• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ليس ابن ملجم المستحق الوحيد للعنة

 

جاسم الحائري

في ليلة مقتل أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏
في ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك وبينما يعزي الموالون صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بمصيبة جده المظلوم، ومع انشغال المسلمين بأعمال ليلة القدر المباركة تتبادر إلى الأذهان الفكرة التالية وهي: إن من أعمال هذه الليلة العظيمة التي تقدر فيها مصائر العباد وتقيم أعمالهم هو لعن قتلة أمير المؤمنين، فهل ثمة أناس آخرون غير ابن ملجم شاركوا في قتل أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏؟.
قبل الإجابة على هذا السؤال المهم لا بأس بالإشارة إلى أن القتل ربما كان بالمباشرة كأن يرمي الإنسان غيره من شاهق فسيقتله، وأخرى يكون بالتسبيب كما لو قيد أحدهم إنسانا وجاء غيره وقتله، فكلاهما يصدق عليه أنه قتال.
والآن لنرى من الذي قتل أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ وأفجع المسلمين بمصابه الجلل، فهل هو ابن ملجم –الذي أغراه شوق قطام وارتكب المصيبة التي اهتزت لها السماوات السبع أم هناك غيره؟
وإذا كان القاتل هو ابن ملجم فقط، فلماذا هذا التعبير الجمعي في أعمال ليلة عظيمة كليلة القدر حيث يقول المؤمنون مائة مرة: اللهم العن قتلة أمير المؤمنين؟.
إذن يبدو أن هناك أناساً غير ابن ملجم لهم يد في قتل أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏، وهذا ما يتكفل التاريخ ببيان.
معاوية مؤسس الخوارج:
لا يخفى أن عبد الرحمن بن ملجم هو أحد أقطاب الخوارج الذين انطلت عليهم ألعوبة رفع المصاحف التي ابتدعها معاوية بن أبي سفيان بإيعاز من عمرو بن العاص داهية السوء.
فلما وجد معاوية أن جيشه قد أوشك على الانهزام لجأ إلى حيلة رفع المصاحف على بعض السذج في جيش الإمام علي ‏(عليه السلام)‏ يتراجعون عن القتال ويرغمون الإمام علياً ‏(عليه السلام)‏ على التوقف عن الحرب.
وبالفعل، فقد نجح مخطط معاوية وتراجع الخوارج عن القتال وفرضوا على المؤمنين أن يأمر مالك الأشتر الذي أوشك يصل إلى معاوية ويقضي عليه، فبعث إليه يأمره بالعودة على مضض، فعاد مالك والحسرة في قلبه بعد أن كاد يقضي على رأس النفاق ويخلص المسلمين من شره.
عثمان وتولية معاوية الشام:
عند ما آلت الخلافة إلى عثمان بن عفان غير في سنن الله الكثير وعطل من أحكام الله ما لا يستهان به حيث إنه أحدث الكثير من المخازي والمساوئ؛ ومنها توليته لكثير من المنحرفين الضالين على البلاد الإسلامية، ومنهم الوليد بن عقبة المتجاهر بشرب الخمر والفساد الذي نزل فيه قوله تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون)(1).
حيث روى المفسرون أن المراد بالفاسق هو الوليد والمراد بالمؤمن هو علي ‏(عليه السلام)‏.
كما انه آوى الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله من المدين. ومن الذين اتخذهم عثمان بن عفان ولاة على الشام هو معاوية بن أبي سفيان حيث سلطه على رقاب المسلمين مع عمله بفسقه وانحرافه ولعن الرسول (صلى الله عليه وآله) له ودعائه عليه، وبذلك مكن عثمان معاوية من التسلط على خيرات المسلمين حتى إذا مضى عثمان بقي معاوية يعارض أمير المؤمنين ويدعي أنه ‏(عليه السلام)‏ له يد في قل عثمان.
الشورى وتعيين عثمان:
ونحن لو وقفنا قليلاً عند الأحداث التاريخية وتمعناً فيها بدقة لوجدنا أن عثمان بن عفان نفسه لم يصل إلى سدة الحكم إلا بتمهيد منه عمر بن الخطاب الذي جعل القضية شورى وعين شرائطه المعروفة، فقد نُقل أن سعيد بن العاص جاء عند عمر فقال له عمر: سيلي الأمر بعدي من يصل رحمك، ويقضي حاجتك. فقال سعيد: فمكثت خلافة عمر بن الخطاب حتى استخلف عثمان وأخذها...
فوصلني وأحسن وقضى حاجتي، وأشركني في أمانته(2).
ابن عوف يلعب بالخلافة!
ليس هناك من شك أن مثل عبد الرحمن بن عوف كان عالماً بموقف أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ من خلافة الشيخين، إلا أنه مع ذلك خلى به ‏(عليه السلام)‏ وقال له: لنا الله عليك عن وليت هذا الأمر أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه، وسيرة أبي بكر وعمر.
ومن الطبيعي أن يجيبه أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ أنه لا يلتزم إلا بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله).وإذا بابن عوف يخلو بعثمان ويعرض عليه مباشرة ما عرضه على الإمام علي ‏(عليه السلام)‏ فيقبل (عثمان) بكل رحابة صدر ويصبح خليفة للمسلمين.
وعلى كل حال، فإن خلافة عثمان بن عفان كان مخططاً لها سابقاً وليس كما يصور بعض المؤرخين أن الأمر يعوج إلى أن الإمام علياً لم يقبل ما عرضه عليه ابن عوف والتزم عثمان به.
أبو بكر يدلي بالخلافة لعمر!
ومما لا ريب فيه أبا بكر وعمر كانا قد خططا للخلافة مسبقاً وأن أياً منهما يصبح الخليفة أولاً فإنه يدلي بها للثاني من بعده، فقد قال ابن قتيبة الدينوري: ثم أن علياً ‏(عليه السلام)‏ أتي به إلى أبي بكر وهو يقول: أنا عبد الله، وأخو رسوله. فقيل له: بايع أبا بكر.فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم. لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي (صلى الله عليه وآله) وتأخذونه منا أهل البيت غصباً؟.
ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الإمارة، وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار: نحن أولى برسول الله حياً وميتاً، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال له عمر: إنك لست متروكاً حتى تبايع. قال له علي: أحلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم أمره، يردد عليك غدا(3).
فيظهر من كلام أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ لعمر حيث قال: (أحلب حلباً) أن اتفاقاً سابقاً حصل بين أبي بكر وعمر حول تولية عمر الخلافة واحداً بعد واحد.
محاولة اغتيال الإمام علي ‏(عليه السلام)‏:
لا يخفى أن أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ تعرض لعدة اغتيالات خلال حياته المباركة ومنها الحادثة التالية:
لما حاجج أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ أبا بكر وأقام عليه الحجج الدامغة في أحقيته بالخلافة وملك الزهراء ( عليها السلام) لفدك رجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما. فبعث أبو بكر خلف عمر ودعاه، ثم قال له: أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم، لئن قعد مقعداً مثله ليفسدون أمرنا، قال: فمن يقتله؟ قال: خالد بن الوليد. فبعثا إلى خالد فأتاهم، فقالا له: نريد أن نحملك على أمر عظيم. فقال: احملاني على ما شئتما ولو على قتل علي بن أبي طالب.
فقالا: فهو ذاك. فقال خالد: متى أقتله؟ قال أبو بكر: احضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة فإذا سلمت قم إليه واضرب عنقه.
قال: نعم. فسمعت أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر، فقتلت لجاريتها، اذهبي إلى منزل علي وفاطمة ( عليها السلام) وأقرئيهما السلام وقولي لعلي ‏(عليه السلام)‏: إن الملأ يتآمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فجاءت الجارية إليهما فقالت لعلي ‏(عليه السلام)‏: إن أسماء بنت عميس تقرئك السلام وتقول: إن الملأ يأتمرون بك فاخرج إني لك من الناصحين.
فقال أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏: قولي لها: إن الله يحول بينهم وما يريدون)، ثم قام وتهيأ للصلاة وحضر المسجد وصلى وخالد يصلي إلى جنبه ومعه السيف، فما جلس أبو بكر للتشهد، ندم على ما قال وخاف الفتنة، وتذكر شدة الإمام علي ‏(عليه السلام)‏ وبأسه، فبقي متكفرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أن سهى، ثم التفت إلى خالد وقال: لا تفعلن ما أمرتك به السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏: يا خالد ما الذي أمرك به؟ قال: أمرني بضرب عنقك، قال ‏(عليه السلام)‏: أو كنت فاعلاً؟ قال: أي والله لو لا أنه قال لي لا تفعله قبل التسليم لقتلتك. فأخذه أمير المؤمنين ‏(عليه السلام)‏ وجلد به الأرض، فاجتمع الناس عليه، فقال عمر: يقتله ورب الكعبة.
فقال الناس: يا أبا الحسن الله الله بحق صاحب القبر –أي رسول الله (صلى الله عليه وآله)- فخلى عنه(4).
نعم إن الشيخين حاولا قتل أمير المؤمنين إلا أنهما خشيا انقلاب الأوضاع عليهما ولذا فإنهما أجريا مجاري الأمور ضد أمير المؤمنين بحيث جاء اليوم الذي تجاسر فيه ابن ملجم وهد بسيفه الغادر السماوات السبع وأبكى أملاك السماوات. ولذا فإننا في ليلة القدر وبقلوب محروقة ودموع هاطلة حزناً لمصاب سيد الموحدين وإمام المتقين نلعن قتلته قاطبة وندعو الله تعالى أن يضاعف في عذابهم أضعافاً مضاعفةً... إله الحق آمين.


ديوان الإمام علي
علي وتفسير القرآن
مدينة النجف ومرقد الإمام علي (عليه السلام)
الشهادة في محراب العبادة من دلائل النبوة
ولاية أميرالمؤمنين
   
ـــــــــــــــــــــــــ
1- سورة السجدة: الآية 18.
2- السقيفة والخلافة:عبد الفتاح عبد المقصود.
3- الإمامة والسياسة ج 1 ص 11.
4- بحار الأنوار ج 29 ص 160.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page