• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فاطمة الزهراء (عليها السلام) الحججّ الإلهية

بسم الله الرحمن الرحيم
لا زال الحديث عن سيّدتنا ومولاتنا وشفيعة ذنوبنا وطبيبة قلوبنا فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وأنّها من سرّ الوجود وهي من الحججّ الإلهية، فلا بدّ أن نعرفها بمعرفة جلالية وجمالية، ولا بدّ من زيادة المعرفة ; لأنّ الفضل لا يكون إلاّ بالمعرفة، فكلّما ازداد الإنسان معرفةً، ازداد عملا، وازداد قرباً من الله تعالى:
{يَـرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ اُوتُوا العِلْمَ دَرَجَات}(1).
فرفع الدرجات في يوم القيامة لأهل العلم والمعرفة، فإذن لنعرف فاطمة الزهراء (عليها السلام) بما يمكننا ذلك، ولكن قبل هذه المعرفة أذكر بأنّنا قد ذكرنا معنى الوجود والموجود والفرق بينهما، كما ذكرنا دليل العلّة والمعلول، وأنّ بينهما سنخية، وبيّنا ما معنى ذلك، وأمّا الآن فنقول: إنّ قانون العلّة والمعلول أقوى من القوانين الرياضية، وهو الحاكم على كلّ هذا الكون، فبه برهنّا على صحّة كلامنا عقلا، ولكن لكي يتّضح المطلب أكثر ويكون بلغة الجمهور سأذكر وجهاً آخر للحديث الشريف حتّى لا يتبادر إلى الذهن أنّ عليّاً أفضل من النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأنّ فاطمة أفضل منهما، وسيكون بيان ذلك بالمثال الحسّي: الإنسان هو الجرم الذي انطوى فيه العالم المادّي الكبير والعالم المجرّد الأكبر، لأنّ جسده من الأرض وروحه وعقله من السماء، فهو ذو بعدين: بُعد سماوي وبعد أرضي، وقد ركّب في بدنه عقل وروح وشهوة، وفي هذا البدن المادّي دماغ الذي هو محطّ العقل، وفيه قلب الذي هو محطّ الروح، وفيه الطحال الذي له دور في تصفية الدم الذي يذهب إلى القلب، فبدن الإنسان حيّ بدماغه ولولا هذا الدماغ لما كان له قيمة تذكر، لأنّ الدماغ هو المدبّر لبدن الإنسان، ولكن لولا القلب لما كان للدماغ دوره الذي وجد من أجله، وليس هذا يعني أنّ القلب أهمّ من الدماغ، بل إنّ الدماغ أهمّ وأشرف من القلب، ولكن للقلب دور يجعل البدن يتحرّك، ذلك البدن الذي سلطانه الدماغ ومدبّره الدماغ، ولكي يبقى البدن مستمرّ الوجود، لا بدّ له من القلب، وهذا القلب الذي يضخّ الدم يحتاج إلى مصفاة تصفّي هذا الدم وليس هناك إلاّ الطحال، فهو الذي يؤدّي هذا الدور، وهذا المثال للتقريب بالحسّ مع العلم أنّ المثال يقرّب من جهة ويبعد من ألف جهة، ولكن نريد أن نقول: إنّ هذه الأعضاء كلّ واحد منها له دوره الخاصّ، وقولنا: لولا العقل لما كان الجسد، ولولا القلب لما كان العقل، ولولا الطحال لما كان القلب، لا يعني أنّ القلب أفضل من العقل أو أنّ الطحال أفضل منهما، فليس المقام لبيان الأفضلية، فإنّ الأفضلية محفوظة بينها، وهكذا المعنى في الحديث الشريف: «لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا عليّ لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما».
ثمّ إنّ الإمام هو عقل عالم الإمكان أو قلبه، كما ورد في الرواية التي ذكرت محاججة هشام بن الحكم مع ذلك الرجل في البصرة عندما قال له: ما هو أثر العين؟ قال: ننظر بها، وما هو أثر الاُذن؟ قال: نسمع بها، وما هو أثر القلب؟
قال: نميّز به الحقّ من الباطل، فقال هشام: هكذا هو الإمام(2)، فالإمام سرّ الوجود وبه ثبتت السماوات والأرض، ولولاه لساخت الكائنات والأرض بأهلها، ومعنى سرّ الوجود أي باطن الوجود، فلذلك يعبّر عن الخفي بالسرّ أي الباطن وليس الظاهر، وعندما نقول للميّت: قدّس سرّه، أي قدّس الله نفسه، والنفس أمر خفي فتكون سرّاً، كما يقال في المثل: (الولد على سرّ أبيه)، أي على خلق ونفس أبيه، وهكذا أهل البيت (عليهم السلام) سرّ الوجود أي باطن الوجود.
أيّها الإخوة الأعزّاء: نحن الآن في عصر الغيبة الكبرى، عصر الغربلة والبلبلة والامتحان والشبهات والتشكيك، فالتزموا الدعاء لكي تنجوا من هذه الهزّات الفكرية، ولكي تبتعدوا عن الشكّ بالله ورسوله وأهل البيت سيّما صاحب الأمر عجّل الله فرجه الشريف، فعليكم بدعاء الغريب الذي مطلعه: «اللهمّ عرّفني نفسك...» لأنّ من لم يعرف الله تعالى سوف يجهل رسول الله، ويجهل الحجّة فيقع في الضلال، فيموت ميتة الجاهلية، لأنّ من لم يعرف إمام زمانه يموت ميتة الجاهلية، فلا بدّ من معرفة الحجج (عليهم السلام) الذين عددهم بعدد الأسباط وبعدد الحواريين، حيث إنّ عددهم اثنا عشر خليفة وكلّهم من قريش كما ورد في الصحيحين(3) عند الجمهور، فإمام الزمان هو الحجّة الثاني عشر، وهو الإمام المنتظر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وأبوه الإمام الحسن العسكري الحجّة الحادي عشر (عليه السلام) يقول: «نحن حجج الله واُمّنا فاطمة حجّة الله علينا»، فإن فاطمة حجّة الحجج، ولذلك قال الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه الشريف: إنّي أقتدي باُمّي فاطمة لما لها من الفضل والعظمة التي يقرّ بها جميع الأنبياء، بل هي ليلة القدر كما ورد ذلك في حديث مسند في بحار الأنوار(4)، ومذكور كذلك في تفسير البرهان وتفسير نور الثقلين، ففاطمة الزهراء (عليها السلام) إنّما سمّيت بذلك لأنّ الناس فطموا عن معرفتها، فكيف لا تكون كذلك وهي اُمّ أبيها أي مقصودة أبيها فكان يشمّ نحرها ويقبّل يدها ويقول الرسول الأعظم بعظمته وعلمه: فداها أبوها، فإن دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على أنّها سرّ الوجود ولا يستقيم أمر لأحد سواء كان عالماً أو شاعراً أو خطيباً أو أديباً إلاّ أن يقرّ بفضلها ومحبّتها وأن يعرفها بما أمكنه معرفتها، وهي التي فطم الناس عن حقيقة معرفتها، لأنّها كفؤ لعليّ (عليه السلام)، ولا يعرف علي (عليه السلام) إلاّ الله ورسوله... وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الناس فطموا عن معرفتها، وعلى معرفتها دارت القرون الاُولى.

الهوامش
----------------------------------------------------------
1- المجادلة: 11.
2- اُصول الكافي 1: 225، فيه قصّة مفصّلة عن محاججة هشام بن الحكم الذي هو من أفضل أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) مع الرجل الذي كان متصدّراً مجلس البصرة وهو عمرو ابن عبيد.
3- صحيح البخاري وصحيح مسلم، فضلا عن مصادرنا.
4- بحار الأنوار 42: 105.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page