التاريخ: ٢٠٠٩/٠٥/١٧
نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): احيي معروفک باماتته.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يعد واحدا من انماط التربية للعباد،انه تدريب علی سحق الذات من جانب والانفتاح علی الاخر من جانب آخر.
ومن الواضح انک اذا ساعدت محتاجاً حينئذ فان مساعدتک اما ان تقترن مع الرغبة الی ان يشکرک المحتاج او يثنی الاخرون عليک حينما يطلعون علی مساعدتک واما ان تهدف من ذالک الی کسب رضاه تعالی فحسب لا تريد جزاء ولا شکوراً، ولا جاها.
الحديث يدربنا علی ان نصنع المعروف سراً، لوجه الله تعالی حيث استعار لهذه الظاهرة تعبيراً نحدثک الان عن بلاغته الفائقة، وهي: العبارة القائلة (احيي معروفک باماتته) فماذا نستلهم منها؟
بلاغة الحديث
تتمثل بلاغة الحديث المذکور من زاويتين، احدهما الصورة الاستعارية ذاتها، اي: خلع طابع الاماته والاحياء علی ممارسة المعروف کالمساعده للاخرين، والثانية هي: ظاهرة التضاد في العبارة المتقدمة، حيث قابل الامام (عليه السلام) بين الاحياء وضده الاماته فطلب من القاري الدعاء بأن يميت معروفه، حيث ان الاماته هي احياء في الواقع: کيف ذلک؟
من البين ان من يعمل لله تعالی يکسب رضاه والجنة، وهل ثمة طموح اکثر من ذلک لدی العبد؟ کلا اذن عندم نعمل معروفنا سراً دون ان يطلع عليه احد: انما نعمل من اجل الله تعالی وهذا هو (الاحياء) بعينه، اي احياءعملنا لله تعالی وهذا الاحياء انما يتم من خلال ضده: کما لاحظنا اي: من خلال اماتته فالاماته هنا هي، عدم اظهار المعروف عند الناس وعدم الاظهار يعني: الاماته له ولکن هنا الاماته في واقعها (احياء) عند الله تعالی وهذا هو المطلوب.
اذن کم تبدو هذه العبارة او الحديث الصادر من امام البلاغة الامام علي (عليه السلام) من الطرافة، ومن العمق، ومن التدريب علی تعلم السلوک العبادي السوي عطاء کبير علی النحو الذي اوضحناه.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir