أ ـ اتهام ابن عقدة بالرفض
ولقد يحدثنا التاريخ عن رجال من أعلامكم، حاربهم أهل الزمان وهجرهم الإخوان وكتب ضدهم الخلان، لأنهم كانوا ينطقون بالحق ويبينون الحقائق باللسان والبنان، فحرم العلماء المتعصبون من أهل مذهبهم، كتبهم ونسبوها إلى الضلال عن بغض وشنآن وحركوا ضدهم الجهلة والعوام وأبناء الوقت والزمان.
الشيخ عبد السلام: هذه مفتريات الشيعة علينا وإلا فعلماؤنا الأعلام يحترمون كل عالم سواء من مذهبهم أو غير مذهبهم ويأمرون العوام باحترام العلماء لعلمهم ولا يسمحون لأحد من الجهلة أن يهتك عالما سواء أكان من أهل السنة والجماعة أم من غيرهم.
قلت: لا داعي للشيعة أن يفتروا عليكم هذا الكلام، ولو كنت تطلب مني شاهدا للكلام لأجبتك بأن أحد الرجال الأعلام الذي أشرنا إليهم، هو الحافظ ابن عقدة، أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المتوفى عام 333 هجري، وهو من كبار علمائكم ومن مشاهير أعلامكم وقد وثقه الرجاليون من علمائكم كالذهبي واليافعي وقالوا في ترجمته: إنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف حديث مع إسنادها وكان ثقة وصادقا، ولكن حيث كان في المجالس والمجتمعات في الكوفة وبغداد، كان ينتقد الشيخين ويذكر معائبهم ومثالبهم، اتهمه العلماء بالرفض وتركوا رواياته وطرحوا مروياته.
قال ابن كثير والذهبي واليافعي في ترجمته: إن هذا الشيخ كان يجلس في جامع براثا ويحدث الناس بمثالب الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ ولذا تركت رواياته وإلا فلا كلام لأحد في صدقه وثقته!!
والخطيب البغدادي في تاريخه، يذكره بالخير والمدح وبعد ذلك يقول: إلا أنه خرج مثالب الشيخين وكان رافضيا!
ب ـ دفن الطبري في بيته ومقاطعة تشييعه!!
محمد بن جرير الطبري وهو المفسر الشهير والمؤرخ الكبير ويعد من أشهر أعلام القرن الثالث الهجري بلغ من العمر ستا وثمانين عاما ومات سنة ثلاثمائة وعشر من الهجرة في مدينة بغداد فمنعوا تشييع جثمانه فدفن ليلا في داره!!
كل ذلك لأنه كتب بعض الحقائق في تاريخه وتفسيره ونشر بعض الأخبار والوقائع التي أغاظت المتعصبين والمعاندين من أهل نحلته، وإن أخفى كثيرا من الحقائق إلا أنهم لم يرضوا عليه وقاطعوه حيا وميتا!!
ج ـ قتل النسائي
ومن أعجب هذه الوقائع قتل الحافظ أحمد بن شعيب بن سنان النسائي وهو أحد الأعلام وأئمة الحديث وجامع أحد الصحاح الستة عندكم، ورد مدينة دمشق سنة ثلاثمائة وثلاث من الهجرة النبوية فوجد أهلها سائرين على البدعة السيئة التي سنها معاوية وحزبه في البلاد، ألا وهي لعن وسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد كل صلاة وفي خطب الجمعة!
فتأسف لذلك الوضع الفجيع المزري وألزم نفسه أن ينشر ما وصله مسندا عن النبي (ص) في فضائل ومناقب الإمام علي عليه السلام فكتب كتابه المسمى بخصائص مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان يقرأه على المنبر في الملأ العام، فهجم عليه في يوم من الأيام جماعة من الطغاة والجهلة اللئام فضربوه ضربا مبرحا وأنزلوه من على المنبر وسحقوه بأقدامهم حتى أغمي عليه وبعد قليل مات على أثر تلك الضربات واللكمات. فحملوا جثمانه إلى حرم الله سبحانه ودفن في مكة المكرمة حسب وصيته!!
فهذه الوقائع بعض جرائم المتعصبين أهل العناد واللجاج والجهل الذين يقتلون علماءهم ويسحقون مفاخرهم بأقدامهم، ليس لهم ذنب سوى أنهم نطقوا بالحق وكشفوا عن الواقع ومدحوا من مدحه الله تبارك وتعالى في كتابه.
وقد غفل الجاهلون وما دروا بأنهم لم يتمكنوا من إخفاء الحق بهذه الأعمال الوحشية ولا يمكن حجب الشمس في الضحى بالحركات الهمجية.
أعتذر إليكم لابتعادي عن موضوع البحث.
والحاصل: إن حديث: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " مقبول لدى أعلامكم كما هو مقبول عند علمائنا، واتفق محدثو الفريقين بأن النبي (ص) بأمر من الله تعالى أعلن يوم الغدير هذا الحديث الشريف في حضور ما لا يقل عن سبعين ألف.
صعد النبي (ص) على منبر صنعوه له من أحداج الإبل، وأصعد علي بن أبي طالب وأخذ بكفه والملأ ينظرون إليهما، فنادى فيهم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه... إلخ.
ضريبة تجاهر السنة بالحق
- الزيارات: 2073