رأيُنا في عبدالله بن سبأ:
إنّنا نرى أنّ عبدالله بن سبأ شخصية وهمية مخترعة، وندلّل على وهميتها بالاُمور التالية:
1ـ الاختلاف في أنّه هو ابن السوداء أم لا، مع أنّ الذي قام بكلّ المصائب هو ابن السوداء، وابن طاهر والاسفرايني يقولان: إنّ ابن السوداء شخص آخر شاركَ عبدالله بن سبأ بمقالته .
2ـ الاختلاف في وقت ظهوره، فالطبري وجماعة يصرِّحون بأنـّه ظهر أيام عثمان، بينما يذهب جماعة آخرون إلى أنّه ظهر أيام عليّ7 أو بعد موته، ومن هؤلاء سعد بن عبدالله الأشعري في كتابه «المقالات»([1])، وابن طاهر في «الفرق بين الفرق»([2]) وغيرهما كثير .
3ـ الاضطراب في الروايات في أصل دعوته، فبينما رأينا الطبري وجماعة معه يقولون: إنّ دعوته اقتصرت على الغلوّ في عليٍّ والانتصار لحقّه وكلّ ما يدور حول عليّ فقط، نجد جماعة من المتأخرين يذهبون ومعهم أسانيدهم طبعاً إلى أنّه كان في كلّ بلد له دعوة خاصّة، يقول محبّ الدين الخطيب بأسانيده التي ذكرها:
ومن دهاء ابن سبأ ومكره أنّه كان يبثّ في جماعة الفسطاط الدعوة لعليٍّ(عليه السلام)، وفي جماعة الكوفة الدعوة لطلحة، وفي جماعة البصرة الدعوة للزبير([3]) .
4ـ إنّ بعض الروايات ذكرت أنّه كان مقتصراً على الإشادة بفضل عليٍّ(عليه السلام)فقط، في حين ذهب آخرون إلى أنّه كان يحرّض على عثمان ويدسّ الدسائس، وهو الذي دفع أبا ذرّ للثورة إمّا على معاوية أو على عثمان بروايات اُخرى .
5ـ لم يعلّل لنا واضعو خرافة ابن سبأ لماذا سكت عنه عثمان وولاته، مع أنّهم ضربوا المعارضين بمنتهى الشدّة والقسوة وهم من خيرة الصحابة، كعمّار وابن مسعود وغيرهم؟
6ـ لماذا تَخلُو المصادر الصحيحة عن ذكر قصّة ابن سبأ، كالبلاذري وابن سعد وغيرهما ممّن يعتدّ بتاريخهم؟
7ـ إنّ رواية عبدالله بن سبأ رواها الوضّاعون الكذّابون كما أسلفنا فيما مرّ .
8ـ يساعد على أنّ الرواية موضوعة أنّها ليست الوحيدة التي وُضِعت ضدّ الشيعة، وإنّما هي جزء من كلّ، ممّا سنذكره لك فيما يأتي ونبرهن على كذبه; حتّى تعرف أنّ قصة عبدالله بن سبأ خرجت من نفس المقلع ولنفس الهدف . والآن لنستعرض آراء النقّاد والباحثين في هذه القصّة لنصل إلى الحقيقة .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] . المقالات والفرق : 15 .
[2] . انظر هامش منهاج السنّة لابن تيمية : 15 .
[3] . الإمام الصادق لأسد حيدر : 6/237 .