طباعة

الإلزام

الإلزام


بين الإلزام والالتزام

الفرق بين الالزام والالتزام أن الإلزام يكون من سلطة عليا تأمر وتنهى، ولا رادّ لأمرها ونهيها لأنه حق وعدل، وهي أيضاً تمدح وتوبخ، تراقب وتحاسب المنحرفين في سلوكهم عن الصراع القويم، أما الالتزام فهو التقيد والتعبد بهذا الواجب والإلزام حتى ولو خالف ميول الملتزم وتقاليد أهله ومجتمعه، وبكلمة أن الالتزام يشبه إلى حد بعيد السير على قضبان من حديد تُعين للملتزم الطريق الذي يسير عليه تماماً كسير القطار، ومن الإلزام والالتزام يتألف مفهوم النظام، ومن تمرد على الإلزام والواجب فقد خرج عن النظام العادل.

ولا غنى عن مبدأ الإلزام والالتزام لأية أسرة أو جماعة تعيش حياة مشتركة، فهو العهد والميثاق الذي يضمن بقاءها، ويصونها من الفوضى والانحلال، بل هو الأساس الاول للأديان والشرائع والقوانين والمذاهب الأخلاقية وغير الأخلاقية. وقرأت في الصحف من جملة ما قرأت، كلمة تغني عن كتاب في هذا الباب، وهي:

((الشر كل الشر ينبع من اللامبالاة والسلبية، والتخلي عن التبعة، والشعور بالمسئولية. ان جحود الإلزام والالتزام قضاء على وجود الإنسان، بل هو بمثابة الجحود لأصل الوجود)).

والسر الأول والأخير لذلك أن الحياة المشتركة لن تستقيم بحال إلا إذا عاش جميع أفرادها على مستوى واحد في الحقوق والواجبات وإلا اختفى النظام، وشاعت الفوضى والاضطراب والانحلال، وسادت شريعة الغاب والفساد والضلال.

وايضاً قرأت في بعض الصحف أن لصوصاً سطوا واغتنموا، وعند القسمة أجحف رئيسهم واستأثر، فثاروا عليه وطالبوه بالالتزام بالحق والعدل في قسمة الحرام!.. وان دل هذا التناقض على شيء فانه يدل أن واجب الحق والالتزام به يحمل طابع فطرة الله التي فطر الناس عليها، كل الناس، حتى المعتدين على ما هو الحق والعدل وإلا فبأي شيء نفسر مطالبة اللصوص بقسمة الحرام بالعدل؟. ثم هل من أحد يقبل عن رضا وطيب نفس أن يوصم باللصوصية والخيانة؟ اللهم إلا أن يكون وحشاً ضارياً في جسم إنسان.