طباعة

الإمام عليّ وصيّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)

 

الإمام عليّ وصيّ النبيّ(صلى الله عليه وآله):

قلنا فيما سبق: إنّ من أحكام الإسلام ضرورة أن يوصي الإنسان قبل موته بما يريد التصرّف به بعد موته فيما يملك من اُمور مادية، وذكرنا أنّ سيرة النبيّ(صلى الله عليه وآله)أنّه كان لا يخرج من المدينة في سفرة ولو ليوم واحد حتّى يستخلِفَ على المدينة، فكيف يترك أمر هذه الاُمّة من بعده سدىً ويعرّضها إلى الفتن دون أن يوصي أو يرشّح للأمر شخصاً من بعده؟! وبما أنّ هذه المسألة قد أشبعتها أقلام الباحثين من مختلف الفرق الإسلامية فلا اُريد العودة إلى ما دار حولها، وكلّ ما يعنيني هنا أن اُبيّن أنّ مسألة الوصيّة مصدرها القرآن والسنّة.

أمّا القرآن فقد أشرك عليّاً بالولاية العامة، وجعل إمامته امتداداً للنبوّة حين تختم النبوّة بموت الرسول(صلى الله عليه وآله)، فقال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)([1]). وقد ذكرنا نزول هذه الآية في عليٍّ(عليه السلام) وما يترتب عليها من لوازم في مكان آخر من هذا الكتاب.

وأما السنّة الشريفة فإنّ الروايات المعتبرة متظافرة بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) نصّ على عليٍّ بالوصيّة في أكثر من مورد، ومن تلك الموارد:

لمّا نزل عليه قوله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ)([2])، فجمع أقاربه وعددهم أربعون على فخذ شاة وطلب منهم أن يؤازروه على الدعوة، فلم يقم إليهِ إلاّ عليّ، فأخذ برقبته وقال: «هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا»([3]) . فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنكَ وتطيع .

هذا، وقد ذكر ابن أبي الحديد في كتابه «شرح نهج البلاغة» فصلا ممتعاً في موضوع وصاية الإمام عليّ(عليه السلام) للنبيّ، وأشبع الموضوع، وبوسع القارئ الرجوع إليه، وها أنت قد سمعت أنّ الوصية جاءت على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله) لفظاً ومعنى، ومع ذلك ترى هؤلاء يقولون: إنّ موضوع الوصيّة اخترعه عبدالله بن سبأ، وستسمع لو قلت لهم: إنّ الوصية لها مصادرها من السنّة، مَنْ يقول لك: هذه أحاديث دسّها الشيعة على لسان السنّة .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . المائدة : 55 .

[2] . الشعراء : 214 .

[3] . انظر تاريخ الطبري : 2/216 ، وتاريخ ابن الأثير : 2/28 ، وتفسير الدرّ المنثور للسيوطي : 5/181 .