• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما قيل في عبد الله بن سبأ

 

ما قيل في عبد الله بن سبأ

محمّد فريد وجدي في دائرة المعارف، قال:

السبائية أتباع عبدالله بن سبأ الذي غلا في الانتصار لعليٍّ، وزعم أنّه كان نبيّاً، ثمّ غلا فزعم أنّه الله، ودعا إلى ذلك قوماً من أهل الكوفة، فاتصل خبرهم بعليٍّ فأمر بإحراق قوم منهم ثمّ خاف من إحراق الباقين أن ينتقض عليه قوم، فنفى ابن سبأ، للمدائن، فلما قُتل عليّ زعم ابن سبأ أنّه ليس المقتول عليّاً، وإنما هو شيطان صوّر على صورته، وهذه الطائفة تزعم أنّ المهدي المنتظر إنّما هو عليّ، وكان ابن السوداء في الأصل يهودياً من أهل الحيرة فأظهر الإسلام، وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورئاسة، فذكر لهم أنّه وجد في التوراة أنّ لكل نبيّ وصيّاً، وأنّ عليّاً وصيّ محمّد(صلى الله عليه وآله)، فلمّا سمعوا ذلك قالوا لعليٍّ: إنّه من محبّيك، فرفع عليّ قدره، وأجلسه تحت درجة منبره، ثمّ بلغه عنه غلوّه فيه، فهمّ بقتله، فنهاه عبدالله بن عباس، فنفاه إلى المدائن([1]) .

وفي هذه المقتطفة: أنّه من أهل الحيرة لا صنعاء، وأنّه ابن السوداء، وأنّ الإمام عليّاً خدع به، وأنّه ادّعى النبوّة لعليٍّ، ثمّ ادّعى له الاُلوهية، وإلى هنا يمكن الجمع بين هذا الخلط العجيب، ولكن كيف يمكن بعد ذلك أن نجمع بين كونه ينسب له الاُلوهية ثمّ يجعله وصيّاً لمحمد؟ أترك تقدير هذا إلى العقول الجبّارة، كمحمّد فريد وجدي ونظائره ممّن يقود خُطى الجماهير في دروب الثقافة، والحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ولا تستعجل أيها القارئ فستسمع اُموراً اُخرى من المقتطفات القادمة تصطدم مع ما مرّ .

أحمد عطية الله، قال حفظه الله:

ابن سبأ رأس الفرقة السبائية من الشيعة، وهو عبدالله بن سبأ، كان من يهود صنعاء وأظهر إسلامه في خلافة عثمان، يعرف بابن السوداء، انتقل إلى المدينة وبثّ فيها أقوالا وآراء منافية لروح الإسلام ونابعة من يهوديته، ومن معتقدات فارسية كانت شايعة في اليمن، برز في صورة المنتصر لحقّ عليٍّ، وادّعى أنّ لكلّ نبيٍّ وصيّاً، وأنّ عليّاً وصيّ محمّد، كما ادّعى أنّ في عليٍّ جزءاً إلهياً، طاف بأنحاء العراق ناشراً دعوته، فطرده عبدالله بن عامر من البصرة، فنزل الكوفة وأوغر صدور الناس على عثمان، وانتقل إلى دمشق في ولاية معاوية، وفيها التقى بأبي ذرّ الغفاري وحرّضه على الثورة مدّعياً أنّه ليس من حقّ الأغنياء أن يقتنوا مالا، واُخرج من الشام فنزل مصر، فالتفّ حوله الناقمون على عثمان وفيهم محمّد بن أبي بكر وأبو حذيفة، ووضع على لسان عليٍّ أقوالا لم يقلها، كادّعاء علم الغيب، وبعد استشهاد عليّ قال: إنّه لم يقتل وسيرجع، وبذلك وضع فكرة الرجعة بين الشيعة([2]) .

وفي هذه المقتطفة التي رواها عطية الله، اُمور:

منها: أنّ ابن سبأ جمع إلى عقائده اليهودية معتقدات اُخرى فنقلها للتشيّع، ومنها الرجعة، ولكنّ الرجعة هنا لعليّ وليست لمحمّد، كما هي عند أبي زهرة .

ومنها: أنّه أعطى لعليّ جزءاً من الاُلوهية لا كلّها، حتّى يمكن الجمع بين كونه جزء إله وبين كونه وصيّاً للنبيّ(صلى الله عليه وآله) .

ومنها: الكشف عن هذه الطاقات الهائلة عند ابن سبأ بحيث إنّ كلّ الثورات على عثمان ومعاوية كانت من فعله .

وبنفس هذا المضمون المتضارب كتب كلّ من:

أحمد أمين في «فجر الإسلام».

ومحمد بن يحيى في «التمهيد والبيان في مقتل عثمان».

والزركلي في «الأعلام»([3]) .

ولا اُريد أن اُطيل عليك، فإنّ كلّ خلف يأخذ عن سلفه بدون تمحيص، ممّا أدّى إلى هذا الخلط والاضطراب في الروايات .

فهو في هذه الأخبار تارةً: من أهل الحيرة . واُخرى: من أهل صنعاء .

وهو عند ابن حزم والشهرستاني وغيرهما: ابن السوداء .

بينما يذهب ابن طاهر البغدادي في «الفَرْق بين الفِرَق»، والإسفرايني في كتابه «التبصير في الدين»: أنّ ابن السوداء شخص آخر ليس عبدالله بن سبأ([4]).

وهو في بعض هذه الروايات يدّعي الرجعة للنبيّ، وفي بعضها الآخر يدّعي الرجعة لعليٍّ، وهو تارةً يدّعي بأنّ في عليٍّ جزءاً من الاُلوهية، واُخرى أنـّه إله كامل .

وفي هذه الروايات نجد عليّاً مّرةً يحرق الغلاة ولا يخاف، واُخرى يخاف أن يحرق ابن السوداء مع أنّه يهودي بسيط لا يأبه له أحد، وهكذا نقع في هذا الخليط المضطرب، وأهم هذه الاُمور في نظرنا هو: أنّه مرّةً يكون داعياً لفضل عليٍّ فقط، واُخرى يكون محرّضاً على عثمان، وواضعاً لأهم عقائد الشيعة من: وصية وعلم غيب للأئمّة، وقول بالرجعة، وهذان الأمران هما روح الموضوع، فإنّ مَنْ صنع فرية عبدالله بن سبأ رمى فيها عصفورين بحجر واحد وأراد هذين الأمرين:

الأوّل: أنّ عثمان قتل بتحريض من السبائية، لا أنّه صنع أشياء نقم فيها عليه المسلمون واشتركوا في قتله، وفيهم صحابة النبيّ ممّا ذكره التاريخ مفصلا، بل كلّ ما في الأمر أنّ يهودياً حاقداً حرّك المسلمين فانساقوا معه بغباء وبدون تفكير، حتّى ارتكبوا هذه الجناية، وقتلوا الخليفة بدون أن يصدر منه ذنب .

والثاني: أنّ عقائد الشيعة لا سند لها من الإسلام، وإنّما هي من هذا اليهودي العبقري عبدالله بن سبأ، فالشيعة إذاً يهود لا صلة لهم بالمسلمين . وعلى كلّ حال إنّ هذا الاضطراب في الصورة المرسومة لعبدالله بن سبأ أيقظ الباحثين ودفعهم لإلقاء الضوء على هذه الشخصية الاُسطورية، فأصحروا بآرائهم وكسروا الطوق، وأعلنوا للناس زيف هذه الفرية التي لا سبيل للجمع بين أبعادها وأجزائها، وبدأ الواقع يتضح رويداً رويداً، والأهداف من وراء اُسطورة ابن سبأ كشفت عن وجهها، وسأذكر لك آراء كثير من النقّاد بعد أن أذكر ما عندي في هذه المسألة، لنصل إلى صورة واضحة في هذا الموضوع .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . دائرة معارف القرن العشرين: 5/17 فصاعداً .

[2] . القاموس الإسلامي : 3/222 .

[3] . انظر فجر الإسلام : 276 ، والتمهيد والبيان : 96 ، والأعلام للزركلي : 4/220 .

[4] . انظر هامش منهاج السنّة لابن تيمية : 220 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page