• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

علي مصداق (رحماء بينهم)

كل ما ذكرناه كان ردا على تأويل الشيخ عبد السلام لجملة (رحماء بينهم) على عثمان، وقد أثبتنا خلافه.
واعتقادنا أن الذي يكون من أجلى مصاديق هذه الجملة هو الإمام علي عليه السلام، إذ حينما بويع بالخلافة وتسلم الحكم، عزل كل من ظلم الناس وجار على الضعفاء في حكومة عثمان.
وقد أشار عليه بعض الصحابة أن يترك الأمور على حالها ويقوي أركان حكومته، فإذا استتب له الأمر وتمكن من الرقاب بدأ بعزلهم واحدا واحدا، فأجابه الإمام: والله لا أداهن في ديني، ولا أعطي الرياء في أمري.
ولما أشار عليه ابن عباس في معاوية فقال: ولِّه شهرا واعزله دهرا.
قال عليه السلام: والله لا أطلب النصر بالجور، فليس لي عند الله عذر إن تركت معاوية ساعة يظلم الناس.
وجاءه طلحة والزبير يطلبان حكومة مصر والعراق، فلو لبى طلبهما لما خرجا عليه وما كانت فتنة البصرة ومعركة الجمل، ولكنه هيهات أن يغلب على أمره، فإنه أبى أن ينصب للولايات إلا العدول الكفوئين من المؤمنين ممن امتحنهم الله عز وجل ونجحوا في الأحداث والفتن التي عاصروها، ولم يميلوا عن طريق الحق، ولم تلههم الدنيا بزخرفها، ولم يكنزوا الذهب والفضة، ولم يجمعوا أموال المسلمين المحرومين إلى أموالهم!
ولقد حورب عثمان وحصر، على أن يعزل بعض ولاته وعماله فلم يجب إلى ذلك، فكيف يفتتح الإمام علي عليه السلام أمره بهذه الدنية ويداري الأشخاص بالولايات، على أن يكون خليفة بالظاهر، وليس له مراقبة أمورهم والنظر في أعمالهم ؟!!
والجدير بالذكر، أننا نرى بعض الناس الذين ينظرون إلى أمور على ظواهرها ولا يفكرون في حقائقها، ولا يدرسون الوقائع دراسة تعمق وإمعان، فيقيسونها بمقياس الدنيا لا الدين، وينوها بمعيار الشياطين والمغوين، لا المعيار الذي عينه رب العالمين، فيستشكلون على سياسة أمير المؤمنين عليه السلام!
ولكن لو تعمقوا وأنصفوا، لأذعنوا أن عليا عليه السلام كان يريد إدارة البلاد والعباد بالسياسة الدينية والطريقة الإلهية، فهو لم يطلب الحكم إلا ليقيم الحق ويدحض الباطل، ويقيم حدود الله سبحانه على القوي والضعيف، فيأخذ حقوق الضعفاء المحرومين من الأقوياء الظالمين.
فالراعي والرعية والرئيس والمرؤوس عنده سواء، والأصل عنده رضا الله عز وجل لا رضا الناس، فلم تكن قاعدته في الحكم قاعدة غيره من الحكام والخلفاء ، إذ جعلوا رضا الناس واستمالة قلوب الرؤساء أصلا لحكوماتهم فطلبوا النصر بالجور.
فكان علي عليه السلام رحيما بالضعفاء، طالبا لحقوق المحرومين، مواسيا للمساكين، رؤوفا بالفقراء، عطوفا على الأرامل والأيتام، فكان يعرف بأبي الأرامل والأيتام، وصاحب المساكين.
وروى المحدثون والمؤرخون: أنه نظر الإمام علي عليه السلام إلى امرأة على كتفها قربة ماء، فأخذ منها القربة فحملها إلى موضعها، وسألها عن حالها ، فقالت: بعث علي بن أبي طالب زوجي إلى بعض الثغور فقتل، وترك صبيانا يتامى، وليس عندي شيء، فقد ألجأتني الضرورة إلى خدمة الناس، فانصرف الإمام علي عليه السلام وبات ليلته قلقا، فلما أصبح حمل زنبيلا فيه طعام، فقال بعضهم: أعطني أحمله عنك، فقال: من يحمل وزري عني يوم القيامة؟ فأتى وقرع الباب فقالت: من هذا ؟ قال: أنا العبد الذي حمل معك القربة، فافتحي فإن معي شيئا للصبيان، فقالت: رضى الله عنك وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب، فدخل وقال: إني أحببت اكتساب الثواب، فاختاري بين أن تعجني وتخبزي وبين أن تعللي الصبيان لأخبز أنا، فقالت: أنا بالخبز أبصر عليه وأقدر، ولكن شأنك والصبيان، فعللهم حتى أفرغ من الخبز، قال : فعمدت إلى الدقيق فعجنته، وعمد علي عليه السلام إلى اللحم فطبخه، وجعل يلقم الصبيان من اللحم والتمر وغيره.
فرأته امرأة تعرفه فقالت لأم الصبيان: ويحك هذا أمير المؤمنين ..
فكان رحيما ورؤوفا برعاياه حتى أهل الذمة منهم، فإنه كان يوما على المنبر في مسجد الكوفة فسمع بأن بسر بن أرطاة هاجم بعض البلاد التي كانت تحت حكومته، فروع الناس وأرعبهم وأخذ سوار امرأة معاهدة ذمية من يدها.
فبكى علي عليه السلام من هذا الخبر وقال: لو أن امرءا مات من هذا الخبر أسفا ما كان ملوما، بل كان به جديرا.
وكان عليه السلام رحيما بعدوه وصديقه، فإن عثمان على ما كان عليه من سوء التصرف وسوء السيرة معه حتى إنه ضرب الإمام عليه السلام بالسوط ـ كما رواه ابن أبي الحديد عن الزبير بن بكار، في شرح النهج 9/16 ـ مع كل ذلك فقد ذكر المؤرخون ـ منهم ابن أبي الحديد في شرح النهج 2/148 ـ أنه: لما مُنع عثمان الماء واشتد الحصار عليه، فغضب علي عليه السلام من ذلك غضبا شديدا، وقال لطلحة: أدخلوا عليه الروايا فكره طلحة ذلك و ساءه، فلم يزل علي (ع) حتى أدخل الماء إليه.
ونقل أيضا في صفحة 153 عن أبي جعفر ـ الطبري، صاحب التاريخ ـ قال: فحالوا بين عثمان و بين الناس، و منعوه كل شي ء حتى الماء، فأرسل عثمان سرا إلى علي (ع) و إلى أزواج النبي (ص) أنهم قد منعونا الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا.
فجاء علي (ع) في الغلس، فوقف علي (ع) على الناس، فوعظهم و قال: أيها الناس! إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين و لا أمر الكافرين، إن فارس و الروم لتأسر فتطعم و تسقي، فالله الله! لا تقطعوا الماء عن الرجل.
فأغلظوا له و قالوا: لا نَعِم و لا نعمة عين.
فلما رأى منهم الجد نزع عمامته عن رأسه و رمى بها إلى دار عثمان يعلمه أنه قد نهض، و عاد.... إلى آخره.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page