر سلمان الفارسي الى الشملة و بكى، و قال: واحزناه ان قيصر و كسرى لفي السندس و الحرير، و ابنة محمّد صلّى اللّه عليه و آله وسلّم عليها شملة صوف خرقة، قد خيطت في اثنى عشر مكاناً.
فلّما دخلت فاطمة عليها السّلام على النّبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قالت: يا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلم، انّ سلمان تعجّب من لباسي، فوالذي بعثك بالحقّ مالي و علّي عليه السّلام منذ خمس سنين الاّ مسك كبش نعلف عليها بالنّهار بعيرنا، فاذا كان اليل افترشناه، و ان مرفقتنا لمن ادم حشوها ليف.
فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وسلم: يا سلمان انّ ابنتي لفي الخيل السوابق.
ثم قالت: يا ابتاه فديتك ما الذي ابكاك؟
فذكرها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدمتين، قال: فسقطت فاطمة عليها السّلام على وجهها و هي تقول (الويل ثمّ الويل لمن دخل النّار» (20) .

الجوع، و طعام من السّماء:
عن ابي سعيد الخدري قال: اصبح عليّ بن ابي طالب عليه السّلام ذات يوم ساغباً فقال: يا فاطمة هل عندك شي‏ء تغذينيه؟
قالت: لا و الذي اكرم ابي بالنبوة و اكرمك بالوصية، ما اصبح الغداة عندي شي‏ء و ما كان شي‏ء اطعمناه منذ يومين الاّ شي‏ء كنت اثرك به على نفسي و على ابنيّ هذين الحسن و الحسين.
فقال عليّ عليه السلام: يا فاطمة الا كنت اعلمتني فابغيكم شيئاً.
فقالت: يا ابا الحسن انئ لاستحيي من الهي ان اكلّف نفسك ما لا تقدر عليه.
فخرج عليّ ابن ابي طالب عليه السلام من عند فاطمة عليها السّلام و اثقاً بالله بحسن الظنّ فاستقرض ديناراً، فبينا الدّينار في يد عليّ بن ابي طالب عليه السّلام يريد ان يبتاع لعياله ما يصلحهم، فتعرض له المقداد بن الاسود في يوم شديد الحر، قد لوّحته الشّمس من فوقه و آذته من تحته، فلّما رآه عليّ بن ابي طالب عليه السّلام انكر شانه فقال يا مقداد ما ازعجك هذه السّاعة من رحلك؟
قال يا ابا الحسن خلّ سبيلي و لا تسالني عمّا ورائى.
فقال: يا اخي انّه لا يسعني ان تجاوزني حتّى اعلم علمك.
فقال: يا ابا الحسن رغبة الى الله و اليك ان تخلّي سبيلي و لا تكشفني عن حالي.
فقال له: يا اخي انّه لا يسعك ان تكتمنى حالك.
فقال: يا ابا الحسن امّا اذا ابيت فوالذي اكرم محمّداً بالنّبوّة و اكرمك بالوصيّة ما ازعجني من رحلي الا الجهد، و قد تركت عيالي يتضاغون جوعاً، فلمّا سمعت‏بكاء العيال لم تحملني الارض، فخرجت مهموماً راكب راسي، هذه حالي و قصتي.
فانهملت عينا عليّ بالبكاء حتّى بلّت دمعته لحيته، فقال له: احلف بالذي حلفت ما ازعجني الا الذي ازعجك من رحلك، فقد استقرضت ديناراً فقد آثرتك على نفسي، فدفع الدينار اليه، و رجع حتّى دخل مسجد النّبي صلّى الله عليه و آله و سلّم فصلّى فيه الظهر و العصر و المغرب، فلمّا قضى رسول الله صلّى اللّه عليه و اله و سلم المغرب مرّ بعليّ بن ابيطالب و هو في الصّفّ الاوّل، فغمزه برجله، فقام عليّ عليه السّلام معقباً خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى لحقه على بابّ من ابواب المسجد، فسلّم عليه، فردّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم السّلام، فقال: يا ابا الحسن هل عندك شي‏ء، نتعشاه، فنميل معك.
فمكث مطرقاً لا يحير جواباً حياءاً من رسول اللّه صلّى الله عليه و اله و سلّم و هو (اي الرّسول صلّى اللّه عليه و آله وسلّم) يعلم ما كان من امر الدينار و من اين اخذه، و اين وجّهه، وقد كان اوحى اللّه تعالى الى نبيّه محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان يتعشى الليلة عند عليّ بن ابي طالب، فلمّا نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى سكوته، فقال: يا ابا الحسن مالك لا تقول: لا، فانصرف، او تقول: نعم فامضي معك. فقال حياءً و تكرماً: فاذهب بنا.
فاخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّ بن ابي طالب عليه السّلام، فانطلقا حتّى دخلا على فاطمة الزهراء عليها السّلام و هي في مصلاّها قد قضت صلاتها و خلفها جفنة تفورد خاناً، فلمّا سمعت كلام رسول اللّه صلّى الله عليه و آله و سلّم في رحلها خرجت من مصلاّها فسلمت عليه، و كانت اعزّ النّاس عليه، فردّ عليها السّلام، و مسح بيده على راسها و قال لها: يا بنتاه، كيف امسيت رحمك اللّه تعالى، عشينا غفر اللّه لك و قد فعل.
فاخذت الجفنة، فوضعتها بين يدي النبيّ صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و عليّ بن ابي طالب عليه السّلام، فلمّا نظر عليّ بن ابي طالب الى طعام و شم ريحه رمى فاطمة ببصره رمياً شحيحاً، قالت له فاطمة: سبحان اللّه ما اشحّ نظرك، و اشدّه، هل اذنبت فيما بيني و بينك ذنباً، استوجبت‏به السّخطة؟
قال: و اي ذنب اعظم من ذنب اصبتيه اليس عهدي اليك اليوم الماضي و انت تحلفين باللّه مجتهدة ما طعمت طعاماً مذ يومين؟
قال: فنظرت الى السّماء فقالت: الهي يعلم في سمائه و يعلم في ارضه انّي لم اقل الا حقّاً.
قال لها: يا فاطمة انى لك هذا الطعام الذي لم انظر الى مثل لونه قط و لم اشمّ مثل ريحه قطّ، و لم آكل اطيب منه.
قال: فوضع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كفّه الطيبّة المباركة بين كتفي عليّ بن ابي طالب عليه السّلام فغمزها، ثم قال: يا عليّ هذا بدل دينارك، و هذا جزاء دينارك من عند اللّه «ان اللّه يرزق من يشاء بغير حساب‏»، ثم استعبر النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم باكياً، ثم قال: الحمد للّه الذي ابى لكم ان تخرجا من الدنيا حتّى يجزيكما و يجريك يا علي مجرى زكريّا، و يجرى فاطمة مجرى مريم بنت عمران «كلّما دخل عليها زكريّا المحراب و جد عندها رزقاً» (21) .

بذلها و انفاقها للمحتاجين و العقد الميمون:
عن جابر بن عبد اللّه الانصاري قال: صلّى بنا رسول اللّه صلّى الله عليه و اله و سلّم صلاة العصر، فلمّا انفتل، جلس في قبلته و النّاس حوله، فبينا هم كذلك اذا اقبل اليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل قد تهلّل و اخلق و هو لا يكاد يتمالك كبراً و ضعفاً، فاقبل عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يستحثّه الخبر، فقال الشيخ: يا نبيّ اللّه انا جائع الكبد فاطعمني، و عاري الجسد فاكسني، و فقير فارشني.
فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما اجد لك شيئاً، ولكن الدّال على الخير كفاعله، انطلق منزل من يحبّ اللّه و رسوله و يحبّه اللّه و رسوله، يؤثر اللّه على نفسه، انطلق الى حجرة فاطمة، و كان بيتها ملاصق بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم الذي ينفرد به لنفسه من ازواجه.
و قال: يا بلال، قم فقف به على منزل فاطمة.
فانطلق الاعرابي مع بلال، فلمّا وقف على باب فاطمة نادى باعلى صوته: السّلام عليكم يا اهل بيت النّبوة، و مختلف الملائكة، ومهبط جبرئيل الرّوح الامين بالتنزيل، من عند ربّ العالمين، فقالت فاطمة: و عليك السّلام، فمن انت‏يا هذا؟
قال: شيخ من العرب اقبلت على ابيك سيّد البّشر مهاجراً من شقّه، و انا يا بنت محمّد عاري الجسد، جائع الكبد، فواسيني يرحمك الله.
و كان لفاطمة و علي، في تلك الحال، و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم، ثلاثة ما طعموا فيها طعاماً، و قد علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك من شانهما.
فعمدت فاطمة الى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن و الحسين، فقالت‏خذ هذا ايّها الطارق، فعسى اللّه ان يرتاح لك ما هو خير منه.
قال الاعرابي: يا بنت محمّد شكوت اليك الجوع فناولتني جلد كبش، ما انا صانع به، مع ما اجد من السغب.
قال: فعمدت لمّا سمعت هذا من قوله الى عقد كان في عنقها، اهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطّلب فقطعته من عنقها و نبذته الى الاعرابي فقالت: خذه و بعه، فعسى اللّه ان يعوضك به ما هو خير منه.
فاخذ الاعرابي العقد، و انطلق الى مسجد رسول الله، و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جالس في اصحابه، فقال: يا رسول اللّه اعطتني فاطمة هذا العقد فقالت‏بعه فعسى اللّه ان يصنع لك.
قال: فبكى النّبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و قال: و كيف لا يصنع اللّه لك و قد اعطتكه فاطمة بنت محمّد سيّدة بنات آدم.
فقام عمّار بن ياسر رحمة اللّه عليه فقال: يا رسول اللّه اتاذن لي بشراء هذا العقد؟
قال: اشتره يا عمّار، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم اللّه بالنّار.
فقال عمّار: بكم العقد يا اعرابيّ؟
قال: بشبعة من الخبز و اللحم، و بردة يمانيّة استر بها عورتي، و اصلّي فيها لربّي، و دينار يبلغني الى اهلي.
وكان عمّار قد باع سهمه الّذى نفله رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من خيبر،و لم يبق منه شيئاً، فقال: لك عشرون ديناراً، وماتا درهم هجرية، و بردة يمانيّة، و راحلتي تبلغك اهلك وشبعك من خبز و البرّ و اللحم.
فقال الاعرابي: ما اسخاك بالمال ايّها الرّجل، و انطلق به عمّار فوقاه ما ضمن له، وعاد الاعرابي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اشبعت واكتسيت؟ قال الاعرابي: نعم و استغنيت‏بابي انت و امّي، قال: فاجز فاطمة بصنيعها، فقال الاعرابّي: اللّهم انّك اله ما استحدثناك ولا اله لنا نعبده سواك، و انت رازقنا على كلّ الجهات، الهمّ اعط فاطمة ما لا عين رات و لا اذن سمعت، فامّن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دعائه، و اقبل على اصحابه فقال: انّ اللّه قد اعطى فاطمة في الدّنيا ذلك، انا ابوها و ما احد من العالمين مثلي، و عليّ بعلها و لولا عليّ ما كان لفاطمة كفو ابداً، و اعطاها الحسن و الحسين، و ما للعالمين مثلهما سيّد شباب اسباط الانبيا، و سيّد شباب اهل الجنّة.
و كان بازائه مقداد و عمّار وسلمان فقال: و ازيدكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: اتاني الرّوح يعني جبرئيل عليه السّلام انّها اذا هي قبضت و دفنت‏يسالها الملكان في قبرها، من ربّك؟ فتقول، اللّه ربّي، فيقولان: فمن نبيك؟ فتقول ابي، فيقولان. فمن وليّك؟ فتقول: هذا القائم على شفير قبري عليّ بن ابي طالب عليه السّلام.
الا و ازيدكم من فضلها: انّ اللّه قد وكلّ بها رعيلاً من الملائكة يحفظونها من بين يديها و من خلفها و عن يمينها و عن شمالها و هم معها في حياتها و عند قبرها و عند موتها يكثّرون الصلاة عليها و على ابيها و بعلها و بنيها.
فمن زارني بعد وفاتي، فكانّما زارني في حياتي، و من زار فاطمة فكانّما زارني، و من زار عليّ بن ابي طالب فكانّما زار فاطمة، و من زار الحسن و الحسين فكانّما زار عليّاً، و من زار ذريّتهما فكانّما زارهما.
فعهد عمّار الى العقد، فطيبه بالمسك، و لفّه في بردة يمانيّة، و كان له عبد اسمه (سهم) ابتاعه من ذلك السّهم الذي اصابه بخيبر، فدفع العقد الى المملوك، و قال له: خذ هذا العقد فادفعه الى رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و انت له، فاخذ المملوك العقد، فاتى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اخبره بقول عمّار، فقال النّبي: صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انطلق الى فاطمة فادفع اليها العقد، و انت لها، فجاء المملوك بالعقد و اخبرها بقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاخذت فاطمة عليها السلام العقد، و اعتقت المملوك، فضحك الغلام، فقالت: ما يضحكك يا غلام؟.
فقال: اضحكني عظم بركة هذا العقد، اشبع جائعاً وكسى عرياناً، و اغنى فقيراً و اعتق عبداً، و رجع الى ربّه. (22)

العباءة النيّرة:
«روي انّ عليّا استقرض من يهودي شعيراً، فاسترهنه شيئاً، فدفع اليه ملائة فاطمة رهناً، و كانت من الصوف، فادخلها اليهودي الى دار، و وضعها في البيت، فلمّا كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة بشغل، فرات نوراً ساطعاً في البيت: اضاء به كله، فانصرفت الى زوجها فاخبرته بانها رات في ذلك البيت ضوءاً عظيماً، فتعجّب اليهودي زوجها، و قدنسي انّ في بيته ملاءة فاطمة، فنهض مسرعاً و دخل البيت فاذا ضياء الملاءة ينشر شعاعها، كانّه يشتعل من بدر منير، يلمع من قريب، فتعجب من ذلك، فانعم النّظر في موضع الملاءة فعلم ان ذلك النّور من ملاءة فاطمة، فخرج اليهوديّ يعدو الى اقربائه و زوجته تعدو الى اقربائها، فاجتمع ثمانون من اليهود فراوا ذلك فاسلموا كلّهم‏» (23)

ثوب من الجنّة لفاطمة:
«روي انّ اليهود كان لهم عرس فجاؤا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم و قالوا: لنا حقّ الجوار فنسالك ان تبعث فاطمة بنتك الى دارنا حتّى يزداد عرسنا بها، و الحّوا عليه، فقال: انّها زوجة علي بن ابي طالب، و هي بحكمه (اي لابدّ ان ياذن لها عليّ عليه السلام)
و سالوه ان يشفع الى علي في ذلك، و قد جمع اليهود الطمّ و الرّم، (24) من الحلي و الحلل، و ظنّ اليهود انّ فاطمة تدخل في بذلتها، و ارادوا استهانة بها.
فجاء جبرئيل بثياب من الجنة و حلّي و حلل لم يروا مثلها، فلبستها فاطمة، و تحلّت‏بها فتعجب النّاس من زينتها و الوانها و طيبها، فلمّا دخلت فاطمة دار اليهود سجد لها نساؤهم يقبّلن الارض بين يديها و اسلم بسبب ما راوا خلق كثير من اليهود» (25)

-----------------------------------------------------------------------------------------
1. سورة و الضّحى، آية 5 و البحار، ج 43، ص 85 - 86.
2. روضة الكافي، ص 165.
3. البحار، ج 43، ص 82.
4. البحار، ج 43، ص 50 - 51.
5. البحار، ج 43، ص 31.
6. البحار، ج 43، ص 134.
7.البحار، ج 43، ص 53.
8 البحار، ج 43، ص 84.
9. كشف الغمّة، ج 2، ص 25 - 26.
10. البحار، ج 43، ص 91.
11. كشف الغمّة، ج 2، 23 - 24.
12. البحار، ج 43، ص 92.
13. و فضّة كانت من اتقى النّساء، و خادمة للزّهراء عليهما السّلام و يجدر التاكيد على انّ فاطمة عليها السّلام كانت تعيش في بدايات حياتها الزّوجية مع عليّ عليه السلام حياة العوز و الضيق المادّي، كما تدلّ على ذلك بعض الرّوايات (البحار، ج 43، ص 88) ولكن بعد ان وهب لها النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فدك، تحسن حالهما، و يروى ايضاً انّ النّبي صلّى الله عليه و آله وسلّم وهب لها فضّة و قد كانت امة (مناقب شهر آشوب، ج 3، ص 120) اذن فاذا راينا فى بعض الرّويات انّ اهل البيت عليهم السلام كانوا يعيشون حياة العوز و الضيق، بينما بعض الرّوايات الاخرى تتحدث عن وجود خادمة في البيت، فانّ ذلك لاختلاف الظروف و المراحل التي مرّت على حياة الزّهراء عليها السّلام.
14. البحار، ج 43، ص 28.
15. البحار، ج 43، ص 81.
16. البحار، ج 43، ص 83 - 84.
17. سورة آل عمران، آية 87.
18. رياحين الشريعة، ج 1، ص 106 نقلا عن (التّبر المذاب).
19. سورة الحجر، آية، 43 - 44.
20. رياحين الشريعة، ج 1، ص 148، بيت الاحزان، ص 28 - 29.
21. سورة آل عمران، آية 33. و البحار، ج 43، ص 59 - 61.
22. البحار، ج 43، ص - 58.
23. البحار، ج 43، ص 30.
24. الطُمّ و الرّمّ يعنى المال الكثير نظير الرّطب و اليابس او البحريّ و البري كذا منقول فى البحار.
25. البحار، ج 43، ص 30.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page