طباعة

نور وبلاغة الحلقة (٢٧) - قال الامام السجاد (ع): من خاف البيات تجافی عن الوساد.

tab_allah_akbar

التاريخ: 2009/06/14

نص الحديث
قال الامام السجاد (عليه السلام): من خاف البيات تجافی عن الوساد.

دلالة الحديث
الحديث المتقدم، يشير الی دلالة خاصة، ترتبط بالحياة الدنيا، وموقف الشخصية الاسلامية منها، حيث اعتمد صورة تمثيلية هي: ان الشخص الذي يخاف الهجوم عليه ليلاً: لا يمکنه ان ينام هادئ العين، بل يبقی ساهراً حتی يصد الهجوم الذي يتوقعه.
هذه الدلالة سنحدثک بعد قليل عن بلاغتها، ولکننا الآن يجدر بنا ان نذکرک بمحتوی دلالتها التي تتمثل او توحي للقارئ او المستمع، بان علی الشخصية الاسلامية ان تکون يقظة حذرة طيلة وقتها، والّا تغفل لحظة عن ادراک مهمتها العبادية في الحياة، حيث ان الله تعالی خلق الجن والانس ليعبدوه، لذلک فان الشخصية الاسلامية مدعوة لان تمارس عملها العبادي ولا تغفل عنه لحظة، لانها لا تعرف متی يأتيها الموت وعندئذ لا تستطيع ملافاة قصورها وتقصيرها في وظيفتها العبادية.
وبکلمة بديلة: مؤدي الحديث ان من يخشی العقاب عليه ان يهيء نفسه للدفاع يوم لا ينفع مال ولا بنون.

بلاغة الحديث

واذا اتجهنا الی بلاغة الحديث المتقدم، نجد ان هذا الحديث ينطوي علی صورة فنية: لها طرافتها وعمقها، حيث انها اعتمدت علی طرف هو: ان الشخصية او الجيش الذي يخشی ان يهجم ليلاً عليها، يتعين عليها – من الطرف الأخر – ان تبقی ساهرة لا نائمة، لان النوم يسبب لها الهزيمة.
وما یعنينا من هذه الصورة الفنية هو: عمقها وطرافتها: کما قلنا. وتتمثل طرافتها في تشبيه ما يخشاه الشخص من الهجوم عليه ليلاً، وحينئذ فان الخائف من الهجوم يتجافی عن النوم، اي لا ينام، الّا ان الطرافة هنا هي في عبارة (تجافی عن الوساد)، فالوساد هو المتکأ الوتير، والتجافي هو التباعد، وهذا يعني: ان التجافي عن الوساد رفر نمط القلق والسهر والخوف الذي لا يتلاءم مع الفراش او الوسائ الوتير، وهذا هو منتهی الطرافة ومنتهی العمق في الصورة المتقدمه: کما لاحظنا.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی

المأخذ : arabic.irib.ir