التاريخ: 2009/07/18
نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): العيون: طلائع القلوب.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الی النظرة المحرمة، وانعکاساتها علی الشخصية من حيث الانحرافات المترتبة علی ذلک، وثمة احاديث تشير الی ان النظرة تسبب الفتنة، اي: الشهوة ومضاعفاتها، وتطالب بان يغض النظر تبعاً لقوله تعالی: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ» وقوله تعالی: «وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ».
والسؤال المهمّ هو: ما علامة هذه الظاهرة بالعبارة التي رسمها الامام (عليه السلام)، اي عبارة (العيون: طلائع القلوب)؟ هذا ما نحاول الاضاءة لدلالاته اوفکّ رموزه: اذا کان لنا بممارسة هذه الاضاءة.
الصورة المتقدمة نطلق عليها مصطلح والصورة التمثيلية او التجسيدية او التعريفية التي تعرّف شيئاً بشيء آخر، وهذا يقتادنا الی السؤال الآتي: ما المقصود اولاً من الطلائع؟ ما هي علاقة ذلک بالقلوب، اي: صلة (العيون) بظاهرة (القلوب)؟
الجواب: کلمة (الطلائع) رمز بلاغي اوفني يشير الی دلالته اللغوية التي تعني إما مقدمة الجيش، أو من يرسله الجيش لاستطلاع مواقع العدو.
والآن اذا استخدمنا، الکلمة او الرمز المذکورة نحصل علی النتيجة الآتية، وهي: ان العين الناظرة جنسياً الی الطرف الآخر (اي نظر الرجل الی المرأة، ونظر المرأة الی الرجل)، تکون بمثابة الطلائع (مقدمة الجيش أو استخباراته) حيث ان الناظر الی المرأة مثلاً تکون عيناه بمثابة من نظر الی المرأة ونقل الی قلبه اثر هذه النظرة، فتکون النتيجة هي: العشق وما يعقبه من احلام اليقظة.
بلاغة الحديث
ان النظرة - کما ورد في الحديث- سهم من سهام الشيطان، والسهم اذا ارتد الی القلب فانه يرده وهو ما يعانيه الناظر من القلق والتوتر والانشطار والاضطراب.
من هنا ايضاً يکون الرمز المذکور معبّراً عن طلائع العيون، ونقل أثرها الی القلوب ومن ثم: ما تعانيه القلوب من التمزق الذي اشرنا اليه.
اذن النظرة المحرمة الی الجنس الآخر، أو بنمطيه: الآخر والمثل تظل ممارسة شاذة، تنضي في النهاية الی عصاب (العشق) وهو - اي العاشق - کما ورد عن النبيّ (صلی الله عليه وآله وسلم) قلب قد خلا من محبة الله تعالی فابتلاه بحبّ غيره.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir