التاريخ: 2009/07/12
نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اليد العليا خير من اليد السفلی.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الی ان اليد المعطية، اي: الشخصية التي تنفق اموالها، أو تقدم مساعدتها للآخرين: مادياً او معنوياً هي خير من اليد السائلة أو الآخذة، هذا هو دلالة الحديث، والنکتة هي: ان الشخصية المعطية تعتبر - من الزاوية العبادية والنفسية - شخصية مستوية وملتزمة، بصفة ان الانفتاح علی الاخر يعد - في تصور علماء النفس - تعبيراً او سمة للشخصية السوية اي غير المريضة بمرض نفسي.
واما من الزاوية العبادية، فان الشخصية المعطية اوالمنفقة تعد ملتزمة وتقية: حين امتدحها الشارع واضفی عليها القاب التقوی وسواها حتی انه قرنها بالصلاة - اي: قرن الزکاة والانفاق وغير ذلک من الأشکال المنفتحه علی الآخرين: قرنها بقيام الصلاة التي هي عمود الدين: تعبيراً عن أهمية الانفاق، کما هو واضح.
بلاغة الحديث
وأما بلاغياً: فان الحديث المتقدم نسج صورة فنية هي: ما ينطلق عليه بـ (الرمز) او الکناية او الصورة التمثيلية، وهي: (اليد) حيث ترمز (اليد) الی العطاء کما هو واضح، کما رمزت کلمة (العليا) في عبارة (اليد العليا) الی (الانفاق) ايضاً: تعبيراً عن العطاء، وهذا التعبير او عبارة (اليد العليا)، له دلالته البلاغية المتسمة بالطرافة وبالعمق، حيث لم يکتف برمز (اليد) بل اضاف اليها (العليا) ليعبّر لذلک عن صورة بلاغية فائقة وغنية بالدلالة، کيف ذلک؟
الجواب: ان (اليد) هي - کما اشرنا - ترمز الی الانفاق، و(العليا) ترمز الی الانفاق ايضاً، فاذا اجتمع الرمزان اصبح الانفاق له دلالته المتميزة وهي: الانفاق الکثير أو الانفاق المتّسم بما هو رفيع من السلوک، بصفة ان (العليا) هي (الرفعة)، فتصح الدلالة الرمزية علی انفاق ذات ابعاد متنوعة من السمات الإيجابية: کالسخاء، والرفعة، والانفتاح الکبير علی الآخر، والمحبة للآخر، وهکذا.
اذن امکننا ان نتبيّن کثيراً من الدلالات الغنية والمکتنزة بما هو طريف ورفيع في عبارة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، سائلين الله تعالی ان يجعلنا ممن له اليد العليا في مساعدة الآخرين، وان يوفّقنا الی طاعته، انه سميع مجيب.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir