قلت: أولا:، قولك: جمهور علماء الإسلام لا يفرقون بينه وبين الإيمان. فغير صحيح، لأننا نجد في الكتب الكلامية اختلافا كثيرا حول الموضوع لا بين الشيعة والسنة فحسب، بل نجد الاختلاف ساريا في أقوال أهل السنة والجماعة أنفسهم أيضا، فالمعتزلة على خلاف الأشاعرة. وبعض علماء الشافعية والحنفية على خلاف رأي أحمد ومالك.
ثانيا: لا يرد إشكالك على كلامي، لأن كلامي صدر على أساس قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)(3) الخ.
فالآية الكريمة تصرح بأن الإسلام والتسليم في الظاهر، والإيمان يرتبط بالقلب، والآية تنفي إيمان قوم في حين تثبت إسلامهم، فالمسلم، من شهد بالتوحيد والنبوة فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا (ص) رسول الله. فحينئذ يكون للمسلم ما للمؤمنين في الدنيا، من الحقوق الاجتماعية والمدنية والشخصية، دون الآخرة، فقد قال تعالى: (ما له في الآخرة من خلاق)(4).
السيد عبد الحي: نقبل بأن الإسلام غير الإيمان، فقد قال سبحانه وتعالى: (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)(5).
فهذه الآية تفرض علينا الالتزام بالظاهر وأن لا ننفي الإسلام عمن أظهر الإسلام.
قلت: نعم كل من نطق بالشهادتين، فما لم يرتكب منكرا يلازم الكفر والارتداد، ولم ينكر إحدى الضرورات الإسلامية كالمعاد، فهو مسلم، نعاشره ونجالسه ونعامله معاملة الإسلام، ولم نتجاوز الظاهر، فإن بواطن الناس لا يعلمها إلا الله سبحانه، وليس لأحد أن يتجسس على بواطن المسلمين. ولكن نقول: بأن النسبة بين الإسلام والإيمان، عموم مطلق(6).
_________________
3- سورة الحجرات، الآية 14.
4- سورة البقرة، الآية،10
5- سورة النساء، الآية 94.
6- مورد الاجتماع: المسلم المؤمن. ومورد الافتراق: المسلم غير المؤمن، ولا يوجد مؤمن غير مسلم.