التاريخ: 2009/07/14
نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): عدّ نفسک من اصحاب القبور.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم لا يحتاج الی توضيح دلالته، لکنه يقترن بنکات يتعين علينا ان ننتبه عليها، ألا وهي نکتة (الموت)، ولکن السؤال هو: کيف نتعامل مع الموت؟
ان الموت حقيقة مغفول عنها مع انّها تواجهنا يومياً من خلال مشاهدة الموتی من قريب او جار او صديق او اية شخصية نواجه جنازتها أو مجلس الفاتحة لها، بيد ان المهمّ هو: کيف نستجيب لهذه الظاهرة؟
الحديث المتقدم يجيبنا علی السؤال المتقدم، الا وهو (عدّ نفسک من اصحاب القبور) ولکن السؤال من جديد: کيف نتصور بأننا من اصحاب القبور؟ مثلاً لماذا لم يقل الحديث (انک ستموت حتماً) ولکنه قال (عدّ نفسک من اصحاب القبور)؟
بل نتساءل من جديد ايضاً: لماذا لم يقل الحديث عدّ نفسک ميتاً؟
بل قال: من اصحاب القبور؟ هل هناک فارق بين من يقول (عدّ نفسک ميتاً) وبين من يقول (عدّ نفسک من اصحاب القبور)!
بلاغة الحديث
ان الفارق سيتضح من خلال ملاحظة بلاغة الحديث، ان العبد حينما يتذکر (القبر) وضيقه، وجسده وتفسخه، ومن ثم حينما يتصور مجيء الملکين وسؤالهما اولئک جميعاً تضعه في استجابة خاصة هي: هول ما يواجهه من الزاوية النفسية بالاضافة الی ما يلي ذلک من انبعاث الجسد، ومن تصوّر المحاکمة واولئک جيمعاً تسهم - کما اشرنا - في تضحيم الاستحابة المهولة، مما يجر الشخصية الی ارغامها علی التفکير بالموت وما يتداعي الذهن من خلاله الی ان تفکر الشخصية بالموت مما يحملها علی تعديل السلوک، وهو المطلوب بطبيعة الحال.
اذن امکننا ان نتبيّن - ولو سريعاً - ما تحمله عبارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (عدّ نفسک من اصحاب القبور) من دلالات، وما تجره من تداعيات متنوعة بالنحو الذي، اوضحناه.
ختاماً نسأله تعالی ان يجعلنا ممن يعدّ نفسه من اصحاب القبور، وان يجعلنا معتبرين بذلک، وأن يجعلنا من يعدل سلوکه، وان يمارس الطاعة ويتصاعد بها الی النحو المطلوب، انه سميع مجيب.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir