سماحة الشيخ مصطفى الطائي:
بسم الله الرحمن الرحيم المناظرة الحادية عشر والتي جرت في غرفة الشيخ عثمان الخميس.
سماحة الشيخ عثمان الخميس:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيد الورى وعلى آله وصحبه, ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.
أما بعد؛ حياكم الله تعالى جميعاً في هذه الغرفة, وأسال الله تبارك وتعالى أن يشكر فعلكم وأن يوفقنا وإياكم جميعاً إلى معرفة الحق ومن ثم اتباعه, وأن نقول جميعاً في بداية هذا اللقاء: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, والكلمة للدكتور الشيخ عصام العماد وتفضل.
الأخ طالب حق وهو سماحة الشيخ مرتضى الطائـي غرفة الحق من طرف الاثني عشرية:
عفواً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد.
عفواً المسألة فنية فقط حتى نتقنها لكـي يبدأ سماحة الدكتور السيد عصام إن شاء الله بإذن الله, وهي فقط سؤال إلى الشيخ عثمان: شيخنا باعتبار أنّ الفرصة التـي أعطيناكم إياها أن تكون المناظرة في غرفتكم الخاصّة, أنتم شيخ عثمان في غرفة الشيخ عثمان, وليس في غرفة يعتبر الشيخ عثمان ضيف فيها, كما إننا ضيوف فيها, فهل هذه الغرفة التي نحن فيها هي غرفة الشيخ عثمان الخميس أم غرفة يعتبر الشيخ عثمان مجرد ضيف فيها؟ وهذه المسألة تخصنا وتهمنا, وبلغنا الأخوة إن شاء الله للأغراض التي من أجلها نهتم بهذا الجانب وبهذه المسألة, فالسؤال هو: هل هذه الغرفة هي غرفة الشيخ عثمان الخميس أم غرفة الشيخ عثمان ضيف فيها؟ أجبنا عن هذا السؤال جزاك الله خيراً يا شيخ عثمان تفضل.
سماحة الشيخ عثمان:
هذه الغرفة لي ولكن كوني أنا بالنسبة لتواجدي فيها قليل جداً يكاد يكون كل أربعاء, لذلك الشباب يساعدون فقط في إدارتها, أما الغرفة هي باسمي وهي تغلق إذا أردت, إلا إذا طلبتم أنها تغلق أغلقها, وإلا الأصل إنها غرفتي.
سماحة السيد طلال غرفة الحق من طرف الاثني عشرية:
طيب جزاكم الله خيراً أخي العزيز الشيخ عثمان الخميس على هذا التوضيح وعلى بركة الله إن شاء الله نبدأ, يتفضل سماحة الدكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي, وأفوض أمري إلى الله إنّ الله بصير بالعباد.
أتقدّم بداية بالشكر لجميع القائمين على غرفة الشيخ عثمان الخميس، وأرى من الضروري ومن الواجب الشرعي قبل أن نبدأ بهذه المناظرة أن أشير إشارة سريعة إلى ما تصنعه أمريكا في البلاد الإسلامية في العالم, من تقتيل وتشريد, أو مصادرة أموال, فقد قتلت أمريكا زبدة الشباب المؤمن الذين هاجروا للجهاد في سبيل الله, وتركوا أموالهم وتركوا كل ما لديهم من أجل رفع راية الإسلام, وقتلت أمريكا خيرة الشباب في فلسطين, ولم تبق دولة من دول العالم إلا وقد تعرض شبابها المؤمنون الصادقون الأتقياء الذين هم خيرة الشاب المؤمن, والذين تركوا كل ما يتعلق بشؤون الدنيا, وهاجروا إلى الله. وكل هذا القتل وإبادة الشباب المسلم يتم تحت عنوان محاربة الإرهاب.
يا أخوان أمريكا تريد إسلاماً خاصاً, إسلام على الطريقة الأمريكية، تريد إسلام يخضع لمصالحها الخاصّة، لكنها وجدت أنها لن تستطيع إيجاد إسلام أمريكي إلا إذا قتلت خلّص المؤمنين المجاهدين في جميع أنحاء العالم الإسلامي, ومن الدول العربية بالذات, ومن هنا قتلت البعض ووضعت البعض في السجون الأمريكية أو السجون الإسرائيلية.
إن أمريكا تريد القضاء على كل شاب مؤمن ومسلم ومجاهد سواء كان وهابياً أو سنياً أو اثني عشرياً.
ومن هنا أرى أن من واجبنا الشرعي أن نتحاور من أجل التقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية؛ لأن أمريكا عندما تقتل أخانا المجاهد المسلم الوهابي إنما تقتله لأنه مسلم لا لأنه وهابي, وهكذا عندما تقتل أخانا المجاهد المؤمن الاثني عشري في لبنان إنما تقتله لأنه مسلم, لا لأنه من الاثني عشرية, فنحن جميعاً مسلمون، مسلمون وهابيون أو مسلمون سنيون أم مسلمون اثنا عشريون ونسأل الله أن يوفق الجميع وجزاكم الله خيراً.
أحمد البعلبكي من طرف الاثني عشرية:
طيب تفضل يا شيخ عثمان لك المايك.
سماحة الشيخ عبد الرحمن الدمشقية من طرف الوهابية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, طيب حياكم الله يا أخوان ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه المناظرة فيها مزيد من بيان الحق, من يبدأ الآن؟ نعتقد الشيخ عثمان أول.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أعيد وأكرر حياكم الله تبارك وتعالى, وقد ذكرت عدّة مرات في جلسات سابقة وهو إنني ذكرت بعض الأمور التي طلبت من الشيخ الدكتور عصام أن يجيبنـي عليها, سميتها كذباً وسماها هو غير ذلك, وطلبت منه أن يجيب عليها وما سمعت إجابةً, وهو قد وعد بالإجابة وإن شاء الله تعالى يجيب, لذلك أنا لن أكررها لأنه زعل وغضب دكتور عصام لأني أظهرتها, فأنا لن أذكرها في هذه الليلة، ولكن لا ننساها أيضاً ستذكر في جلسات قادمة إذا لم يجب عنها.
في الجلسة السابقة أنا طلبت من الشيخ الدكتور عصام أن يتكلم أيضاً عن الأدلة التي تدل على خلافة علي قبل خلافة عمر وعثمان, وعلى إمامته وعصمته, ولكن فوجئت من عصام من أنه حلل شخصيتي وهو يتكلم في أشياء أنا ما رأيت فيها شيء من الفائدة؛ ولذلك كلمت الدكتور أنا كما وعدت وقلت له في بداية المناظرات إني أريد أن أسمع كلاماُ مفيداً وإلا سأتكلم بما أراه أنه مفيد, وتكلمت المرة الأولى لما سمعت قريب من هذا الكلام عن «حديث الاثني عشر» فلم أسمع رده إلى الآن، لأن عصام كما قال يرى أنه ليس هذا وقته, وهو متى أراد طرحه ولا مانع, ثم مرت الجلسة السابقة حيث قال عصام أنه سيكمل حديثه عني, فأنا إن شاء الله تعالى على طريقتي وهي اني سأفتح الكلام عن «حديث الثقلين»، وإن شاء حديثاً غيره سأتحدث فيه أيضاً وإلا فليتكلم د. عصام بما يراه مناسباً. تفضل د. عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا وعدت في الجلسة الماضية إني سأتحدث عن نقطتين: النقطة الأولى سأتحدث عن «آية المباهلة», وأنا اخترت «آية المباهلة», كما قلت لأنها نقطة تكامل مع «حديث الكساء», وتختص بأهل الكساء.
وقلت سأتكلم كذلك عن نقطة أخرى وهي ما أشار إليه الشيخ عثمان الخميس في بداية هذه الجلسة وهو سماها كذباً واتّهمني بسببها بالكذب، وأنا سأناقش هذه الأمور مناقشة علمية, سأبين للشيخ أنه ليس كذباً ولكن كما وعدت في الجلسة الماضية, إنني سأبدأ في البداية أتحدث مقدمة بسيطة عن «آية المباهلة», التي سأجعلها حديثي في الجلسة القادمة كذلك, وأنبه كل الحاضرين بأهمية يوم المباهلة, وأهمية «آية المباهلة» ـ والجميع يعرف كما ورد في صحاح أهل السنة (الصحاح الستة), عفواً بتعبير علمي صحيح (الكتب الستة) لا الصحاح الستة ـ إن «آية المباهلة» ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخمسة أهل الكساء, وهم الرسول الأكرم والإمام علي والحسن والحسين وفاطمة, وسأذكر الرواية الموجودة في صحيح مسلم, لأنني أرى للأسف إن بعض المسلمين لا يدركون أهمية هذا اليوم, وهو يوم المباهلة حتى أن بعض المسلمين لا يعرفون عن يوم المباهلة شيئاً, مع أن يوم المباهلة يعتبر من أعظم أيام الإسلام, ولكنني آسف إن كثيراً من المسلمين يمرون على يوم المباهلة, وعلى «آية المباهلة» مروراً عابراً, ومن هنا فالواجب على كل من يعرف عظمة يوم المباهلة, وعظمة «آية المباهلة» أن يذكر للناس عظمة هذا اليوم المبارك, ويشرح للمسلمين ماذا حدث في يوم المباهلة، وما هي علاقة هذا اليوم بالخمسة أهل الكساء الذين اصطفاهم الله وطهرهم وجعلهم قرناء القرآن، ويبين للناس ذلك اليوم, وأهمية ذلك اليوم وقصة ماذا حدث في ذلك اليوم. نحن نحتاج أن نحيي الأيام القرآنية التي تحدثت عنها الإرادة الإلهية في القرآن لأن هذا اليوم هو يوم من أيام الله. ومن هنا جاء في كتاب الله لاسيما وإننا نعيش في هذه الأيام صراعاً شديداً مع أناس يزعمون أنهم أتباع المسيح, والمسيح منهم براء. وحين نعود إلى المباهلة ونتحدث عن علاقة «آية المباهلة» بالخمسة أهل الكساء المطهرين سوف نجد الصراع النبوي مع أناس كانوا يزعمون أيضاً أنّهم أتباع المسيح, ومن ثم فالعودة إلى يوم المباهلة لا غنى فيه, لأننا ما زلنا نعاني من مشكلة الصراع بين الإسلام وبين المسيحية, أو الناس الذين يزعمون أنّهم أتباع السيد المسيح عليه السلام. ونريد في هذا اليوم أن نبحث في آية قرآنية كريمة ترتبط بيوم المباهلة وهي «آية المباهلة», ولقد كانت «آية المباهلة» ولا تزال موضوعاً للأخذ والعطاء بين المسلمين وبين جميع علماء التفسير من الاثني عشرية ومن الوهابية ومن أهل السنة ومن السلفية. و«آية المباهلة» هي من الآيات التي لها وضع كبير في فجر التاريخ الإسلامي في العهد المدني, ولأهمية هذه الآية وأهمية الحدث الذي اقترن «بآية المباهلة» نجد أن علماء الإسلام من الوهابيين ومن السلفيين ومن الاثني عشريين كما قلت ومن أهل السنة كانوا ولا زالوا يكتبون بحوثاً مطولة عن هذه الآية, حتى خرجت كتب تتحدث عن «آية المباهلة» وعلاقة هذه الآية بأهل الكساء, النبي, والإمام علي وفاطمة والحسن والحسين ـ رضوان الله عليهم ـ.
وأرى أن يكون الحوار بيني وبين الشيخ عثمان سبباً لإحياء قصة المباهلة, ولإحياء أهل الكساء الذين كانوا هم الوفد الذين انتخبهم النبي أو انتخبتهم الذات الإلهية من أجل أن يباهل بهم, وحتى ننتقل من هذا العصر إلى عصر النبي يجب أن نعيش أجواء المباهلة، أجواء قصة المباهلة, حتى تكون الآية وفهم الآية وإدراك الآية يكون مفهوماً لدينا لأنه لا يمكن للإنسان أن يعيش وأن يفهم أي آية في القرآن ما لم ينتقل إلى الأجواء التي نزلت فيها, ويتخيل بنفسه كأنّها نزلت هذا اليوم ليعيش أجواء الآية.
ويجب أن لا يعيش أجواء المذهبية والصراع المذهبي أثناء بحثه عن آية المباهلة. هذه القصة بعد أن أصبحت جزءاً من كتاب الله الخالد لذلك فضرورة الحوار في «آية المباهلة» وهي آية واحدة من القرآن الكريم من بين الآيات التي تتحدث عن أهل الكساء. ونحن نجد في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية مجالات كثيرة للحديث عن هؤلاء المطهرين الذين قرنهم الله في «حديث الثقلين» بالكتاب, وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين, ونجد مجالات أخرى لفضائل هؤلاء (الخمسة), ونجد الحديث عن هؤلاء (الأربعة) بتعبير أصح, ونجد حديثاً آخر وناحية أخرى من نواحي فضائل هؤلاء (الأربعة).
وهذه هي «آية المباهلة» في سورة آل عمران المباركة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) آية (61) آل عمران.
هذه هي الآية العظيمة, ولكن قبل أن نبحث عن هذه الآية لا بدّ أن ننتقل إلى الأجواء التي نزلت فيها ونبتعد عن أجواء المناظرة, نبتعد عن أجواء الخلاف اللفظي في هذه الآية, أو أجواء التعصب المذهبي, يجب أن ننتقل إلى جو المباهلة, إلى قصة المباهلة، إلى حدث المباهلة، والأجواء التي نزلت فيها الآية سوف تجعلنا نخرج من أجواء المناظرة وما فيها أحياناً من مخاصمة, وننتقل إلى أجواء البحث العلمي والموضوعي, يجب أن نعيش الآية وكأنّ الآية نزلت في يومنا هذا, في هذه الجلسة, في هذه المناظرة, في هذه الساعة, في هذا التاريخ.
فتح رسول الله (ص) مكة فبهت عبدة الأصنام وهالهم أمر رسول الله، واضطرب النصارى في نجران بعد أن بلغهم أنّ النبي فتح مكة, وانخلعت قلوب القساوسة الذين يسكنون في نجران وهالهم انتشار الإسلام, وبينما هم في الحيرة إذ ورد عليهم كتاب رسول الله يدعوهم للإسلام أو إعطاء الجزية أو الحرب! ولقد عظم هذا الموقف على رؤساء نجران، هذا التحدي من النبي، فعقدوا مؤتمراً يبحثون فيما يجب عليهم أن يصنعوه؛ لأن عوامل الخطر أصبحت محيطة بنجران بصورة خاصة وبالنصرانية بصورة عامة, وخاصةً بعد سقوط مكة وبعد أن حررها النبي من براثن الشرك, ولما فتح النبي (ص) مكة وانقادت له العرب, وأرسل رسله, ودعاته إلى الإسلام, وكأنه الآن أرسلهم, وكاتب الملكين؛ كسرى وقيصر يدعوهما إلى الإسلام أو الإقرار بالجزية، أو الحرب. وكان من الطبيعي أن تثور ثائرة نصارى أهل نجران وأن تمتلئ قلوبهم رهباً لرسول الله, لاسيما بعد أن وفدت عليهم رسل رسول الله وهم: عتبة وعبد الله وغيرهم من أولئك الذين بعثهم النبي (ص). وكان في كتاب النبي إلى أهل نجران (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آية 64 آل عمران.
إن هذه الرسائل جعلت أساقفة نجران يعيشون حالة الذعر الشديد, وهزّت هذه الرسائل النبوية أهل نجران هزاً عنيفاً.
و يكفي أن تقرأ آيات الحوار في القرآن بين الإسلام والمسيحية المحرفة المزورة لندرك الحوار الطويل بين المسيحية والإسلام. وأنا أذكر هذه لأنها مقدمة ضرورية لمعرفة «آية المباهلة», وأهمية «آية المباهلة», ومعرفة الاجواء الخطيرة التي نزلت فيها وارتباطها بأهل الكساء. وعندما نواجه ذلك الحوار من خلال القرآن سوف نجد أنّ القرآن كان يخاطبهم بالمنطق العقلي العلمي الموضوعي, في حين كانت مواجهة الذين قالوا: إننا نصارى! كانت غير عقلانية وغير علمية, لاسيما أن أهل نجران كانوا سيتخذون الهجرة ليأمنوا من هذا الدين الجديد الذي خافوا منه؛ لأنه سيسلب من أساقفة نجران مناصبهم الكبرى, ومكانتهم التي اكتسبوها بما لديهم من شرف ومن وجاهة عند ملوك النصرانية جميعاً, في الروم والحبشة وغيرهما من مناطق العالم.
ولا بدّ لنا يا أخواني الحاضرين أن ندرس خلفيات ومعطيات يوم المباهلة؛ لأن الكثير من المسلمين لا يدركون هذا اليوم, ويمرون بـ «آية المباهلة» المرتبطة ارتباطاً كاملاً بأهل الكساء, الذين طهرهم الله, والذين قرنهم بالقرآن والسنة في «حديث الثقلين» الوارد في مسلم.. يمرون عليها مروراً عابراً. وبسبب هذا المرور السريع نجدهم لا يلتفتون لما في «آية المباهلة» من حقائق هامة وخطيرة متعلقة بأهل البيت النبوي (الأربعة) الذين هم أصحاب الكساء. ومن هنا لا بدّ قبل أن نبدأ ببيان ما في «آية المباهلة» من فضل ومن إشادة بأهل الكساء لا بدّ لنا أن نعيش أجواء «يوم المباهلة»؛ لأنه كما قلت: لا يمكن أن ندرك عمق «آية المباهلة» إلاّ إذا درسنا خلفيات ومعطيات يوم المباهلة.
ونواصل بحثنا عن قصة المباهلة قبل أن نبدأ بالبحث عن «آية المباهلة».
أخواني: نحن من خلال قراءة القرآن حول بعض المسيحيين نستيقن أنه كان في هؤلاء الأساقفة من هو مؤمن برسالة محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ ومصدق بدعوته, لكنهم كانوا يخشون أن يفقدوا مكانتهم إذا أعلنوا إسلامهم.
وحين لم ينفع معهم المنطق والبرهان والحجج القوية القرآنية المذكورة في هذا المصحف, من هنا طلب النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ منهم المباهلة, وذلك بعد أن لم يقتنعوا بالبراهين القرآنية القوية, كما يظهر من آيات المباهلة أن النبي هو الذي طالب المباهلة وهو الذي طالب الملاعنة؛ لا أن النصارى (نصارى نجران) هم الذين طالبوا المباهلة. وهكذا نجد بأن الروايات تبين أيضاً أن الذي طلب المباهلة هو رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لا أساقفة نجران, أي أن هذا الطلب هو طلبٌ نبوي, وأنا أريد أن أقول: الذي طلب الأمر هو رسول الله, من أجل أن يُعرف ما دام أن النبي قد حدد يوم المباهلة, وما دام أنّه قد طلب المباهلة فهذا أمر لمن رجع إلى آية المباهلة؛ أمر من السماء، قل يا محمد: تعالوا، قل.. أمر من السماء.
إذن فالوفد الذي سيباهل به النبي وهم أهل الكساء (الأربعة) سيكون كذلك اختارتهم السماء, هذا ما أريد أن أصل إليه، هذه النتيجة التي أريد أن أصل إليها. كان النبي يريد أن يبيّن لهم أنّ عيسى كان مخلوقاً وعبداً لله, وكان مكوناً من لحم ودم وعظم وعصب, ليس في الإسلام إلوهية لأحد, كل موجود إن كان إماماً أو كان نبياً هو مكون من لحم ومن عظم, وهو مخلوق, عبد حقير, أمام الذات الإلهية، كان معصوماً نبياً أو إماماً أو كان من كان هو حقير أمام الذات الإلهية، يأكل الطعام ويظمأ. وكان نصارى نجران يحتجون بحجج واهية؛ أن أحداً مثل عيسى جاء من دون أب ولكن القرآن أجابهم بحجة قوية عقلية ومنطقية، هذا آدم أعجب من عيسى، ولد من غير أب ولا أم. (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون).
وحين يرفض أهل الباطل الحق كان على النبي أن يلجأ إلى المباهلة لأن المباهلة هي الطريق الأخير عندما لا يرتضي الباطل أن يستسلم للبرهان. وكأنَّ النبي يقول لنصارى نجران هيا بنا ننظر أيّنا أولى بالحق! من يدعي الإلوهية لعيسى وهو بشر, وكل موجود من غير الذات الإلهية من المخلوقات البشرية هو لحم وهو عظم, ليس له أيّ قيمة إلا من عطاء الله, وليس له أيّ وجود إلاّ ووجوده مستمد من الذات الإلهية، وليس له أيّ علم إلا وهو مستمد من الذات الإلهية! لو غابت الذات الإلهية عنه لحظة لتحول إلى عدم, كان من كان، كان نبياً، كان إماماً، كان معصوماً أو كان غير معصوم.. وهذه هي عقيدتنا في النبي وأهل بيته, لا نشك في أنّهم بشر وعبيد حقراء أمام الذات الإلهية.
كان النبي يريد أن يبيّن بشرية عيسى، فالنبي بعد أن عجزت عن إقناعهم تلك الأدلة التي ذكرناها أمره الله أن يلجأ إلى المباهلة, وأن تكون هنالك اللعنة على الكاذب إن كان محمد (حاشاه) أو كان النصارى الذين يدعون إلوهية عيسى. ومن هنا سارع الوحي إليه ونزل عليه قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم …) الآية. وكان الناس ينظرون بشغف بمن سيباهل النبي، أبكافة أتباعه من أصحابة أم بأهل المكانة من أصحابه أم بأقرب الناس إليه؛ بعمه العباس وهو كبير الأسرة النبوية أم أنه سوف يباهل بأهل الكساء المطهرين (الأربعة)، (الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين)؟ لأن دائرة الطهر هي التي يجب أن تقف أمام دائرة الرّجس والشرك, من أهمّ مصاديق الرجس, ومن هنا نجد أن دائرة الطهر بعد النبي هي التي وقفت أمام مخطط دائرة الرجس من بني أمية, وبالفعل كان أهل الكساء هم أهل مباهلة النبي مع النصارى؛ لأن أهل الكساء هم الذين اصطفاهم الله من بين بقية أهل البيت وهم قرناء القرآن في «حديث الثقلين» الوارد في صحيح مسلم, وهم قدوة لكل أهل البيت من غير المطهرين, ولكل أتباع النبي يجب على المؤمنين الاقتداء بهم؛ لأنهم الثقل الثاني من بعد الثقل الأول الذي يمثل القرآن والسنّة.
ومن هنا اختارهم الله من بين سائر المؤمنين.. اختارهم للمباهلة مع النصارى, ولم تكن مفاجئة للمؤمنين حينما شاهدوا رسول الله (ص) يختار أهل الكساء للمباهلة والمفاصلة مع النصارى؛ لأنهم يعرفون اهتمام النبي الأعظم بأهل الكساء, عندما اختار النبي علي وفاطمة والحسن والحسين من أجل لحظه خطيرة ومهمة في فجر الإسلام؛ لأنها اللحظة الفاصلة التي تحسم بين مبدأين؛ مبدأ التوحيد ومبدأ الشرك. مبدأ من يدعي الإلوهية لغير الله ومبدأ من يثبت التوحيد بالأدلة والبرهان. وأتي النبي بأهل الكساء, في هذا الموقف الحاسم والخطير موقف مشهود ليظل مصبوغاً ومثبتاً في رؤوس البشرية جميعها, من أجل أن يبيّن المكانة العظيمة لأهل الكساء؛ لأنه لا يمكن أن تلغي هذا اليوم من التاريخ ومن تاريخ المسلمين, لقد تلمَّس الناس ما هي الوجوه التي سيخرج بها النبي من أجل المباهلة مع النصارى؛ لأنهم يعرفون أنه يوم محسوم؛ لأن الناس عرفوا أن هذه المباهلة نقطة هامة في تاريخ الأنبياء جميعاً.
نقطة تبين هل الحق مع الموحدين أو مع المشركين.
وبعد لم يكن عجباً إذا اهتم جميع علماء الإسلام في ذكر يوم المباهلة وفي ذكر من اختاره النبي ليوم المباهلة.
من هنا كان سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ يتمنى أن تكون له هذه الفضيلة العظيمة, أي أن يكون كالإمام علي الذي اختير في يوم المباهلة, وكان عم النبي العباس يتمنى أن يباهل به النبي لاسيما أنه كبير أهل البيت, وهو أقرب إلى النبي من علي, ولكن القضيّة لا ترتبط بالأقرب ولا بالأكبر ومن هنا كانت هذه الآية من أهم الدلائل على مكانة أهل الكساء (علي وفاطمة والحسن والحسين), وليس عجباً إذا كان اختيار الله لهؤلاء (الأربعة) في المباهلة والمفاصلة والملاعنة بين التوحيد وبين الشرك يصبح هذا الاختيار يردد في كل كتب الحديث أراد الله أن يجعله حجة وبرهان لكل من أراد أن ينسي مقام هؤلاء (الخمسة), ومقام الثقل الثاني بعد الثقل الأول المتمثل بالقرآن والسنة.
لقد آمن بهذا اليوم كما آمن بهذا الوفد الذي اختاره النبي من أجل المباهلة أهل السنة والوهابية والاثنا عشرية والسلفية, وقد كان المؤمنون كثيرون الذين دونوا هذه الحادثة المهمة وذكروا أنّها كانت في السنة العاشرة, ولكن الله اختار في هذا اليوم على الرغم أنّه كان في السنة العاشرة, وكان عدد المؤمنين كثيراً في هذه السنة؛ كان فيهم المهاجرون وفيهم الأنصار, لكن الله اختار من بين جميع المؤمنين أختار (الأربعة) أهل الكساء, وكان الناس يحسبون أنه لا يمكن أن يترك العباس؛ لأنه الأقرب والأكبر في أهل البيت, ولأن عادة العرب في المباهلة أن تختار الأقرب والأكبر, ولكن النبي اختار للمباهلة المطهرين من أهل بيته, ورفض أن يباهل بعمه؛ لأنه لم يكن من المطهّرين, حتى يبيّن للناس أنه يجب التمييز بين دائرة المطهّرين من أهل بيته وبين دائرة غير المطهرين من أهل بيته.
كانت صورة الموقف العظيم يوم المباهلة تغرس في نفس أصحاب النبي المكانة العظيمة لأهل الكساء الأربعة فإن الرسالة السماوية اختارت لأجل هذا اليوم العظيم هؤلاء (الأربعة), لقد كان جميع المؤمنين يرغبون أن يختارهم الله لهذا اليوم, لعلمهم بأن هذا اختيار سماوي, وفجأة يرون النبي يأخذ معه ابن عمه علي بن أبي طالب, وزوجة علي بن أبي طالب, وابني علي بن أبي طالب (الحسن والحسين), فقال الناس: كيف أخذ ابن عمه وترك عمه؟!! وتمنى سعد بن أبي وقاص ـ كما قلت ـ أن يحصل على هذه الفضيلة كما ذكر ذلك في كتب أهل السنة, وتمنى العباس أن يأخده النبي معه, ولا شك بأنّ هذه الفضيلة, ما هي إلا حلقة من حلقات فضائل الإمام علي وفضائل أهل الكساء! ولكن الذي يميز هذه الفضيلة أن النبي قررها في حدثٍ خطير, يحمل معالم الإنذار لغضب الذات الإلهية من الذين ادعوا الإلوهية للمسيح عليه السلام.
وكان الناس يتساءلون ليل نهار: من سيباهل به النبي؟ يا ترى؟ أيخرج النبي ومعه جميع أصحابه؟ أترى يخرج إلى المباهلة ومعه جميع نساؤه؟ أترى يخرج إلى المباهلة ومعه جميع أهل بيته من دائرة المطهرين ومن دائرة غير المطهرين؟ أم أنّ النبي يختار أبا بكر وعمر وعثمان؟ أم أنّ النبي سيختار لهذا اليوم العظيم عائشة وحفصة وأم سلمه؟ أصبح الناس يلتفتون يميناً وشمالاً ينظرون إلى «آية المباهلة» ويقولون: يجب أن نقرأ الآية حتى نعرف من يختار النبي للمباهلة. إنّ الآية تبيّن أنه سيدعو نفسه، فمن هو القائم مقام نفسه حتى يأتي، هل نفسه هو ذاته أم أن نفسه غيره حتى يدعوه للمباهلة؟ ومن هم أبناؤه الذين وردوا في «آية المباهلة» والذين سيدعوهم النبي للمباهلة؟ ومَنْ مِنْ النساء سيأتي بها, هل سيأتي بالسيدة عائشة؟ ومن هن اللاتي سيدعين للمباهلة؟ من هؤلاء الذين تعنيهم «آية المباهلة» الكريمة؟
ربما حسب البعض أنّ الذين سيختارون للمباهلة هم حذيفة وسلمان وعمار وأبا ذر؛ لأنهم من خلّص أصحاب النبي. والبعض يعود فيقرأ «آية المباهلة» التي أشار الله سبحانه وتعالى إلى أعضاء الوفد العظيم المصطفى في أبلغ وأسمى ما تعرفه البلاغة من أسلوب وأن «آية المباهلة» قد رسمت المنهج الأمثل للمتخاصمين في الله, ولكن يا ترى من هم الأبناء الذين يدعوهم رسول الله؟
يا ترى من هن النساء اللاتي يدعوهن رسول الله للمباهلة في هذا اليوم العظيم؟
يا ترى من هي الأنفس التي سيدعوها للمباهلة لأجل هذا اليوم العظيم؟
لكن الصحابة يعلمون أن الغرض من هذه المباهلة هو توطيد دعامة الحق وإثبات التوحيد. ومن هنا فالكل يعلم أن مسألة الاختيار لهذا اليوم هو مقياس سماوى، اختيار سماوى.. وإن الوفد الذي سيباهل به النبي في هذا اليوم العظيم إنّما يكون بحسب فضل الأشخاص الذين يقع عليهم الاختيار, وعلى مدى تمتعهم بالفضيلة والتقوى يقع عليهم الاختيار, ورسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يختار إلاّ من يختاره الله. ومن هنا الذي أمره بالمباهلة هو الله, والذي سيختارهم للمباهلة هو الله. ومن هنا اختار النبي المطهرين من أهل البيت الذين اختارهم الله ووقع اختياره على الإمام علي من الأنفس, وعلى اختيار فاطمة من النساء, وعلى اختيار الحسن والحسين من الأبناء.
والإنسان المتأمل في هذه الآية لا بدّ أن يعرف لماذا اختار الله للمباهلة هؤلاء الأربعة؟ لماذا اختار ابن عمه علي وترك عمه العباس؟ أليس في ذلك دلالة على الفرق بين دائرة المطهرين من أهل البيت وبين دائرة غير المطهرين من أهل البيت؟ لماذا اختار الإمام علي وهو شاب فتىً اختاره وجعله يقوم مقام نفسه, ثم يترك العباس وهو شيخ كبير؟ ثم لماذا ترك عائشة مع أن الآية تقول نساءه يأتي بنساءه وترك حفصة وترك أم سلمة وترك جميع نساء المهاجرين والأنصار, ثم اختار من بين جميع نساء المؤمنين فاطمة؟ ثم لماذا يترك النبي جميع أبناء عمه ويترك جميع أبناء بني هشام وجميع أبناء أهل بيته وجميع أبناء الأنصار والمهاجرين, ثم يختار طفلين صغيرين الحسن والحسين ليباهل بهم في هذا اليوم العظيم؟
لا يمكن أن نجد أيّ جواب سديد لهذه التساؤلات إلاّ إذا علمنا أن هؤلاء الأربعة هم المنتخبون؛ وهم الثقل الثاني, وإلا إذا قرأنا «حديث الثقلين» الوارد في مسلم قراءة جديدة لنعرف أنّ مقام هؤلاء ليس بالمقام الهين؛ لأنهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة النبوية, وسمّاهم النبي الثقلين؛ لأن ما عداهما خفيف, ما عدا القرآن والسنة وأهل البيت المطهرين خفيف, ما عدا هذه الثلاث خفيف.. النبي حدد أهل البيت المطهرين حدّدهم في يوم المباهلة؛ اللّهم هؤلاء أهل بيتي بعد أن حان وقت المباهلة جمع الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي], لماذا؟ بالله عليكم هل أحد يأتي بابنته ويقول هذه من أهل بيتي؟! هذه مسألة واضحة أن البنت هي من أهل بيت الشخص! لكن النبي يريد أن يقول شيئاً، وهو: إن هؤلاء هم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة, حتى لا يأتي أحد ويحرف الدين ويتلاعب في الدين باسم أهل البيت. أراد أن يبيّن من هم المطهرون ويفصل بين دائرة المطهرين من أهل البيت وغير المطهرين, وحتى يتضح الأمر.
حسبنا جميعاً أن نرجع إلى البخاري ومسلم والأمهات (الستة) فإن الأمهات (الستة) حفظت لنا، كثير من الروايات في فضل هؤلاء (الأربعة) أهل الكساء، أهل المباهلة, وحين نطّلع علي فضائلهم سوف نعرف السر الذي جعل الذات الإلهية تختارهم لهذا اليوم العظيم.
نعم إن الله اختار علياً وفاطمة والحسن والحسين من أجل أن يباهل بهم في موقف حاسم؛ لأنه يعلم أنه سوف يأتي من يخلط بين دائرة المطهرين ودائرة غير المطهرين, ويعلم (ص) أنّه سيأتي أناس وينكرون هذه المقام العظيم لهؤلاء, اختارهم ليؤمنوا على دعاء رسول الله (ص) ويعلم أن دائرة الرّجس من بني أمية سوف تجعل مجموعة من المسلمين تنسي هذا المقام العظيم لهؤلاء المطهّرين؛ لأنه لا يمكن أن يتوقف الصراع بين دائرة الرّجس ودائرة الطهر. ولم يكن الاختيار من رسول الله أبداً, بل كان الاختيار من الذات الإلهية التي طهرت هؤلاء, وهي التي أمرت النبي أن يباهل بهؤلاء المطهرين. أخواني هذه مجرد فقط مقدمة عن «آية المباهلة», وسوف استمر في البحث عنها في الجلسة القادمة, وبعد أن أستمع إلى الشيخ عثمان وما يريد أن يقول, سوف أبدأ بذكر قضية اتهامات الشيخ عثمان كما وعدت في بداية الجلسة الماضية, ثم سوف أأتي بالدلالات التي تدل علي فضيلة هؤلاء, وأذكر أقوال أهل السنة وأقوال علماء غير أهل السنة في أن هؤلاء هم المطهرين. ومشكلة الشيخ عثمان الخميس أنّه إلى الآن لم يميز بين المطهّرين من أهل البيت الذين قرنهم الله بالقرآن والسنة وبين غير المطهّرين. وعندما أنا أقول لكم: إن عبد الله بن عباس ليس من أهل البيت أعني ليس من المطهّرين من أهل البيت لا أنه ليس من أهل البيت غير المطهرين, فهو لا يخرج عن أهل البيت بشكل مطلق, ولكنه لن يستطع أن يدرك هذه المفاهيم العظيمة لماذا؟ لأنه يمرّ على هذه الآيات مروراً عابراً وينظر إليها من زاوية التعصب المذهبي لا من زاوية البحث العلمي، وتفضلوا معكم المايك وجزاكم الله خيراً.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
محمد علي لعلك تجيب ما أدرى الصوت مسموع وأنا أرجوا عدم رفع اليد إلا بعد انتهاء المناظرة أرجو ذلك وإلا سنضطر إلى أخرج أيّ واحد يرفع يده, طيب تفضل يا شيخ عثمان لك اللاقط وإن شاء الله الأخ محمد علي يحسب الوقت إن شاء الله تفضل يا شيخ.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أولاً: أقول: حيّاك الله أبا أحمد بعد غيابك فترة من الزمن, فحياك الله تبارك وتعالى وعوداً حميداً. فقط كلمة بسيطة للدكتور الشيخ عصام العماد، دكتور عصام لعلّك تظن أنّك دخلت على غرفة [again love always will we” and again] هذه غرفة النصارى حتى تتكلم؛ لأن هذا الكلام مناسب لهم جداً, لو دخلت هناك وتكلمت بهذا الكلام جيد, هل تظن أنّك تناقش يوحنا أو متى أو مرقص أمامك الآن؟!
حتى تطل علينا في هذه الكلمات التي لا أظن أن أحداً من المسلمين يجهلها ولا هي موضوع بحثنا! كنت أظن إنك ظنيناً بهذه الخمسين دقيقة، وإنك حريص عليها أشد الحرص لا تضيع منها دقيقة واحدة, ولكن لعلك لما ضيعت الدقائق كلها في الجلسة الماضية صار الأمر سيان بالنسبة إليك! وأنا أهنئك على استخدام عنصر المفاجئة باختيار «آية المباهلة»؛ لأنك وعدتنا في الأسبوع الماضي أن تكمل حديثك عن شخصيتي ودراسة شخصيتي؛ وفاجأتنا الآن وأنت تتكلم عن «آية المباهلة».
دكتور عصام عنصر المفاجئة جيد جداً, ولكن لعلك في هذه لم تصب. دكتور عصام هذه الآية [آية المباهلة] بكلامك عن النصارى, يعني عندما نحاور نحن النصارى, وأنا أعني بكلمة نحن؛ نحن أهل السنة، عندما نناقش ونحاور ونسكت النصارى فإننا أبداً لا نتعدى على مقام سيدنا المسيح ـ عليه الصلاة والسلام ـ أبداً لأننا نعرف له قدراً ونعرف أنه من أولي العزم, من الرسل ـ صلى الله عليهم وعلى نبينا محمد ـ. وكذلك الأمر معكم نحن لن نتكلم أبداً في يوم مِنْ الأيام في علي ـ رضي الله عنه ـ فهو سيدنا وإمامنا وقدوتنا وحبيبنا, ولذلك ما ذكرت من فائدة تجدها في كتب أهل السنّة, بل والله لا تجد فضائل علي إلا في كتب أهل السنة، فتجد فضل علي في كتبنا بالأسانيد الصحيحة بينما تعجز أنت وغيرك أن تأتوا بفضائل علي ـ رضي الله عنه ـ من كتبكم بأسانيد صحيحة.
أما نحن فنحن الذين نروي فضائله، ونحن الذين نحفظها له ـ رضي الله عنه ـ. ولكننا نحن لا نغلو فيه لأنه قال أو قال عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، إن صح الحديث ولا أظنه صح: [يهلك فيك إثنان مبغض قال ومحب غال]. فلا نغالي في حبه ولا نبغضه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ بل نحبه ونترضى عنه ونتقرب إلى الله جلّ وعلا بحبه, ونستشعر دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق).
هذه الآية «آية المباهلة» لا لا أخالف أبداً بأنها تدل على فضل علي وفاطمة والحسن والحسين فكان ماذا؟ هل أنت جئت لتظهر فضلهم؟ نحن نعرف فضلهم قبل أن نسمع صوتك، ولا صوت غيرك, ولكننا نحن نتناقش هنا في الإمامة. في العصمة, في الآيات, في الأحاديث التي تدل على عصمتهم وتدل على إمامتهم، أين الإمامة هنا؟ أين العصمة؟ اظهرها لنا تفضل يا دكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, قال أخي فضيلة الشيخ عثمان في بداية كلامه: إنه أنا وعدت أن أتكلم عن اتهاماته بتكذيب كل الذين ناظروه, وقال: لماذا خلف الوعد أنا ما خلفت الوعد، أنا قلت في الجلسة الماضية: إنني أرجو من الشيخ عثمان أن يسمع الأشرطة؛ لأن عدم مراجعته لها هو الذي يجعله لا يفهم كلامي, كما قال في الجلسة الماضية: إني كنت أظن أنّ عصام يقول إن أهل البيت هم فقط علي والحسن والحسين وفاطمة والبقية ليسوا من أهل البيت, وبعد ذلك فهمت أنه يقول إن عبد الله بن عباس من أهل البيت, لكنه يقول: إنه ليس من المطهرين! بعد أن سمع الشيخ عثمان الأشرطة قال ذلك! فأنا أرجوه دائماً أن يسمع الأشرطة؛ لأنه من أسباب اتهاماته لي بالكذب أنّه لا يراجع الأشرطة كما قال في الجلسة الماضية: إنه أنا (الشيخ عثمان) لا أعطي لهذه المناظرة إلاّ ليلة واحدة أو ساعة واحدة، هذه ليلة الأربعاء ما أعطيهم من وقتي! وهذه هي الإشكالية الكبرى التي يقع بها؛ لأنه ما يعطي وقته لهذه المناظرة. فاذكِّر إنه يجب أن يكون دقيقاً, راجع الأشرطة سوف تذكر إنني قلت في نهاية الجلسة: أنا لا تهمني المفاجئة, ولا أحب أن استخدم أسلوب المفاجئة مع أخي في الإسلام قلت لك: سأتحدث عن «آية المباهلة», وسأتحدث عن بعض المسائل التي اتهمتني بها, ثم عندما قال: إنني تحدثت في الجلسة الماضية عن «حديث الثقلين» ما هو رأيكم وأنتم سمعتوا الشيخ تحدث عن «حديث الثقلين» بطريقة خارجة عن موضوع حديث الثقلين؟ وثم إنه قال لي نفسه: اختر أي رواية! اختر أيّ آية! أصعد بأعلى ما عندك, أنا حضرت كل شيء!! ولما هذه كلمة قالها لي, وهي ليست كلمة جيدة في الكويت (أينما تطقه طار)!! وقال له: إن يختار أيّ آية, أو أيّ رواية (أينما تطقه طار)! هذه كلمة أنا أعرفها تستخدم من أبناء الأسواق في الكويت! يأتون بها ولا يأتي بها خطيب جمعة!! قال هذه الكلمة وقال: اختر ما تريد، اصعد بأعلى فرس! اختر الرواية التي تريد!! حتى لو فرضنا أنا لم أخبره واستخدمت معه عنصر المفاجئة كما يقول, فليس غريباً عنه الاختيار؛ لأنه قال أنا محظّر في كل شيء، أنا أين ما تطقني أطير! قال هكذا هذه العبارة موجودة! وقال: سوف أحاورك فيما تريد وفيما تختار, في أي موضوع, في أيّ رواية في أي شيء. لكنه الآن لماذا أنا اختار الآية؟ اختار الرواية؟ ولا يناقشني ويقول: ما سمعت شيئاً! لم أسمع شيئاً! لم أسمع شيئاً! ولم أسمع شيئاً جديداً!
إذن لماذا تناقشني إذا لم تسمع شيئاً؟ أنا كل ما أتيت به لم أأتي به قبل هذه الجلسة. وعندما يقول حاورني بما تريد! اختار الآية التي تريدها! فلماذا لا يفي بوعده؟ ثم يذكر حجة ضعيفة. ولو كان جاداً في أنّه يريد البحث عن الحق وهو قال: اختر ما تريد. وكما قال الآن: أنت لم تأت بشيء جديد. عندما أتيت له «بحديث الثقلين» وناقشته في البداية, في أول جلسة رفض وقال: لا نريد, أريد دليلاً من القرآن الكريم لا من السنة النبوية! فاخترت أنا «آية التطهير», جئت بـ «آية التطهير» قال: ما عندي بحث (خلص)! أنا انتهيت من البحث, ما عندي شيء أصلاً, ولم أسمع شيئاً جديداً!!
أتيت أحاوره في بحث الاصطفاء واصطفاء (الخمسة), والفرق بين دائرة المطهرين من أهل البيت وبين دائرة غير المطهرين من أهل البيت. قال: والله أصلاً هذا ما هو كلام مضبوط وما هو كلام جديد!! وهكذا دائماً, يعني لا يحاورني. يقول: أأتي بما تريد! أصعد أعلى ما عندك! اختر الرواية التي تريدها! حتى في المواضيع التي يختارها الشيخ عثمان مثل الجلسة الماضية اختار «حديث الثقلين», قال: أنا سأتحدث عن «حديث الثقلين», هو قال واختار بنفسه, ثم جاء من دون أن يبحث في «حديث الثقلين» بكلمة واحدة, بل خرج عن موضوع «حديث الثقلين» إلى موضوع آخر وهو: ما هو موقف الاثني عشرية من أهل البيت وما هو موقفهم من كتاب الله, أي من الثقل الأكبر؟! وهذا يدل على أنّ الشيخ عثمان لا يعرف أيّ شيء عن أسس الحوار العلمي والموضوعي. كان على الشيخ عثمان أن يبحث عن مفردات «حديث الثقلين», عن الكلمات الواردة في «حديث الثقلين», وعن دلالات «حديث الثقلين», ما المراد بهذا الحديث؟ هل هما الكتاب والسنة أم هما الكتاب وأهل البيت؟ هل يدل «حديث الثقلين» على التمسك بالثقلين أم لا يدل على ذلك؟ ولكن الشيخ خرج عن البحث في حديث الثقلين إلى موضوع هل الاثنا عشرية يتمسكون بالثقلين؟ هل تمسكوا بالقرآن أم لا؟ هل تمسكوا بأهل البيت أم لا؟ هذا البحث خارج عن موضوع «حديث الثقلين», خارج عن بحث «حديث الثقلين»؛ لأن البحث الموضوعي يكون حول: هل يدل «حديث الثقلين» على التمسك بأهل البيت أو لا يدل؟ ولا شأن لنا عند البحث عن «حديث الثقلين» بموضوع هل الذين تمسكوا بأهل البيت هم أهل السنة أم هم الاثنا عشرية؟ هكذا البحث العلمي الأكاديمي.
إن مشكلة الشيخ عثمان هي: إن خصومته للاثني عشرية جعلته يخرج عن البحث ويظن أنه يبحث في قلب ومتن البحث. ومن هنا ترون أنه لا يستطيع أن يبحث عن أيّ آية في أهل البيت أو أيّ رواية في أهل البيت بحثا علمياً مجرداً عن الخصومة للاثني عشرية, من خلال اللجوء إلى اللغة العربية وما معنى الثقلين في القرآن؟ وماذا قال شرّاح مسلم في كلمة (الثقلين)؟ ومن هم الثقلان؟ وهل الحديث يدل على التمسك أو لا يدل؟ بل تجده [يعني: الشيخ عثمان[ في كل آية ورواية في أهل البيت يخرج عن البحث بحركة لا شعورية إلى البحث عن الاثني عشرية!! وأنا أكثر من مرة نصحته إن «آية المباهلة» أو «آية التطهير» أو «حديث الكساء» أو.. أو «حديث الاثني عشر» أو حديث «حديث الثقلين» لا بدّ أن تبحث بحثاً علمياً مجرداً عن الخصومة المذهبية, نبحث عن الروايات والآيات الواردة في أهل البيت من خلال المفردات التي استخدمها النبي، ومن خلال الآيات التي استخدمتها الذات الإلهية! نبحث عن مفردات الآيات، ومفردات الأحاديث، من دون أن نهاجم لا على الاثني عشرية, ولا على أهل السنة, ولا على الوهابية, ولا على السلفية.
إنّني أطلب من الشيخ عثمان أن يكون البحث عن الأدلة القرآنية والحديثية الواردة في أهل البيت بعيداً عن الخصومة المذهبية, لا أن الشيخ عثمان يأتي ـ كما صنع في الجلسة الماضية ـ ويتحدث عن قضية تحريف القرآن, ثم يقول: أنا بحثت عن «حديث الثقلين», أنت متى بحثت عنه في القواميس أو اللغة؟! أرجو أن يكون الشيخ عثمان دقيقاً, وكما وعدت في بداية الجلسة أنني سوف أطل إطلالة عن «آية المباهلة» ثم بعد ذلك أتناول اتهامات الشيخ عثمان الخميس, وإنني سوف أبدأ البحث في «آية المباهلة» كما قلت ثم أعود إلى إكمال ما بدأت به في الجلسة الماضية, وكنت قد بحثت عن بعض الأسباب التي تجعل أخي فضيلة الشيخ عثمان يتهم الكثير من المسلمين من الذين ناظروه أو من الذين تكلم عنهم ومن الذين كتب ضدهم والذين فرَّغ كل وقته وكل حياته لمخاصمتهم وترك خصوم الإسلام وترك أعداء الإسلام من أجل أن يتهمهم اتهامات هي أكبر من الكذب.
أنا أتيت بالكذب فقط, وإلا هو اتهمهم باتهامات كبيرة جداً, وكنت قد ذكرت بعض الأسباب التي جعلته يتهم هؤلاء جميعاً بالكذب, وذكرت أنّ ذلك يعود إلى أسلوب الشيخ عثمان في الحوار, وذكرت أنّ طريقة الشيخ عثمان ليست علمية، والطريقة غير العلمية تقود إلى اتهام الآخرين بالكذب, وقلت: إنّ أهم قاعدة من قواعد المناظرة تقول: إن كل دعوى أو بينة أقيم عليها دليل قوي تعين على المعترض والمحاور أن يعترض وينتقد دليل هذه الدعوى, لا أن يعترض على صاحب الدعوى. ثم ذكرت دليلين على عدم التزام الشيخ بهذه القاعدة الحوارية الهامة, والآن سوف أذكر الدليل الثالث على عدم التزام الشيخ عثمان بهذه القاعدة المهمة.
الدليل الثالث الذي يدل على أنّ أخي فضيلة الشيخ عثمان خالف هذه القاعدة الحوارية وهي: إنني قدمت في الجلسة الماضية هذه الدعوى وهذه صورة الدعوى أعرضها من جديد عليكم. أدعيت أن الشيخ عثمان الخميس خرج عن منهج أهل السنّة في التعامل مع الآيات ومع الروايات الواردة في أهل البيت, وقدّمت كثير من الأدلة والبينات على هذه الدعوى. وأنا ذكرت هذه الدعوى؛ لأنه من أسباب اتهامي بالكذب هذه الدعوى:
الدليل الأول الذي يثبت هذه الدعوى: إن الشيخ عثمان يذكر رأياً لبعض أهل السنة ويوهم الحاضرين بأنّه الرأي الأول والأخير لأهل السنة وأن أهل السنة أجمعوا عليه مثلاً في مناظرته المسجلة في أشرطة مع أحد الاثني عشريين الكويتيين. قال لهذا الاثني عشري الكويتي وهو يتحاور معه عندما أقترح عليه قال له: إن نتحاور في عدالة الصحابة؟ فقال الشيخ عثمان: يجب أن نناقش أولاً في عدالة أئمة الشيعة؟!
انظر لم يقل أئمة أهل البيت مع أنه قال في حواري معه هؤلاء أئمة أهل البيت! الباقر من أئمة أهل البيت، الإمام الصادق كذلك! أما هناك فقال: من أئمة الشيعة، قال: أنا أقول: أئمة الشيعة, أنا أقول الثلاثة (يعني: علي والحسن والحسين) عدول أما التسعة هؤلاء فنبحث عنهم وعن عدالتهم!! وعندما ترجم لهؤلاء التسعة في كتابه «كشف الجاني» خرج عن منهج أهل السنة في ترجمة التسعة الذين هم من ذرية الإمام الحسين, حيث ذكر قولاً شاذاً كمثال في الطعن بالإمام جعفر الصادق وترك مئات الأقوال لأهل السنّة التي بيّنت عظمة الإمام جعفر الصادق عند علماء أهل السنة. وبهذا العمل يوهم الشيخ عثمان قارئ كتابه ـ كما أنا أشرت إشارة بسيطة في الجلسة الماضية ـ يوهم قارئ كتابه أن رأي أهل السنة هو هذا الرأي الذي طرحه والذي طعن بالإمام جعفر بن محمد الصادق! وهذا أعدته لأهميته, والشيخ عثمان انظروا كيف يذكر هذا القول الشاذ وينسى مئات الأقوال من أهل السنة التي تشيد بالإمام جعفر بن محمد صادق!! أليس هذا خروج عن منهج أهل السنة وخروج عن المنهج العلمي للحوار؟!
والدليل الآخر الذي نثبت به خروج الشيخ عثمان عن منهج أهل السنة هو طريقة تعامله مع «حديث الاثني عشر» الوارد في البخاري ومسلم, وأنا عندما ذكرت رأي بعض علماء أهل السنّة في «حديث الاثني عشر» قلت: إن بعضهم يرى رأي الاثني عشرية في الحديث ويقول: إن الاثني عشرهم علي والحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق وبقية الأئمة الاثني عشر, وذكرت كمثال الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه «الصواعق المحرقة» في الطبعة الوهابية. لم أقل هذا رأي جميع أهل السنّة بل قلت هذا رأي الإمام ابن حجر الهيتمي ورأي بعض علماء أهل السنة ونقلت أقوالهم, وإنما ذكرت ذلك حتى أبيّن أن هذا القول بإمامة الاثني عشر, ليس قولاً للاثني عشرية وحدهم, بل هو قول مجموعة من أهل السنة, ولكن أخي فضيلة الشيخ عثمان عندما تناول «حديث الاثني عشر», ذكر أن الاثني عشر هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد بن معاوية إلى آخر كلامه, وهكذا لا يزال الدين الإسلامي محفوظاً بيزيد بن معاوية!! لا يزال الدين الإسلامي محفوظاً بأمثال يزيد، الدين سيحفظ بيزيد بن معاوية!! وهذا خلط كبير بين دائرة الرّجس وبين دائرة الطهر, وقد وقع الشيخ في خطأ في استدلاله, فلا يوجد أحد من أهل السنة ولا من الوهابية يقول: إن أهل السنة أجمعوا على هذا الرأي, يعني أن «حديث الاثني عشر» بالصورة التي ذكرها الشيخ عثمان لم يقل أحد من أهل السنّة بهذا الإجماع, بل ما ذكره الشيخ عثمان هو مجرد رأي, ولم يذكر الشيخ عثمان أنّ أهل السنة قد اختلفوا في شأن «حديث الاثني عشر», وحاروا في فهمه! ولأن أخي وحبيبي فضيلة الشيخ عثمان اختار هذا الرأي جعل كلامه حجة على أهل السنة, وأوهم جميع الحاضرين أن هذا هو رأى أهل السنّة, وهذه ليست من الأمانة العلمية. وبهذا الأسلوب وبهذه الطريقة في التعامل مع أهل السنة إذا جاء شخص وقال: هذا ليس رأى أهل السنة لا بدّ من أن يتهمه بالكذب! وعندما قلت للشيخ عثمان: إن إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي ذكر الأئمة الاثني عشر بنفس ترتيب وقول الاثني عشرية؛ غضب عليّ وهاجمني وقال: أصار الحجة عندك الإمام ابن حجر الهيتمي؟!
إن الشيخ عثمان يريد مني أن أخالف رأي إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي في حديث الاثني عشر, وأن أخذ برأيه في «حديث الاثني عشر» في حين أن الشيخ عثمان لا يمتلك أي دليل على بطلان قول إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي. والذى جعل الشيخ عثمان يرفض رأي إمام أهل السنّة؛ لأنه رأى أن الإمام ابن حجر الهيتمي وافق رأي الاثني عشرية الذين خاصمهم وحاربهم طوال عشرين عاماً, ومن هنا لا ينبغي أن يأخذ برأي الإمام ابن حجر الهيتمي طالما هو لا يتفق مع رأيه. والمسألة الأخرى كذلك التي تثبت خروج الشيخ عثمان عن منهج أهل السنة: إنه كيف يتعامل الشيخ عثمان مع فضائل أهل البيت, فهو يعتمد على الإمام الألباني في تضعيف بعض ما ورد في فضائل أهل البيت كما في كتابه «كشف الجاني», ولكن عندما قال الشيخ عثمان بضعف حديث أم سلمة الوارد في فضل أهل البيت, واعترض عليّ وقال لي: عندما أنا اعترضت عليه لقوله في تضعيف حديث أم سلمة! فقلت له: لقد صحّحه الإمام الألباني وصحّحه غيره من أهل العلم! قال: أصار الحجة عندك هو الألباني؟ وهكذا من يراجع أشرطة وكتابات أخي الشيخ عثمان الخميس سوف يجد أنّه يحتج بالإمام الألباني في تضعيف فضائل أهل البيت, ولكن لا يحتج بالإمام الألباني حينما يصحح «حديث الثقلين» الوارد في سنن الترمذي والذي صححه الإمام الألباني, وإن كنت أنا انتقلت من الاثني عشرية من خلال حديث الثقلين الوارد في صحيح مسلم, فلسنا بحاجة إلى حديث الثقلين الوارد في غير صحيح مسلم.
إذن الألباني يصبح حجة عند أخي الشيخ عثمان عندما يضعف فضائل أهل البيت ويصبح غير حجة عندما يصحح فضائل أهل البيت. هذه هي منهجية الشيخ عثمان, وبالطبع الذي يتعامل بهذا الأسلوب لا بدّ أن يتّهم الآخرين بالكذب, كما أن الشيخ عثمان خرج عن منهج اتباع أهل البيت في كيفية التعامل في الروايات الواردة في فضائل أهل البيت, خرج عن منهج اتباع أهل البيت وعن منهج أهل السنّة في كيفية التعامل مع فضائل أهل البيت, فإنّ أهل السنّة وكذلك أتباع أهل البيت عندما يذكرون الرواية الواردة في فضائل أهل البيت, يذكرون من صحح هذه الرواية ويذكرون من ضعف هذه الرواية من أهل العلم, ولكن الشيخ عثمان في حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ذكر الذين ضعفوا الحديث واعرض عن رأي الذين صححوا الحديث من أهل السنة, فلم يذكر رأي الإمام العسقلاني, ولم يذكر رأي الإمام الشوكاني, ولم يذكر رأى الإمام السيوطي, ولم يذكر رأي الإمام المالكي المغربي الغماري كما في كتابه «فتح الملك العلي في تصحيح حديث باب مدينة العلم علي»!! لأن هؤلاء ذكروا أدلة قوية تثبت أن حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) لا يمكن أن يكون من الأحاديث الضعيفة, بل رأي الإمام الغماري المغربي أنه حديث صحيح, ورأي الإمام العسقلاني أنه حديث حسن, ولكن الشيخ عثمان أعرض عن رأيهم وذكر فقط الرأي الذي يقول بتضعيف الحديث. وهذه ليست من الأمانة العلمية, ومن يلتزم بمثل هذا الأسلوب فمن الطبيعي أن يتهم الآخرين بالكذب. وكما ترون أن ادّعائي أن أخي فضيلة الشيخ عثمان الخميس قد خرج عن منهج أهل السنة الذي اتهمني بالكذب بسببه, وقال: إنه يكذب لأنه يقول عني أنّني خرجت عن منهج أهل السنة! ترون أني أقمت الدليل والبينة على خروجه عن منهج أهل السنة, وكان على الشيخ عثمان أن يطعن في أدلتي وفي البيّنة التي أثبت فيها أنه خرج عن منهج أهل السنة في كيفية التعامل مع روايات فضائل أهل البيت, وأنه يتعامل مع روايات فضائل أهل البيت بطريقة ليست أمينة, بل إنّها في الحقيقة تدل على أن الرجل يتسرع في تضعيف ما جاء في فضائل أهل البيت, ويضعف الحديث إذا كان في فضائل أهل البيت لأدنى سبب من دون أن يتأمّل في كلمات العلماء, وهذا أسلوب غير علمي. كان على الشيخ عثمان الخميس بحكم أنّه ليس عالماً كما قال أكثر من مرة, قال: أنا لست عالماً! كان عليه أن يرجع إلى كلام العلماء! يرجع إلى الإمام الألباني، يرجع إلى العلماء ولا ينبغي له أن يقول: أكثر من مرةٍ, أنا لست عالماً, ثم يأتي ويضعف ويرجح من دون مرجح, وثم بعد ذلك يذكر رأي ويخفي الرأي الآخر, ويوهم قراء كتبه أنّ هذا هو الرأي الأوحد لأهل السنة, ولكن الشيخ عثمان لم يذكر هذه البينة, وترك الطعن في بينتي وأدلتي؛ لأنها قوية, وطعن في صاحب البّينة وصاحب الدعوى. ومن هنا قال: السيد عصام كذاب.. كذاب! وهو يعلم أن القاعدة الأدبية في الحوار تقول: إن كل دعوى تقيم عليها دليل وبينة قوية يتعين الاعتراض على دليل هذه الدعوى, ولا يصح الطعن على صاحب الدعوى, وعلى فرض أن صاحب الدعوى من الكذابين فكذبه لا يعطي المبرر لنا إلى رفض الأدلة القوية التي احتج بها. وكما قلت: إذا جاء شخص كاذب وفتح الشباك في بيتي وقال: إن هذه النار تحترق, ورأيت النار لا يمكن أن أقول: إن هذا كذاب! أعني صاحب الدعوى؛ لأنه أقام الدليل والبينة البرهانية المرئية على دعواه. فأنا لن أناقش وأقول: إنه كاذب!
ومن هنا القرآن قال: (إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا) لم يقل: فاتركوا تبينوا وكان عليه أن يتبيّن من كلامي وأن يبحث, لكن الشيخ عثمان كما قال أكثر من مرة: أنا لا أراجع الأشرطة التابعة للمناظرة بيني وبين عصام العماد, ولا أبالي ولا أعطي من وقتي لهذه المناظرة إلا ليلة الأربعاء! ومن هنا ترون أنّه تراجع في الجلسة الماضية قال: أنا كنت أظن أنه ]عصام] يقول أهل البيت هؤلاء الأربعة فقط, وإنه يقول عبد الله بن عباس ليس من أهل البيت! وحقيقة الأمر أنا أقول زينب من أهل البيت، عبد الله بن عباس من أهل البيت, ولكن ليسوا من المطهّرين، ليس من قرناء القرآن، ليس من الذين قرنهم وجعلهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة النبوية. هذا ما أقول, وتفضلوا معكم المايك حتى أكمّل كلامي وجزاكم الله خيراً.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
طيب تفضل يا شيخ عثمان.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, الشيخ الدكتور عصام يقول عثمان الخميس قطع الشريط! يقول: عبد الله بن عباس من أهل البيت, ولكن من غير المطهرين!
كالعادة نسمعك بصوتك ثم تقول ما كذبت! طيب دكتور هل وعدت في الجلسة الماضية أنّك تتكلم في «آية المباهلة»؟ أرجوا أن تسمعنا أنك وعدت بذلك, جهز الشريط لديك, سمعنا أنّك وعدت أن تتكلم عن «آية المباهلة»! أنا أذكر أنك قلت: ستكمل الحديث عن تشخيص حالتي النفسية وصراعي مع الشيعة في الكويت وغير ذلك, ما قلت أنك تتكلم عن «آية المباهلة»، ومع ذلك سأتكلم عن المباهلة, ما عندي مشكلة.
تقول: ذكر الطعن في جعفر وهو قول شاذ!
دكتور عصام كلامي عن جعفر ـ رضي الله عنه ـ هو كان رداً على أخيك التيجاني لما قال: (قال الأخ منعم أبو حنيفة تتلمذ على يد الإمام جعفر, وفي ذلك يقول الإمام أبو حنيفة: [لولا السنتان لهلك النعمان] وهذا ما قاله عن أبي حنيفة, هذا كلامكم أنتم.
قلت أنا: هذا من أكاذيب الشيعة التي لا تنتهي فأبو حنيفة ليس من تلاميذ جعفر ولا مالك من تلاميذ أبي حنيفة.
ثم قلت: وأما قوله: إن مالكاً أخذ عن أبي حنيفة وقال الأنطاكي: أخذ علم جعفر عن أبي حنيفة! فأقول: إن جعفر بن محمد لم يكن بذلك الثقة عند مالك, بل إن مالكا ما كان يروي عنه حتى يضم إليه غيره! هذا كان رداً على صاحبك وأخيك التيجاني. أما كلامي عن الإمام جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ فإني ترجمت له في الكتاب نفسه في كشف الجاني, ذكرت ترجمة الإمام جعفر, وذكرت ثناء العلماء عليه. فقولك: إني الآن قصدت فقط الطعن فيه! تثير الناس عليَّ هذه هي شنشنةٌ نعرفها من أخزم كما يقولون. وهذا كلامي في جعفر في صفحة (172) عند قول التيجاني: ومما يزيدنا يقيناً أن (الاثني عشر) من أهل البيت لم يتتلمذوا على واحد من علماء الأمة, فرددت عليه, وذكرت من تتلمذ عليه علماء أهل البيت الأئمة الاثني عشر، تتلمذوا على غيرهم ما عدا الثاني عشر؛ لأنه لم يخلق. وذكرت جعفر بن محمد ـ رضي الله عنه ـ وقلت: قال الشافعي: ثقة, وقال ابن معين: ثقة مأمون, وقال أبو حاتم: لا يسأل عن مثله, وقال ابن حبّان: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً يعتد بروايته من غير رواية أولاده عنه, وكان مالك لا يروي عنه حتى يضم إليه غيره, وتكلم فيه يحيى بن سعيد. فهذه ما قرأتها عند الرد على التيجاني! قرأت فقط ما تشتهي يا دكتور عصام, ومع هذا لي شريط يقال له (أهل البيت), وهذا الشريط أيضاً ترجمت فيه لأئمة الشيعة الاثني عشر وذكرت مكانتهم عند أهل السنة والجماعة واحداً واحداً, فلا تحاول أبداً أن تلفق على الناس بأننا لا نحب جعفر الصادق ولا محمد الباقر ولا علي بن الحسين وغيرهم ـ رحمهم الله تبارك وتعالى ورضي عنهم ـ فقد ترجمت في الشريط لجعفر ـ رحمه الله تعالى ـ وذكرت كلام الإمام الذهبي أنه قال: الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني أحد الأعلام, قال أبو حاتم لا يسأل عن مثله.
وترجمت لجميع أهل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاثني عشر الذين تحتج أنت وغيرك لفظلهم, لكن هذا كلامنا نحن في جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ , ولكن بالله عليك ما كلامكم أنتم في جعفر! هل تدري ما قلتم عن جعفر أو أأجله حتى يأتي دوري وأذكر لك ما موقفكم أنتم من جعفر, يا من تدعو حبه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
والآن تقول: ابن حجر الهيتمي إمام أهل السنة.
هذا كان في قولك الإمام النووي أنه إمام أهل السنة في زمانه, والآن صار ابن حجر الهيتمي إمام أهل السنة في زمانه؟ فليس هو من أئمة أهل السنة كما تدعي.
وقلت: احتجيت بالألباني في التضعيف ولا تحتج به إذا صحح فضائل أهل البيت؟
هذا رأيك أنت, أما كون الألباني نأخذ بقوله أحياناً, فالحمد لله نحن لسنا أصحاب هوى, فنحن كل من قال فسقاً رفضناه وكل من أخطأ رددنا قوله, ولا عصمة عندنا إلاّ لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فكل يأخذ من قوله ويترك إلا صاحب القبر وهو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والآن دكتور عصام أعيد وأكرر, لا تضيع وقتنا! اذكر «آية المباهلة», وتدل على ماذا؟ لأنني كما أرى فات من وقتك الآن ثمان وثلاثون دقيقة. وأنت تقول: إنك أكاديمي! الأكاديمي يستغل الوقت فيما يستفيد منه! الآن تكلمت ثمان وثلاثين دقيقة ماذا أفدتنا؟ تفضل تكلم عن «آية المباهلة», وألا تريد لها عشر جلسات أيضاً, تفضل دكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ما ذكره أخي فضيلة الشيخ عثمان ليس صحيحاً, ولكن سأبين ذلك لماذا ليس صحيحاً؟ وهذه إشكالية كذلك لمنهجية الشيخ عثمان. أحيانا كما يقول العلامة الجليل ـ رضوان الله عليه وقدس الله روحه الزكية ـ سعيد حوى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتابه حتى لا نمضي بعيداً عن الزمن، لا أتذكر بالضبط عنوان الكتاب, ولكن أنا قرأت كتابه, فيذكر سعيد حوى ـ رضوان الله عليه ـ عندما هاجمته الوهابية في آخر حياته وتحاملوا عليه واتهموه باتهامات هو بريء منها براءة قوية, وعندي الأدلة على براءته, فيذكر رضوان الله عليه أنه من الأسباب التي جعلتهم يتهموني بها أنهم يأتون بنقطة أنا متفق معهم فيها, ثم يحشدون الأدلة والنصوص التي توهم المستمع إنني لست بمتفق معهم! وهكذا يصنع الشيخ عثمان الخميس الآن معي حيث قال: إنّني أقول عنه انه لا يحب جعفر! أتى بنصوص وقال نحن نحب أهل البيت. هل أنا قلت: إن أهل السنة لا يحبون أهل البيت؟! لم أقل أصلاً! لكن نقطة الخلاف بيننا والقضية التي أخالف فيها الشيخ عثمان هي قضية: هل يجب اتباع أهل البيت أم لا يجب اتباعهم؟ هذه قضية الخلاف!
انظروا فالشيخ عثمان لا يلتفت إلى قضايا الحوار! ومنذ فترة وهو يحشد الأدلة والنصوص والأقوال التي تدل على أنه يحب أهل البيت! طيب إذا لم يحبّ أهل البيت المطهرين فهو كافر, يعني خارج عن الإسلام بإجماع المسلمين! من لم يحب أهل البيت المطهرين, أعني لا غير المطهرين فهو كافر بإجماع المسلمين, سواء من السنة أو من الوهابية أو من الاثني عشرية أو من السلفية. نحن لا نتكلم عن الحب، انظروا إلى كلمة سعيد حوى. يأتي إلى نقطة الاتفاق ويوهم الآخرين بأنها نقطة خلاف! أنا متفق معك بأنك تحب أهل البيت؛ لأن السنة يحبون أهل البيت, لكن أنا أناقشك: هل يجب اتباع أهل البيت أم لا؟ وهذه هي نقطة الخلاف بين الاثني عشرية وأهل السنّة, هل أهل السنّة اتبعوا أهل البيت أم لا؟
يا أخي نحن لا نتناقش في أنه السنة لم يذكروا فضائل أهل البيت ولم يعنون البخاري وأئمة السنّة فضائل أهل البيت. نحن نناقش: هل «حديث الثقلين» يدل على اتباع أهل البيت أم لا؟ عندما يأتي النبي ويقول: (تركت فيكم الثقلين) عندما يأتي أي إنسان عاقل ويقول: ها أنا ذا سأغادر هذه المدينة, بل سوف أغادر الحياة الدنيوية وتركت فيكم الثقلين، سماهم الثقلين ـ لأن كما قال علماء أهل السنة ـ لأن الكون يقوم بالجن والأنس وإلا انتهى الكون, وكذلك الدين يقوم بالقرآن والسنة (الثقل الأول) وبأهل البيت (الثقل الثاني).
يقول: هذا الحديث إن النبي يقول: يوشك أن أدعى عمّا قريب, سوف أغادر الحياة، يوشك أن أغادر هذه الحياة وإني تارك فيكم الثقلين. أتى بصيغة الترك وهي أشد صيغة من الصيغ الأخرى.
نحن نتناقش هل يدل حديث الثقلين على اتباع أهل البيت وناقشتك أكثر من مرة أنه لا تحاورني في قضية حب أهل البيت, فحب أهل البيت لو لم تحب أهل البيت لكنت كافراً بإجماع المسلمين, وأتحدى أي مسلم يقول: إن قضية هذا الحوار والخلاف بيننا مع أهل السنة هي قضية حب أهل البيت. نقطة الخلاف بيننا هي اتباع أهل البيت لا حب أهل البيت, وإمام أهل السنة الإمام ابن تيمية ـ رضوان الله عليه ـ يقول بالحرف الواحد ترك الأئمة الأربعة الإمام علي! ثم يقول في صفحة أخرى تركنا الإمام علي! ويقول بعد ذلك: والإمام علي هو أفضل أهل البيت.
إذن بالله عليك يا شيخ عثمان إذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ترك الأئمة الأربعة الإمام علي, فكيف تزعم أنك تتبع أهل البيت؟ إذا كنتم تركتم أفضل أهل البيت فكيف تدَّعون أنكم اتبعتم جعفر الصادق؟ إذا كان الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «جعفر الصادق», ارجعوا إلى الكتاب مطبوع بطبعات سنية في مصر وبيروت, يقول: وآسفاه لقد استطاعت الدول الأموية أن تفصل بيننا وبين أهل البيت! ويا ترى هل الدولة التي لعنتهم في المنابر أكثر من أربعين سنة؛ اللهم العن: البطين الأصلع الإمام علي بن أبي طالب! تلك الدولة التي قتلت الحسين، هل ستترك أهل السنة يتبعون أهل البيت, وهم يمثلوا جمهور المسلمين ويمثلون المذهب الرسمي للدولة الأموية؟
فإذن يا أخي أنا أناقشك في نقطة معينة, لا تبتعد عن نقطة الخلاف, لا توهم الآخرين وتقول لهم: إننا نحب أهل البيت, وعصام يتهمنا بعدم حب أهل البيت, وبعدم حبّ الإمام جعفر الصادق؟ نحن لا نتناقش في هذه المسألة، لا تظلمني كما ظلمتم سعيد حوى وإن كنت أنا لا أرتقي إلى درجة سعيد حوى ـ رحمه الله ـ فأنا تلميذ من تلاميذ سعيد حوى, وتفضلوا معكم المايك.
أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب تفضلوا شيخ عثمان لكم اللاقط أرجوكم اتركوا الكتابة جزاكم الله خيراً تفضل يا شيخ.
فضيلة الشيخ عثمان:
نعم أنا عندي.. للدكتور الشيخ عصام سؤال: سعيد حوى الذي قال فيه رحمه الله, وقدس الله روحه الزكية, وأنه لا يكون مثله, وأنه تلميذ عند سعيد حوى أين قال هذا الكلام في كتابه «الخمينية شذوذ في العقائد والأفكار» أم في كتاب آخر؟ تفضل دكتور.
فضيلة الدكتور السيد عصام:
عفواً أنت ما تزال على عادتك في هذه المناظرة كل موضوع تحوله إلى خمينية أو إلى الاثني عشرية، ناقشني في هذا الموضوع الذي ذكرته أنت عندما قلت: إن عصام يريد أن يوهم الحاضرين أن أهل السنة لا يحبون أهل البيت، أناقشك بأن نقطة الخلاف هي قضية اتباع أهل البيت لا قضية حب أهل البيت أجبني, أنتم تقولون باتباع أهل البيت أم لا؟
الشيخ عثمان:
طيب أنت تكلمت الليلة أو تحدثت عن «آية المباهلة» تفضل دكتور على ماذا تدل آية المباهلة، هل تدل على اتباعهم حتى نتبعهم؟ تفضل دكتور.
السيد عصام:
هذه مشكلتك يا شيخ عثمان أنك تنظر إلى الروايات الواردة في أهل البيت ـ وهي كثيرة ـ تنظر إليها بالنظرة الجزئية, وهذا خطأ! إننا نريد أن تنظر كيف نتعامل مع السنة النبوية, نتعامل.. نأتي إلى مجموع الآيات والروايات في موضوع أهل البيت, ومن خلال المجموع نصل إلى اتباع أهل البيت لا من خلال آية واحدة.
نحن عندنا مجموعة آيات ومجموعة روايات, أنا لماذا قلت لك آية آية، رواية رواية؟ لأن المجموع الكلي الوارد في أهل البيت آية آية، رواية رواية، عندما نجمع الكل نثبت قضيه اتباع أهل البيت لا أن نأخذ آية واحدة ونريد أن نعرف منها كل مقامات أهل البيت! هذا تعامل غير سليم، تعرف أنت التفسير الموضوعي في القرآن, خطأ أنّك تأتي وتجعل الآية وحدها [أعني: آية المباهلة[ هي المحور! وفي كل موضوع من مواضيع القرآن. لا يمكن لنا أن ندرك أيّ موضوع إلا بجمع كلما ورد في هذا الموضوع.
نحن عندما استدلينا بأن أهل البيت يجب اتباعهم ليس من «آية المباهلة» فحسب، هذه الآية أنا قلت لك من البداية أحد الأدلة، أحد الأدلة التي تدل على فضيلة أهل البيت. وهناك أدلة كثيرة من المجموع الكلي سنصل إلى ذلك, فأنا أسألك الآن لماذا يقول الإمام ابن تيمية: تركنا الإمام علي؟ أجب على هذا السؤال رجاءاً؟
فضيلة الشيخ عثمان:
دكتور عصام جئت بشيء غريب وخطير وكبير, حقيقة فما يقوله بعض علمائكم وخاصّة المعاصرين في هذا القول الذي قلته الا وهو إثبات الإمامة من خلال مجموع الأدلة, ليس هناك دليل قطعي يدل بوحده على إمامة أهل البيت, يفيد الإمامة وحده, بل لا تستطيعون أن تستدلوا على الإمامة إلاّ بمجموع الأدلة. هكذا أنا فهمت وإذا كان فهمي صحيحاً أجب يا دكتور!
سماحة الدكتور السيد عصام:
يا أخي عندما تكثر الشبهات وعندما يأتي التاريخ ويقف ضد أهل البيت.. انظر إلى كتاب «مقاتل الطالبين» لأبي الفرج الأصفهاني الذي كتب مقاتل أهل البيت. فإذا كانت الظروف التاريخية جعلت المذابح الكبرى لأهل البيت المطهرين وغير المطهرين؛ لأن المذابح عمتهم جميعاً؛ فبالله عليك سيكون من الطبيعي أن تكون الشبهات كلها لها تأثيرها على بعض المسلمين. فعندما تكثر الشبهات فمن الطبيعي أنّه لا بدّ أن تحتاج إلى المجموع الكلي من أجل أن نثبت للآخر مقامات أهل البيت! أنا لا يمكن الآن أن أثبت لك وأنت عندك ركامات من الشبهات, كل رأسك مليء بمئات الشبهات ضد مذهب أهل البيت, أنا لا يمكن أن أثبت لك بدليل واحد، ولذلك انظر الأخت الدكتورة المغربية صارت من الاثني عشرية بعد الحوار والمناظرة معك, واستمرت أشهر تسمع المناظرة بيني وبينك, ثم عرفت الحقيقة! أنا نفسي عندما تحولت من الوهابية إلى الاثني عشرية إنما انتقلت عبر مجموعة من الأدلة، لا بدليل واحد, لماذا؟ لا لأنه لا يوجد دليل واحد يدل على كل شيء, ولكن لأنه الشبهات والظروف التاريخية كانت ضد أهل البيت.. الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «جعفر الصادق» يذكر المذابح التي أقيمت لأهل البيت المطهرين وغير المطهرين، ويذكر الحرب والتشويه لسمعة أهل البيت المطهرين وغير المطهرين, حتى أصبح الإنسان يتمنى أن يقال له: يهودي ولا يقال له بأنه جعفري!! مع أن جعفري معناه يتنسب إلى الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. يقال له: يهودي, ولا يقال له جعفري!! هذه التعبئة ضد مذهب أهل البيت منذ العصر الأموي إلى الآن خلقت لنا بعداً كبيراً عن أهل البيت, حتى أصبح المسلم يتحمل أن تقول له: أي كلمة إلا أن تقول له: جعفري, حتى جاء ابن خلدون وقال في مقدمته, وهو مؤرخ كبير من أهل السنة: وشذ أهل البيت في مذاهب ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان!! يا أخي التاريخ هو الذي جعل هنالك صعوبة في إقناع الآخرين بحقانية مذهب أهل البيت. ومن هنا وصفه النبي بالثقل لأن العمل بمذهب أهل البيت ثقيل على النفس, أما الأخذ بأحد المذاهب الأربعة فهو خفيف على النفس, لذلك أنا الآن يعني في الحقيقة استغرفت فترة طويلة حتى أقنعت نفسي واستبصرت, منذ ثلاثة عشر سنه أنا استبصرت والآن فقط أختي الكبرى استبصرت من الأسرة كلها, وأخي وابن أختي، ثلاثة أشخاص!! من الصعوبة إقناع الآخرين بمذهب أهل البيت حيث الركام الهائل والشبهات الكثيرة قد غطت على حقائق هذا المذهب العظيم التي أنت من الأشخاص الذي أنت تسأل يوم القيامة، فأنت من الأشخاص الذين شغلت كل وجودك في بث الشبهات ضد الروايات والآيات الواردة في فضائل أهل البيت؛ من التضعيف للسند، من التشكيك بالدلالة. مثلك ومثل أمثالك يضعون كثير من الشكوك في أيّ رواية جاءت في أهل البيت, من الطبيعي أن أحتاج إلى حوار وأحتاج إلى فترة زمينة طويلة من أجل طرح آية أو رواية في أهل البيت. ومن هنا أنا أريد أن أخصص جلسات كبيرة في آية أو في رواية, حتى أزيل كثير من الشبهات التي وضعتوها حول هذه الآية وهذه الرواية, وإلا الآية واضحة والرواية واضحة, أنتم وضعتم الشكوك حول هذه الآية وحول هذه الرواية وإلا هي: لو تركت بنفسها لكانت واضحة.
أنا أسألك واجب أرجوك عن هذا السؤال: لماذا يقول الإمام ابن تيمية: ترك الأمة الأربعة الإمام علي؟ وإذا كان فعلاً أنت قلت نحن أتباع الإمام علي فكيف تركتم الإمام علي؟ هذا كلام ابن تيمية أجب لو سمحت على هذا السؤال.
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب جزاكم الله خيراً, طيب دكتور أرجوك أن تبتعد قليلاً عن اللاقط حتى يكون الصوت واضحاً إن شاء الله, وأرجو عدم الكتابة الرجاء محمد علي وأحمد البعلبكي عدم التعليق، تفضل يا شيخ عثمان.
سماحة الشيخ عثمان:
دكتور عصام أنت تعتقد على معتقدك أقنع الناس هل هناك نصّ صريح قطعي يكفي في الإمامة أو لا تستطيع أن تثبت الإمامة إلا من مجموع الأدلة هذا ما نريده منك؟ وأن تقول لنا كلام ابن تيمية أين موجود؟
سماحة الدكتور السيد عصام:
عفواً أنت سألتني أنا أجبت عن كل أسألتك, أنت أجب عن هذا السؤال, فقط كلام ابن تيمية في كتابه «منهاج السنة» أجب عن هذا السؤال إذا كان الإمام ابن تيمية يقول: ترك الأئمة الأربعة الإمام علياً ولم يأخذوا بفقه الإمام علي ولا قضاء الإمام علي فكيف تدعي أنكم تتبعون الإمام جعفر الصادق إذا تركتم الإمام علي أفضل أهل البيت؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
دكتور عصام أذكر الجزء والطبعة والصفحة, ثم أجب عن سؤالي كذلك هل يوجد عندكم دليل واحد صريح أم هذا الذي قلته مجموع الأدلة؟ تفضل.