• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المناظرة الحادية عشر


سماحة الشيخ مصطفى الطائي:
بسم الله الرحمن الرحيم المناظرة الحادية عشر والتي جرت في غرفة الشيخ عثمان الخميس.
سماحة الشيخ عثمان الخميس:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيد الورى وعلى آله وصحبه, ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.
أما بعد؛ حياكم الله تعالى جميعاً في هذه الغرفة, وأسال الله تبارك وتعالى أن يشكر فعلكم وأن يوفقنا وإياكم جميعاً إلى معرفة الحق ومن ثم اتباعه, وأن نقول جميعاً في بداية هذا اللقاء: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, والكلمة للدكتور الشيخ عصام العماد وتفضل.
الأخ طالب حق وهو سماحة الشيخ مرتضى الطائـي غرفة الحق من طرف الاثني عشرية:
عفواً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد.
عفواً المسألة فنية فقط حتى نتقنها لكـي يبدأ سماحة الدكتور السيد عصام إن شاء الله بإذن الله, وهي فقط سؤال إلى الشيخ عثمان: شيخنا باعتبار أنّ الفرصة التـي أعطيناكم إياها أن تكون المناظرة في غرفتكم الخاصّة, أنتم شيخ عثمان في غرفة الشيخ عثمان, وليس في غرفة يعتبر الشيخ عثمان ضيف فيها, كما إننا ضيوف فيها, فهل هذه الغرفة التي نحن فيها هي غرفة الشيخ عثمان الخميس أم غرفة يعتبر الشيخ عثمان مجرد ضيف فيها؟ وهذه المسألة تخصنا وتهمنا, وبلغنا الأخوة إن شاء الله للأغراض التي من أجلها نهتم بهذا الجانب وبهذه المسألة, فالسؤال هو: هل هذه الغرفة هي غرفة الشيخ عثمان الخميس أم غرفة الشيخ عثمان ضيف فيها؟ أجبنا عن هذا السؤال جزاك الله خيراً يا شيخ عثمان تفضل.
سماحة الشيخ عثمان:
هذه الغرفة لي ولكن كوني أنا بالنسبة لتواجدي فيها قليل جداً يكاد يكون كل أربعاء, لذلك الشباب يساعدون فقط في إدارتها, أما الغرفة هي باسمي وهي تغلق إذا أردت, إلا إذا طلبتم أنها تغلق أغلقها, وإلا الأصل إنها غرفتي.
سماحة السيد طلال غرفة الحق من طرف الاثني عشرية:
طيب جزاكم الله خيراً أخي العزيز الشيخ عثمان الخميس على هذا التوضيح وعلى بركة الله إن شاء الله نبدأ, يتفضل سماحة الدكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي, وأفوض أمري إلى الله إنّ الله بصير بالعباد.
أتقدّم بداية بالشكر لجميع القائمين على غرفة الشيخ عثمان الخميس، وأرى من الضروري ومن الواجب الشرعي قبل أن نبدأ بهذه المناظرة أن أشير إشارة سريعة إلى ما تصنعه أمريكا في البلاد الإسلامية في العالم, من تقتيل وتشريد, أو مصادرة أموال, فقد قتلت أمريكا زبدة الشباب المؤمن الذين هاجروا للجهاد في سبيل الله, وتركوا أموالهم وتركوا كل ما لديهم من أجل رفع راية الإسلام, وقتلت أمريكا خيرة الشباب في فلسطين, ولم تبق دولة من دول العالم إلا وقد تعرض شبابها المؤمنون الصادقون الأتقياء الذين هم خيرة الشاب المؤمن, والذين تركوا كل ما يتعلق بشؤون الدنيا, وهاجروا إلى الله. وكل هذا القتل وإبادة الشباب المسلم يتم تحت عنوان محاربة الإرهاب.
يا أخوان أمريكا تريد إسلاماً خاصاً, إسلام على الطريقة الأمريكية، تريد إسلام يخضع لمصالحها الخاصّة، لكنها وجدت أنها لن تستطيع إيجاد إسلام أمريكي إلا إذا قتلت خلّص المؤمنين المجاهدين في جميع أنحاء العالم الإسلامي, ومن الدول العربية بالذات, ومن هنا قتلت البعض ووضعت البعض في السجون الأمريكية أو السجون الإسرائيلية.
إن أمريكا تريد القضاء على كل شاب مؤمن ومسلم ومجاهد سواء كان وهابياً أو سنياً أو اثني عشرياً.
ومن هنا أرى أن من واجبنا الشرعي أن نتحاور من أجل التقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية؛ لأن أمريكا عندما تقتل أخانا المجاهد المسلم الوهابي إنما تقتله لأنه مسلم لا لأنه وهابي, وهكذا عندما تقتل أخانا المجاهد المؤمن الاثني عشري في لبنان إنما تقتله لأنه مسلم, لا لأنه من الاثني عشرية, فنحن جميعاً مسلمون، مسلمون وهابيون أو مسلمون سنيون أم مسلمون اثنا عشريون ونسأل الله أن يوفق الجميع وجزاكم الله خيراً.
أحمد البعلبكي من طرف الاثني عشرية:
طيب تفضل يا شيخ عثمان لك المايك.
سماحة‌ الشيخ عبد الرحمن الدمشقية من طرف الوهابية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, طيب حياكم الله يا أخوان ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه المناظرة فيها مزيد من بيان الحق, من يبدأ الآن؟ نعتقد الشيخ عثمان أول.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أعيد وأكرر حياكم الله تبارك وتعالى, وقد ذكرت عدّة مرات في جلسات سابقة وهو إنني ذكرت بعض الأمور التي طلبت من الشيخ الدكتور عصام أن يجيبنـي عليها, سميتها كذباً وسماها هو غير ذلك, وطلبت منه أن يجيب عليها وما سمعت إجابةً, وهو قد وعد بالإجابة وإن شاء الله تعالى يجيب, لذلك أنا لن أكررها لأنه زعل وغضب دكتور عصام لأني أظهرتها, فأنا لن أذكرها في هذه الليلة، ولكن لا ننساها أيضاً ستذكر في جلسات قادمة إذا لم يجب عنها.
في الجلسة السابقة أنا طلبت من الشيخ الدكتور عصام أن يتكلم أيضاً عن الأدلة التي تدل على خلافة علي قبل خلافة عمر وعثمان, وعلى إمامته وعصمته, ولكن فوجئت من عصام من أنه حلل شخصيتي وهو يتكلم في أشياء أنا ما رأيت فيها شيء من الفائدة؛ ولذلك كلمت الدكتور أنا كما وعدت وقلت له في بداية المناظرات إني أريد أن أسمع كلاماُ مفيداً وإلا سأتكلم بما أراه أنه مفيد, وتكلمت المرة الأولى لما سمعت قريب من هذا الكلام عن «حديث الاثني عشر» فلم أسمع رده إلى الآن، لأن عصام كما قال يرى أنه ليس هذا وقته, وهو متى أراد طرحه ولا مانع, ثم مرت الجلسة السابقة حيث قال عصام أنه سيكمل حديثه عني, فأنا إن شاء الله تعالى على طريقتي وهي اني سأفتح الكلام عن «حديث الثقلين»، وإن شاء حديثاً غيره سأتحدث فيه أيضاً وإلا فليتكلم د. عصام بما يراه مناسباً. تفضل د. عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا وعدت في الجلسة الماضية إني سأتحدث عن نقطتين: النقطة الأولى سأتحدث عن «آية المباهلة», وأنا اخترت «آية المباهلة», كما قلت لأنها نقطة تكامل مع «حديث الكساء», وتختص بأهل الكساء.
وقلت سأتكلم كذلك عن نقطة أخرى وهي ما أشار إليه الشيخ عثمان الخميس في بداية هذه الجلسة وهو سماها كذباً واتّهمني بسببها بالكذب، وأنا سأناقش هذه الأمور مناقشة علمية, سأبين للشيخ أنه ليس كذباً ولكن كما وعدت في الجلسة الماضية, إنني سأبدأ في البداية أتحدث مقدمة بسيطة عن «آية المباهلة», التي سأجعلها حديثي في الجلسة القادمة كذلك, وأنبه كل الحاضرين بأهمية يوم المباهلة, وأهمية «آية المباهلة» ـ والجميع يعرف كما ورد في صحاح أهل السنة (الصحاح الستة), عفواً بتعبير علمي صحيح (الكتب الستة) لا الصحاح الستة ـ إن «آية المباهلة» ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخمسة أهل الكساء, وهم الرسول الأكرم والإمام علي والحسن والحسين وفاطمة, وسأذكر الرواية الموجودة في صحيح مسلم, لأنني أرى للأسف إن بعض المسلمين لا يدركون أهمية هذا اليوم, وهو يوم المباهلة حتى أن بعض المسلمين لا يعرفون عن يوم المباهلة شيئاً, مع أن يوم المباهلة يعتبر من أعظم أيام الإسلام, ولكنني آسف إن كثيراً من المسلمين يمرون على يوم المباهلة, وعلى «آية المباهلة» مروراً عابراً, ومن هنا فالواجب على كل من يعرف عظمة يوم المباهلة, وعظمة «آية المباهلة» أن يذكر للناس عظمة هذا اليوم المبارك, ويشرح للمسلمين ماذا حدث في يوم المباهلة، وما هي علاقة هذا اليوم بالخمسة أهل الكساء الذين اصطفاهم الله وطهرهم وجعلهم قرناء القرآن، ويبين للناس ذلك اليوم, وأهمية ذلك اليوم وقصة ماذا حدث في ذلك اليوم. نحن نحتاج أن نحيي الأيام القرآنية التي تحدثت عنها الإرادة الإلهية في القرآن لأن هذا اليوم هو يوم من أيام الله. ومن هنا جاء في كتاب الله لاسيما وإننا نعيش في هذه الأيام صراعاً شديداً مع أناس يزعمون أنهم أتباع المسيح, والمسيح منهم براء. وحين نعود إلى المباهلة ونتحدث عن علاقة «آية المباهلة» بالخمسة أهل الكساء المطهرين سوف نجد الصراع النبوي مع أناس كانوا يزعمون أيضاً أنّهم أتباع المسيح, ومن ثم فالعودة إلى يوم المباهلة لا غنى فيه, لأننا ما زلنا نعاني من مشكلة الصراع بين الإسلام وبين المسيحية, أو الناس الذين يزعمون أنّهم أتباع السيد المسيح عليه السلام. ونريد في هذا اليوم أن نبحث في آية قرآنية كريمة ترتبط بيوم المباهلة وهي «آية المباهلة», ولقد كانت «آية المباهلة» ولا تزال موضوعاً للأخذ والعطاء بين المسلمين وبين جميع علماء التفسير من الاثني عشرية ومن الوهابية ومن أهل السنة ومن السلفية. و«آية المباهلة» هي من الآيات التي لها وضع كبير في فجر التاريخ الإسلامي في العهد المدني, ولأهمية هذه الآية وأهمية الحدث الذي اقترن «بآية المباهلة» نجد أن علماء الإسلام من الوهابيين ومن السلفيين ومن الاثني عشريين كما قلت ومن أهل السنة كانوا ولا زالوا يكتبون بحوثاً مطولة عن هذه الآية, حتى خرجت كتب تتحدث عن «آية المباهلة» وعلاقة هذه الآية بأهل الكساء, النبي, والإمام علي وفاطمة والحسن والحسين ـ رضوان الله عليهم ـ.
وأرى أن يكون الحوار بيني وبين الشيخ عثمان سبباً لإحياء قصة المباهلة, ولإحياء أهل الكساء الذين كانوا هم الوفد الذين انتخبهم النبي أو انتخبتهم الذات الإلهية من أجل أن يباهل بهم, وحتى ننتقل من هذا العصر إلى عصر النبي يجب أن نعيش أجواء المباهلة، أجواء قصة المباهلة, حتى تكون الآية وفهم الآية وإدراك الآية يكون مفهوماً لدينا لأنه لا يمكن للإنسان أن يعيش وأن يفهم أي آية في القرآن ما لم ينتقل إلى الأجواء التي نزلت فيها, ويتخيل بنفسه كأنّها نزلت هذا اليوم ليعيش أجواء الآية.
ويجب أن لا يعيش أجواء المذهبية والصراع المذهبي أثناء بحثه عن آية المباهلة. هذه القصة بعد أن أصبحت جزءاً من كتاب الله الخالد لذلك فضرورة الحوار في «آية المباهلة» وهي آية واحدة من القرآن الكريم من بين الآيات التي تتحدث عن أهل الكساء. ونحن نجد في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية مجالات كثيرة للحديث عن هؤلاء المطهرين الذين قرنهم الله في «حديث الثقلين» بالكتاب, وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين, ونجد مجالات أخرى لفضائل هؤلاء (الخمسة), ونجد الحديث عن هؤلاء (الأربعة) بتعبير أصح, ونجد حديثاً آخر وناحية أخرى من نواحي فضائل هؤلاء (الأربعة).
وهذه هي «آية المباهلة» في سورة آل عمران المباركة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) آية (61) آل عمران.
هذه هي الآية العظيمة, ولكن قبل أن نبحث عن هذه الآية لا بدّ أن ننتقل إلى الأجواء التي نزلت فيها ونبتعد عن أجواء المناظرة, نبتعد عن أجواء الخلاف اللفظي في هذه الآية, أو أجواء التعصب المذهبي, يجب أن ننتقل إلى جو المباهلة, إلى قصة المباهلة، إلى حدث المباهلة، والأجواء التي نزلت فيها الآية سوف تجعلنا نخرج من أجواء المناظرة وما فيها أحياناً من مخاصمة, وننتقل إلى أجواء البحث العلمي والموضوعي, يجب أن نعيش الآية وكأنّ الآية نزلت في يومنا هذا, في هذه الجلسة, في هذه المناظرة, في هذه الساعة, في هذا التاريخ.
فتح رسول الله (ص) مكة فبهت عبدة الأصنام وهالهم أمر رسول الله، واضطرب النصارى في نجران بعد أن بلغهم أنّ النبي فتح مكة, وانخلعت قلوب القساوسة الذين يسكنون في نجران وهالهم انتشار الإسلام, وبينما هم في الحيرة إذ ورد عليهم كتاب رسول الله يدعوهم للإسلام أو إعطاء الجزية أو الحرب! ولقد عظم هذا الموقف على رؤساء نجران، هذا التحدي من النبي، فعقدوا مؤتمراً يبحثون فيما يجب عليهم أن يصنعوه؛ لأن عوامل الخطر أصبحت محيطة بنجران بصورة‌ خاصة وبالنصرانية بصورة عامة, وخاصةً بعد سقوط مكة وبعد أن حررها النبي من براثن الشرك, ولما فتح النبي ‌(ص) مكة وانقادت له العرب, وأرسل رسله, ودعاته إلى الإسلام, وكأنه الآن أرسلهم, وكاتب الملكين؛ كسرى وقيصر يدعوهما إلى الإسلام أو الإقرار بالجزية، أو الحرب. وكان من الطبيعي أن تثور ثائرة نصارى أهل نجران وأن تمتلئ قلوبهم رهباً لرسول الله, لاسيما بعد أن وفدت عليهم رسل رسول الله وهم: عتبة وعبد الله وغيرهم من أولئك الذين بعثهم النبي ‌(ص). وكان في كتاب النبي إلى أهل نجران (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آية 64 آل عمران.
إن هذه الرسائل جعلت أساقفة نجران يعيشون حالة الذعر الشديد, وهزّت هذه الرسائل النبوية أهل نجران هزاً عنيفاً.
و يكفي أن تقرأ آيات الحوار في القرآن بين الإسلام والمسيحية المحرفة المزورة لندرك الحوار الطويل بين المسيحية والإسلام. وأنا أذكر هذه لأنها مقدمة ضرورية لمعرفة «آية المباهلة», وأهمية «آية المباهلة», ومعرفة الاجواء الخطيرة التي نزلت فيها وارتباطها بأهل الكساء. وعندما نواجه ذلك الحوار من خلال القرآن سوف نجد أنّ القرآن كان يخاطبهم بالمنطق العقلي العلمي الموضوعي, في حين كانت مواجهة الذين قالوا: إننا نصارى! كانت غير عقلانية وغير علمية, لاسيما أن أهل نجران كانوا سيتخذون الهجرة ليأمنوا من هذا الدين الجديد الذي خافوا منه؛ لأنه سيسلب من أساقفة نجران مناصبهم الكبرى, ومكانتهم التي اكتسبوها بما لديهم من شرف ومن وجاهة عند ملوك النصرانية جميعاً, في الروم والحبشة وغيرهما من مناطق العالم.
ولا بدّ لنا يا أخواني الحاضرين أن ندرس خلفيات ومعطيات يوم المباهلة؛ لأن الكثير من المسلمين لا يدركون هذا اليوم, ويمرون بـ «آية المباهلة» المرتبطة ارتباطاً كاملاً بأهل الكساء, الذين طهرهم الله, والذين قرنهم بالقرآن والسنة في «حديث الثقلين» الوارد في مسلم.. يمرون عليها مروراً عابراً. وبسبب هذا المرور السريع نجدهم لا يلتفتون لما في «آية المباهلة» من حقائق هامة وخطيرة متعلقة بأهل البيت النبوي (الأربعة) الذين هم أصحاب الكساء. ومن هنا لا بدّ قبل أن نبدأ ببيان ما في «آية المباهلة» من فضل ومن إشادة بأهل الكساء لا بدّ لنا أن نعيش أجواء «يوم المباهلة»؛ لأنه كما قلت: لا يمكن أن ندرك عمق «آية المباهلة» إلاّ إذا درسنا خلفيات ومعطيات يوم المباهلة.
ونواصل بحثنا عن قصة المباهلة قبل أن نبدأ بالبحث عن «آية المباهلة».
أخواني: نحن من خلال قراءة القرآن حول بعض المسيحيين نستيقن أنه كان في هؤلاء الأساقفة من هو مؤمن برسالة محمد ‌ـ صلى الله عليه وآله ـ ومصدق بدعوته, لكنهم كانوا يخشون أن يفقدوا مكانتهم إذا أعلنوا إسلامهم.
وحين لم ينفع معهم المنطق والبرهان والحجج القوية القرآنية المذكورة في هذا المصحف, من هنا طلب النبي ‌ـ صلى الله عليه وآله ـ منهم المباهلة, وذلك بعد أن لم يقتنعوا بالبراهين القرآنية القوية, كما يظهر من آيات المباهلة أن النبي هو الذي طالب المباهلة وهو الذي طالب الملاعنة؛ لا أن النصارى (نصارى نجران) هم الذين طالبوا المباهلة. وهكذا نجد بأن الروايات تبين أيضاً أن الذي طلب المباهلة هو رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لا أساقفة نجران, أي أن هذا الطلب هو طلبٌ نبوي, وأنا أريد أن أقول: الذي طلب الأمر هو رسول الله, من أجل أن يُعرف ما دام أن النبي قد حدد يوم المباهلة, وما دام أنّه قد طلب المباهلة فهذا أمر لمن رجع إلى آية المباهلة؛ أمر من السماء، قل يا محمد: تعالوا، قل.. أمر من السماء.
إذن فالوفد الذي سيباهل به النبي وهم أهل الكساء (الأربعة) سيكون كذلك اختارتهم السماء, هذا ما أريد أن أصل إليه، هذه النتيجة التي أريد أن أصل إليها. كان النبي يريد أن يبيّن لهم أنّ عيسى كان مخلوقاً وعبداً لله, وكان مكوناً من لحم ودم وعظم وعصب, ليس في الإسلام إلوهية لأحد, كل موجود إن كان إماماً أو كان نبياً هو مكون من لحم ومن عظم, وهو مخلوق, عبد حقير, أمام الذات الإلهية، كان معصوماً نبياً أو إماماً أو كان من كان هو حقير أمام الذات الإلهية، يأكل الطعام ويظمأ. وكان نصارى نجران يحتجون بحجج واهية؛ أن أحداً مثل عيسى جاء من دون أب ولكن القرآن أجابهم بحجة قوية عقلية ومنطقية، هذا آدم أعجب من عيسى، ولد من غير أب ولا أم. (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون).
وحين يرفض أهل الباطل الحق كان على النبي أن يلجأ إلى المباهلة لأن المباهلة هي الطريق الأخير عندما لا يرتضي الباطل أن يستسلم للبرهان. وكأنَّ النبي يقول لنصارى نجران هيا بنا ننظر أيّنا أولى بالحق! من يدعي الإلوهية لعيسى وهو بشر, وكل موجود من غير الذات الإلهية من المخلوقات البشرية هو لحم وهو عظم, ليس له أيّ قيمة إلا من عطاء الله, وليس له أيّ وجود إلاّ ووجوده مستمد من الذات الإلهية، وليس له أيّ علم إلا وهو مستمد من الذات الإلهية! لو غابت الذات الإلهية عنه لحظة لتحول إلى عدم, كان من كان، كان نبياً، كان إماماً، كان معصوماً أو كان غير معصوم.. وهذه هي عقيدتنا في النبي وأهل بيته, لا نشك في أنّهم بشر وعبيد حقراء أمام الذات الإلهية.
كان النبي يريد أن يبيّن بشرية عيسى، فالنبي بعد أن عجزت عن إقناعهم تلك الأدلة التي ذكرناها أمره الله أن يلجأ إلى المباهلة, وأن تكون هنالك اللعنة على الكاذب إن كان محمد (حاشاه) أو كان النصارى الذين يدعون إلوهية عيسى. ومن هنا سارع الوحي إليه ونزل عليه قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم …) الآية. وكان الناس ينظرون بشغف بمن سيباهل النبي، أبكافة أتباعه من أصحابة أم بأهل المكانة من أصحابه أم بأقرب الناس إليه؛ بعمه العباس وهو كبير الأسرة النبوية أم أنه سوف يباهل بأهل الكساء المطهرين (الأربعة)، (الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين)؟ لأن دائرة الطهر هي التي يجب أن تقف أمام دائرة الرّجس والشرك, من أهمّ مصاديق الرجس, ومن هنا نجد أن دائرة الطهر بعد النبي هي التي وقفت أمام مخطط دائرة الرجس من بني أمية, وبالفعل كان أهل الكساء هم أهل مباهلة النبي مع النصارى؛ لأن أهل الكساء هم الذين اصطفاهم الله من بين بقية أهل البيت وهم قرناء القرآن في «حديث الثقلين» الوارد في صحيح مسلم, وهم قدوة لكل أهل البيت من غير المطهرين, ولكل أتباع النبي يجب على المؤمنين الاقتداء بهم؛ لأنهم الثقل الثاني من بعد الثقل الأول الذي يمثل القرآن والسنّة.
ومن هنا اختارهم الله من بين سائر المؤمنين.. اختارهم للمباهلة مع النصارى, ولم تكن مفاجئة للمؤمنين حينما شاهدوا رسول الله (ص) يختار أهل الكساء للمباهلة والمفاصلة مع النصارى؛ لأنهم يعرفون اهتمام النبي الأعظم بأهل الكساء, عندما اختار النبي علي وفاطمة والحسن والحسين من أجل لحظه خطيرة ومهمة في فجر الإسلام؛ لأنها اللحظة الفاصلة التي تحسم بين مبدأين؛ مبدأ التوحيد ومبدأ الشرك. مبدأ من يدعي الإلوهية لغير الله ومبدأ من يثبت التوحيد بالأدلة والبرهان. وأتي النبي بأهل الكساء, في هذا الموقف الحاسم والخطير موقف مشهود ليظل مصبوغاً ومثبتاً في رؤوس البشرية جميعها, من أجل أن يبيّن المكانة العظيمة لأهل الكساء؛ لأنه لا يمكن أن تلغي هذا اليوم من التاريخ ومن تاريخ المسلمين, لقد تلمَّس الناس ما هي الوجوه التي سيخرج بها النبي من أجل المباهلة مع النصارى؛ لأنهم يعرفون أنه يوم محسوم؛ لأن الناس عرفوا أن هذه المباهلة نقطة هامة في تاريخ الأنبياء جميعاً.
نقطة تبين هل الحق مع الموحدين أو مع المشركين.
وبعد لم يكن عجباً إذا اهتم جميع علماء الإسلام في ذكر يوم المباهلة وفي ذكر من اختاره النبي ليوم المباهلة.
من هنا كان سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ يتمنى أن تكون له هذه الفضيلة العظيمة, أي أن يكون كالإمام علي الذي اختير في يوم المباهلة, وكان عم النبي العباس يتمنى أن يباهل به النبي لاسيما أنه كبير أهل البيت, وهو أقرب إلى النبي من علي, ولكن القضيّة لا ترتبط بالأقرب ولا بالأكبر ومن هنا كانت هذه الآية من أهم الدلائل على مكانة أهل الكساء (علي وفاطمة والحسن والحسين), وليس عجباً إذا كان اختيار الله لهؤلاء (الأربعة) في المباهلة والمفاصلة والملاعنة بين التوحيد وبين الشرك يصبح هذا الاختيار يردد في كل كتب الحديث أراد الله أن يجعله حجة وبرهان لكل من أراد أن ينسي مقام هؤلاء (الخمسة), ومقام الثقل الثاني بعد الثقل الأول المتمثل بالقرآن والسنة.
لقد آمن بهذا اليوم كما آمن بهذا الوفد الذي اختاره النبي من أجل المباهلة أهل السنة والوهابية والاثنا عشرية والسلفية, وقد كان المؤمنون كثيرون الذين دونوا هذه الحادثة المهمة وذكروا أنّها كانت في السنة العاشرة, ولكن الله اختار في هذا اليوم على الرغم أنّه كان في السنة العاشرة, وكان عدد المؤمنين كثيراً في هذه السنة؛ كان فيهم المهاجرون وفيهم الأنصار, لكن الله اختار من بين جميع المؤمنين أختار (الأربعة) أهل الكساء, وكان الناس يحسبون أنه لا يمكن أن يترك العباس؛ لأنه الأقرب والأكبر في أهل البيت, ولأن عادة العرب في المباهلة أن تختار الأقرب والأكبر, ولكن النبي اختار للمباهلة المطهرين من أهل بيته, ورفض أن يباهل بعمه؛ لأنه لم يكن من المطهّرين, حتى يبيّن للناس أنه يجب التمييز بين دائرة المطهّرين من أهل بيته وبين دائرة غير المطهرين من أهل بيته.
كانت صورة الموقف العظيم يوم المباهلة تغرس في نفس أصحاب النبي المكانة العظيمة لأهل الكساء الأربعة فإن الرسالة السماوية اختارت لأجل هذا اليوم العظيم هؤلاء (الأربعة), لقد كان جميع المؤمنين يرغبون أن يختارهم الله لهذا اليوم, لعلمهم بأن هذا اختيار سماوي, وفجأة يرون النبي يأخذ معه ابن عمه علي بن أبي طالب, وزوجة علي بن أبي طالب, وابني علي بن أبي طالب (الحسن والحسين), فقال الناس: كيف أخذ ابن عمه وترك عمه؟!! وتمنى سعد بن أبي وقاص ـ كما قلت ـ أن يحصل على هذه الفضيلة كما ذكر ذلك في كتب أهل السنة, وتمنى العباس أن يأخده النبي معه, ولا شك بأنّ هذه الفضيلة, ما هي إلا حلقة من حلقات فضائل الإمام علي وفضائل أهل الكساء! ولكن الذي يميز هذه الفضيلة أن النبي قررها في حدثٍ خطير, يحمل معالم الإنذار لغضب الذات الإلهية من الذين ادعوا الإلوهية للمسيح‌ عليه السلام.
وكان الناس يتساءلون ليل نهار: من سيباهل به النبي؟ يا ترى؟ أيخرج النبي ومعه جميع أصحابه؟ أترى يخرج إلى المباهلة ومعه جميع نساؤه؟ أترى يخرج إلى المباهلة ومعه جميع أهل بيته من دائرة المطهرين ومن دائرة غير المطهرين؟ أم أنّ النبي يختار أبا بكر وعمر وعثمان؟ أم أنّ النبي سيختار لهذا اليوم العظيم عائشة وحفصة وأم سلمه؟ أصبح الناس يلتفتون يميناً وشمالاً ينظرون إلى «آية المباهلة» ويقولون: يجب أن نقرأ الآية حتى نعرف من يختار النبي للمباهلة. إنّ الآية تبيّن أنه سيدعو نفسه، فمن هو القائم مقام نفسه حتى يأتي، هل نفسه هو ذاته أم أن نفسه غيره حتى يدعوه للمباهلة؟ ومن هم أبناؤه الذين وردوا في «آية المباهلة» والذين سيدعوهم النبي للمباهلة؟ ومَنْ مِنْ النساء سيأتي بها, هل سيأتي بالسيدة عائشة؟ ومن هن اللاتي سيدعين للمباهلة؟ من هؤلاء الذين تعنيهم «آية المباهلة» الكريمة؟
ربما حسب البعض أنّ الذين سيختارون للمباهلة هم حذيفة وسلمان وعمار وأبا ذر؛ لأنهم من خلّص أصحاب النبي. والبعض يعود فيقرأ «آية المباهلة» التي أشار الله سبحانه وتعالى إلى أعضاء الوفد العظيم المصطفى في أبلغ وأسمى ما تعرفه البلاغة من أسلوب وأن «آية المباهلة» قد رسمت المنهج الأمثل للمتخاصمين في الله, ولكن يا ترى من هم الأبناء الذين يدعوهم رسول الله؟
يا ترى من هن النساء اللاتي يدعوهن رسول الله للمباهلة في هذا اليوم العظيم؟
يا ترى من هي الأنفس التي سيدعوها للمباهلة لأجل هذا اليوم العظيم؟
لكن الصحابة يعلمون أن الغرض من هذه المباهلة هو توطيد دعامة الحق وإثبات التوحيد. ومن هنا فالكل يعلم أن مسألة الاختيار لهذا اليوم هو مقياس سماوى، اختيار سماوى.. وإن الوفد الذي سيباهل به النبي في هذا اليوم العظيم إنّما يكون بحسب فضل الأشخاص الذين يقع عليهم الاختيار, وعلى مدى تمتعهم بالفضيلة والتقوى يقع عليهم الاختيار, ورسول الله‌ ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يختار إلاّ من يختاره الله. ومن هنا الذي أمره بالمباهلة هو الله, والذي سيختارهم للمباهلة هو الله. ومن هنا اختار النبي المطهرين من أهل البيت الذين اختارهم الله ووقع اختياره على الإمام علي من الأنفس, وعلى اختيار فاطمة من النساء, وعلى اختيار الحسن والحسين من الأبناء.
والإنسان المتأمل في هذه الآية لا بدّ أن يعرف لماذا اختار الله للمباهلة هؤلاء الأربعة؟ لماذا اختار ابن عمه علي وترك عمه العباس؟ أليس في ذلك دلالة على الفرق بين دائرة المطهرين من أهل البيت وبين دائرة غير المطهرين من أهل البيت؟ لماذا اختار الإمام علي وهو شاب فتىً اختاره وجعله يقوم مقام نفسه, ثم يترك العباس وهو شيخ كبير؟ ثم لماذا ترك عائشة مع أن الآية تقول نساءه يأتي بنساءه وترك حفصة وترك أم سلمة وترك جميع نساء المهاجرين والأنصار, ثم اختار من بين جميع نساء‌ المؤمنين فاطمة؟ ثم لماذا يترك النبي جميع أبناء عمه ويترك جميع أبناء بني هشام وجميع أبناء أهل بيته وجميع أبناء الأنصار والمهاجرين, ثم يختار طفلين صغيرين الحسن والحسين ليباهل بهم في هذا اليوم العظيم؟
لا يمكن أن نجد أيّ جواب سديد لهذه التساؤلات إلاّ إذا علمنا أن هؤلاء الأربعة هم المنتخبون؛ وهم الثقل الثاني, وإلا إذا قرأنا «حديث الثقلين» الوارد في مسلم قراءة جديدة لنعرف أنّ مقام هؤلاء ليس بالمقام الهين؛ لأنهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة النبوية, وسمّاهم النبي الثقلين؛ لأن ما عداهما خفيف, ما عدا القرآن والسنة وأهل البيت المطهرين خفيف, ما عدا هذه الثلاث خفيف.. النبي حدد أهل البيت المطهرين حدّدهم في يوم المباهلة؛ اللّهم هؤلاء أهل بيتي بعد أن حان وقت المباهلة جمع الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي], لماذا؟ بالله عليكم هل أحد يأتي بابنته ويقول هذه من أهل بيتي؟! هذه مسألة واضحة أن البنت هي من أهل بيت الشخص! لكن النبي يريد أن يقول شيئاً، وهو: إن هؤلاء هم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة, حتى لا يأتي أحد ويحرف الدين ويتلاعب في الدين باسم أهل البيت. أراد أن يبيّن من هم المطهرون ويفصل بين دائرة المطهرين من أهل البيت وغير المطهرين, وحتى يتضح الأمر.
حسبنا جميعاً أن نرجع إلى البخاري ومسلم والأمهات (الستة) فإن الأمهات (الستة) حفظت لنا، كثير من الروايات في فضل هؤلاء (الأربعة) أهل الكساء، أهل المباهلة, وحين نطّلع علي فضائلهم سوف نعرف السر الذي جعل الذات الإلهية تختارهم لهذا اليوم العظيم.
نعم إن الله اختار علياً وفاطمة والحسن والحسين من أجل أن يباهل بهم في موقف حاسم؛ لأنه يعلم أنه سوف يأتي من يخلط بين دائرة المطهرين ودائرة غير المطهرين, ويعلم (ص) أنّه سيأتي أناس وينكرون هذه المقام العظيم لهؤلاء, اختارهم ليؤمنوا على دعاء رسول الله (ص) ويعلم أن دائرة الرّجس من بني أمية سوف تجعل مجموعة من المسلمين تنسي هذا المقام العظيم لهؤلاء المطهّرين؛ لأنه لا يمكن أن يتوقف الصراع بين دائرة الرّجس ودائرة الطهر. ولم يكن الاختيار من رسول الله أبداً, بل كان الاختيار من الذات الإلهية التي طهرت هؤلاء, وهي التي أمرت النبي أن يباهل بهؤلاء المطهرين. أخواني هذه مجرد فقط مقدمة عن «آية المباهلة», وسوف استمر في البحث عنها في الجلسة القادمة, وبعد أن أستمع إلى الشيخ عثمان وما يريد أن يقول, سوف أبدأ بذكر قضية اتهامات الشيخ عثمان كما وعدت في بداية الجلسة الماضية, ثم سوف أأتي بالدلالات التي تدل علي فضيلة هؤلاء, وأذكر أقوال أهل السنة وأقوال علماء غير أهل السنة في أن هؤلاء هم المطهرين. ومشكلة الشيخ عثمان الخميس أنّه إلى الآن لم يميز بين المطهّرين من أهل البيت الذين قرنهم الله بالقرآن والسنة وبين غير المطهّرين. وعندما أنا أقول لكم: إن عبد الله بن عباس ليس من أهل البيت أعني ليس من المطهّرين من أهل البيت لا أنه ليس من أهل البيت غير المطهرين, فهو لا يخرج عن أهل البيت بشكل مطلق, ولكنه لن يستطع أن يدرك هذه المفاهيم العظيمة لماذا؟ لأنه يمرّ على هذه الآيات مروراً عابراً وينظر إليها من زاوية التعصب المذهبي لا من زاوية البحث العلمي، وتفضلوا معكم المايك وجزاكم الله خيراً.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
محمد علي لعلك تجيب ما أدرى الصوت مسموع وأنا أرجوا عدم رفع اليد إلا بعد انتهاء المناظرة أرجو ذلك وإلا سنضطر إلى أخرج أيّ واحد يرفع يده, طيب تفضل يا شيخ عثمان لك اللاقط وإن شاء الله الأخ محمد علي يحسب الوقت إن شاء الله تفضل يا شيخ.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أولاً: أقول: حيّاك الله أبا أحمد بعد غيابك فترة من الزمن, فحياك الله تبارك وتعالى وعوداً حميداً. فقط كلمة بسيطة للدكتور الشيخ عصام العماد، دكتور عصام لعلّك تظن أنّك دخلت على غرفة [again love always will we” and again] هذه غرفة النصارى حتى تتكلم؛ لأن هذا الكلام مناسب لهم جداً, لو دخلت هناك وتكلمت بهذا الكلام جيد, هل تظن أنّك تناقش يوحنا أو متى أو مرقص أمامك الآن؟!
حتى تطل علينا في هذه الكلمات التي لا أظن أن أحداً من المسلمين يجهلها ولا هي موضوع بحثنا! كنت أظن إنك ظنيناً بهذه الخمسين دقيقة، وإنك حريص عليها أشد الحرص لا تضيع منها دقيقة واحدة, ولكن لعلك لما ضيعت الدقائق كلها في الجلسة الماضية صار الأمر سيان بالنسبة إليك! وأنا أهنئك على استخدام عنصر المفاجئة باختيار «آية المباهلة»؛ لأنك وعدتنا في الأسبوع الماضي أن تكمل حديثك عن شخصيتي ودراسة شخصيتي؛ وفاجأتنا الآن وأنت تتكلم عن «آية المباهلة».
دكتور عصام عنصر المفاجئة جيد جداً, ولكن لعلك في هذه لم تصب. دكتور عصام هذه الآية [آية المباهلة] بكلامك عن النصارى, يعني عندما نحاور نحن النصارى, وأنا أعني بكلمة نحن؛ نحن أهل السنة، عندما نناقش ونحاور ونسكت النصارى فإننا أبداً لا نتعدى على مقام سيدنا المسيح ـ عليه الصلاة والسلام ـ أبداً لأننا نعرف له قدراً ونعرف أنه من أولي العزم, من الرسل ـ صلى الله عليهم وعلى نبينا محمد ـ. وكذلك الأمر معكم نحن لن نتكلم أبداً في يوم مِنْ الأيام في علي‌ ـ رضي الله عنه ـ فهو سيدنا وإمامنا وقدوتنا وحبيبنا, ولذلك ما ذكرت من فائدة تجدها في كتب أهل السنّة, بل والله لا تجد فضائل علي إلا في كتب أهل السنة، فتجد فضل علي في كتبنا بالأسانيد الصحيحة بينما تعجز أنت وغيرك أن تأتوا بفضائل علي‌ ـ رضي الله عنه ـ من كتبكم بأسانيد صحيحة.
أما نحن فنحن الذين نروي فضائله، ونحن الذين نحفظها له ـ رضي الله عنه ـ. ولكننا نحن لا نغلو فيه لأنه قال أو قال عنه النبي‌ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، إن صح الحديث ولا أظنه صح: [يهلك فيك إثنان مبغض قال ومحب غال]. فلا نغالي في حبه ولا نبغضه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ بل نحبه ونترضى عنه ونتقرب إلى الله جلّ وعلا بحبه, ونستشعر دائماً قول النبي‌ صلى الله عليه وسلم لعلي: (لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق).
هذه الآية «آية المباهلة» لا لا أخالف أبداً بأنها تدل على فضل علي وفاطمة والحسن والحسين فكان ماذا؟ هل أنت جئت لتظهر فضلهم؟ نحن نعرف فضلهم قبل أن نسمع صوتك، ولا صوت غيرك, ولكننا نحن نتناقش هنا في الإمامة. في العصمة, في الآيات, في الأحاديث التي تدل على عصمتهم وتدل على إمامتهم، أين الإمامة هنا؟ أين العصمة؟ اظهرها لنا تفضل يا دكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, قال أخي فضيلة الشيخ عثمان في بداية كلامه: إنه أنا وعدت أن أتكلم عن اتهاماته بتكذيب كل الذين ناظروه, وقال: لماذا خلف الوعد أنا ما خلفت الوعد، أنا قلت في الجلسة الماضية: إنني أرجو من الشيخ عثمان أن يسمع الأشرطة؛ لأن عدم مراجعته لها هو الذي يجعله لا يفهم كلامي, كما قال في الجلسة الماضية: إني كنت أظن أنّ عصام يقول إن أهل البيت هم فقط علي والحسن والحسين وفاطمة والبقية ليسوا من أهل البيت, وبعد ذلك فهمت أنه يقول إن عبد الله بن عباس من أهل البيت, لكنه يقول: إنه ليس من المطهرين! بعد أن سمع الشيخ عثمان الأشرطة قال ذلك! فأنا أرجوه دائماً أن يسمع الأشرطة؛ لأنه من أسباب اتهاماته لي بالكذب أنّه لا يراجع الأشرطة كما قال في الجلسة الماضية: إنه أنا (الشيخ عثمان) لا أعطي لهذه المناظرة إلاّ ليلة واحدة أو ساعة واحدة، هذه ليلة الأربعاء ما أعطيهم من وقتي! وهذه هي الإشكالية الكبرى التي يقع بها؛ لأنه ما يعطي وقته لهذه المناظرة. فاذكِّر إنه يجب أن يكون دقيقاً, راجع الأشرطة سوف تذكر إنني قلت في نهاية الجلسة: أنا لا تهمني المفاجئة, ولا أحب أن استخدم أسلوب المفاجئة مع أخي في الإسلام قلت لك: سأتحدث عن «آية المباهلة», وسأتحدث عن بعض المسائل التي اتهمتني بها, ثم عندما قال: إنني تحدثت في الجلسة الماضية عن «حديث الثقلين» ما هو رأيكم وأنتم سمعتوا الشيخ تحدث عن «حديث الثقلين» بطريقة خارجة عن موضوع حديث الثقلين؟ وثم إنه قال لي نفسه: اختر أي رواية! اختر أيّ آية! أصعد بأعلى ما عندك, أنا حضرت كل شيء!! ولما هذه كلمة قالها لي, وهي ليست كلمة جيدة في الكويت (أينما تطقه طار)!! وقال له: إن يختار أيّ آية, أو أيّ رواية (أينما تطقه طار)! هذه كلمة أنا أعرفها تستخدم من أبناء الأسواق في الكويت! يأتون بها ولا يأتي بها خطيب جمعة!! قال هذه الكلمة وقال: اختر ما تريد، اصعد بأعلى فرس! اختر الرواية التي تريد!! حتى لو فرضنا أنا لم أخبره واستخدمت معه عنصر المفاجئة كما يقول, فليس غريباً عنه الاختيار؛ لأنه قال أنا محظّر في كل شيء، أنا أين ما تطقني أطير! قال هكذا هذه العبارة موجودة! وقال: سوف أحاورك فيما تريد وفيما تختار, في أي موضوع, في أيّ رواية في أي شيء. لكنه الآن لماذا أنا اختار الآية؟ اختار الرواية؟ ولا يناقشني ويقول: ما سمعت شيئاً! لم أسمع شيئاً! لم أسمع شيئاً! ولم أسمع شيئاً جديداً!
إذن لماذا تناقشني إذا لم تسمع شيئاً؟ أنا كل ما أتيت به لم أأتي به قبل هذه الجلسة. وعندما يقول حاورني بما تريد! اختار الآية التي تريدها! فلماذا لا يفي بوعده؟ ثم يذكر حجة ضعيفة. ولو كان جاداً في أنّه يريد البحث عن الحق وهو قال: اختر ما تريد. وكما قال الآن: أنت لم تأت بشيء جديد. عندما أتيت له «بحديث الثقلين» وناقشته في البداية, في أول جلسة رفض وقال: لا نريد, أريد دليلاً من القرآن الكريم لا من السنة النبوية! فاخترت أنا «آية التطهير», جئت بـ «آية التطهير» قال: ما عندي بحث (خلص)! أنا انتهيت من البحث, ما عندي شيء أصلاً, ولم أسمع شيئاً جديداً!!
أتيت أحاوره في بحث الاصطفاء واصطفاء (الخمسة), والفرق بين دائرة المطهرين من أهل البيت وبين دائرة غير المطهرين من أهل البيت. قال: والله أصلاً هذا ما هو كلام مضبوط وما هو كلام جديد!! وهكذا دائماً, يعني لا يحاورني. يقول: أأتي بما تريد! أصعد أعلى ما عندك! اختر الرواية التي تريدها! حتى في المواضيع التي يختارها الشيخ عثمان مثل الجلسة الماضية اختار «حديث الثقلين», قال: أنا سأتحدث عن «حديث الثقلين», هو قال واختار بنفسه, ثم جاء من دون أن يبحث في «حديث الثقلين» بكلمة واحدة, بل خرج عن موضوع «حديث الثقلين» إلى موضوع آخر وهو: ما هو موقف الاثني عشرية من أهل البيت وما هو موقفهم من كتاب الله, أي من الثقل الأكبر؟! وهذا يدل على أنّ الشيخ عثمان لا يعرف أيّ شيء عن أسس الحوار العلمي والموضوعي. كان على الشيخ عثمان أن يبحث عن مفردات «حديث الثقلين», عن الكلمات الواردة في «حديث الثقلين», وعن دلالات «حديث الثقلين», ما المراد بهذا الحديث؟ هل هما الكتاب والسنة أم هما الكتاب وأهل البيت؟ هل يدل «حديث الثقلين» على التمسك بالثقلين أم لا يدل على ذلك؟ ولكن الشيخ خرج عن البحث في حديث الثقلين إلى موضوع هل الاثنا عشرية يتمسكون بالثقلين؟ هل تمسكوا بالقرآن أم لا؟ هل تمسكوا بأهل البيت أم لا؟ هذا البحث خارج عن موضوع «حديث الثقلين», خارج عن بحث «حديث الثقلين»؛ لأن البحث الموضوعي يكون حول: هل يدل «حديث الثقلين» على التمسك بأهل البيت أو لا يدل؟ ولا شأن لنا عند البحث عن «حديث الثقلين» بموضوع هل الذين تمسكوا بأهل البيت هم أهل السنة أم هم الاثنا عشرية؟ هكذا البحث العلمي الأكاديمي.
إن مشكلة الشيخ عثمان هي: إن خصومته للاثني عشرية جعلته يخرج عن البحث ويظن أنه يبحث في قلب ومتن البحث. ومن هنا ترون أنه لا يستطيع أن يبحث عن أيّ آية في أهل البيت أو أيّ رواية في أهل البيت بحثا علمياً مجرداً عن الخصومة للاثني عشرية, من خلال اللجوء إلى اللغة العربية وما معنى الثقلين في القرآن؟ وماذا قال شرّاح مسلم في كلمة (الثقلين)؟ ومن هم الثقلان؟ وهل الحديث يدل على التمسك أو لا يدل؟ بل تجده [يعني: الشيخ عثمان[ في كل آية ورواية في أهل البيت يخرج عن البحث بحركة لا شعورية إلى البحث عن الاثني عشرية!! وأنا أكثر من مرة نصحته إن «آية المباهلة» أو «آية التطهير» أو «حديث الكساء» أو.. أو «حديث الاثني عشر» أو حديث «حديث الثقلين» لا بدّ أن تبحث بحثاً علمياً مجرداً عن الخصومة المذهبية, نبحث عن الروايات والآيات الواردة في أهل البيت من خلال المفردات التي استخدمها النبي، ومن خلال الآيات التي استخدمتها الذات الإلهية! نبحث عن مفردات الآيات، ومفردات الأحاديث، من دون أن نهاجم لا على الاثني عشرية, ولا على أهل السنة, ولا على الوهابية, ولا على السلفية.
إنّني أطلب من الشيخ عثمان أن يكون البحث عن الأدلة القرآنية والحديثية الواردة في أهل البيت بعيداً عن الخصومة المذهبية, لا أن الشيخ عثمان يأتي ـ كما صنع في الجلسة الماضية ـ ويتحدث عن قضية تحريف القرآن, ثم يقول: أنا بحثت عن «حديث الثقلين», أنت متى بحثت عنه في القواميس أو اللغة؟! أرجو أن يكون الشيخ عثمان دقيقاً, وكما وعدت في بداية الجلسة أنني سوف أطل إطلالة عن «آية المباهلة» ثم بعد ذلك أتناول اتهامات الشيخ عثمان الخميس, وإنني سوف أبدأ البحث في «آية المباهلة» كما قلت ثم أعود إلى إكمال ما بدأت به في الجلسة الماضية, وكنت قد بحثت عن بعض الأسباب التي تجعل أخي فضيلة الشيخ عثمان يتهم الكثير من المسلمين من الذين ناظروه أو من الذين تكلم عنهم ومن الذين كتب ضدهم والذين فرَّغ كل وقته وكل حياته لمخاصمتهم وترك خصوم الإسلام وترك أعداء الإسلام من أجل أن يتهمهم اتهامات هي أكبر من الكذب.
أنا أتيت بالكذب فقط, وإلا هو اتهمهم باتهامات كبيرة جداً, وكنت قد ذكرت بعض الأسباب التي جعلته يتهم هؤلاء جميعاً بالكذب, وذكرت أنّ ذلك يعود إلى أسلوب الشيخ عثمان في الحوار, وذكرت أنّ طريقة الشيخ عثمان ليست علمية، والطريقة غير العلمية تقود إلى اتهام الآخرين بالكذب, وقلت: إنّ أهم قاعدة من قواعد المناظرة تقول: إن كل دعوى أو بينة أقيم عليها دليل قوي تعين على المعترض والمحاور أن يعترض وينتقد دليل هذه الدعوى, لا أن يعترض على صاحب الدعوى. ثم ذكرت دليلين على عدم التزام الشيخ بهذه القاعدة الحوارية الهامة, والآن سوف أذكر الدليل الثالث على عدم التزام الشيخ عثمان بهذه القاعدة المهمة.
الدليل الثالث الذي يدل على أنّ أخي فضيلة الشيخ عثمان خالف هذه القاعدة الحوارية وهي: إنني قدمت في الجلسة الماضية هذه الدعوى وهذه صورة الدعوى أعرضها من جديد عليكم. أدعيت أن الشيخ عثمان الخميس خرج عن منهج أهل السنّة في التعامل مع الآيات ومع الروايات الواردة في أهل البيت, وقدّمت كثير من الأدلة والبينات على هذه الدعوى. وأنا ذكرت هذه الدعوى؛ لأنه من أسباب اتهامي بالكذب هذه الدعوى:
الدليل الأول الذي يثبت هذه الدعوى: إن الشيخ عثمان يذكر رأياً لبعض أهل السنة ويوهم الحاضرين بأنّه الرأي الأول والأخير لأهل السنة وأن أهل السنة أجمعوا عليه مثلاً في مناظرته المسجلة في أشرطة مع أحد الاثني عشريين الكويتيين. قال لهذا الاثني عشري الكويتي وهو يتحاور معه عندما أقترح عليه قال له: إن نتحاور في عدالة الصحابة؟ فقال الشيخ عثمان: يجب أن نناقش أولاً في عدالة أئمة الشيعة؟!
انظر لم يقل أئمة أهل البيت مع أنه قال في حواري معه هؤلاء أئمة أهل البيت! الباقر من أئمة أهل البيت، الإمام الصادق كذلك! أما هناك فقال: من أئمة الشيعة، قال: أنا أقول: أئمة الشيعة, أنا أقول الثلاثة (يعني: علي والحسن والحسين) عدول أما التسعة هؤلاء فنبحث عنهم وعن عدالتهم!! وعندما ترجم لهؤلاء التسعة في كتابه «كشف الجاني» خرج عن منهج أهل السنة في ترجمة التسعة الذين هم من ذرية الإمام الحسين, حيث ذكر قولاً شاذاً كمثال في الطعن بالإمام جعفر الصادق وترك مئات الأقوال لأهل السنّة التي بيّنت عظمة الإمام جعفر الصادق عند علماء أهل السنة. وبهذا العمل يوهم الشيخ عثمان قارئ كتابه ـ كما أنا أشرت إشارة بسيطة في الجلسة الماضية ـ يوهم قارئ كتابه أن رأي أهل السنة‌ هو هذا الرأي الذي طرحه والذي طعن بالإمام جعفر بن محمد الصادق! وهذا أعدته لأهميته, والشيخ عثمان انظروا كيف يذكر هذا القول الشاذ وينسى مئات الأقوال من أهل السنة التي تشيد بالإمام جعفر بن محمد صادق!! أليس هذا خروج عن منهج أهل السنة وخروج عن المنهج العلمي للحوار؟!
والدليل الآخر الذي نثبت به خروج الشيخ عثمان عن منهج أهل السنة هو طريقة تعامله مع «حديث الاثني عشر» الوارد في البخاري ومسلم, وأنا عندما ذكرت رأي بعض علماء أهل السنّة في «حديث الاثني عشر» قلت: إن بعضهم يرى رأي الاثني عشرية في الحديث ويقول: إن الاثني عشرهم علي والحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق وبقية الأئمة الاثني عشر, وذكرت كمثال الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه «الصواعق المحرقة» في الطبعة الوهابية. لم أقل هذا رأي جميع أهل السنّة بل قلت هذا رأي الإمام ابن حجر الهيتمي ورأي بعض علماء أهل السنة ونقلت أقوالهم, وإنما ذكرت ذلك حتى أبيّن أن هذا القول بإمامة الاثني عشر, ليس قولاً للاثني عشرية وحدهم, بل هو قول مجموعة من أهل السنة, ولكن أخي فضيلة الشيخ عثمان عندما تناول «حديث الاثني عشر», ذكر أن الاثني عشر هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد بن معاوية إلى آخر كلامه, وهكذا لا يزال الدين الإسلامي محفوظاً بيزيد بن معاوية!! لا يزال الدين الإسلامي محفوظاً بأمثال يزيد، الدين سيحفظ بيزيد بن معاوية!! وهذا خلط كبير بين دائرة الرّجس وبين دائرة الطهر, وقد وقع الشيخ في خطأ في استدلاله, فلا يوجد أحد من أهل السنة ولا من الوهابية يقول: إن أهل السنة أجمعوا على هذا الرأي, يعني أن «حديث الاثني عشر» بالصورة التي ذكرها الشيخ عثمان لم يقل أحد من أهل السنّة بهذا الإجماع, بل ما ذكره الشيخ عثمان هو مجرد رأي, ولم يذكر الشيخ عثمان أنّ أهل السنة قد اختلفوا في شأن «حديث الاثني عشر», وحاروا في فهمه! ولأن أخي وحبيبي فضيلة الشيخ عثمان اختار هذا الرأي جعل كلامه حجة على أهل السنة, وأوهم جميع الحاضرين أن هذا هو رأى أهل السنّة, وهذه ليست من الأمانة العلمية. وبهذا الأسلوب وبهذه الطريقة في التعامل مع أهل السنة إذا جاء شخص وقال: هذا ليس رأى أهل السنة لا بدّ من أن يتهمه بالكذب! وعندما قلت للشيخ عثمان: إن إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي ذكر الأئمة الاثني عشر بنفس ترتيب وقول الاثني عشرية؛ غضب عليّ وهاجمني وقال: أصار الحجة عندك الإمام ابن حجر الهيتمي؟!
إن الشيخ عثمان يريد مني أن أخالف رأي إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي في حديث الاثني عشر, وأن أخذ برأيه في «حديث الاثني عشر» في حين أن الشيخ عثمان لا يمتلك أي دليل على بطلان قول إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي. والذى جعل الشيخ عثمان يرفض رأي إمام أهل السنّة؛ لأنه رأى أن الإمام ابن حجر الهيتمي وافق رأي الاثني عشرية الذين خاصمهم وحاربهم طوال عشرين عاماً, ومن هنا لا ينبغي أن يأخذ برأي الإمام ابن حجر الهيتمي طالما هو لا يتفق مع رأيه. والمسألة الأخرى كذلك التي تثبت خروج الشيخ عثمان عن منهج أهل السنة: إنه كيف يتعامل الشيخ عثمان مع فضائل أهل البيت, فهو يعتمد على الإمام الألباني في تضعيف بعض ما ورد في فضائل أهل البيت كما في كتابه «كشف الجاني», ولكن عندما قال الشيخ عثمان بضعف حديث أم سلمة الوارد في فضل أهل البيت, واعترض عليّ وقال لي: عندما أنا اعترضت عليه لقوله في تضعيف حديث أم سلمة! فقلت له: لقد صحّحه الإمام الألباني وصحّحه غيره من أهل العلم! قال: أصار الحجة عندك هو الألباني؟ وهكذا من يراجع أشرطة وكتابات أخي الشيخ عثمان الخميس سوف يجد أنّه يحتج بالإمام الألباني في تضعيف فضائل أهل البيت, ولكن لا يحتج بالإمام الألباني حينما يصحح «حديث الثقلين» الوارد في سنن الترمذي والذي صححه الإمام الألباني, وإن كنت أنا انتقلت من الاثني عشرية من خلال حديث الثقلين الوارد في صحيح مسلم, فلسنا بحاجة إلى حديث الثقلين الوارد في غير صحيح مسلم.
إذن الألباني يصبح حجة عند أخي الشيخ عثمان عندما يضعف فضائل أهل البيت ويصبح غير حجة عندما يصحح فضائل أهل البيت. هذه هي منهجية الشيخ عثمان, وبالطبع الذي يتعامل بهذا الأسلوب لا بدّ أن يتّهم الآخرين بالكذب, كما أن الشيخ عثمان خرج عن منهج اتباع أهل البيت في كيفية التعامل في الروايات الواردة في فضائل أهل البيت, خرج عن منهج اتباع أهل البيت وعن منهج أهل السنّة في كيفية التعامل مع فضائل أهل البيت, فإنّ أهل السنّة وكذلك أتباع أهل البيت عندما يذكرون الرواية الواردة في فضائل أهل البيت, يذكرون من صحح هذه الرواية ويذكرون من ضعف هذه الرواية من أهل العلم, ولكن الشيخ عثمان في حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ذكر الذين ضعفوا الحديث واعرض عن رأي الذين صححوا الحديث من أهل السنة, فلم يذكر رأي الإمام العسقلاني, ولم يذكر رأي الإمام الشوكاني, ولم يذكر رأى الإمام السيوطي, ولم يذكر رأي الإمام المالكي المغربي الغماري كما في كتابه «فتح الملك العلي في تصحيح حديث باب مدينة العلم علي»!! لأن هؤلاء ذكروا أدلة قوية تثبت أن حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) لا يمكن أن يكون من الأحاديث الضعيفة, بل رأي الإمام الغماري المغربي أنه حديث صحيح, ورأي الإمام العسقلاني أنه حديث حسن, ولكن الشيخ عثمان أعرض عن رأيهم وذكر فقط الرأي الذي يقول بتضعيف الحديث. وهذه ليست من الأمانة العلمية, ومن يلتزم بمثل هذا الأسلوب فمن الطبيعي أن يتهم الآخرين بالكذب. وكما ترون أن ادّعائي أن أخي فضيلة الشيخ عثمان الخميس قد خرج عن منهج أهل السنة الذي اتهمني بالكذب بسببه, وقال: إنه يكذب لأنه يقول عني أنّني خرجت عن منهج أهل السنة! ترون أني أقمت الدليل والبينة على خروجه عن منهج أهل السنة, وكان على الشيخ عثمان أن يطعن في أدلتي وفي البيّنة التي أثبت فيها أنه خرج عن منهج أهل السنة في كيفية التعامل مع روايات فضائل أهل البيت, وأنه يتعامل مع روايات فضائل أهل البيت بطريقة ليست أمينة, بل إنّها في الحقيقة تدل على أن الرجل يتسرع في تضعيف ما جاء في فضائل أهل البيت, ويضعف الحديث إذا كان في فضائل أهل البيت لأدنى سبب من دون أن يتأمّل في كلمات العلماء, وهذا أسلوب غير علمي. كان على الشيخ عثمان الخميس بحكم أنّه ليس عالماً كما قال أكثر من مرة, قال: أنا لست عالماً! كان عليه أن يرجع إلى كلام العلماء! يرجع إلى الإمام الألباني، يرجع إلى العلماء ولا ينبغي له أن يقول: أكثر من مرةٍ, أنا لست عالماً, ثم يأتي ويضعف ويرجح من دون مرجح, وثم بعد ذلك يذكر رأي ويخفي الرأي الآخر, ويوهم قراء كتبه أنّ هذا هو الرأي الأوحد لأهل السنة, ولكن الشيخ عثمان لم يذكر هذه البينة, وترك الطعن في بينتي وأدلتي؛ لأنها قوية, وطعن في صاحب البّينة وصاحب الدعوى. ومن هنا قال: السيد عصام كذاب.. كذاب! وهو يعلم أن القاعدة الأدبية في الحوار تقول: إن كل دعوى تقيم عليها دليل وبينة قوية يتعين الاعتراض على دليل هذه الدعوى, ولا يصح الطعن على صاحب الدعوى, وعلى فرض أن صاحب الدعوى من الكذابين فكذبه لا يعطي المبرر لنا إلى رفض الأدلة القوية التي احتج بها. وكما قلت: إذا جاء شخص كاذب وفتح الشباك في بيتي وقال: إن هذه النار تحترق, ورأيت النار لا يمكن أن أقول: إن هذا كذاب! أعني صاحب الدعوى؛ لأنه أقام الدليل والبينة البرهانية المرئية على دعواه. فأنا لن أناقش وأقول: إنه كاذب!
ومن هنا القرآن قال: (إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا) لم يقل: فاتركوا تبينوا وكان عليه أن يتبيّن من كلامي وأن يبحث, لكن الشيخ عثمان كما قال أكثر من مرة: أنا لا أراجع الأشرطة التابعة للمناظرة بيني وبين عصام العماد, ولا أبالي ولا أعطي من وقتي لهذه المناظرة إلا ليلة الأربعاء! ومن هنا ترون أنّه تراجع في الجلسة الماضية قال: أنا كنت أظن أنه ]عصام] يقول أهل البيت هؤلاء الأربعة فقط, وإنه يقول عبد الله بن عباس ليس من أهل البيت! وحقيقة الأمر أنا أقول زينب من أهل البيت، عبد الله بن عباس من أهل البيت, ولكن ليسوا من المطهّرين، ليس من قرناء القرآن، ليس من الذين قرنهم وجعلهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة النبوية. هذا ما أقول, وتفضلوا معكم المايك حتى أكمّل كلامي وجزاكم الله خيراً.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
طيب تفضل يا شيخ عثمان.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, الشيخ الدكتور عصام يقول عثمان الخميس قطع الشريط! يقول: عبد الله بن عباس من أهل البيت, ولكن من غير المطهرين!
كالعادة نسمعك بصوتك ثم تقول ما كذبت! طيب دكتور هل وعدت في الجلسة الماضية أنّك تتكلم في «آية المباهلة»؟ أرجوا أن تسمعنا أنك وعدت بذلك, جهز الشريط لديك, سمعنا أنّك وعدت أن تتكلم عن «آية المباهلة»! أنا أذكر أنك قلت: ستكمل الحديث عن تشخيص حالتي النفسية وصراعي مع الشيعة في الكويت وغير ذلك, ما قلت أنك تتكلم عن «آية المباهلة»، ومع ذلك سأتكلم عن المباهلة, ما عندي مشكلة.
تقول: ذكر الطعن في جعفر وهو قول شاذ!
دكتور عصام كلامي عن جعفر ـ رضي الله عنه ـ هو كان رداً على أخيك التيجاني لما قال: (قال الأخ منعم أبو حنيفة تتلمذ على يد الإمام جعفر, وفي ذلك يقول الإمام أبو حنيفة: [لولا السنتان لهلك النعمان] وهذا ما قاله عن أبي حنيفة, هذا كلامكم أنتم.
قلت أنا: هذا من أكاذيب الشيعة التي لا تنتهي فأبو حنيفة ليس من تلاميذ جعفر ولا مالك من تلاميذ أبي حنيفة.
ثم قلت: وأما قوله: إن مالكاً أخذ عن أبي حنيفة وقال الأنطاكي: أخذ علم جعفر عن أبي حنيفة! فأقول: إن جعفر بن محمد لم يكن بذلك الثقة عند مالك, بل إن مالكا ما كان يروي عنه حتى يضم إليه غيره! هذا كان رداً على صاحبك وأخيك التيجاني. أما كلامي عن الإمام جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ فإني ترجمت له في الكتاب نفسه في كشف الجاني, ذكرت ترجمة الإمام جعفر, وذكرت ثناء العلماء عليه. فقولك: إني الآن قصدت فقط الطعن فيه! تثير الناس عليَّ هذه هي شنشنةٌ نعرفها من أخزم كما يقولون. وهذا كلامي في جعفر في صفحة (172) عند قول التيجاني: ومما يزيدنا يقيناً أن (الاثني عشر) من أهل البيت لم يتتلمذوا على واحد من علماء الأمة, فرددت عليه, وذكرت من تتلمذ عليه علماء أهل البيت الأئمة الاثني عشر، تتلمذوا على غيرهم ما عدا الثاني عشر؛ لأنه لم يخلق. وذكرت جعفر بن محمد ـ رضي الله عنه ـ وقلت: قال الشافعي: ثقة, وقال ابن معين: ثقة مأمون, وقال أبو حاتم: لا يسأل عن مثله, وقال ابن حبّان: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً يعتد بروايته من غير رواية أولاده عنه, وكان مالك لا يروي عنه حتى يضم إليه غيره, وتكلم فيه يحيى بن سعيد. فهذه ما قرأتها عند الرد على التيجاني! قرأت فقط ما تشتهي يا دكتور عصام, ومع هذا لي شريط يقال له (أهل البيت), وهذا الشريط أيضاً ترجمت فيه لأئمة الشيعة الاثني عشر وذكرت مكانتهم عند أهل السنة والجماعة واحداً واحداً, فلا تحاول أبداً أن تلفق على الناس بأننا لا نحب جعفر الصادق ولا محمد الباقر ولا علي بن الحسين وغيرهم ـ رحمهم الله تبارك وتعالى ورضي عنهم ـ فقد ترجمت في الشريط لجعفر ـ رحمه الله تعالى ـ وذكرت كلام الإمام الذهبي أنه قال: الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني أحد الأعلام, قال أبو حاتم لا يسأل عن مثله.
وترجمت لجميع أهل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاثني عشر الذين تحتج أنت وغيرك لفظلهم, لكن هذا كلامنا نحن في جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ , ولكن بالله عليك ما كلامكم أنتم في جعفر! هل تدري ما قلتم عن جعفر أو أأجله حتى يأتي دوري وأذكر لك ما موقفكم أنتم من جعفر, يا من تدعو حبه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
والآن تقول: ابن حجر الهيتمي إمام أهل السنة.
هذا كان في قولك الإمام النووي أنه إمام أهل السنة في زمانه, والآن صار ابن حجر الهيتمي إمام أهل السنة في زمانه؟ فليس هو من أئمة أهل السنة كما تدعي.
وقلت: احتجيت بالألباني في التضعيف ولا تحتج به إذا صحح فضائل أهل البيت؟
هذا رأيك أنت, أما كون الألباني نأخذ بقوله أحياناً, فالحمد لله نحن لسنا أصحاب هوى, فنحن كل من قال فسقاً رفضناه وكل من أخطأ رددنا قوله, ولا عصمة عندنا إلاّ لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فكل يأخذ من قوله ويترك إلا صاحب القبر وهو رسول الله‌ ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والآن دكتور عصام أعيد وأكرر, لا تضيع وقتنا! اذكر «آية المباهلة», وتدل على ماذا؟ لأنني كما أرى فات من وقتك الآن ثمان وثلاثون دقيقة. وأنت تقول: إنك أكاديمي! الأكاديمي يستغل الوقت فيما يستفيد منه! الآن تكلمت ثمان وثلاثين دقيقة ماذا أفدتنا؟ تفضل تكلم عن «آية المباهلة», وألا تريد لها عشر جلسات أيضاً, تفضل دكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ما ذكره أخي فضيلة الشيخ عثمان ليس صحيحاً, ولكن سأبين ذلك لماذا ليس صحيحاً؟ وهذه إشكالية كذلك لمنهجية الشيخ عثمان. أحيانا كما يقول العلامة الجليل ـ رضوان الله عليه وقدس الله روحه الزكية ـ سعيد حوى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتابه حتى لا نمضي بعيداً عن الزمن، لا أتذكر بالضبط عنوان الكتاب, ولكن أنا قرأت كتابه, فيذكر سعيد حوى ـ رضوان الله عليه ـ عندما هاجمته الوهابية في آخر حياته وتحاملوا عليه واتهموه باتهامات هو بريء منها براءة قوية, وعندي الأدلة على براءته, فيذكر رضوان الله عليه أنه من الأسباب التي جعلتهم يتهموني بها أنهم يأتون بنقطة أنا متفق معهم فيها, ثم يحشدون الأدلة والنصوص التي توهم المستمع إنني لست بمتفق معهم! وهكذا يصنع الشيخ عثمان الخميس الآن معي حيث قال: إنّني أقول عنه انه لا يحب جعفر! أتى بنصوص وقال نحن نحب أهل البيت. هل أنا قلت: إن أهل السنة لا يحبون أهل البيت؟! لم أقل أصلاً! لكن نقطة الخلاف بيننا والقضية التي أخالف فيها الشيخ عثمان هي قضية: هل يجب اتباع أهل البيت أم لا يجب اتباعهم؟ هذه قضية الخلاف!
انظروا فالشيخ عثمان لا يلتفت إلى قضايا الحوار! ومنذ فترة وهو يحشد الأدلة والنصوص والأقوال التي تدل على أنه يحب أهل البيت! طيب إذا لم يحبّ أهل البيت المطهرين فهو كافر, يعني خارج عن الإسلام بإجماع المسلمين! من لم يحب أهل البيت المطهرين, أعني لا غير المطهرين فهو كافر بإجماع المسلمين, سواء من السنة أو من الوهابية أو من الاثني عشرية أو من السلفية. نحن لا نتكلم عن الحب، انظروا إلى كلمة سعيد حوى. يأتي إلى نقطة الاتفاق ويوهم الآخرين بأنها نقطة خلاف! أنا متفق معك بأنك تحب أهل البيت؛ لأن السنة يحبون أهل البيت, لكن أنا أناقشك: هل يجب اتباع أهل البيت أم لا؟ وهذه هي نقطة الخلاف بين الاثني عشرية وأهل السنّة, هل أهل السنّة اتبعوا أهل البيت أم لا؟
يا أخي نحن لا نتناقش في أنه السنة لم يذكروا فضائل أهل البيت ولم يعنون البخاري وأئمة السنّة فضائل أهل البيت. نحن نناقش: هل «حديث الثقلين» يدل على اتباع أهل البيت أم لا؟ عندما يأتي النبي ويقول: (تركت فيكم الثقلين) عندما يأتي أي إنسان عاقل ويقول: ها أنا ذا سأغادر هذه المدينة, بل سوف أغادر الحياة الدنيوية وتركت فيكم الثقلين، سماهم الثقلين ـ لأن كما قال علماء أهل السنة ـ لأن الكون يقوم بالجن والأنس وإلا انتهى الكون, وكذلك الدين يقوم بالقرآن والسنة (الثقل الأول) وبأهل البيت (الثقل الثاني).
يقول: هذا الحديث إن النبي يقول: يوشك أن أدعى عمّا قريب, سوف أغادر الحياة، يوشك أن أغادر هذه الحياة وإني تارك فيكم الثقلين. أتى بصيغة الترك وهي أشد صيغة من الصيغ الأخرى.
نحن نتناقش هل يدل حديث الثقلين على اتباع أهل البيت وناقشتك أكثر من مرة أنه لا تحاورني في قضية حب أهل البيت, فحب أهل البيت لو لم تحب أهل البيت لكنت كافراً بإجماع المسلمين, وأتحدى أي مسلم يقول: إن قضية هذا الحوار والخلاف بيننا مع أهل السنة هي قضية حب أهل البيت. نقطة الخلاف بيننا هي اتباع أهل البيت لا حب أهل البيت, وإمام أهل السنة الإمام ابن تيمية ـ رضوان الله عليه ـ يقول بالحرف الواحد ترك الأئمة الأربعة الإمام علي! ثم يقول في صفحة أخرى تركنا الإمام علي! ويقول بعد ذلك: والإمام علي هو أفضل أهل البيت.
إذن بالله عليك يا شيخ عثمان إذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ترك الأئمة الأربعة الإمام علي, فكيف تزعم أنك تتبع أهل البيت؟ إذا كنتم تركتم أفضل أهل البيت فكيف تدَّعون أنكم اتبعتم جعفر الصادق؟ إذا كان الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «جعفر الصادق», ارجعوا إلى الكتاب مطبوع بطبعات سنية في مصر وبيروت, يقول: وآسفاه لقد استطاعت الدول الأموية أن تفصل بيننا وبين أهل البيت! ويا ترى هل الدولة التي لعنتهم في المنابر أكثر من أربعين سنة؛ اللهم العن: البطين الأصلع الإمام علي بن أبي طالب! تلك الدولة التي قتلت الحسين، هل ستترك أهل السنة يتبعون أهل البيت, وهم يمثلوا جمهور المسلمين ويمثلون المذهب الرسمي للدولة الأموية؟
فإذن يا أخي أنا أناقشك في نقطة معينة, لا تبتعد عن نقطة الخلاف, لا توهم الآخرين وتقول لهم: إننا نحب أهل البيت, وعصام يتهمنا بعدم حب أهل البيت, وبعدم حبّ الإمام جعفر الصادق؟ نحن لا نتناقش في هذه المسألة، لا تظلمني كما ظلمتم سعيد حوى وإن كنت أنا لا أرتقي إلى درجة سعيد حوى ـ رحمه الله ـ فأنا تلميذ من تلاميذ سعيد حوى, وتفضلوا معكم المايك.
أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب تفضلوا شيخ عثمان لكم اللاقط أرجوكم اتركوا الكتابة جزاكم الله خيراً تفضل يا شيخ.
فضيلة الشيخ عثمان:
نعم أنا عندي.. للدكتور الشيخ عصام سؤال: سعيد حوى الذي قال فيه رحمه الله, وقدس الله روحه الزكية, وأنه لا يكون مثله, وأنه تلميذ عند سعيد حوى أين قال هذا الكلام في كتابه «الخمينية شذوذ في العقائد والأفكار» أم في كتاب آخر؟ تفضل دكتور.
فضيلة الدكتور السيد عصام:
عفواً أنت ما تزال على عادتك في هذه المناظرة كل موضوع تحوله إلى خمينية أو إلى الاثني عشرية، ناقشني في هذا الموضوع الذي ذكرته أنت عندما قلت: إن عصام يريد أن يوهم الحاضرين أن أهل السنة لا يحبون أهل البيت، أناقشك بأن نقطة الخلاف هي قضية اتباع أهل البيت لا قضية حب أهل البيت أجبني, أنتم تقولون باتباع أهل البيت أم لا؟
الشيخ عثمان:
طيب أنت تكلمت الليلة أو تحدثت عن «آية المباهلة» تفضل دكتور على ماذا تدل آية المباهلة، هل تدل على اتباعهم حتى نتبعهم؟ تفضل دكتور.
السيد عصام:
هذه مشكلتك يا شيخ عثمان أنك تنظر إلى الروايات الواردة في أهل البيت ـ وهي كثيرة ـ تنظر إليها بالنظرة الجزئية, وهذا خطأ! إننا نريد أن تنظر كيف نتعامل مع السنة النبوية, نتعامل.. نأتي إلى مجموع الآيات والروايات في موضوع أهل البيت, ومن خلال المجموع نصل إلى اتباع أهل البيت لا من خلال آية واحدة.
نحن عندنا مجموعة آيات ومجموعة روايات, أنا لماذا قلت لك آية آية، رواية رواية؟ لأن المجموع الكلي الوارد في أهل البيت آية آية، رواية رواية، عندما نجمع الكل نثبت قضيه اتباع أهل البيت لا أن نأخذ آية واحدة ونريد أن نعرف منها كل مقامات أهل البيت! هذا تعامل غير سليم، تعرف أنت التفسير الموضوعي في القرآن, خطأ أنّك تأتي وتجعل الآية وحدها [أعني: آية المباهلة[ هي المحور! وفي كل موضوع من مواضيع القرآن. لا يمكن لنا أن ندرك أيّ موضوع إلا بجمع كلما ورد في هذا الموضوع.
نحن عندما استدلينا بأن أهل البيت يجب اتباعهم ليس من «آية المباهلة» فحسب، هذه الآية أنا قلت لك من البداية أحد الأدلة، أحد الأدلة التي تدل على فضيلة أهل البيت. وهناك أدلة كثيرة من المجموع الكلي سنصل إلى ذلك, فأنا أسألك الآن لماذا يقول الإمام ابن تيمية: تركنا الإمام علي؟ أجب على هذا السؤال رجاءاً؟
فضيلة الشيخ عثمان:
دكتور عصام جئت بشيء غريب وخطير وكبير, حقيقة فما يقوله بعض علمائكم وخاصّة المعاصرين في هذا القول الذي قلته الا وهو إثبات الإمامة من خلال مجموع الأدلة, ليس هناك دليل قطعي يدل بوحده على إمامة أهل البيت, يفيد الإمامة وحده, بل لا تستطيعون أن تستدلوا على الإمامة إلاّ بمجموع الأدلة. هكذا أنا فهمت وإذا كان فهمي صحيحاً أجب يا دكتور!
سماحة الدكتور السيد عصام:
يا أخي عندما تكثر الشبهات وعندما يأتي التاريخ ويقف ضد أهل البيت.. انظر إلى كتاب «مقاتل الطالبين» لأبي الفرج الأصفهاني الذي كتب مقاتل أهل البيت. فإذا كانت الظروف التاريخية جعلت المذابح الكبرى لأهل البيت المطهرين وغير المطهرين؛ لأن المذابح عمتهم جميعاً؛ فبالله عليك سيكون من الطبيعي أن تكون الشبهات كلها لها تأثيرها على بعض المسلمين. فعندما تكثر الشبهات فمن الطبيعي أنّه لا بدّ أن تحتاج إلى المجموع الكلي من أجل أن نثبت للآخر مقامات أهل البيت! أنا لا يمكن الآن أن أثبت لك وأنت عندك ركامات من الشبهات, كل رأسك مليء بمئات الشبهات ضد مذهب أهل البيت, أنا لا يمكن أن أثبت لك بدليل واحد، ولذلك انظر الأخت الدكتورة المغربية صارت من الاثني عشرية بعد الحوار والمناظرة معك, واستمرت أشهر تسمع المناظرة بيني وبينك, ثم عرفت الحقيقة! أنا نفسي عندما تحولت من الوهابية إلى الاثني عشرية إنما انتقلت عبر مجموعة من الأدلة، لا بدليل واحد, لماذا؟ لا لأنه لا يوجد دليل واحد يدل على كل شيء, ولكن لأنه الشبهات والظروف التاريخية كانت ضد أهل البيت.. الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «جعفر الصادق» يذكر المذابح التي أقيمت لأهل البيت المطهرين وغير المطهرين، ويذكر الحرب والتشويه لسمعة أهل البيت المطهرين وغير المطهرين, حتى أصبح الإنسان يتمنى أن يقال له: يهودي ولا يقال له بأنه جعفري!! مع أن جعفري معناه يتنسب إلى الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. يقال له: يهودي, ولا يقال له جعفري!! هذه التعبئة ضد مذهب أهل البيت منذ العصر الأموي إلى الآن خلقت لنا بعداً كبيراً عن أهل البيت, حتى أصبح المسلم يتحمل أن تقول له: أي كلمة إلا أن تقول له: جعفري, حتى جاء ابن خلدون وقال في مقدمته, وهو مؤرخ كبير من أهل السنة: وشذ أهل البيت في مذاهب ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان!! يا أخي التاريخ هو الذي جعل هنالك صعوبة في إقناع الآخرين بحقانية مذهب أهل البيت. ومن هنا وصفه النبي بالثقل لأن العمل بمذهب أهل البيت ثقيل على النفس, أما الأخذ بأحد المذاهب الأربعة فهو خفيف على النفس, لذلك أنا الآن يعني في الحقيقة استغرفت فترة طويلة حتى أقنعت نفسي واستبصرت, منذ ثلاثة عشر سنه أنا استبصرت والآن فقط أختي الكبرى استبصرت من الأسرة كلها, وأخي وابن أختي، ثلاثة أشخاص!! من الصعوبة إقناع الآخرين بمذهب أهل البيت حيث الركام الهائل والشبهات الكثيرة قد غطت على حقائق هذا المذهب العظيم التي أنت من الأشخاص الذي أنت تسأل يوم القيامة، فأنت من الأشخاص الذين شغلت كل وجودك في بث الشبهات ضد الروايات والآيات الواردة في فضائل أهل البيت؛ من التضعيف للسند، من التشكيك بالدلالة. مثلك ومثل أمثالك يضعون كثير من الشكوك في أيّ رواية جاءت في أهل البيت, من الطبيعي أن أحتاج إلى حوار وأحتاج إلى فترة زمينة طويلة من أجل طرح آية أو رواية في أهل البيت. ومن هنا أنا أريد أن أخصص جلسات كبيرة في آية أو في رواية, حتى أزيل كثير من الشبهات التي وضعتوها حول هذه الآية وهذه الرواية, وإلا الآية واضحة والرواية واضحة, أنتم وضعتم الشكوك حول هذه الآية وحول هذه الرواية وإلا هي: لو تركت بنفسها لكانت واضحة.
أنا أسألك واجب أرجوك عن هذا السؤال: لماذا يقول الإمام ابن تيمية: ترك الأمة الأربعة الإمام علي؟ وإذا كان فعلاً أنت قلت نحن أتباع الإمام علي فكيف تركتم الإمام علي؟ هذا كلام ابن تيمية أجب لو سمحت على هذا السؤال.
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب جزاكم الله خيراً, طيب دكتور أرجوك أن تبتعد قليلاً عن اللاقط حتى يكون الصوت واضحاً إن شاء الله, وأرجو عدم الكتابة الرجاء محمد علي وأحمد البعلبكي عدم التعليق، تفضل يا شيخ عثمان.
سماحة الشيخ عثمان:
دكتور عصام أنت تعتقد على معتقدك أقنع الناس هل هناك نصّ صريح قطعي يكفي في الإمامة أو لا تستطيع أن تثبت الإمامة إلا من مجموع الأدلة هذا ما نريده منك؟ وأن تقول لنا كلام ابن تيمية أين موجود؟
سماحة الدكتور السيد عصام:
عفواً أنت سألتني أنا أجبت عن كل أسألتك, أنت أجب عن هذا السؤال, فقط كلام ابن تيمية في كتابه «منهاج السنة» أجب عن هذا السؤال إذا كان الإمام ابن تيمية يقول: ترك الأئمة الأربعة الإمام علياً ولم يأخذوا بفقه الإمام علي ولا قضاء الإمام علي فكيف تدعي أنكم تتبعون الإمام جعفر الصادق إذا تركتم الإمام علي أفضل أهل البيت؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
دكتور عصام أذكر الجزء والطبعة والصفحة, ثم أجب عن سؤالي كذلك هل يوجد عندكم دليل واحد صريح أم هذا الذي قلته مجموع الأدلة؟ تفضل.


سماحة الشيخ مصطفى الطائي:
بسم الله الرحمن الرحيم المناظرة الحادية عشر والتي جرت في غرفة الشيخ عثمان الخميس.
سماحة الشيخ عثمان الخميس:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيد الورى وعلى آله وصحبه, ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.
أما بعد؛ حياكم الله تعالى جميعاً في هذه الغرفة, وأسال الله تبارك وتعالى أن يشكر فعلكم وأن يوفقنا وإياكم جميعاً إلى معرفة الحق ومن ثم اتباعه, وأن نقول جميعاً في بداية هذا اللقاء: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, والكلمة للدكتور الشيخ عصام العماد وتفضل.
الأخ طالب حق وهو سماحة الشيخ مرتضى الطائـي غرفة الحق من طرف الاثني عشرية:
عفواً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد.
عفواً المسألة فنية فقط حتى نتقنها لكـي يبدأ سماحة الدكتور السيد عصام إن شاء الله بإذن الله, وهي فقط سؤال إلى الشيخ عثمان: شيخنا باعتبار أنّ الفرصة التـي أعطيناكم إياها أن تكون المناظرة في غرفتكم الخاصّة, أنتم شيخ عثمان في غرفة الشيخ عثمان, وليس في غرفة يعتبر الشيخ عثمان ضيف فيها, كما إننا ضيوف فيها, فهل هذه الغرفة التي نحن فيها هي غرفة الشيخ عثمان الخميس أم غرفة يعتبر الشيخ عثمان مجرد ضيف فيها؟ وهذه المسألة تخصنا وتهمنا, وبلغنا الأخوة إن شاء الله للأغراض التي من أجلها نهتم بهذا الجانب وبهذه المسألة, فالسؤال هو: هل هذه الغرفة هي غرفة الشيخ عثمان الخميس أم غرفة الشيخ عثمان ضيف فيها؟ أجبنا عن هذا السؤال جزاك الله خيراً يا شيخ عثمان تفضل.
سماحة الشيخ عثمان:
هذه الغرفة لي ولكن كوني أنا بالنسبة لتواجدي فيها قليل جداً يكاد يكون كل أربعاء, لذلك الشباب يساعدون فقط في إدارتها, أما الغرفة هي باسمي وهي تغلق إذا أردت, إلا إذا طلبتم أنها تغلق أغلقها, وإلا الأصل إنها غرفتي.
سماحة السيد طلال غرفة الحق من طرف الاثني عشرية:
طيب جزاكم الله خيراً أخي العزيز الشيخ عثمان الخميس على هذا التوضيح وعلى بركة الله إن شاء الله نبدأ, يتفضل سماحة الدكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي, وأفوض أمري إلى الله إنّ الله بصير بالعباد.
أتقدّم بداية بالشكر لجميع القائمين على غرفة الشيخ عثمان الخميس، وأرى من الضروري ومن الواجب الشرعي قبل أن نبدأ بهذه المناظرة أن أشير إشارة سريعة إلى ما تصنعه أمريكا في البلاد الإسلامية في العالم, من تقتيل وتشريد, أو مصادرة أموال, فقد قتلت أمريكا زبدة الشباب المؤمن الذين هاجروا للجهاد في سبيل الله, وتركوا أموالهم وتركوا كل ما لديهم من أجل رفع راية الإسلام, وقتلت أمريكا خيرة الشباب في فلسطين, ولم تبق دولة من دول العالم إلا وقد تعرض شبابها المؤمنون الصادقون الأتقياء الذين هم خيرة الشاب المؤمن, والذين تركوا كل ما يتعلق بشؤون الدنيا, وهاجروا إلى الله. وكل هذا القتل وإبادة الشباب المسلم يتم تحت عنوان محاربة الإرهاب.
يا أخوان أمريكا تريد إسلاماً خاصاً, إسلام على الطريقة الأمريكية، تريد إسلام يخضع لمصالحها الخاصّة، لكنها وجدت أنها لن تستطيع إيجاد إسلام أمريكي إلا إذا قتلت خلّص المؤمنين المجاهدين في جميع أنحاء العالم الإسلامي, ومن الدول العربية بالذات, ومن هنا قتلت البعض ووضعت البعض في السجون الأمريكية أو السجون الإسرائيلية.
إن أمريكا تريد القضاء على كل شاب مؤمن ومسلم ومجاهد سواء كان وهابياً أو سنياً أو اثني عشرياً.
ومن هنا أرى أن من واجبنا الشرعي أن نتحاور من أجل التقريب بين الوهابية وبين الاثني عشرية؛ لأن أمريكا عندما تقتل أخانا المجاهد المسلم الوهابي إنما تقتله لأنه مسلم لا لأنه وهابي, وهكذا عندما تقتل أخانا المجاهد المؤمن الاثني عشري في لبنان إنما تقتله لأنه مسلم, لا لأنه من الاثني عشرية, فنحن جميعاً مسلمون، مسلمون وهابيون أو مسلمون سنيون أم مسلمون اثنا عشريون ونسأل الله أن يوفق الجميع وجزاكم الله خيراً.
أحمد البعلبكي من طرف الاثني عشرية:
طيب تفضل يا شيخ عثمان لك المايك.
سماحة‌ الشيخ عبد الرحمن الدمشقية من طرف الوهابية:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, طيب حياكم الله يا أخوان ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه المناظرة فيها مزيد من بيان الحق, من يبدأ الآن؟ نعتقد الشيخ عثمان أول.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أعيد وأكرر حياكم الله تبارك وتعالى, وقد ذكرت عدّة مرات في جلسات سابقة وهو إنني ذكرت بعض الأمور التي طلبت من الشيخ الدكتور عصام أن يجيبنـي عليها, سميتها كذباً وسماها هو غير ذلك, وطلبت منه أن يجيب عليها وما سمعت إجابةً, وهو قد وعد بالإجابة وإن شاء الله تعالى يجيب, لذلك أنا لن أكررها لأنه زعل وغضب دكتور عصام لأني أظهرتها, فأنا لن أذكرها في هذه الليلة، ولكن لا ننساها أيضاً ستذكر في جلسات قادمة إذا لم يجب عنها.
في الجلسة السابقة أنا طلبت من الشيخ الدكتور عصام أن يتكلم أيضاً عن الأدلة التي تدل على خلافة علي قبل خلافة عمر وعثمان, وعلى إمامته وعصمته, ولكن فوجئت من عصام من أنه حلل شخصيتي وهو يتكلم في أشياء أنا ما رأيت فيها شيء من الفائدة؛ ولذلك كلمت الدكتور أنا كما وعدت وقلت له في بداية المناظرات إني أريد أن أسمع كلاماُ مفيداً وإلا سأتكلم بما أراه أنه مفيد, وتكلمت المرة الأولى لما سمعت قريب من هذا الكلام عن «حديث الاثني عشر» فلم أسمع رده إلى الآن، لأن عصام كما قال يرى أنه ليس هذا وقته, وهو متى أراد طرحه ولا مانع, ثم مرت الجلسة السابقة حيث قال عصام أنه سيكمل حديثه عني, فأنا إن شاء الله تعالى على طريقتي وهي اني سأفتح الكلام عن «حديث الثقلين»، وإن شاء حديثاً غيره سأتحدث فيه أيضاً وإلا فليتكلم د. عصام بما يراه مناسباً. تفضل د. عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا وعدت في الجلسة الماضية إني سأتحدث عن نقطتين: النقطة الأولى سأتحدث عن «آية المباهلة», وأنا اخترت «آية المباهلة», كما قلت لأنها نقطة تكامل مع «حديث الكساء», وتختص بأهل الكساء.
وقلت سأتكلم كذلك عن نقطة أخرى وهي ما أشار إليه الشيخ عثمان الخميس في بداية هذه الجلسة وهو سماها كذباً واتّهمني بسببها بالكذب، وأنا سأناقش هذه الأمور مناقشة علمية, سأبين للشيخ أنه ليس كذباً ولكن كما وعدت في الجلسة الماضية, إنني سأبدأ في البداية أتحدث مقدمة بسيطة عن «آية المباهلة», التي سأجعلها حديثي في الجلسة القادمة كذلك, وأنبه كل الحاضرين بأهمية يوم المباهلة, وأهمية «آية المباهلة» ـ والجميع يعرف كما ورد في صحاح أهل السنة (الصحاح الستة), عفواً بتعبير علمي صحيح (الكتب الستة) لا الصحاح الستة ـ إن «آية المباهلة» ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخمسة أهل الكساء, وهم الرسول الأكرم والإمام علي والحسن والحسين وفاطمة, وسأذكر الرواية الموجودة في صحيح مسلم, لأنني أرى للأسف إن بعض المسلمين لا يدركون أهمية هذا اليوم, وهو يوم المباهلة حتى أن بعض المسلمين لا يعرفون عن يوم المباهلة شيئاً, مع أن يوم المباهلة يعتبر من أعظم أيام الإسلام, ولكنني آسف إن كثيراً من المسلمين يمرون على يوم المباهلة, وعلى «آية المباهلة» مروراً عابراً, ومن هنا فالواجب على كل من يعرف عظمة يوم المباهلة, وعظمة «آية المباهلة» أن يذكر للناس عظمة هذا اليوم المبارك, ويشرح للمسلمين ماذا حدث في يوم المباهلة، وما هي علاقة هذا اليوم بالخمسة أهل الكساء الذين اصطفاهم الله وطهرهم وجعلهم قرناء القرآن، ويبين للناس ذلك اليوم, وأهمية ذلك اليوم وقصة ماذا حدث في ذلك اليوم. نحن نحتاج أن نحيي الأيام القرآنية التي تحدثت عنها الإرادة الإلهية في القرآن لأن هذا اليوم هو يوم من أيام الله. ومن هنا جاء في كتاب الله لاسيما وإننا نعيش في هذه الأيام صراعاً شديداً مع أناس يزعمون أنهم أتباع المسيح, والمسيح منهم براء. وحين نعود إلى المباهلة ونتحدث عن علاقة «آية المباهلة» بالخمسة أهل الكساء المطهرين سوف نجد الصراع النبوي مع أناس كانوا يزعمون أيضاً أنّهم أتباع المسيح, ومن ثم فالعودة إلى يوم المباهلة لا غنى فيه, لأننا ما زلنا نعاني من مشكلة الصراع بين الإسلام وبين المسيحية, أو الناس الذين يزعمون أنّهم أتباع السيد المسيح عليه السلام. ونريد في هذا اليوم أن نبحث في آية قرآنية كريمة ترتبط بيوم المباهلة وهي «آية المباهلة», ولقد كانت «آية المباهلة» ولا تزال موضوعاً للأخذ والعطاء بين المسلمين وبين جميع علماء التفسير من الاثني عشرية ومن الوهابية ومن أهل السنة ومن السلفية. و«آية المباهلة» هي من الآيات التي لها وضع كبير في فجر التاريخ الإسلامي في العهد المدني, ولأهمية هذه الآية وأهمية الحدث الذي اقترن «بآية المباهلة» نجد أن علماء الإسلام من الوهابيين ومن السلفيين ومن الاثني عشريين كما قلت ومن أهل السنة كانوا ولا زالوا يكتبون بحوثاً مطولة عن هذه الآية, حتى خرجت كتب تتحدث عن «آية المباهلة» وعلاقة هذه الآية بأهل الكساء, النبي, والإمام علي وفاطمة والحسن والحسين ـ رضوان الله عليهم ـ.
وأرى أن يكون الحوار بيني وبين الشيخ عثمان سبباً لإحياء قصة المباهلة, ولإحياء أهل الكساء الذين كانوا هم الوفد الذين انتخبهم النبي أو انتخبتهم الذات الإلهية من أجل أن يباهل بهم, وحتى ننتقل من هذا العصر إلى عصر النبي يجب أن نعيش أجواء المباهلة، أجواء قصة المباهلة, حتى تكون الآية وفهم الآية وإدراك الآية يكون مفهوماً لدينا لأنه لا يمكن للإنسان أن يعيش وأن يفهم أي آية في القرآن ما لم ينتقل إلى الأجواء التي نزلت فيها, ويتخيل بنفسه كأنّها نزلت هذا اليوم ليعيش أجواء الآية.
ويجب أن لا يعيش أجواء المذهبية والصراع المذهبي أثناء بحثه عن آية المباهلة. هذه القصة بعد أن أصبحت جزءاً من كتاب الله الخالد لذلك فضرورة الحوار في «آية المباهلة» وهي آية واحدة من القرآن الكريم من بين الآيات التي تتحدث عن أهل الكساء. ونحن نجد في القرآن الكريم وفي السنّة النبوية مجالات كثيرة للحديث عن هؤلاء المطهرين الذين قرنهم الله في «حديث الثقلين» بالكتاب, وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين, ونجد مجالات أخرى لفضائل هؤلاء (الخمسة), ونجد الحديث عن هؤلاء (الأربعة) بتعبير أصح, ونجد حديثاً آخر وناحية أخرى من نواحي فضائل هؤلاء (الأربعة).
وهذه هي «آية المباهلة» في سورة آل عمران المباركة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) آية (61) آل عمران.
هذه هي الآية العظيمة, ولكن قبل أن نبحث عن هذه الآية لا بدّ أن ننتقل إلى الأجواء التي نزلت فيها ونبتعد عن أجواء المناظرة, نبتعد عن أجواء الخلاف اللفظي في هذه الآية, أو أجواء التعصب المذهبي, يجب أن ننتقل إلى جو المباهلة, إلى قصة المباهلة، إلى حدث المباهلة، والأجواء التي نزلت فيها الآية سوف تجعلنا نخرج من أجواء المناظرة وما فيها أحياناً من مخاصمة, وننتقل إلى أجواء البحث العلمي والموضوعي, يجب أن نعيش الآية وكأنّ الآية نزلت في يومنا هذا, في هذه الجلسة, في هذه المناظرة, في هذه الساعة, في هذا التاريخ.
فتح رسول الله (ص) مكة فبهت عبدة الأصنام وهالهم أمر رسول الله، واضطرب النصارى في نجران بعد أن بلغهم أنّ النبي فتح مكة, وانخلعت قلوب القساوسة الذين يسكنون في نجران وهالهم انتشار الإسلام, وبينما هم في الحيرة إذ ورد عليهم كتاب رسول الله يدعوهم للإسلام أو إعطاء الجزية أو الحرب! ولقد عظم هذا الموقف على رؤساء نجران، هذا التحدي من النبي، فعقدوا مؤتمراً يبحثون فيما يجب عليهم أن يصنعوه؛ لأن عوامل الخطر أصبحت محيطة بنجران بصورة‌ خاصة وبالنصرانية بصورة عامة, وخاصةً بعد سقوط مكة وبعد أن حررها النبي من براثن الشرك, ولما فتح النبي ‌(ص) مكة وانقادت له العرب, وأرسل رسله, ودعاته إلى الإسلام, وكأنه الآن أرسلهم, وكاتب الملكين؛ كسرى وقيصر يدعوهما إلى الإسلام أو الإقرار بالجزية، أو الحرب. وكان من الطبيعي أن تثور ثائرة نصارى أهل نجران وأن تمتلئ قلوبهم رهباً لرسول الله, لاسيما بعد أن وفدت عليهم رسل رسول الله وهم: عتبة وعبد الله وغيرهم من أولئك الذين بعثهم النبي ‌(ص). وكان في كتاب النبي إلى أهل نجران (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آية 64 آل عمران.
إن هذه الرسائل جعلت أساقفة نجران يعيشون حالة الذعر الشديد, وهزّت هذه الرسائل النبوية أهل نجران هزاً عنيفاً.
و يكفي أن تقرأ آيات الحوار في القرآن بين الإسلام والمسيحية المحرفة المزورة لندرك الحوار الطويل بين المسيحية والإسلام. وأنا أذكر هذه لأنها مقدمة ضرورية لمعرفة «آية المباهلة», وأهمية «آية المباهلة», ومعرفة الاجواء الخطيرة التي نزلت فيها وارتباطها بأهل الكساء. وعندما نواجه ذلك الحوار من خلال القرآن سوف نجد أنّ القرآن كان يخاطبهم بالمنطق العقلي العلمي الموضوعي, في حين كانت مواجهة الذين قالوا: إننا نصارى! كانت غير عقلانية وغير علمية, لاسيما أن أهل نجران كانوا سيتخذون الهجرة ليأمنوا من هذا الدين الجديد الذي خافوا منه؛ لأنه سيسلب من أساقفة نجران مناصبهم الكبرى, ومكانتهم التي اكتسبوها بما لديهم من شرف ومن وجاهة عند ملوك النصرانية جميعاً, في الروم والحبشة وغيرهما من مناطق العالم.
ولا بدّ لنا يا أخواني الحاضرين أن ندرس خلفيات ومعطيات يوم المباهلة؛ لأن الكثير من المسلمين لا يدركون هذا اليوم, ويمرون بـ «آية المباهلة» المرتبطة ارتباطاً كاملاً بأهل الكساء, الذين طهرهم الله, والذين قرنهم بالقرآن والسنة في «حديث الثقلين» الوارد في مسلم.. يمرون عليها مروراً عابراً. وبسبب هذا المرور السريع نجدهم لا يلتفتون لما في «آية المباهلة» من حقائق هامة وخطيرة متعلقة بأهل البيت النبوي (الأربعة) الذين هم أصحاب الكساء. ومن هنا لا بدّ قبل أن نبدأ ببيان ما في «آية المباهلة» من فضل ومن إشادة بأهل الكساء لا بدّ لنا أن نعيش أجواء «يوم المباهلة»؛ لأنه كما قلت: لا يمكن أن ندرك عمق «آية المباهلة» إلاّ إذا درسنا خلفيات ومعطيات يوم المباهلة.
ونواصل بحثنا عن قصة المباهلة قبل أن نبدأ بالبحث عن «آية المباهلة».
أخواني: نحن من خلال قراءة القرآن حول بعض المسيحيين نستيقن أنه كان في هؤلاء الأساقفة من هو مؤمن برسالة محمد ‌ـ صلى الله عليه وآله ـ ومصدق بدعوته, لكنهم كانوا يخشون أن يفقدوا مكانتهم إذا أعلنوا إسلامهم.
وحين لم ينفع معهم المنطق والبرهان والحجج القوية القرآنية المذكورة في هذا المصحف, من هنا طلب النبي ‌ـ صلى الله عليه وآله ـ منهم المباهلة, وذلك بعد أن لم يقتنعوا بالبراهين القرآنية القوية, كما يظهر من آيات المباهلة أن النبي هو الذي طالب المباهلة وهو الذي طالب الملاعنة؛ لا أن النصارى (نصارى نجران) هم الذين طالبوا المباهلة. وهكذا نجد بأن الروايات تبين أيضاً أن الذي طلب المباهلة هو رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ لا أساقفة نجران, أي أن هذا الطلب هو طلبٌ نبوي, وأنا أريد أن أقول: الذي طلب الأمر هو رسول الله, من أجل أن يُعرف ما دام أن النبي قد حدد يوم المباهلة, وما دام أنّه قد طلب المباهلة فهذا أمر لمن رجع إلى آية المباهلة؛ أمر من السماء، قل يا محمد: تعالوا، قل.. أمر من السماء.
إذن فالوفد الذي سيباهل به النبي وهم أهل الكساء (الأربعة) سيكون كذلك اختارتهم السماء, هذا ما أريد أن أصل إليه، هذه النتيجة التي أريد أن أصل إليها. كان النبي يريد أن يبيّن لهم أنّ عيسى كان مخلوقاً وعبداً لله, وكان مكوناً من لحم ودم وعظم وعصب, ليس في الإسلام إلوهية لأحد, كل موجود إن كان إماماً أو كان نبياً هو مكون من لحم ومن عظم, وهو مخلوق, عبد حقير, أمام الذات الإلهية، كان معصوماً نبياً أو إماماً أو كان من كان هو حقير أمام الذات الإلهية، يأكل الطعام ويظمأ. وكان نصارى نجران يحتجون بحجج واهية؛ أن أحداً مثل عيسى جاء من دون أب ولكن القرآن أجابهم بحجة قوية عقلية ومنطقية، هذا آدم أعجب من عيسى، ولد من غير أب ولا أم. (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون).
وحين يرفض أهل الباطل الحق كان على النبي أن يلجأ إلى المباهلة لأن المباهلة هي الطريق الأخير عندما لا يرتضي الباطل أن يستسلم للبرهان. وكأنَّ النبي يقول لنصارى نجران هيا بنا ننظر أيّنا أولى بالحق! من يدعي الإلوهية لعيسى وهو بشر, وكل موجود من غير الذات الإلهية من المخلوقات البشرية هو لحم وهو عظم, ليس له أيّ قيمة إلا من عطاء الله, وليس له أيّ وجود إلاّ ووجوده مستمد من الذات الإلهية، وليس له أيّ علم إلا وهو مستمد من الذات الإلهية! لو غابت الذات الإلهية عنه لحظة لتحول إلى عدم, كان من كان، كان نبياً، كان إماماً، كان معصوماً أو كان غير معصوم.. وهذه هي عقيدتنا في النبي وأهل بيته, لا نشك في أنّهم بشر وعبيد حقراء أمام الذات الإلهية.
كان النبي يريد أن يبيّن بشرية عيسى، فالنبي بعد أن عجزت عن إقناعهم تلك الأدلة التي ذكرناها أمره الله أن يلجأ إلى المباهلة, وأن تكون هنالك اللعنة على الكاذب إن كان محمد (حاشاه) أو كان النصارى الذين يدعون إلوهية عيسى. ومن هنا سارع الوحي إليه ونزل عليه قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم …) الآية. وكان الناس ينظرون بشغف بمن سيباهل النبي، أبكافة أتباعه من أصحابة أم بأهل المكانة من أصحابه أم بأقرب الناس إليه؛ بعمه العباس وهو كبير الأسرة النبوية أم أنه سوف يباهل بأهل الكساء المطهرين (الأربعة)، (الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين)؟ لأن دائرة الطهر هي التي يجب أن تقف أمام دائرة الرّجس والشرك, من أهمّ مصاديق الرجس, ومن هنا نجد أن دائرة الطهر بعد النبي هي التي وقفت أمام مخطط دائرة الرجس من بني أمية, وبالفعل كان أهل الكساء هم أهل مباهلة النبي مع النصارى؛ لأن أهل الكساء هم الذين اصطفاهم الله من بين بقية أهل البيت وهم قرناء القرآن في «حديث الثقلين» الوارد في صحيح مسلم, وهم قدوة لكل أهل البيت من غير المطهرين, ولكل أتباع النبي يجب على المؤمنين الاقتداء بهم؛ لأنهم الثقل الثاني من بعد الثقل الأول الذي يمثل القرآن والسنّة.
ومن هنا اختارهم الله من بين سائر المؤمنين.. اختارهم للمباهلة مع النصارى, ولم تكن مفاجئة للمؤمنين حينما شاهدوا رسول الله (ص) يختار أهل الكساء للمباهلة والمفاصلة مع النصارى؛ لأنهم يعرفون اهتمام النبي الأعظم بأهل الكساء, عندما اختار النبي علي وفاطمة والحسن والحسين من أجل لحظه خطيرة ومهمة في فجر الإسلام؛ لأنها اللحظة الفاصلة التي تحسم بين مبدأين؛ مبدأ التوحيد ومبدأ الشرك. مبدأ من يدعي الإلوهية لغير الله ومبدأ من يثبت التوحيد بالأدلة والبرهان. وأتي النبي بأهل الكساء, في هذا الموقف الحاسم والخطير موقف مشهود ليظل مصبوغاً ومثبتاً في رؤوس البشرية جميعها, من أجل أن يبيّن المكانة العظيمة لأهل الكساء؛ لأنه لا يمكن أن تلغي هذا اليوم من التاريخ ومن تاريخ المسلمين, لقد تلمَّس الناس ما هي الوجوه التي سيخرج بها النبي من أجل المباهلة مع النصارى؛ لأنهم يعرفون أنه يوم محسوم؛ لأن الناس عرفوا أن هذه المباهلة نقطة هامة في تاريخ الأنبياء جميعاً.
نقطة تبين هل الحق مع الموحدين أو مع المشركين.
وبعد لم يكن عجباً إذا اهتم جميع علماء الإسلام في ذكر يوم المباهلة وفي ذكر من اختاره النبي ليوم المباهلة.
من هنا كان سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ يتمنى أن تكون له هذه الفضيلة العظيمة, أي أن يكون كالإمام علي الذي اختير في يوم المباهلة, وكان عم النبي العباس يتمنى أن يباهل به النبي لاسيما أنه كبير أهل البيت, وهو أقرب إلى النبي من علي, ولكن القضيّة لا ترتبط بالأقرب ولا بالأكبر ومن هنا كانت هذه الآية من أهم الدلائل على مكانة أهل الكساء (علي وفاطمة والحسن والحسين), وليس عجباً إذا كان اختيار الله لهؤلاء (الأربعة) في المباهلة والمفاصلة والملاعنة بين التوحيد وبين الشرك يصبح هذا الاختيار يردد في كل كتب الحديث أراد الله أن يجعله حجة وبرهان لكل من أراد أن ينسي مقام هؤلاء (الخمسة), ومقام الثقل الثاني بعد الثقل الأول المتمثل بالقرآن والسنة.
لقد آمن بهذا اليوم كما آمن بهذا الوفد الذي اختاره النبي من أجل المباهلة أهل السنة والوهابية والاثنا عشرية والسلفية, وقد كان المؤمنون كثيرون الذين دونوا هذه الحادثة المهمة وذكروا أنّها كانت في السنة العاشرة, ولكن الله اختار في هذا اليوم على الرغم أنّه كان في السنة العاشرة, وكان عدد المؤمنين كثيراً في هذه السنة؛ كان فيهم المهاجرون وفيهم الأنصار, لكن الله اختار من بين جميع المؤمنين أختار (الأربعة) أهل الكساء, وكان الناس يحسبون أنه لا يمكن أن يترك العباس؛ لأنه الأقرب والأكبر في أهل البيت, ولأن عادة العرب في المباهلة أن تختار الأقرب والأكبر, ولكن النبي اختار للمباهلة المطهرين من أهل بيته, ورفض أن يباهل بعمه؛ لأنه لم يكن من المطهّرين, حتى يبيّن للناس أنه يجب التمييز بين دائرة المطهّرين من أهل بيته وبين دائرة غير المطهرين من أهل بيته.
كانت صورة الموقف العظيم يوم المباهلة تغرس في نفس أصحاب النبي المكانة العظيمة لأهل الكساء الأربعة فإن الرسالة السماوية اختارت لأجل هذا اليوم العظيم هؤلاء (الأربعة), لقد كان جميع المؤمنين يرغبون أن يختارهم الله لهذا اليوم, لعلمهم بأن هذا اختيار سماوي, وفجأة يرون النبي يأخذ معه ابن عمه علي بن أبي طالب, وزوجة علي بن أبي طالب, وابني علي بن أبي طالب (الحسن والحسين), فقال الناس: كيف أخذ ابن عمه وترك عمه؟!! وتمنى سعد بن أبي وقاص ـ كما قلت ـ أن يحصل على هذه الفضيلة كما ذكر ذلك في كتب أهل السنة, وتمنى العباس أن يأخده النبي معه, ولا شك بأنّ هذه الفضيلة, ما هي إلا حلقة من حلقات فضائل الإمام علي وفضائل أهل الكساء! ولكن الذي يميز هذه الفضيلة أن النبي قررها في حدثٍ خطير, يحمل معالم الإنذار لغضب الذات الإلهية من الذين ادعوا الإلوهية للمسيح‌ عليه السلام.
وكان الناس يتساءلون ليل نهار: من سيباهل به النبي؟ يا ترى؟ أيخرج النبي ومعه جميع أصحابه؟ أترى يخرج إلى المباهلة ومعه جميع نساؤه؟ أترى يخرج إلى المباهلة ومعه جميع أهل بيته من دائرة المطهرين ومن دائرة غير المطهرين؟ أم أنّ النبي يختار أبا بكر وعمر وعثمان؟ أم أنّ النبي سيختار لهذا اليوم العظيم عائشة وحفصة وأم سلمه؟ أصبح الناس يلتفتون يميناً وشمالاً ينظرون إلى «آية المباهلة» ويقولون: يجب أن نقرأ الآية حتى نعرف من يختار النبي للمباهلة. إنّ الآية تبيّن أنه سيدعو نفسه، فمن هو القائم مقام نفسه حتى يأتي، هل نفسه هو ذاته أم أن نفسه غيره حتى يدعوه للمباهلة؟ ومن هم أبناؤه الذين وردوا في «آية المباهلة» والذين سيدعوهم النبي للمباهلة؟ ومَنْ مِنْ النساء سيأتي بها, هل سيأتي بالسيدة عائشة؟ ومن هن اللاتي سيدعين للمباهلة؟ من هؤلاء الذين تعنيهم «آية المباهلة» الكريمة؟
ربما حسب البعض أنّ الذين سيختارون للمباهلة هم حذيفة وسلمان وعمار وأبا ذر؛ لأنهم من خلّص أصحاب النبي. والبعض يعود فيقرأ «آية المباهلة» التي أشار الله سبحانه وتعالى إلى أعضاء الوفد العظيم المصطفى في أبلغ وأسمى ما تعرفه البلاغة من أسلوب وأن «آية المباهلة» قد رسمت المنهج الأمثل للمتخاصمين في الله, ولكن يا ترى من هم الأبناء الذين يدعوهم رسول الله؟
يا ترى من هن النساء اللاتي يدعوهن رسول الله للمباهلة في هذا اليوم العظيم؟
يا ترى من هي الأنفس التي سيدعوها للمباهلة لأجل هذا اليوم العظيم؟
لكن الصحابة يعلمون أن الغرض من هذه المباهلة هو توطيد دعامة الحق وإثبات التوحيد. ومن هنا فالكل يعلم أن مسألة الاختيار لهذا اليوم هو مقياس سماوى، اختيار سماوى.. وإن الوفد الذي سيباهل به النبي في هذا اليوم العظيم إنّما يكون بحسب فضل الأشخاص الذين يقع عليهم الاختيار, وعلى مدى تمتعهم بالفضيلة والتقوى يقع عليهم الاختيار, ورسول الله‌ ـ صلى الله عليه وآله ـ لا يختار إلاّ من يختاره الله. ومن هنا الذي أمره بالمباهلة هو الله, والذي سيختارهم للمباهلة هو الله. ومن هنا اختار النبي المطهرين من أهل البيت الذين اختارهم الله ووقع اختياره على الإمام علي من الأنفس, وعلى اختيار فاطمة من النساء, وعلى اختيار الحسن والحسين من الأبناء.
والإنسان المتأمل في هذه الآية لا بدّ أن يعرف لماذا اختار الله للمباهلة هؤلاء الأربعة؟ لماذا اختار ابن عمه علي وترك عمه العباس؟ أليس في ذلك دلالة على الفرق بين دائرة المطهرين من أهل البيت وبين دائرة غير المطهرين من أهل البيت؟ لماذا اختار الإمام علي وهو شاب فتىً اختاره وجعله يقوم مقام نفسه, ثم يترك العباس وهو شيخ كبير؟ ثم لماذا ترك عائشة مع أن الآية تقول نساءه يأتي بنساءه وترك حفصة وترك أم سلمة وترك جميع نساء المهاجرين والأنصار, ثم اختار من بين جميع نساء‌ المؤمنين فاطمة؟ ثم لماذا يترك النبي جميع أبناء عمه ويترك جميع أبناء بني هشام وجميع أبناء أهل بيته وجميع أبناء الأنصار والمهاجرين, ثم يختار طفلين صغيرين الحسن والحسين ليباهل بهم في هذا اليوم العظيم؟
لا يمكن أن نجد أيّ جواب سديد لهذه التساؤلات إلاّ إذا علمنا أن هؤلاء الأربعة هم المنتخبون؛ وهم الثقل الثاني, وإلا إذا قرأنا «حديث الثقلين» الوارد في مسلم قراءة جديدة لنعرف أنّ مقام هؤلاء ليس بالمقام الهين؛ لأنهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة النبوية, وسمّاهم النبي الثقلين؛ لأن ما عداهما خفيف, ما عدا القرآن والسنة وأهل البيت المطهرين خفيف, ما عدا هذه الثلاث خفيف.. النبي حدد أهل البيت المطهرين حدّدهم في يوم المباهلة؛ اللّهم هؤلاء أهل بيتي بعد أن حان وقت المباهلة جمع الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال: [اللهم هؤلاء أهل بيتي], لماذا؟ بالله عليكم هل أحد يأتي بابنته ويقول هذه من أهل بيتي؟! هذه مسألة واضحة أن البنت هي من أهل بيت الشخص! لكن النبي يريد أن يقول شيئاً، وهو: إن هؤلاء هم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة, حتى لا يأتي أحد ويحرف الدين ويتلاعب في الدين باسم أهل البيت. أراد أن يبيّن من هم المطهرون ويفصل بين دائرة المطهرين من أهل البيت وغير المطهرين, وحتى يتضح الأمر.
حسبنا جميعاً أن نرجع إلى البخاري ومسلم والأمهات (الستة) فإن الأمهات (الستة) حفظت لنا، كثير من الروايات في فضل هؤلاء (الأربعة) أهل الكساء، أهل المباهلة, وحين نطّلع علي فضائلهم سوف نعرف السر الذي جعل الذات الإلهية تختارهم لهذا اليوم العظيم.
نعم إن الله اختار علياً وفاطمة والحسن والحسين من أجل أن يباهل بهم في موقف حاسم؛ لأنه يعلم أنه سوف يأتي من يخلط بين دائرة المطهرين ودائرة غير المطهرين, ويعلم (ص) أنّه سيأتي أناس وينكرون هذه المقام العظيم لهؤلاء, اختارهم ليؤمنوا على دعاء رسول الله (ص) ويعلم أن دائرة الرّجس من بني أمية سوف تجعل مجموعة من المسلمين تنسي هذا المقام العظيم لهؤلاء المطهّرين؛ لأنه لا يمكن أن يتوقف الصراع بين دائرة الرّجس ودائرة الطهر. ولم يكن الاختيار من رسول الله أبداً, بل كان الاختيار من الذات الإلهية التي طهرت هؤلاء, وهي التي أمرت النبي أن يباهل بهؤلاء المطهرين. أخواني هذه مجرد فقط مقدمة عن «آية المباهلة», وسوف استمر في البحث عنها في الجلسة القادمة, وبعد أن أستمع إلى الشيخ عثمان وما يريد أن يقول, سوف أبدأ بذكر قضية اتهامات الشيخ عثمان كما وعدت في بداية الجلسة الماضية, ثم سوف أأتي بالدلالات التي تدل علي فضيلة هؤلاء, وأذكر أقوال أهل السنة وأقوال علماء غير أهل السنة في أن هؤلاء هم المطهرين. ومشكلة الشيخ عثمان الخميس أنّه إلى الآن لم يميز بين المطهّرين من أهل البيت الذين قرنهم الله بالقرآن والسنة وبين غير المطهّرين. وعندما أنا أقول لكم: إن عبد الله بن عباس ليس من أهل البيت أعني ليس من المطهّرين من أهل البيت لا أنه ليس من أهل البيت غير المطهرين, فهو لا يخرج عن أهل البيت بشكل مطلق, ولكنه لن يستطع أن يدرك هذه المفاهيم العظيمة لماذا؟ لأنه يمرّ على هذه الآيات مروراً عابراً وينظر إليها من زاوية التعصب المذهبي لا من زاوية البحث العلمي، وتفضلوا معكم المايك وجزاكم الله خيراً.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
محمد علي لعلك تجيب ما أدرى الصوت مسموع وأنا أرجوا عدم رفع اليد إلا بعد انتهاء المناظرة أرجو ذلك وإلا سنضطر إلى أخرج أيّ واحد يرفع يده, طيب تفضل يا شيخ عثمان لك اللاقط وإن شاء الله الأخ محمد علي يحسب الوقت إن شاء الله تفضل يا شيخ.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أولاً: أقول: حيّاك الله أبا أحمد بعد غيابك فترة من الزمن, فحياك الله تبارك وتعالى وعوداً حميداً. فقط كلمة بسيطة للدكتور الشيخ عصام العماد، دكتور عصام لعلّك تظن أنّك دخلت على غرفة [again love always will we” and again] هذه غرفة النصارى حتى تتكلم؛ لأن هذا الكلام مناسب لهم جداً, لو دخلت هناك وتكلمت بهذا الكلام جيد, هل تظن أنّك تناقش يوحنا أو متى أو مرقص أمامك الآن؟!
حتى تطل علينا في هذه الكلمات التي لا أظن أن أحداً من المسلمين يجهلها ولا هي موضوع بحثنا! كنت أظن إنك ظنيناً بهذه الخمسين دقيقة، وإنك حريص عليها أشد الحرص لا تضيع منها دقيقة واحدة, ولكن لعلك لما ضيعت الدقائق كلها في الجلسة الماضية صار الأمر سيان بالنسبة إليك! وأنا أهنئك على استخدام عنصر المفاجئة باختيار «آية المباهلة»؛ لأنك وعدتنا في الأسبوع الماضي أن تكمل حديثك عن شخصيتي ودراسة شخصيتي؛ وفاجأتنا الآن وأنت تتكلم عن «آية المباهلة».
دكتور عصام عنصر المفاجئة جيد جداً, ولكن لعلك في هذه لم تصب. دكتور عصام هذه الآية [آية المباهلة] بكلامك عن النصارى, يعني عندما نحاور نحن النصارى, وأنا أعني بكلمة نحن؛ نحن أهل السنة، عندما نناقش ونحاور ونسكت النصارى فإننا أبداً لا نتعدى على مقام سيدنا المسيح ـ عليه الصلاة والسلام ـ أبداً لأننا نعرف له قدراً ونعرف أنه من أولي العزم, من الرسل ـ صلى الله عليهم وعلى نبينا محمد ـ. وكذلك الأمر معكم نحن لن نتكلم أبداً في يوم مِنْ الأيام في علي‌ ـ رضي الله عنه ـ فهو سيدنا وإمامنا وقدوتنا وحبيبنا, ولذلك ما ذكرت من فائدة تجدها في كتب أهل السنّة, بل والله لا تجد فضائل علي إلا في كتب أهل السنة، فتجد فضل علي في كتبنا بالأسانيد الصحيحة بينما تعجز أنت وغيرك أن تأتوا بفضائل علي‌ ـ رضي الله عنه ـ من كتبكم بأسانيد صحيحة.
أما نحن فنحن الذين نروي فضائله، ونحن الذين نحفظها له ـ رضي الله عنه ـ. ولكننا نحن لا نغلو فيه لأنه قال أو قال عنه النبي‌ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، إن صح الحديث ولا أظنه صح: [يهلك فيك إثنان مبغض قال ومحب غال]. فلا نغالي في حبه ولا نبغضه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ بل نحبه ونترضى عنه ونتقرب إلى الله جلّ وعلا بحبه, ونستشعر دائماً قول النبي‌ صلى الله عليه وسلم لعلي: (لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق).
هذه الآية «آية المباهلة» لا لا أخالف أبداً بأنها تدل على فضل علي وفاطمة والحسن والحسين فكان ماذا؟ هل أنت جئت لتظهر فضلهم؟ نحن نعرف فضلهم قبل أن نسمع صوتك، ولا صوت غيرك, ولكننا نحن نتناقش هنا في الإمامة. في العصمة, في الآيات, في الأحاديث التي تدل على عصمتهم وتدل على إمامتهم، أين الإمامة هنا؟ أين العصمة؟ اظهرها لنا تفضل يا دكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, قال أخي فضيلة الشيخ عثمان في بداية كلامه: إنه أنا وعدت أن أتكلم عن اتهاماته بتكذيب كل الذين ناظروه, وقال: لماذا خلف الوعد أنا ما خلفت الوعد، أنا قلت في الجلسة الماضية: إنني أرجو من الشيخ عثمان أن يسمع الأشرطة؛ لأن عدم مراجعته لها هو الذي يجعله لا يفهم كلامي, كما قال في الجلسة الماضية: إني كنت أظن أنّ عصام يقول إن أهل البيت هم فقط علي والحسن والحسين وفاطمة والبقية ليسوا من أهل البيت, وبعد ذلك فهمت أنه يقول إن عبد الله بن عباس من أهل البيت, لكنه يقول: إنه ليس من المطهرين! بعد أن سمع الشيخ عثمان الأشرطة قال ذلك! فأنا أرجوه دائماً أن يسمع الأشرطة؛ لأنه من أسباب اتهاماته لي بالكذب أنّه لا يراجع الأشرطة كما قال في الجلسة الماضية: إنه أنا (الشيخ عثمان) لا أعطي لهذه المناظرة إلاّ ليلة واحدة أو ساعة واحدة، هذه ليلة الأربعاء ما أعطيهم من وقتي! وهذه هي الإشكالية الكبرى التي يقع بها؛ لأنه ما يعطي وقته لهذه المناظرة. فاذكِّر إنه يجب أن يكون دقيقاً, راجع الأشرطة سوف تذكر إنني قلت في نهاية الجلسة: أنا لا تهمني المفاجئة, ولا أحب أن استخدم أسلوب المفاجئة مع أخي في الإسلام قلت لك: سأتحدث عن «آية المباهلة», وسأتحدث عن بعض المسائل التي اتهمتني بها, ثم عندما قال: إنني تحدثت في الجلسة الماضية عن «حديث الثقلين» ما هو رأيكم وأنتم سمعتوا الشيخ تحدث عن «حديث الثقلين» بطريقة خارجة عن موضوع حديث الثقلين؟ وثم إنه قال لي نفسه: اختر أي رواية! اختر أيّ آية! أصعد بأعلى ما عندك, أنا حضرت كل شيء!! ولما هذه كلمة قالها لي, وهي ليست كلمة جيدة في الكويت (أينما تطقه طار)!! وقال له: إن يختار أيّ آية, أو أيّ رواية (أينما تطقه طار)! هذه كلمة أنا أعرفها تستخدم من أبناء الأسواق في الكويت! يأتون بها ولا يأتي بها خطيب جمعة!! قال هذه الكلمة وقال: اختر ما تريد، اصعد بأعلى فرس! اختر الرواية التي تريد!! حتى لو فرضنا أنا لم أخبره واستخدمت معه عنصر المفاجئة كما يقول, فليس غريباً عنه الاختيار؛ لأنه قال أنا محظّر في كل شيء، أنا أين ما تطقني أطير! قال هكذا هذه العبارة موجودة! وقال: سوف أحاورك فيما تريد وفيما تختار, في أي موضوع, في أيّ رواية في أي شيء. لكنه الآن لماذا أنا اختار الآية؟ اختار الرواية؟ ولا يناقشني ويقول: ما سمعت شيئاً! لم أسمع شيئاً! لم أسمع شيئاً! ولم أسمع شيئاً جديداً!
إذن لماذا تناقشني إذا لم تسمع شيئاً؟ أنا كل ما أتيت به لم أأتي به قبل هذه الجلسة. وعندما يقول حاورني بما تريد! اختار الآية التي تريدها! فلماذا لا يفي بوعده؟ ثم يذكر حجة ضعيفة. ولو كان جاداً في أنّه يريد البحث عن الحق وهو قال: اختر ما تريد. وكما قال الآن: أنت لم تأت بشيء جديد. عندما أتيت له «بحديث الثقلين» وناقشته في البداية, في أول جلسة رفض وقال: لا نريد, أريد دليلاً من القرآن الكريم لا من السنة النبوية! فاخترت أنا «آية التطهير», جئت بـ «آية التطهير» قال: ما عندي بحث (خلص)! أنا انتهيت من البحث, ما عندي شيء أصلاً, ولم أسمع شيئاً جديداً!!
أتيت أحاوره في بحث الاصطفاء واصطفاء (الخمسة), والفرق بين دائرة المطهرين من أهل البيت وبين دائرة غير المطهرين من أهل البيت. قال: والله أصلاً هذا ما هو كلام مضبوط وما هو كلام جديد!! وهكذا دائماً, يعني لا يحاورني. يقول: أأتي بما تريد! أصعد أعلى ما عندك! اختر الرواية التي تريدها! حتى في المواضيع التي يختارها الشيخ عثمان مثل الجلسة الماضية اختار «حديث الثقلين», قال: أنا سأتحدث عن «حديث الثقلين», هو قال واختار بنفسه, ثم جاء من دون أن يبحث في «حديث الثقلين» بكلمة واحدة, بل خرج عن موضوع «حديث الثقلين» إلى موضوع آخر وهو: ما هو موقف الاثني عشرية من أهل البيت وما هو موقفهم من كتاب الله, أي من الثقل الأكبر؟! وهذا يدل على أنّ الشيخ عثمان لا يعرف أيّ شيء عن أسس الحوار العلمي والموضوعي. كان على الشيخ عثمان أن يبحث عن مفردات «حديث الثقلين», عن الكلمات الواردة في «حديث الثقلين», وعن دلالات «حديث الثقلين», ما المراد بهذا الحديث؟ هل هما الكتاب والسنة أم هما الكتاب وأهل البيت؟ هل يدل «حديث الثقلين» على التمسك بالثقلين أم لا يدل على ذلك؟ ولكن الشيخ خرج عن البحث في حديث الثقلين إلى موضوع هل الاثنا عشرية يتمسكون بالثقلين؟ هل تمسكوا بالقرآن أم لا؟ هل تمسكوا بأهل البيت أم لا؟ هذا البحث خارج عن موضوع «حديث الثقلين», خارج عن بحث «حديث الثقلين»؛ لأن البحث الموضوعي يكون حول: هل يدل «حديث الثقلين» على التمسك بأهل البيت أو لا يدل؟ ولا شأن لنا عند البحث عن «حديث الثقلين» بموضوع هل الذين تمسكوا بأهل البيت هم أهل السنة أم هم الاثنا عشرية؟ هكذا البحث العلمي الأكاديمي.
إن مشكلة الشيخ عثمان هي: إن خصومته للاثني عشرية جعلته يخرج عن البحث ويظن أنه يبحث في قلب ومتن البحث. ومن هنا ترون أنه لا يستطيع أن يبحث عن أيّ آية في أهل البيت أو أيّ رواية في أهل البيت بحثا علمياً مجرداً عن الخصومة للاثني عشرية, من خلال اللجوء إلى اللغة العربية وما معنى الثقلين في القرآن؟ وماذا قال شرّاح مسلم في كلمة (الثقلين)؟ ومن هم الثقلان؟ وهل الحديث يدل على التمسك أو لا يدل؟ بل تجده [يعني: الشيخ عثمان[ في كل آية ورواية في أهل البيت يخرج عن البحث بحركة لا شعورية إلى البحث عن الاثني عشرية!! وأنا أكثر من مرة نصحته إن «آية المباهلة» أو «آية التطهير» أو «حديث الكساء» أو.. أو «حديث الاثني عشر» أو حديث «حديث الثقلين» لا بدّ أن تبحث بحثاً علمياً مجرداً عن الخصومة المذهبية, نبحث عن الروايات والآيات الواردة في أهل البيت من خلال المفردات التي استخدمها النبي، ومن خلال الآيات التي استخدمتها الذات الإلهية! نبحث عن مفردات الآيات، ومفردات الأحاديث، من دون أن نهاجم لا على الاثني عشرية, ولا على أهل السنة, ولا على الوهابية, ولا على السلفية.
إنّني أطلب من الشيخ عثمان أن يكون البحث عن الأدلة القرآنية والحديثية الواردة في أهل البيت بعيداً عن الخصومة المذهبية, لا أن الشيخ عثمان يأتي ـ كما صنع في الجلسة الماضية ـ ويتحدث عن قضية تحريف القرآن, ثم يقول: أنا بحثت عن «حديث الثقلين», أنت متى بحثت عنه في القواميس أو اللغة؟! أرجو أن يكون الشيخ عثمان دقيقاً, وكما وعدت في بداية الجلسة أنني سوف أطل إطلالة عن «آية المباهلة» ثم بعد ذلك أتناول اتهامات الشيخ عثمان الخميس, وإنني سوف أبدأ البحث في «آية المباهلة» كما قلت ثم أعود إلى إكمال ما بدأت به في الجلسة الماضية, وكنت قد بحثت عن بعض الأسباب التي تجعل أخي فضيلة الشيخ عثمان يتهم الكثير من المسلمين من الذين ناظروه أو من الذين تكلم عنهم ومن الذين كتب ضدهم والذين فرَّغ كل وقته وكل حياته لمخاصمتهم وترك خصوم الإسلام وترك أعداء الإسلام من أجل أن يتهمهم اتهامات هي أكبر من الكذب.
أنا أتيت بالكذب فقط, وإلا هو اتهمهم باتهامات كبيرة جداً, وكنت قد ذكرت بعض الأسباب التي جعلته يتهم هؤلاء جميعاً بالكذب, وذكرت أنّ ذلك يعود إلى أسلوب الشيخ عثمان في الحوار, وذكرت أنّ طريقة الشيخ عثمان ليست علمية، والطريقة غير العلمية تقود إلى اتهام الآخرين بالكذب, وقلت: إنّ أهم قاعدة من قواعد المناظرة تقول: إن كل دعوى أو بينة أقيم عليها دليل قوي تعين على المعترض والمحاور أن يعترض وينتقد دليل هذه الدعوى, لا أن يعترض على صاحب الدعوى. ثم ذكرت دليلين على عدم التزام الشيخ بهذه القاعدة الحوارية الهامة, والآن سوف أذكر الدليل الثالث على عدم التزام الشيخ عثمان بهذه القاعدة المهمة.
الدليل الثالث الذي يدل على أنّ أخي فضيلة الشيخ عثمان خالف هذه القاعدة الحوارية وهي: إنني قدمت في الجلسة الماضية هذه الدعوى وهذه صورة الدعوى أعرضها من جديد عليكم. أدعيت أن الشيخ عثمان الخميس خرج عن منهج أهل السنّة في التعامل مع الآيات ومع الروايات الواردة في أهل البيت, وقدّمت كثير من الأدلة والبينات على هذه الدعوى. وأنا ذكرت هذه الدعوى؛ لأنه من أسباب اتهامي بالكذب هذه الدعوى:
الدليل الأول الذي يثبت هذه الدعوى: إن الشيخ عثمان يذكر رأياً لبعض أهل السنة ويوهم الحاضرين بأنّه الرأي الأول والأخير لأهل السنة وأن أهل السنة أجمعوا عليه مثلاً في مناظرته المسجلة في أشرطة مع أحد الاثني عشريين الكويتيين. قال لهذا الاثني عشري الكويتي وهو يتحاور معه عندما أقترح عليه قال له: إن نتحاور في عدالة الصحابة؟ فقال الشيخ عثمان: يجب أن نناقش أولاً في عدالة أئمة الشيعة؟!
انظر لم يقل أئمة أهل البيت مع أنه قال في حواري معه هؤلاء أئمة أهل البيت! الباقر من أئمة أهل البيت، الإمام الصادق كذلك! أما هناك فقال: من أئمة الشيعة، قال: أنا أقول: أئمة الشيعة, أنا أقول الثلاثة (يعني: علي والحسن والحسين) عدول أما التسعة هؤلاء فنبحث عنهم وعن عدالتهم!! وعندما ترجم لهؤلاء التسعة في كتابه «كشف الجاني» خرج عن منهج أهل السنة في ترجمة التسعة الذين هم من ذرية الإمام الحسين, حيث ذكر قولاً شاذاً كمثال في الطعن بالإمام جعفر الصادق وترك مئات الأقوال لأهل السنّة التي بيّنت عظمة الإمام جعفر الصادق عند علماء أهل السنة. وبهذا العمل يوهم الشيخ عثمان قارئ كتابه ـ كما أنا أشرت إشارة بسيطة في الجلسة الماضية ـ يوهم قارئ كتابه أن رأي أهل السنة‌ هو هذا الرأي الذي طرحه والذي طعن بالإمام جعفر بن محمد الصادق! وهذا أعدته لأهميته, والشيخ عثمان انظروا كيف يذكر هذا القول الشاذ وينسى مئات الأقوال من أهل السنة التي تشيد بالإمام جعفر بن محمد صادق!! أليس هذا خروج عن منهج أهل السنة وخروج عن المنهج العلمي للحوار؟!
والدليل الآخر الذي نثبت به خروج الشيخ عثمان عن منهج أهل السنة هو طريقة تعامله مع «حديث الاثني عشر» الوارد في البخاري ومسلم, وأنا عندما ذكرت رأي بعض علماء أهل السنّة في «حديث الاثني عشر» قلت: إن بعضهم يرى رأي الاثني عشرية في الحديث ويقول: إن الاثني عشرهم علي والحسن والحسين وزين العابدين والباقر والصادق وبقية الأئمة الاثني عشر, وذكرت كمثال الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه «الصواعق المحرقة» في الطبعة الوهابية. لم أقل هذا رأي جميع أهل السنّة بل قلت هذا رأي الإمام ابن حجر الهيتمي ورأي بعض علماء أهل السنة ونقلت أقوالهم, وإنما ذكرت ذلك حتى أبيّن أن هذا القول بإمامة الاثني عشر, ليس قولاً للاثني عشرية وحدهم, بل هو قول مجموعة من أهل السنة, ولكن أخي فضيلة الشيخ عثمان عندما تناول «حديث الاثني عشر», ذكر أن الاثني عشر هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية ويزيد بن معاوية إلى آخر كلامه, وهكذا لا يزال الدين الإسلامي محفوظاً بيزيد بن معاوية!! لا يزال الدين الإسلامي محفوظاً بأمثال يزيد، الدين سيحفظ بيزيد بن معاوية!! وهذا خلط كبير بين دائرة الرّجس وبين دائرة الطهر, وقد وقع الشيخ في خطأ في استدلاله, فلا يوجد أحد من أهل السنة ولا من الوهابية يقول: إن أهل السنة أجمعوا على هذا الرأي, يعني أن «حديث الاثني عشر» بالصورة التي ذكرها الشيخ عثمان لم يقل أحد من أهل السنّة بهذا الإجماع, بل ما ذكره الشيخ عثمان هو مجرد رأي, ولم يذكر الشيخ عثمان أنّ أهل السنة قد اختلفوا في شأن «حديث الاثني عشر», وحاروا في فهمه! ولأن أخي وحبيبي فضيلة الشيخ عثمان اختار هذا الرأي جعل كلامه حجة على أهل السنة, وأوهم جميع الحاضرين أن هذا هو رأى أهل السنّة, وهذه ليست من الأمانة العلمية. وبهذا الأسلوب وبهذه الطريقة في التعامل مع أهل السنة إذا جاء شخص وقال: هذا ليس رأى أهل السنة لا بدّ من أن يتهمه بالكذب! وعندما قلت للشيخ عثمان: إن إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي ذكر الأئمة الاثني عشر بنفس ترتيب وقول الاثني عشرية؛ غضب عليّ وهاجمني وقال: أصار الحجة عندك الإمام ابن حجر الهيتمي؟!
إن الشيخ عثمان يريد مني أن أخالف رأي إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي في حديث الاثني عشر, وأن أخذ برأيه في «حديث الاثني عشر» في حين أن الشيخ عثمان لا يمتلك أي دليل على بطلان قول إمام أهل السنة ابن حجر الهيتمي. والذى جعل الشيخ عثمان يرفض رأي إمام أهل السنّة؛ لأنه رأى أن الإمام ابن حجر الهيتمي وافق رأي الاثني عشرية الذين خاصمهم وحاربهم طوال عشرين عاماً, ومن هنا لا ينبغي أن يأخذ برأي الإمام ابن حجر الهيتمي طالما هو لا يتفق مع رأيه. والمسألة الأخرى كذلك التي تثبت خروج الشيخ عثمان عن منهج أهل السنة: إنه كيف يتعامل الشيخ عثمان مع فضائل أهل البيت, فهو يعتمد على الإمام الألباني في تضعيف بعض ما ورد في فضائل أهل البيت كما في كتابه «كشف الجاني», ولكن عندما قال الشيخ عثمان بضعف حديث أم سلمة الوارد في فضل أهل البيت, واعترض عليّ وقال لي: عندما أنا اعترضت عليه لقوله في تضعيف حديث أم سلمة! فقلت له: لقد صحّحه الإمام الألباني وصحّحه غيره من أهل العلم! قال: أصار الحجة عندك هو الألباني؟ وهكذا من يراجع أشرطة وكتابات أخي الشيخ عثمان الخميس سوف يجد أنّه يحتج بالإمام الألباني في تضعيف فضائل أهل البيت, ولكن لا يحتج بالإمام الألباني حينما يصحح «حديث الثقلين» الوارد في سنن الترمذي والذي صححه الإمام الألباني, وإن كنت أنا انتقلت من الاثني عشرية من خلال حديث الثقلين الوارد في صحيح مسلم, فلسنا بحاجة إلى حديث الثقلين الوارد في غير صحيح مسلم.
إذن الألباني يصبح حجة عند أخي الشيخ عثمان عندما يضعف فضائل أهل البيت ويصبح غير حجة عندما يصحح فضائل أهل البيت. هذه هي منهجية الشيخ عثمان, وبالطبع الذي يتعامل بهذا الأسلوب لا بدّ أن يتّهم الآخرين بالكذب, كما أن الشيخ عثمان خرج عن منهج اتباع أهل البيت في كيفية التعامل في الروايات الواردة في فضائل أهل البيت, خرج عن منهج اتباع أهل البيت وعن منهج أهل السنّة في كيفية التعامل مع فضائل أهل البيت, فإنّ أهل السنّة وكذلك أتباع أهل البيت عندما يذكرون الرواية الواردة في فضائل أهل البيت, يذكرون من صحح هذه الرواية ويذكرون من ضعف هذه الرواية من أهل العلم, ولكن الشيخ عثمان في حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ذكر الذين ضعفوا الحديث واعرض عن رأي الذين صححوا الحديث من أهل السنة, فلم يذكر رأي الإمام العسقلاني, ولم يذكر رأي الإمام الشوكاني, ولم يذكر رأى الإمام السيوطي, ولم يذكر رأي الإمام المالكي المغربي الغماري كما في كتابه «فتح الملك العلي في تصحيح حديث باب مدينة العلم علي»!! لأن هؤلاء ذكروا أدلة قوية تثبت أن حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) لا يمكن أن يكون من الأحاديث الضعيفة, بل رأي الإمام الغماري المغربي أنه حديث صحيح, ورأي الإمام العسقلاني أنه حديث حسن, ولكن الشيخ عثمان أعرض عن رأيهم وذكر فقط الرأي الذي يقول بتضعيف الحديث. وهذه ليست من الأمانة العلمية, ومن يلتزم بمثل هذا الأسلوب فمن الطبيعي أن يتهم الآخرين بالكذب. وكما ترون أن ادّعائي أن أخي فضيلة الشيخ عثمان الخميس قد خرج عن منهج أهل السنة الذي اتهمني بالكذب بسببه, وقال: إنه يكذب لأنه يقول عني أنّني خرجت عن منهج أهل السنة! ترون أني أقمت الدليل والبينة على خروجه عن منهج أهل السنة, وكان على الشيخ عثمان أن يطعن في أدلتي وفي البيّنة التي أثبت فيها أنه خرج عن منهج أهل السنة في كيفية التعامل مع روايات فضائل أهل البيت, وأنه يتعامل مع روايات فضائل أهل البيت بطريقة ليست أمينة, بل إنّها في الحقيقة تدل على أن الرجل يتسرع في تضعيف ما جاء في فضائل أهل البيت, ويضعف الحديث إذا كان في فضائل أهل البيت لأدنى سبب من دون أن يتأمّل في كلمات العلماء, وهذا أسلوب غير علمي. كان على الشيخ عثمان الخميس بحكم أنّه ليس عالماً كما قال أكثر من مرة, قال: أنا لست عالماً! كان عليه أن يرجع إلى كلام العلماء! يرجع إلى الإمام الألباني، يرجع إلى العلماء ولا ينبغي له أن يقول: أكثر من مرةٍ, أنا لست عالماً, ثم يأتي ويضعف ويرجح من دون مرجح, وثم بعد ذلك يذكر رأي ويخفي الرأي الآخر, ويوهم قراء كتبه أنّ هذا هو الرأي الأوحد لأهل السنة, ولكن الشيخ عثمان لم يذكر هذه البينة, وترك الطعن في بينتي وأدلتي؛ لأنها قوية, وطعن في صاحب البّينة وصاحب الدعوى. ومن هنا قال: السيد عصام كذاب.. كذاب! وهو يعلم أن القاعدة الأدبية في الحوار تقول: إن كل دعوى تقيم عليها دليل وبينة قوية يتعين الاعتراض على دليل هذه الدعوى, ولا يصح الطعن على صاحب الدعوى, وعلى فرض أن صاحب الدعوى من الكذابين فكذبه لا يعطي المبرر لنا إلى رفض الأدلة القوية التي احتج بها. وكما قلت: إذا جاء شخص كاذب وفتح الشباك في بيتي وقال: إن هذه النار تحترق, ورأيت النار لا يمكن أن أقول: إن هذا كذاب! أعني صاحب الدعوى؛ لأنه أقام الدليل والبينة البرهانية المرئية على دعواه. فأنا لن أناقش وأقول: إنه كاذب!
ومن هنا القرآن قال: (إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا) لم يقل: فاتركوا تبينوا وكان عليه أن يتبيّن من كلامي وأن يبحث, لكن الشيخ عثمان كما قال أكثر من مرة: أنا لا أراجع الأشرطة التابعة للمناظرة بيني وبين عصام العماد, ولا أبالي ولا أعطي من وقتي لهذه المناظرة إلا ليلة الأربعاء! ومن هنا ترون أنّه تراجع في الجلسة الماضية قال: أنا كنت أظن أنه ]عصام] يقول أهل البيت هؤلاء الأربعة فقط, وإنه يقول عبد الله بن عباس ليس من أهل البيت! وحقيقة الأمر أنا أقول زينب من أهل البيت، عبد الله بن عباس من أهل البيت, ولكن ليسوا من المطهّرين، ليس من قرناء القرآن، ليس من الذين قرنهم وجعلهم الثقل الثاني بعد القرآن والسنة النبوية. هذا ما أقول, وتفضلوا معكم المايك حتى أكمّل كلامي وجزاكم الله خيراً.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
طيب تفضل يا شيخ عثمان.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, الشيخ الدكتور عصام يقول عثمان الخميس قطع الشريط! يقول: عبد الله بن عباس من أهل البيت, ولكن من غير المطهرين!
كالعادة نسمعك بصوتك ثم تقول ما كذبت! طيب دكتور هل وعدت في الجلسة الماضية أنّك تتكلم في «آية المباهلة»؟ أرجوا أن تسمعنا أنك وعدت بذلك, جهز الشريط لديك, سمعنا أنّك وعدت أن تتكلم عن «آية المباهلة»! أنا أذكر أنك قلت: ستكمل الحديث عن تشخيص حالتي النفسية وصراعي مع الشيعة في الكويت وغير ذلك, ما قلت أنك تتكلم عن «آية المباهلة»، ومع ذلك سأتكلم عن المباهلة, ما عندي مشكلة.
تقول: ذكر الطعن في جعفر وهو قول شاذ!
دكتور عصام كلامي عن جعفر ـ رضي الله عنه ـ هو كان رداً على أخيك التيجاني لما قال: (قال الأخ منعم أبو حنيفة تتلمذ على يد الإمام جعفر, وفي ذلك يقول الإمام أبو حنيفة: [لولا السنتان لهلك النعمان] وهذا ما قاله عن أبي حنيفة, هذا كلامكم أنتم.
قلت أنا: هذا من أكاذيب الشيعة التي لا تنتهي فأبو حنيفة ليس من تلاميذ جعفر ولا مالك من تلاميذ أبي حنيفة.
ثم قلت: وأما قوله: إن مالكاً أخذ عن أبي حنيفة وقال الأنطاكي: أخذ علم جعفر عن أبي حنيفة! فأقول: إن جعفر بن محمد لم يكن بذلك الثقة عند مالك, بل إن مالكا ما كان يروي عنه حتى يضم إليه غيره! هذا كان رداً على صاحبك وأخيك التيجاني. أما كلامي عن الإمام جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ فإني ترجمت له في الكتاب نفسه في كشف الجاني, ذكرت ترجمة الإمام جعفر, وذكرت ثناء العلماء عليه. فقولك: إني الآن قصدت فقط الطعن فيه! تثير الناس عليَّ هذه هي شنشنةٌ نعرفها من أخزم كما يقولون. وهذا كلامي في جعفر في صفحة (172) عند قول التيجاني: ومما يزيدنا يقيناً أن (الاثني عشر) من أهل البيت لم يتتلمذوا على واحد من علماء الأمة, فرددت عليه, وذكرت من تتلمذ عليه علماء أهل البيت الأئمة الاثني عشر، تتلمذوا على غيرهم ما عدا الثاني عشر؛ لأنه لم يخلق. وذكرت جعفر بن محمد ـ رضي الله عنه ـ وقلت: قال الشافعي: ثقة, وقال ابن معين: ثقة مأمون, وقال أبو حاتم: لا يسأل عن مثله, وقال ابن حبّان: كان من سادات أهل البيت فقهاً وعلماً وفضلاً يعتد بروايته من غير رواية أولاده عنه, وكان مالك لا يروي عنه حتى يضم إليه غيره, وتكلم فيه يحيى بن سعيد. فهذه ما قرأتها عند الرد على التيجاني! قرأت فقط ما تشتهي يا دكتور عصام, ومع هذا لي شريط يقال له (أهل البيت), وهذا الشريط أيضاً ترجمت فيه لأئمة الشيعة الاثني عشر وذكرت مكانتهم عند أهل السنة والجماعة واحداً واحداً, فلا تحاول أبداً أن تلفق على الناس بأننا لا نحب جعفر الصادق ولا محمد الباقر ولا علي بن الحسين وغيرهم ـ رحمهم الله تبارك وتعالى ورضي عنهم ـ فقد ترجمت في الشريط لجعفر ـ رحمه الله تعالى ـ وذكرت كلام الإمام الذهبي أنه قال: الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني أحد الأعلام, قال أبو حاتم لا يسأل عن مثله.
وترجمت لجميع أهل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاثني عشر الذين تحتج أنت وغيرك لفظلهم, لكن هذا كلامنا نحن في جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ , ولكن بالله عليك ما كلامكم أنتم في جعفر! هل تدري ما قلتم عن جعفر أو أأجله حتى يأتي دوري وأذكر لك ما موقفكم أنتم من جعفر, يا من تدعو حبه ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ.
والآن تقول: ابن حجر الهيتمي إمام أهل السنة.
هذا كان في قولك الإمام النووي أنه إمام أهل السنة في زمانه, والآن صار ابن حجر الهيتمي إمام أهل السنة في زمانه؟ فليس هو من أئمة أهل السنة كما تدعي.
وقلت: احتجيت بالألباني في التضعيف ولا تحتج به إذا صحح فضائل أهل البيت؟
هذا رأيك أنت, أما كون الألباني نأخذ بقوله أحياناً, فالحمد لله نحن لسنا أصحاب هوى, فنحن كل من قال فسقاً رفضناه وكل من أخطأ رددنا قوله, ولا عصمة عندنا إلاّ لنبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ. فكل يأخذ من قوله ويترك إلا صاحب القبر وهو رسول الله‌ ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والآن دكتور عصام أعيد وأكرر, لا تضيع وقتنا! اذكر «آية المباهلة», وتدل على ماذا؟ لأنني كما أرى فات من وقتك الآن ثمان وثلاثون دقيقة. وأنت تقول: إنك أكاديمي! الأكاديمي يستغل الوقت فيما يستفيد منه! الآن تكلمت ثمان وثلاثين دقيقة ماذا أفدتنا؟ تفضل تكلم عن «آية المباهلة», وألا تريد لها عشر جلسات أيضاً, تفضل دكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, ما ذكره أخي فضيلة الشيخ عثمان ليس صحيحاً, ولكن سأبين ذلك لماذا ليس صحيحاً؟ وهذه إشكالية كذلك لمنهجية الشيخ عثمان. أحيانا كما يقول العلامة الجليل ـ رضوان الله عليه وقدس الله روحه الزكية ـ سعيد حوى ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتابه حتى لا نمضي بعيداً عن الزمن، لا أتذكر بالضبط عنوان الكتاب, ولكن أنا قرأت كتابه, فيذكر سعيد حوى ـ رضوان الله عليه ـ عندما هاجمته الوهابية في آخر حياته وتحاملوا عليه واتهموه باتهامات هو بريء منها براءة قوية, وعندي الأدلة على براءته, فيذكر رضوان الله عليه أنه من الأسباب التي جعلتهم يتهموني بها أنهم يأتون بنقطة أنا متفق معهم فيها, ثم يحشدون الأدلة والنصوص التي توهم المستمع إنني لست بمتفق معهم! وهكذا يصنع الشيخ عثمان الخميس الآن معي حيث قال: إنّني أقول عنه انه لا يحب جعفر! أتى بنصوص وقال نحن نحب أهل البيت. هل أنا قلت: إن أهل السنة لا يحبون أهل البيت؟! لم أقل أصلاً! لكن نقطة الخلاف بيننا والقضية التي أخالف فيها الشيخ عثمان هي قضية: هل يجب اتباع أهل البيت أم لا يجب اتباعهم؟ هذه قضية الخلاف!
انظروا فالشيخ عثمان لا يلتفت إلى قضايا الحوار! ومنذ فترة وهو يحشد الأدلة والنصوص والأقوال التي تدل على أنه يحب أهل البيت! طيب إذا لم يحبّ أهل البيت المطهرين فهو كافر, يعني خارج عن الإسلام بإجماع المسلمين! من لم يحب أهل البيت المطهرين, أعني لا غير المطهرين فهو كافر بإجماع المسلمين, سواء من السنة أو من الوهابية أو من الاثني عشرية أو من السلفية. نحن لا نتكلم عن الحب، انظروا إلى كلمة سعيد حوى. يأتي إلى نقطة الاتفاق ويوهم الآخرين بأنها نقطة خلاف! أنا متفق معك بأنك تحب أهل البيت؛ لأن السنة يحبون أهل البيت, لكن أنا أناقشك: هل يجب اتباع أهل البيت أم لا؟ وهذه هي نقطة الخلاف بين الاثني عشرية وأهل السنّة, هل أهل السنّة اتبعوا أهل البيت أم لا؟
يا أخي نحن لا نتناقش في أنه السنة لم يذكروا فضائل أهل البيت ولم يعنون البخاري وأئمة السنّة فضائل أهل البيت. نحن نناقش: هل «حديث الثقلين» يدل على اتباع أهل البيت أم لا؟ عندما يأتي النبي ويقول: (تركت فيكم الثقلين) عندما يأتي أي إنسان عاقل ويقول: ها أنا ذا سأغادر هذه المدينة, بل سوف أغادر الحياة الدنيوية وتركت فيكم الثقلين، سماهم الثقلين ـ لأن كما قال علماء أهل السنة ـ لأن الكون يقوم بالجن والأنس وإلا انتهى الكون, وكذلك الدين يقوم بالقرآن والسنة (الثقل الأول) وبأهل البيت (الثقل الثاني).
يقول: هذا الحديث إن النبي يقول: يوشك أن أدعى عمّا قريب, سوف أغادر الحياة، يوشك أن أغادر هذه الحياة وإني تارك فيكم الثقلين. أتى بصيغة الترك وهي أشد صيغة من الصيغ الأخرى.
نحن نتناقش هل يدل حديث الثقلين على اتباع أهل البيت وناقشتك أكثر من مرة أنه لا تحاورني في قضية حب أهل البيت, فحب أهل البيت لو لم تحب أهل البيت لكنت كافراً بإجماع المسلمين, وأتحدى أي مسلم يقول: إن قضية هذا الحوار والخلاف بيننا مع أهل السنة هي قضية حب أهل البيت. نقطة الخلاف بيننا هي اتباع أهل البيت لا حب أهل البيت, وإمام أهل السنة الإمام ابن تيمية ـ رضوان الله عليه ـ يقول بالحرف الواحد ترك الأئمة الأربعة الإمام علي! ثم يقول في صفحة أخرى تركنا الإمام علي! ويقول بعد ذلك: والإمام علي هو أفضل أهل البيت.
إذن بالله عليك يا شيخ عثمان إذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ترك الأئمة الأربعة الإمام علي, فكيف تزعم أنك تتبع أهل البيت؟ إذا كنتم تركتم أفضل أهل البيت فكيف تدَّعون أنكم اتبعتم جعفر الصادق؟ إذا كان الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «جعفر الصادق», ارجعوا إلى الكتاب مطبوع بطبعات سنية في مصر وبيروت, يقول: وآسفاه لقد استطاعت الدول الأموية أن تفصل بيننا وبين أهل البيت! ويا ترى هل الدولة التي لعنتهم في المنابر أكثر من أربعين سنة؛ اللهم العن: البطين الأصلع الإمام علي بن أبي طالب! تلك الدولة التي قتلت الحسين، هل ستترك أهل السنة يتبعون أهل البيت, وهم يمثلوا جمهور المسلمين ويمثلون المذهب الرسمي للدولة الأموية؟
فإذن يا أخي أنا أناقشك في نقطة معينة, لا تبتعد عن نقطة الخلاف, لا توهم الآخرين وتقول لهم: إننا نحب أهل البيت, وعصام يتهمنا بعدم حب أهل البيت, وبعدم حبّ الإمام جعفر الصادق؟ نحن لا نتناقش في هذه المسألة، لا تظلمني كما ظلمتم سعيد حوى وإن كنت أنا لا أرتقي إلى درجة سعيد حوى ـ رحمه الله ـ فأنا تلميذ من تلاميذ سعيد حوى, وتفضلوا معكم المايك.
أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب تفضلوا شيخ عثمان لكم اللاقط أرجوكم اتركوا الكتابة جزاكم الله خيراً تفضل يا شيخ.
فضيلة الشيخ عثمان:
نعم أنا عندي.. للدكتور الشيخ عصام سؤال: سعيد حوى الذي قال فيه رحمه الله, وقدس الله روحه الزكية, وأنه لا يكون مثله, وأنه تلميذ عند سعيد حوى أين قال هذا الكلام في كتابه «الخمينية شذوذ في العقائد والأفكار» أم في كتاب آخر؟ تفضل دكتور.
فضيلة الدكتور السيد عصام:
عفواً أنت ما تزال على عادتك في هذه المناظرة كل موضوع تحوله إلى خمينية أو إلى الاثني عشرية، ناقشني في هذا الموضوع الذي ذكرته أنت عندما قلت: إن عصام يريد أن يوهم الحاضرين أن أهل السنة لا يحبون أهل البيت، أناقشك بأن نقطة الخلاف هي قضية اتباع أهل البيت لا قضية حب أهل البيت أجبني, أنتم تقولون باتباع أهل البيت أم لا؟
الشيخ عثمان:
طيب أنت تكلمت الليلة أو تحدثت عن «آية المباهلة» تفضل دكتور على ماذا تدل آية المباهلة، هل تدل على اتباعهم حتى نتبعهم؟ تفضل دكتور.
السيد عصام:
هذه مشكلتك يا شيخ عثمان أنك تنظر إلى الروايات الواردة في أهل البيت ـ وهي كثيرة ـ تنظر إليها بالنظرة الجزئية, وهذا خطأ! إننا نريد أن تنظر كيف نتعامل مع السنة النبوية, نتعامل.. نأتي إلى مجموع الآيات والروايات في موضوع أهل البيت, ومن خلال المجموع نصل إلى اتباع أهل البيت لا من خلال آية واحدة.
نحن عندنا مجموعة آيات ومجموعة روايات, أنا لماذا قلت لك آية آية، رواية رواية؟ لأن المجموع الكلي الوارد في أهل البيت آية آية، رواية رواية، عندما نجمع الكل نثبت قضيه اتباع أهل البيت لا أن نأخذ آية واحدة ونريد أن نعرف منها كل مقامات أهل البيت! هذا تعامل غير سليم، تعرف أنت التفسير الموضوعي في القرآن, خطأ أنّك تأتي وتجعل الآية وحدها [أعني: آية المباهلة[ هي المحور! وفي كل موضوع من مواضيع القرآن. لا يمكن لنا أن ندرك أيّ موضوع إلا بجمع كلما ورد في هذا الموضوع.
نحن عندما استدلينا بأن أهل البيت يجب اتباعهم ليس من «آية المباهلة» فحسب، هذه الآية أنا قلت لك من البداية أحد الأدلة، أحد الأدلة التي تدل على فضيلة أهل البيت. وهناك أدلة كثيرة من المجموع الكلي سنصل إلى ذلك, فأنا أسألك الآن لماذا يقول الإمام ابن تيمية: تركنا الإمام علي؟ أجب على هذا السؤال رجاءاً؟
فضيلة الشيخ عثمان:
دكتور عصام جئت بشيء غريب وخطير وكبير, حقيقة فما يقوله بعض علمائكم وخاصّة المعاصرين في هذا القول الذي قلته الا وهو إثبات الإمامة من خلال مجموع الأدلة, ليس هناك دليل قطعي يدل بوحده على إمامة أهل البيت, يفيد الإمامة وحده, بل لا تستطيعون أن تستدلوا على الإمامة إلاّ بمجموع الأدلة. هكذا أنا فهمت وإذا كان فهمي صحيحاً أجب يا دكتور!
سماحة الدكتور السيد عصام:
يا أخي عندما تكثر الشبهات وعندما يأتي التاريخ ويقف ضد أهل البيت.. انظر إلى كتاب «مقاتل الطالبين» لأبي الفرج الأصفهاني الذي كتب مقاتل أهل البيت. فإذا كانت الظروف التاريخية جعلت المذابح الكبرى لأهل البيت المطهرين وغير المطهرين؛ لأن المذابح عمتهم جميعاً؛ فبالله عليك سيكون من الطبيعي أن تكون الشبهات كلها لها تأثيرها على بعض المسلمين. فعندما تكثر الشبهات فمن الطبيعي أنّه لا بدّ أن تحتاج إلى المجموع الكلي من أجل أن نثبت للآخر مقامات أهل البيت! أنا لا يمكن الآن أن أثبت لك وأنت عندك ركامات من الشبهات, كل رأسك مليء بمئات الشبهات ضد مذهب أهل البيت, أنا لا يمكن أن أثبت لك بدليل واحد، ولذلك انظر الأخت الدكتورة المغربية صارت من الاثني عشرية بعد الحوار والمناظرة معك, واستمرت أشهر تسمع المناظرة بيني وبينك, ثم عرفت الحقيقة! أنا نفسي عندما تحولت من الوهابية إلى الاثني عشرية إنما انتقلت عبر مجموعة من الأدلة، لا بدليل واحد, لماذا؟ لا لأنه لا يوجد دليل واحد يدل على كل شيء, ولكن لأنه الشبهات والظروف التاريخية كانت ضد أهل البيت.. الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «جعفر الصادق» يذكر المذابح التي أقيمت لأهل البيت المطهرين وغير المطهرين، ويذكر الحرب والتشويه لسمعة أهل البيت المطهرين وغير المطهرين, حتى أصبح الإنسان يتمنى أن يقال له: يهودي ولا يقال له بأنه جعفري!! مع أن جعفري معناه يتنسب إلى الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. يقال له: يهودي, ولا يقال له جعفري!! هذه التعبئة ضد مذهب أهل البيت منذ العصر الأموي إلى الآن خلقت لنا بعداً كبيراً عن أهل البيت, حتى أصبح المسلم يتحمل أن تقول له: أي كلمة إلا أن تقول له: جعفري, حتى جاء ابن خلدون وقال في مقدمته, وهو مؤرخ كبير من أهل السنة: وشذ أهل البيت في مذاهب ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان!! يا أخي التاريخ هو الذي جعل هنالك صعوبة في إقناع الآخرين بحقانية مذهب أهل البيت. ومن هنا وصفه النبي بالثقل لأن العمل بمذهب أهل البيت ثقيل على النفس, أما الأخذ بأحد المذاهب الأربعة فهو خفيف على النفس, لذلك أنا الآن يعني في الحقيقة استغرفت فترة طويلة حتى أقنعت نفسي واستبصرت, منذ ثلاثة عشر سنه أنا استبصرت والآن فقط أختي الكبرى استبصرت من الأسرة كلها, وأخي وابن أختي، ثلاثة أشخاص!! من الصعوبة إقناع الآخرين بمذهب أهل البيت حيث الركام الهائل والشبهات الكثيرة قد غطت على حقائق هذا المذهب العظيم التي أنت من الأشخاص الذي أنت تسأل يوم القيامة، فأنت من الأشخاص الذين شغلت كل وجودك في بث الشبهات ضد الروايات والآيات الواردة في فضائل أهل البيت؛ من التضعيف للسند، من التشكيك بالدلالة. مثلك ومثل أمثالك يضعون كثير من الشكوك في أيّ رواية جاءت في أهل البيت, من الطبيعي أن أحتاج إلى حوار وأحتاج إلى فترة زمينة طويلة من أجل طرح آية أو رواية في أهل البيت. ومن هنا أنا أريد أن أخصص جلسات كبيرة في آية أو في رواية, حتى أزيل كثير من الشبهات التي وضعتوها حول هذه الآية وهذه الرواية, وإلا الآية واضحة والرواية واضحة, أنتم وضعتم الشكوك حول هذه الآية وحول هذه الرواية وإلا هي: لو تركت بنفسها لكانت واضحة.
أنا أسألك واجب أرجوك عن هذا السؤال: لماذا يقول الإمام ابن تيمية: ترك الأمة الأربعة الإمام علي؟ وإذا كان فعلاً أنت قلت نحن أتباع الإمام علي فكيف تركتم الإمام علي؟ هذا كلام ابن تيمية أجب لو سمحت على هذا السؤال.
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب جزاكم الله خيراً, طيب دكتور أرجوك أن تبتعد قليلاً عن اللاقط حتى يكون الصوت واضحاً إن شاء الله, وأرجو عدم الكتابة الرجاء محمد علي وأحمد البعلبكي عدم التعليق، تفضل يا شيخ عثمان.
سماحة الشيخ عثمان:
دكتور عصام أنت تعتقد على معتقدك أقنع الناس هل هناك نصّ صريح قطعي يكفي في الإمامة أو لا تستطيع أن تثبت الإمامة إلا من مجموع الأدلة هذا ما نريده منك؟ وأن تقول لنا كلام ابن تيمية أين موجود؟
سماحة الدكتور السيد عصام:
عفواً أنت سألتني أنا أجبت عن كل أسألتك, أنت أجب عن هذا السؤال, فقط كلام ابن تيمية في كتابه «منهاج السنة» أجب عن هذا السؤال إذا كان الإمام ابن تيمية يقول: ترك الأئمة الأربعة الإمام علياً ولم يأخذوا بفقه الإمام علي ولا قضاء الإمام علي فكيف تدعي أنكم تتبعون الإمام جعفر الصادق إذا تركتم الإمام علي أفضل أهل البيت؟ تفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
دكتور عصام أذكر الجزء والطبعة والصفحة, ثم أجب عن سؤالي كذلك هل يوجد عندكم دليل واحد صريح أم هذا الذي قلته مجموع الأدلة؟ تفضل.

التالي...

سماحة الدكتور السيد عصام:
يا أخي أنت دائماً تتعلل بالصفحة والطبعة كتاب «منهاج السنة» طبع أكثر من مرة في كل طبعة موجود صفحة مخالفة. الكلام موجود يا أخي عندك ناس تراجع، حتى الإمام محمد أبو زهرة ذكر عبارة الإمام ابن تيمية في كتابه «جعفر الصادق» وقال: نعم ترك أهل السنة قضاء الإمام علي.
يا أخي نحن نريد أن يكون لمذهب أهل البيت وجوداً! ما يصح أنت تسلّي نفسك بأربعة روايات أو خمسة روايات عن الإمام علي! هذا هو مذهب أهل البيت عندكم مع أن الرسول يقول: تركت فيكم الثقلين، الثقلين، الثقل الثاني عنده أربع روايات أو عشرة روايات؟ الإمام علي عمّر فترة طويلة وعاش (ثلاثين) سنة بعد النبي يأتي معه ثلاث روايات أو عشر روايات؟ الإمام الحسن لا يوجد له روايات في كتبكم، الإمام الحسين لا يوجد له روايات، والإمام جعفر الصادق لا يوجد له روايات! أين مذهب أهل البيت؟ أنا أسألك الآن: أين مذهب أهل البيت؟ أين مذهب أهل البيت في كتب أهل السنة؟ ولماذا لا تجيب على عبارة الإمام ابن تيمية يقول: تركنا مذهب أهل البيت ودعك من رقم الصفحة إذا أنا كذبت فأنت أأتي وابحث بنفسك عن الصفحة؟ لأنه يوجد من كتابه منهاج السنة الطبعات الكثيرة وليست طبعة واحدة فقط؛ تفضل.
فضيلة الشيخ عثمان:
دكتور عصام مع احترامي أنت غير ثقة عندي في النقل؛ لأنه نقلت كثيراً ولم يكن كما قلت، لا بدّ أن تذكر الجزء والطبعة والصفحة وإلا كلامك هذا مرفوض. نريد الصفحة والطبعة! أنت من أين تقرأ الآن، ما في يديك كتاب أعطني الصفحة والطبعة؟ هذا كذب! إن كلامك غير منطقي ولا شيء، فقط روح أنت ابحث، أهو موجود؟ تفضل دكتور.
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
ما أدري يا شيخ عثمان الآن الوقت بالنسبة للدكتور الشيخ عصام انتهى. والأمر لكم.
فضيلة الشيخ عثمان: يذكر الجزء والطبعة والصفحة، هذا يقوله في دقيقة واحدة فقط، تفضل يا دكتور؟
فضيلة الدكتور السيد عصام:
ربّما الجزء الثاني الصفحة (220) حسبما أتذكّر تفضلوا معكم المايك أجب عن السؤال لا تهرب عن الإجابة عن سؤالي باسم الصفحة والطبعة تفضل؟
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب لا بأس في بدء الأسئلة يمكن أن ترفع الأيادي للذين يريدون أن يقدموا سؤالاً, الآن لعله مشكلة عند الشيخ ننتظر قليلاً, لعله إذا فرغ الشيخ يؤشر لنا الأخ الكابتن، ‌يرجى عدم رفع الأيادي الآن.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا عندي الآن طبعتين الآن من كتاب «منهاج السنة» ولا طبعة فيها الكلام الذي تقوله, طبعتان عندي، طبعة دار الكتب العلمية بيروت لا يوجد فيها هذا الكلام دكتور! والطبعة التي فيها تحقيق محمد رشاد سالم أيضاً لا يوجد فيها هذا الكلام دكتور! اذكر الطبعة يا دكتور, الكتاب أمامك أو تقرأ من رأسك، تفضل دكتور.
فضيلة الدكتور السيد عصام:
مشكلتك يا شيخ عثمان أنك تشك في الكل, أنا قلت لك: والله تحليلي كان سليماً جداً تتهم الآخرين أنا سأبعث لك الصورة، صورة النسخة وصورة الكتاب وصورة الكلمة. هذه مسألة واضحة حتى نفس الإمام ابن تيمية رضوان الله عليه يقول: ووقع بعض المتسننه في النصب! (بعض المتسننة وقعوا في النصب! بعض المتسننة! وقعوا في النصب) كلماته جيدة مشهورة, وأنا متأكد بأنك لا تحفظ كلماته, أنا أحفظ بعض كلمات ابن تيمية حفظ غيبي, كنت وهابياً. فأنا بالنسبة لي سأبعث لك كلامه, وليس فقط هو الذي قال, بل قال ذلك الإمام محمد أبو زهرة في كتابه «الإمام جعفر الصادق» ونقله أيضاً عن الإمام ابن القيم الجوزية, لا تتهم الآخرين, انظر الذات الإلهية, بينت من خلال الأخت المغربية الدكتورة التي تدرس في أمريكا, دكتورة، مثقفة، مؤلفة وبينت أنك دائماً تتهم الآخرين بالكذب, فقالت: هو كذاب, ولكن أنا لم أقل أن الشيخ عثمان كذاب, ولكن أقول يعني هي في الأخير اكتشفت هكذا.
وأنا أقول: يا شيخ عثمان الإمام محمد أبو زهرة يذكر, كذلك إن الإمام ابن القيم الجوزية يذكر, كذلك يؤيد ابن تيمية ومحمد أبو زهرة نقل عن ابن تيمية أيضاً هذه العبارة فهل أنت لا تثق بمحمد أبي زهرة ونقل عن ابن القيم أنه يذكر؟ ويقول: إن الفقهاء السبعة تركوا قضاء الإمام علي! يا أخي حتى الواقع يؤيد كلامهما, فنحن كسنة أو كنا سنة دائماً نتكلم عن قضاء عمر رضي الله عنه ونتكلم عن قضاء الصحابة الآخرين والروايات للآخرين, فأين مذهب الإمام علي؟ انظر أنت اقرأ مقدمة ابن خلدون حينما قال تلك العبارة الخطيرة التي تعد من العبارات التي كان لها الأثر علي, حيث بيّنت لي موقف أهل السنة من أهل البيت, وتأثير بني أمية على موقفهم قال: وشذ أهل البيت في مذاهب ابتدعوها!! يا أخي يوجد تقصير في حق أهل البيت, حتى الإمام أبو زهرة اعترف, يجب أن نعترف ببعض الأشياء، قال: نعم الدولة التي حاربت أهل البيت, والتي آذت أهل البيت, والتي لعنت أهل البيت وكان المذهب الرسمي في الدولة هو المذهب السني. اقرأ: لماذا المذاهب أربعة؟ لماذا لا يوجد بين هذه المذاهب مذهباً لأهل البيت؟ لماذا تم إلغاء مذهب أهل البيت؟ ومتى تم حذف مذهب أهل البيت؟ ابحث.. ابحث يا شيخ عثمان! اقرأ التاريخ وابعد عن عقلك الاثني عشرية! اقرأ التاريخ، لماذا المذاهب أربعة؟ لماذا لم تصبح خمسة؟ وكيف الغي مذهب أهل البيت؟ لماذا قتل أتباع أهل البيت في كل مكان، وماذا حدث لهم؟ اقرأ كتاب «شهداء أهل البيت وأتباع أهل البيت»! اقرأ هذا الكتاب, اكتشف الحقيقة يا أخي لا تتعصب! والله إنه من العيب أن امرأة تهتدي إلى الحق وأنت رجل إمام مسجد إلى الآن لم تصل إلى الحق, وتفضل معك المايك.
سماحة الشيخ عثمان:
طيب دكتور لا تغضب دكتور لا تغضب، لا توجد طبعة ولا توجد صفحة، هذه يا دكتور! ومن العيب فعلاً أن امرأة تهتدي إلى الحق على يد أكاديمي ينقل كلاماً ولا يعرف أين هي الطبعة؟ يقول إنه موجود موجود!
طيب إن شاء الله تعالى في الجلسة القادمة إن شاء الله يأتي بها الجميع يجب أن يشهدوا وأن يراقبوا ذلك؛ طيب نحن في البداية فقط سمعنا كلاماً عن النصارى وعن عيسى ابن مريم عليه السلام وقلت: ستتكلم عن آية المباهلة وما سمعنا شيئاً عن آية «المباهلة» وانتهى وقت الشيخ الدكتور عصام, لذلك أنا انتظر حتى يتكلم عن «آية المباهلة», وأنا أيضاً مستعد كما قلت لك: أتحدث عن «آية المباهلة» أو غيرها ما شئت يا دكتور.
إذن أكمل أنا حديثي عن «حديث الثقلين»: «حديث الثقلين» الذي يستدل به الشيعة وهو قد أخرجه الإمام مسلم في صححيه عن زيد بن أرقم واقرأ الحديث عليكم, قال زيد بن أرقم: (ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة, فحمد الله وأثنى عليه ثم وعظ وذكر من معه, قال أيها الناس إنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي, فأجيب وأنا تارك فيكم الثقلين: أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور؛ فخذوا به بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحثَّ على كتاب الله ورغب به ـ ثم قال: وأهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي, إلى آخره.
أقول: هذا هو «حديث الثقلين», وقلنا: إن الثقلين هما كتاب الله وهو الذي أمر النبي‌ صلى الله عليه وسلم بالتمسك به, وأما الثقل الثاني وهو آل بيت النبي‌ صلى الله عليه وسلم! وهم الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطون حقهم الذي لهم. نحن اتباع لأهل بيت النبي‌ صلى الله عليه وسلم! نحن الذين حافظنا على الثقل الأكبر وهو القرآن الكريم, ونحن والله الذي حافظنا على الثقل الأصغر وهم أهل بيت النبي‌ صلى الله عليه وسلم ولنا معكم حديث! فإن لم يتكلم الشيخ الدكتور عصام العماد في الجلسة القادمة عن «آية المباهلة», وعمّا تدلّ عليه فإنني سأكمل حديثي عن الثقل الثاني وهم آل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ , والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب جزاك الله خيراً وبارك الله فيك, خير يا شيخ, خير إن شاء الله, يعني حقيقة, يعني قد أخذ دكتور عصام كذا مرة في كذا مناظرة, أخذ وقت أكثر, لكن لا بأس, خير إن شاء الله. أنا لي أولاً وقبل كل شيء يا شيخ عثمان تنبيه: أنا أكون بعض المرات متواجد في المناظرات, وأكون مشغول فقط مستمعاً, يا شيخ أجد أن الشيخ الكوراني دائماً يعلق بعد المناظرة, أنا أرجو وأنا أعلم أن الشيخ الكوراني موجود لعلّه يعلق بوجوده الشيخ عثمان الخميس, لا نريد تعليقاً بعد ما يخرج الشيخ, طيب إن شاء الله الآن سيكون السؤال من عندنا كما كتب لي محمد علي, يبدأ من الشيخ عبد الرحمن الدمشقية إن شاء الله واختاروا من يسأل من طرفكم ونختار كالعادة, ثم اختاروا واكتبوا لي في الشاشة وأنا أرتب الدور, يا أحمد البعلبكي تختار الآن من يسأل منكم إن شاء الله, أخونا الشيخ الدمشقية يتفضل.
سماحة الشيخ الدمشقية من طرف الوهابية:
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد, أنا عندي أسئلة، أولاً: من أمرنا بأن نتبع مذهبهم وهو مذهب أهل البيت؟ أقول كثير من الفتاوى المروية عن أهل البيت مبنية على التقية منها فتوى سلبية يضاف لها فتوى إيجابية فأيّ الفتوتين اتبع؟ فتوى التقية أم الفتوى على غير التقية؟
دكتور العماد يجب أن يكون عندك الآن اسم الطبعة أو دار النشر لطبعة الكتاب اذكر لنا اسم الطبعة؟ دكتور العماد: أنا أباهلك بناءً على هذه الآية «آية المباهلة» على أنه لا يجوز أن يدعى أحد مع الله! إن قول الشيعة: يا حسين! شرك تباهل على ذلك؛ لأن الله عزّ وجلّ قال: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل: تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم..) هذه على ماذا؟ على قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً). وأنا أقول: قول الشيعة يا حسين، يا صاحب الزمان هذا شرك، وهل تباهلني على ذلك بما أن مضمون المناظرة اليوم كان قد اختاره الشيخ الدكتور عصام العماد على موضوع المباهلة؟ تباهل على ذلك؟ أنا آتي بأولادي وادعوا الله أن يلعنهم وأن يحرمني إياهم؟ أقول: قولكم: يا حسين شرك! وأنت قل: إن قولنا يا حسين توحيد, قلنا ادعوا على نفسك وعلى أبنائك، هذه الأسئلة والسلام عليكم؟
فضيلة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أولاً مسألة التقية يجب أن نعرف أولاً معنى التقية ما هي التقية؟ يا أخي وحبيبي سماحة الشيخ الدمشقية أنه يوجد اختلاف في مفهوم التقية بين الوهابية وبين الاثني عشرية. وأنا أقول من قال بالتقية بالمفهوم الوهابي فهو ملعون ملعون؛ لأنه في المفهوم الوهابي للتقية وأنا كنت وهابياً، التقية بالمفهوم الوهابي يعني النفاق, الدجل! يعني أدجل على الآخرين، يعني أن أتعامل مع الآخرين بشكل فيه نوع من المكر والخداع! هذا ليس تقية.
أنا أقول: إنه مشكلتنا أنه يجب أن نحدد المفاهيم التي نختلف في تعريفها, فلدينا بعض الكلمات المشتركة من حيث الشكل الخارجي والغلاف واللفظ, ولكنها تختلف من حيث المحتوى الداخلي, وبسبب هذه الكلمات يحدث بين الاثني عشرية والوهابية سوء تفاهم يستثمره خصوم الإسلام، والمصيبة الكبرى إننا لم نحددها. إذا أردت أن تعرف التقية بالمفهوم الاثني عشري فارجع إلى كتاب إمام أهل السنة في العصر الحديث محمد أبو زهرة في كتابه «الإمام جعفر الصادق», قد قال: إن التقية في المفهوم الاثني عشري مأخوذة من القرآن (إلا أن تتّقوا منهم تقاة..) الآية. يا أخي نحن نقول دائماً: لعن الله من ألجأنا للتقية! إن المذهب المغلوب والمظلوم والمحكوم.. المذهب الذي ظل يحارب مئات السنين, والذي قُتِل أئمته، قتل الإمام الحسين بتلك الصورة والذي قال الإمام ابن تيمية لا يعلم قبر إمام الرافضة! الإمام علي الذي لا يعلم قبره في نظر ابن تيمية ونظر أهل السنة, قبر الإمام علي غير معلوم في رأي ابن تيمية! المذهب الذي لعن إمامه أربعين سنة؛ اللهم العن علياً! المذهب الذي قتل أبناؤه وسلبوا؛ فمن الطبيعي أن يستخدم التقية، إن من شأن المستضعف, من شأن المقتول, من شأن المشرد, من الطبيعي أن يستخدم التقية. إننا اضطررنا إلى التقية اضطراراً اضطروا الشيعة إلى استخدام التقية؛ لأن الفقه الشيعي كان الفقه المغلوب المحكوم المسجون المطارد! أما الفقه السني فكان فقه الحاكم, والفقه الحاكم لا يحتاج إلى التقية؛ لأن التقية هي فقه المحكوم.
أما مسألة عندما توجد رواية وهل يفهم أنّ هذه الرواية جاءت عن الأئمة هل هي صدرت على سبيل التقية أو على غير سبيل التقية؟ فهنا لك قواعد اقرؤوا قواعد المذهب الاثني عشري, تكلم الشيخ المفيد ـ رضوان الله عليه ـ في هذه المسألة بشكل مفصل.
أولاً: إن الروايات التي وردت عند أهل البيت على سبيل التقية لا ترد بكثرة ولا تروى إلا نادراً وتكون نادرة, أما الروايات التي تبين الحكم من غير تقية فتنقل عنهم بطرق عديدة كما أنّها تعكس سيرتهم المعروفة بين الناس.
ثانياً: إنه يوجد كذلك سيرة المتشرعة, هذه الرواية التي وردت تقية عن أهل البيت تخالفها سيرة المتشرعة. والرواة الموثقين وأصحاب أهل البيت, المقربين لأهل البيت يأتون برواية خلافها, وتنقل عنهم روايات عديدة مخالفة للرواية التي صدرت على سبيل التقية, كما أنّ روايات التقية تنقل في باب النوادر من كتب الحديث عند الاثني عشرية. فهنالك قواعد كثيرة يتم من خلال هذه القواعد معرفة الخبر الصادر علي سبيل التقية, كما يتم من خلالها معرفة الخبر الصادر على سبيل الحقيقة, كما أنّ الأصل في أخبار الأئمة الاثني عشر أنّها صدرت على سبيل غير التقية, ومن قال: إن أيّ خبر عنهم كان تقية لا بدّ أن يذكر الدليل، وأنا أحترم الشيخ الدمشقية ولكن مشكلتكم في الحقيقة أنكم تفهمون المذهب الاثني عشري بخلاف ما درسناه. وبخلاف ما في كتبه. اعتمدتم على كتابات إحسان إلهي.. اعتمدتم على كتابات محمد مال الله! وتركتم كتابات الإمام محمد أبي زهرة! تركتم كتابات الإمام شلتوت! تركتم كتابات الإمام محمد المدني! الإمام محمد المدني مثلاً في قضية تحريف القرآن ماذا يقول؟ قال: رويت روايات التحريف في كتب أهل السنة وفي كتب الاثني عشرية, ولكن ليس معنى ذلك إذا وردت الرواية أنه يكون تحريف للقرآن عند الشيعة أو السنة! فالمسألة سنناقشها مستقبلاً.
أما مسألة النداء بياحسين! أنا مستعد أن أباهلك في أن هل تحكم أن الشخص الذي يقول: يا حسين هو يعتقد بإلوهية الإمام الحسين؟ إذا كان يعتقد بإلوهية الإمام الحسين فهو مشرك, لا شك في ذلك! هل يقول: إنّ عنده صفة من صفات الإلوهية, صفة ذاتية من صفاة الله؟ يقول: إن للحسين صفة ذاتية مستقلة من صفات الله؟ أنا أقول لك: إن هذا الشخص كافر إذا كان يعتقد بذلك!
مشكلتكم أنكم أردتم أن تعالجوا الشرك وأوغلتم في الغلو في هذه المسألة, فكفرتم السنة والاثني عشرية! عندما يقول: يا حسين، اذهب إليه وقل له: إن الحسين هو خالق الكون، أو قل له: إن الحسين هو الله؟ فانظر ماذا سيفعل, أي شيعي في العالم إذا قلت له: إن الحسين هو الله, أو قلت له: إن الحسين هو الذي يتحكم في كل مصيرك فسوف يقول لك: أنت كافر! نحن يجب أن ننظر حالة المسلم في كل مشاعره وأحاسيسه, كل يوم هو يصلي ويقول (إياك نعبد وإياك نستعين), يؤذن أو أثناء إقامة الصلاة في كل ساعة يقول (لا إله إلا الله) ويسمع الآذان الشيعي: الله أكبر في كل مأذنة وفي كل مسجد شيعي في العالم، يقرأ القرآن يومياً ويمرّ ويردد كلمة لا إله إلاّ الله في كل آذان في صلاته, في تشهده, في تكبيره، التكبير بالانتقال من الصلوات أصبحت الله أكبر تردد في حياته.. هل بالله عليك أنت تحكم عليه وهو في حالة نادرة وهو يمرّ في حالة معينة ربما أنها حالة ضعف فيأتي ويقول: يا حسين، هل تنسى جميع حالاته؟ هل تتهمه بالشرك لأنه ضعف في حالة نادرة أم أنّك يجب أن تدرس حالاته جميعها؟
أنا إذا رأيت إنساناً افرض أنه رأيت إنسان في كل سلوكياته موحِّد، في صلاته, في كل توجهاته، في أدعيته. انظر إلى أدعيتهم، أدعية الشيعة في الزيارة, في كل شيء, لقد قرأتها ووجدتها مليئة بالتوحيد. وهذه الأدعية الاثني عشرية هي من صمامات الأمان من الشرك ومن الغلو: نشهد أنكم شهدتم أن لا إله إلا الله, ونشهد أنكم أقمتم الصلاة, ونشهد أنكم أتيتم الحج ونشهد أنكم.. الخ, تجد أن كل الأدعية الشيعية كل الروايات مليئة بالتوحيد, كلها تدعو إلى التوحيد, انظر كتاب التوحيد للإمام الشيخ الصدوق, اقرأ الكتاب بتعمق بعيد عن المذهبية ستجده مليء بالتوحيد, وثم تأتي لأجل كلمة واحدة قالها في حالة نادرة تخرج هذا الرجل من الدين وتتهمه بالشرك الأكبر؟! ألا ما أسرعكم في التكفير للمسلمين نسارع في تكفير المسلم لأجل حالة معينة قل: إنها حالة ضعف! قل: إنه خطأ. ولكن بالله عليك لأنه قال في تلك اللحظة كلمة يا حسين فنسيت أنه كان يصلي ويتوجه إلى الله، وهو متوجه إلى الله؛ يكبر، يردد الآذان يومياً, في أدعيته, في كل حالاته.
نعم, إذا قال: يا حسين! ثم يردد كلمة حسين في صلاته, في كل حركاته, في كل شؤونه ويقول: إن الحسين هو المسيطر على هذا الكون, هو المدبر لهذا الكون، هو خالق هذا الكون، هو موجد هذا الكون, هو ربّ هذا الكون، هو الله.. هذا كافر لا شك في ذلك.
اعتبرها يا أخي عبد الرحمن حالة ضعف، أنتم جعلتم العالم الإسلامي كله مشركين لأجل كلمة، كلمة تردد في الألسن! مع إني لا أنكر أنه يوجد هنالك بعض الناس المغالين سواءً من أهل السنة الذين يزعمون أنهم من أهل السنة, كبعض الطرق الصوفية المنحرفة الضالة أو بعض الذين يزعمون أنهم من الشيعة, وأهل البيت والشيعة منهم براء، كالنصيرية, نحن نلعن النصيرية, ونكفر النصيرية بالجملة؛ لأنهم غالوا في أهل البيت؛ لأنهم أعطوهم صفة الإلوهيه.
أما أنت أخي الدمشقية راجع كلمات الإمام الشيخ الصدوق والإمام المفيد, وعلماء الاثني عشرية الآخرين؛ ستجد أنهم لا يوجد عالم من علماء الاثني عشرية إلا وأصدر فتوى: لا يجوز مجالسة الغلاة ولا يجوز مجالسة من يدّعي أنسنت الإله, أو تأليه الإنسان؛ أما أن يقول: بأنسنة الإله, يعني يقول: بالحلول والاتحاد؛ الله حل في جسم, هذا كافر بإجماع علماء الشيعة, أو يقول: إن الذات الإلهية حلت في جسم أو إنها تتركب مع جسم, فهذا يؤدي إلى أنسنة الذات الإلهية, يشبه الذات الإلهية بالمخلوق أو بتأليه الإنسان. أن يرفع الإنسان إلى مقام الإلوهية, أن يعطيه صفة مستقلة من صفات الذات الإلهية, إن هذا كافر بإجماع الاثني عشرية. انظر الرسائل العملية عند الاثني عشرية في أبواب النجاسات والمرتدين ستجدها مليئة بتكفير الغلاة لعنهم الله.
اتّقوا الله لا تعاملوا وتحكموا على الاثني عشرية من أجل كلمة واحدة تصدر من العوام؛ هل سمعت أن أحد مراجع الاثني عشرية يقول: يا حسين! هذه كلمات العوام, عوام أهل السنة يقولون: يا بدوي.. يا رفاعي.. يا عبد القادر، عند عوام أهل السنة أنا كنت سنياً, موجود الآن موجود عند أهل السنة هذه المسائل كثيرة. فبالله عليك نذهب نكفر نصف أهل اليمن لأنهم يذهبون يتبركون بالولي! نكفر نصف أهل مصر؛ لأنهم يذهبون إلى السيد البدوي! هل نكفر نصف المغرب؛ لأنهم يذهبون إلى قبر التيجاني؟! هل نكفر نصف المسلمين في العالم؛ لأنهم يعملون ذلك؟! هل تقبل ذلك من أجل كلمات تصدر من اللسان العامي لا من قلب العامي؟ لو سألت المسلم عنها لقال: أنا أبرأ إلى الله إن كانت هذه الكلمة تدل على ذلك؟! إن دلت على ذلك أنا أبرأ إلى الله من هذه الكلمة! فالعوام ليسوا حجة.
أنا الآن أعيش في قم ثلاثة عشر سنة, وأدرس بحث الخارج, وهي أعلى مرتبة في الدراسة الدينية عند الاثني عشرية؛ كما أنني أقوم الآن بالتدريس في أكبر مدرسة دينية عند الاثني عشرية, ولم أجد واحداً من المراجع يصنع فعل العوام. نعم العوام, أما علماء الاثني عشرية لا يعملون ذلك, علماء الاثني عشرية ومراجع الاثني عشرية لا يقولون ذلك, تفضلوا معكم المايك.
أبو أحمد من طرف الوهابية:
طيب أنا أرجو أن تكون الإجابة إن شاء الله مختصرة في هذا الإطار ليس محاضرة. وإنما جواب جزاك الله خيراً, والآن كما كتب لي سيكون السؤال من الطرف الآخر وهو الشيخ المهند, ثم الثاني الشيخ خضر الأسدي, والثالث سيكون طالب حق الشيخ مرتضى الطائي, ويكون من طرفنا الثاني سيكون أبو الحسن (اندرسويرك 1), والأخ أبو علي الثالث, إن شاء الله. والسؤال الذي هو عابر سيكون منّي بالنسبة للدكتور الشيخ عصام طالما أنه يردد أنه يعرف أبو أحمد ويقول اسألوا أبو أحمد عنّي وأنا آسف لعلي إذا كنت ناسي يذكرني أين تعرفت على فضيلة الدكتور السيد عصام, تفضل يا المهند أولاً لك اللاقط.
الأخ سماحة الشيخ المهند القطيفي من طرف الاثني عشرية:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين, واللعنة الدائمة على أعدائهم من اليوم إلى يوم الدين, طبعاً بعد غض النظر عن كثير من الروايات التي نقلها الشيخ عثمان الخميس, وبعد أن أغض النظر عن الروايات التي دلّت على التحريف للقرآن علناً في صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد, واعتبر أولئك كفاراً أولاً, بعد أن أغض النظر عن هذا وأغض النظر ثالثاً عن رواة الشيعة للقرآن ووصول ونقل القرآن عن طريق رواة الشيعة, بعد أن أغض النظر عن كل هذا سوف أبيّن له كذبه في نقطة واحدة فقط وهي: إنه أنكر أن أبا حنيفة من تلاميذ الإمام الصادق, بينما ليقرأ في كتاب تهذيب التهذيب في ترجمة الإمام الصادق (وعنه شعبه وأبو حنيفة)، هذا من جملة رواة الإمام الصادق.
وأيضاً في تهذيب التهذيب يقول من جملة كلام له هكذا وقال مالك: (اختلفت إليه زماناً (جعفر بن محمد) وما كنت أراه إلاّ على ثلاث خصال؛ إما مصلّ وإما صائم وإما يقرأ القرآن, وما رأيته يحدث إلاّ عن طهارة) وهذا قسم من كلامه فالآن نقول كيف تكذب على مَنْ تكذب...
الأخ الشيخ عبد الرحمن الدمشقية من طرف الوهابية:
أرجوا أن لا تتأثروا لأنني قطعت كلام الشيخ المهند, لأن أحمد البعلبكي الأسبوع الماضي قطع محمد علي لأنه ذكر كلمة كذاب واتهم الشيخ الدكتور عصام بالكذب، فأرجو أن لا تتأثروا تعاملون بالمثل مثلما فعلتم بمحمد علي في الأسبوع الماضي يفعل بكم إذا اتهمتم الشيخ عثمان بالكذب, فأرجو أن تتأدب وسوف يعاد لك المايك.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
طيب حتى ما تحصل مشاكل يعني الرجاء طرح السؤال لكل واحد دون التعرض, سواءً كان من طرفنا أو من طرفكم, للجميع الكلام هذا, تفضل اكمل كلامك وعدم الإطالة. أنا لا أدري الشيخ المهند إذا كان عليه نقطه ترفع عنه النقطة جزاكم الله خيراً.
الأخ سماحة الشيخ المهند من طرف الاثني عشرية:
أرجو أن ينتبه الشيخ الدمشقية إني عاملت شيخهم بمثل ما عامل به سماحة الدكتور السيد عصام؛ فكيف أنكر علناً بأن أبا حنيفة من تلاميذ الإمام الصادق ويصرح علماء الرجال من أهل السنة بأنّه من الرواة عنه! وأيضاً صرحوا بهذه الكلمة التي قالها أبو حنيفة في شأن الإمام الصادق: (لولا السنتان لهلك النعمان), ولكن نغض النظر عن جميع ذلك ونقول له: إنك نقلت كلمات الشيخ المفيد حول القرآن مبتورة ونسيت كلمات البخاري ومسلم ومسند أحمد عندما رووا أن سورة الأحزاب بأنّها تقرب من سورة البقرة ورووا كثيراً من الروايات التي حملتها في الأسبوع الماضي على نسخ التلاوة, ولا ندري هل أبو موسى الأشعري لا يعرف النسخ ولا يعلم بوجود نسخ التلاوة عندما قال كنا نقرأ سورةً نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها ولم يقل فنسخت؟ هل يعرف أبو موسى الأشعري النسخ، نسخ التلاوة, الذي يعرفه الشيخ عثمان الخميس أو لا يعرفه؟ وعائشة تقول: توفي رسول الله وكنَّ مما يقرأ من كتاب الله!
فإذن إذا نسخت من الذي نسخها؟ هل نسخها الداجن كما في رواية أخرى, فدخل الداجن فأكل صحيفة القرآن؟ هذا ما أريد أقوله، وتفضلوا؟
أبو أحمد من طرف الوهابية:
طيب جزاك الله خيراً تفضل يا شيخ عثمان: لك اللاقط الآن, وأنا أرجوا عدم التعليق كائناً من كان سواء كان من طرفنا أو من طرفهم, تفضل يا شيخ.
فضيلة الشيخ عثمان:
الحمد لله ربّ العالمين أما بالنسبة إلى قوله: إني كذبت أنا والله أتمنى أن تثبتوا علينا كذبات. أنا قلت في كتابي «كشف الجاني محمد التيجاني» لما قال الأخ الشيخ المهند أبو حنيفة تتلمذ على يد الإمام جعفر وفي ذلك يقول أبو حنيفة: (لولا السنتان لهلك النعمان), قلت: هذا من أكاذيب الشيعة التي لا تنتهي، فلا أبو حنيفة من تلاميذ جعفر ولا مالك من تلاميذ أبي حنيفة, وقد أخذ التيجاني هذا الكلام من كتب الشيعة. وقد قال الأنطاكي هذا الكلام في كتابه (لماذا اخترت مذهب أهل البيت) وأنا قلت: أبو حنيفة درس على حماد بن أبي سلمة, ولم يثبت أنه درس على جعفر, بل كان من أقرانه وقد ولد سنة ثمانين من الهجرة وأبو حنيفة روى عن جعفر مجرد رواية هذا ذكرتها، أنا ذكرت أن أبا حنيفة روى عن جعفر لماذا تقول لي: كذبت؟ ولم أقل أنه درس روى عن جعفر, ولكن ما درس عند جعفر, وهنالك فرق بين الرواية عنه والدراسة عنده, وهذا في كتابي موجود والحمد لله والمنة, لا نخفي شيئاً يا شيخ مهند, بل نحن الحمد لله واضحون تماماً.
وأما بالنسبة لتحريف القرآن عند أهل السنة فهذا ميدانكم يرد عليّ الدكتور الشيخ عصام وإلا فلتأتي مكانه. نحن الحمد لله نرفع رؤوسنا ونتكلم ظاهرين, إذا عندك القدرة تفضل ينسحب الدكتور الشيخ عصام وابقى أنت مكانه, إذا كان هو ثقة عندكم فليدافع هو عنكم ويمثلكم حسب علمي, والحمد لله فليحمل سيفه ولينزل إلى الميدان ويتوكل على الله.
الأخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
إذن يا أخ محمد علي لعلك ترفع النقطة الحمراء عن الأخ أبو حسن (اندر سكوير ـ 1) السائل الثاني إن شاء الله.
الأخ أبو حسن [اندر سكوير ـ 1] من طرف الوهابية:
سمعت من الشيخ الدكتور. عصام كلمة وقد قالها بصوت عال عال عال جداً: إن الأمة الإسلامية أجمعت على أن من أبغض آل محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو كافر كافر كافر, قالها بصوت عال! ويعلم الدكتور عصام أن جمهرة أهل السنة يرون أو على الأقل نقول: كثير من أهل السنة يرون أن عائشة وزوجات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من آل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ , فعلى قولك هذه الفئة الكبيرة من أهل السنة تكفر من تعرض لعائشة ومن أبغض عائشة ـ رضي الله عنها ـ! نعلم موقف الشيعة وبغضهم لعائشة. أيضاً من قال عن جعفر وهو أخو الحسن العسكري يعده الشيعة يسمونه الكذاب, فعلى من أبغض جعفر أخو الحسن العسكري يعتبر كافراً على قول الشيخ الدكتور عصام. أيضاً إنه من الغلو أن يأتي بهذا الإجماع الذي يقول: إن أخا الحسن العسكري ـ رضي الله عنه ـ من أبغضه يعتبر كافراً بالإجماع عند أهل السنة, مع أنّ أهل البيت الأئمة الاثني عشر وغيرهم, بل أهل البيت تشمل آل جعفر وآل علي من أهل البيت من الآن إلى أن يرث الأرض, فأهل السنة الذين يقرون بهذا يرون أنهم يحبون أهل البيت على قدر ما فيهم من خير, كل هؤلاء من أهل البيت ونحبهم ونفضلهم على غيرهم, فمن أين له أتى بالإجماع وقد قال ذلك: إطلاقاً لم يقصد علي ـ رضي الله عنه ـ ولا الحسن والحسين, وإنما أطلق ذلك؟ فأنا أريد من أين له من أبغض أخا الحسن العسكري يعتبر كافراً؟
أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
نرجو عدم الإطالة طيب تفضل دكتور لك اللاقط الآن.
السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أحسنت, أولاً: أنا عندما قلت من أبغض أهل البيت فهو كافر تكلمت عن المطهرين ولم أتكلم عن غير المطهرين, وكان حديثي في سياق الحديث عن «آية المباهلة» وعن أهل الكساء، وأنا تكلمت بها مراراً, تكلمت عن الإمام علي والحسن والحسين وفاطمة، تكلمت عن هؤلاء الذين طهرهم والذين وردت الروايات في فضلهم, والذين أجمع المسلمون أنّهم مطهرون وأجمعوا أنّهم من أهل الجنة, وأجمعوا أن النبي أدخلهم في الكساء, وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي), تكلمت عن هؤلاء, تأتيني بجعفر وهو أخو الإمام الحسن العسكري ـ رضوان الله عليه ـ جعفر الذي اختلف في ترجمته؟! أعتقد أنه أنا حديثي في هذا السياق، هؤلاء الذين اختارهم، هؤلاء الذين وردت فيهم الروايات التامة, أما مسألة غير المطهرين لا يدخلون بهذا السياق, هؤلاء كما قلت أكثر من مرة هؤلاء مكلفون أن يتبعوا المطهرين وإن اتبعوا المطهرين فقد فازوا, وإن تركوا المطهرين فقد هلكوا, هؤلاء المطهرون الذين قال الرسول الأكرم (لا يحبّك إلا مؤمن) للإمام علي (ولا يبغضبك إلا منافق), بالله عليك عندما يقول النبي: من يبغض علياً فإنه منافق ما معنى ذلك؟ هؤلاء الذين وردت الروايات فيهم، ورد أنه من أبغضهم أو من غالى فيهم فإنه قد قاد نفسه إلى الهلاك. أنا أتحدث عن هؤلاء وأنت تأتيني بجعفر الكذاب الذي اختلف فيه بين قائل يقول: بأنه تاب وأنه جعفر التواب, وقسم قالوا: إنه لم يتب وإنه جعفر الكذاب. أنا أتكلم عن المطهرين لا غير المطهرين، غير المطهرين من أهل البيت هؤلاء لهم حكم آخر وهم ملزمون باتباع المطهرين وباتباع الثقل المطهر الذين هم الثقل الثاني بعد كتاب الله.
يا أخي, تأمّل حديث الثقلين: (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي), بالله عليك الرسول قرن بين الثقلين, قرن بين أهل البيت المطهرين وبين القرآن والسنة, الثقل الأول هو القرآن والسنة والثقل الثاني هم أهل الكساء المطهرين, أما غير المطهرين فحكمهم كحكم غيرهم من المسلمين، وهنالك فتاوى كثيرة لا مجال لذكرها؛ لأن الوقت لا يتسع، كذلك أقوال كثيرة لأهل السنّة في تكفير من يبغض أهل البيت المطهرين, أو من أعلن العداء لأهل البيت المطهرين, أو من نصب العداوة لهم.
هذه مسألة مسلمة عند الجميع لا أرى أنه يوجد مسلم يمكن ينكر هذه العقيدة وإن شاء الله أنا سآتي لك بالأقوال بالصفحات والمصادر؛ لأن قضية أهل البيت قضية الأربعة المطهرين لا شك فيها بالنسبة لإجماع المسلمين. ومن هنا تجد أنّ أهل السنة دائماً يتبرأون من النواصب ويلعنون النواصب ويقولون دائماً: لعن الله الغلاة, ولعن الله النواصب. ونحن نبرأ من النواصب كما نبرأ من الغلاة. انظر دائماً أهل السنة كلهم يقرنون بين من ألّه الإمام علي يقرنون بينه وبين من عادى الإمام علي, يقولون: لعن الله الغلاة, أي الذين يؤلهون الإمام علي ولعن الله النواصب, أي الذين يعادون الإمام علي. اللعنة لكلا الطرفين من يعادي أهل البيت المطهرين ويعلن النصب لهم, ومن يعلن العداء لهم هذا كافر بإجماع المسلمين ليست القضية أنّها قضية خلافية بين المسلمين. وأنا أتكلم عن المطهرين ليس كلامي عن جعفر الكذاب المختلف في عدالته والمختلف في ثقته, أما غير المطهرين من أهل البيت فيبحث عن عدالته ويبحث عن ثقته, وإن كان عادلاً وثقة فنحن نحترمه؛ لأنه من ذرية أهل البيت المطهرين؛ ولأنه من أهل البيت غير المطهرين, ولأنه حتى لو كان من أهل البيت غير المطهرين لا مانع من احترامه وتقديره, ولكن ليس واجب الاتباع وليس من الثقل الثاني, وليس من الذين لا يمكن أن يخالفون القرآن والسنة.
نحن نقول: الذين لا يجوز بغضهم هم الذين لا يمكن أن يخالفوا القرآن والسنة, أما الذين يمكن أن يخالف القرآن والسنة فهذا ينظر فإن خالف الكتاب والسنة فإذا تركناه فلا كرامة له, وإن اتّبع الكتاب والسنة فان ذلك سوف نحترمه ونعطي له حق القرابة. أما الثقل الأصغر هم أتباع القرآن والسنة الذين لا يمكن أن ينقلبون بنص «حديث الثقلين», ولا يمكن انفصالهم على القرآن والسنة ولا يمكن أن يبتعدون عن القرآن والسنة, ولا يمكن أن يحللوا ما حرّم الله أو يحرمون ما حلّل الله. ولا يمكن أن يخالفون حديثاً ورد عن الرسول, ولا يمكن أن يخالفون آية قرآنية، هؤلاء الذين قال فيهم النبي: (يوشك أن أدعى), يوشك أن أغادر هذه الحياة ثم قال: (إني تارك فيكم الثقلين). هؤلاء الذين ما عداهما خفيف، هؤلاء هم الثقل الثاني بعد القرآن والسنّة, هؤلاء الذين يكفر من يتركهم, لا جعفر التواب أو الكذاب أو الحسن المثنى أو الحسن المثلث وغيرهم من الذين يجوز عليهم أن يخالفون القرآن والسنة, كما أنهم مثلهم كمثل غيرهم من بقية المسلمين في الأرض, فإن اتبعوا السنة والقرآن فبها وإن تركوا السنة والقرآن فلا مكان لهم ولا كرامة لهم, وتفضلوا معكم المايك.
سماحة السيد طلال:
طبعاً يا أخ أبو أحمد رجاءً تلتفتون للذين يكتبون على الشاشة والتكست, وبالنسبة للأخ أحمد البعلبكي وضعوا عليه نقطة حمراء والأخ أحمد البعلبكي كان على أساس يتكلم مع واحد من الأخوة، عفواً شيخنا شيخ عثمان أرجوا المعذرة إذا أخذنا من وقتكم بس الإخ أحمد أراد أن يكتب شيئاً على التكست لأنه عنده كلام قبل الانتقال إلى السؤال.
الأخ أبو أحمد من طرف الوهابية:
رجائي رجائي أنا سألت الشيخ عثمان بالنسبة لأحمد البعلبكي يصير واضح, سيعطى المايك للشيخ عثمان الآن رجائي عدم التعليق بالتكست واحترام المناظرة, وسألت الشيخ عثمان, ولا بأس عندنا أن يشارك الشيخ علي الكوراني, تفضل يا شيخ عثمان لك اللاقط.
فضيلة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أظن أن الاكتفاء لمدة عشر دقائق لي وعشر دقائق للشيخ الدكتور عصام أنا حسبت الوقت فصار نصف ساعة للأسئلة, لذا فأعتذر عن استقبال أي سؤال؛ لأنه الوقت قد انتهى وجزاكم الله خيراً, وإن شاء الله الذي عنده سؤال يؤجله إلى الأسبوع القادم, ولكن أريد الآن من الدكتور عصام أن يحدد لنا الموضوع الذي يريد أن يتحدث عنه إنه سيكون الموضوع «آية المباهلة» أم أنه سيفاجئنا بشيء جديد؟ تفضل دكتور عصام.
الأخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
ما أدرى يا شيخ عثمان بقي واحد من عندنا وواحد من عندهم فقط باقي اثنين لو كان ممكن تفضل يا شيخ.
سماحة الشيخ عثمان:
العفو أبو أحمد نحن لسنا نتهرب من الأسئلة, ولكن انتهى الوقت، عشر دقائق لي وعشر دقائق له الآن تكلمنا أكثر من أربعين دقيقة، يعني أكثر من نصف (ساعة) منذ بدأنا الأسئلة, لذلك أنا أرجو الالتزام بالوقت, والشاهد أنه يجب الالتزام بالوقت, دكتور عصام أخذ وقتاً طويلاً وأنا أجبت عن سؤال واحد وهو أجاب عن سؤالين؛ ولكن أظن أن الوقت يكفي الآن, ولن أستقبل أيّ سؤال مع اعتذاري الكبير للجميع.
سماحة السيد طلال:
عفواً يا شيخ عثمان سماحة الدكتور عصام يريد كلمة.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أولاً: أنا كنت كلمت سماحة السيد طلال هو أني مشغول في عمل مهم جداً, أعتقد أنه مهم, ولذلك أقترح أن المناظرة تكون كل أسبوعين لأسباب معينة, أولاً: إن الشيخ عثمان الخميس دائماً يأتي ويقول أنا عندي عمل, في كل مرة يأتي, أكثر من مرة يقول: هذا الأسبوع لا أستطيع آتي، هذا الأسبوع ليس عندي مجال! أنا أقول أفضل؛ من هذا أنه أنا في الحقيقة أنا مشغول, أنا عندي عمل أرى أن تكون المناظرة كل أسبوعين أفضل؛ لأني أنا أريد أسبوع أفرغ لعملي الرئيسي؛ لأنه عندي عمل مهم جداً, وأعتقد أنه يعتبر أهم من المناظرة حتى, ولا أستطيع أن أتواجد كل أسبوع, لذلك سآتي كل أسبوعين, الأسبوع القادم لا تكون هناك مناظرة, ولكن ستكون المناظرة في غرفتنا كما هو متفق, مرة في غرفة الشيخ عثمان ومرة أخرى في غرفتنا.
سماحة السيد طلال:
الشيخ الدمشقية اقترح ما رأيك هذه القضية تتعلق بالشيخ عثمان الخميس وبسماحة الدكتور عصام أنا ليس لي دخل في هذه القضية عفواً, يتفضل سماحة الدكتور عصام يكمل كلامه.
سماحة الدكتور عصام:
أقول: إنه أنا في كل أسبوعين سآتي, وليس في كل أسبوع؛ لأنه عندي عمل مهم جداً, وكذلك الشيخ عثمان عنده أعمال, وأنا لا أستطيع أن أتواجد كل أسبوع بسبب العمل وهو القضية الأهم من ذلك هذا الذي أريده. أما مسألة البحث سأكمل البحث عن «آية المباهلة» ونتحدث كذلك عن بعض الإشكالات التي ذكرها أخي فضيلة الشيخ عثمان الخميس واتهمني بسببها بالكذب. سأذكر هذا وسأحاول أن أقسم الوقت نصفين بين هذا الموضوع وهذا الموضوع؛ لأنه يوجد أشياء من الجلسة الماضية لا بّد أن أجيب عنها؛ لأنه البحث يجب أن يكون بحثاً علمياً. والبحث العلمي يقتضي أن البحث يكون في قضية مستقبلية جديدة وقضية ماضية حتى يحدث تكامل من خلال الأبحاث الجديدة ومراجعة لما تم طرحه في الجلسات الماضية حتى لا تكون هنالك فقرات غير منسجمة, ولذلك المنهجية العلمية في البحث تستند في ذلك أن تنظر نظرة إلى الخلف ونظرة إلى الأمام, فأنا سآتي ببعض القضايا التي اتهمني بسبسها بالكذب, وهذا الاتهام إنما هو من ثمرة منهجية الشيخ عثمان الخاطئة, ثم أتناول [آية المباهلة], وسيكون إن شاء الله الوقت مناصفة وحسب الظروف, وأنا لا أستطيع أن أحدد الوقت الآن أسمع من الشيخ عثمان ما هو رأيه بالموضوع؟
سماحة السيد طلال من طرف الاثني عشرية:
إن شاء الله الشيخ عثمان تفضلوا المايك معكم, وأرجو شيخنا شيخ عثمان أنه تنبه الأخ محمد علي هذا إذا قبل أن نقول له أخ؛ لأنه قال لبعض الأخوة انه لا يقبل أن نقول له أخ!! على كل حال نأمل منكم شيخنا أن توقفوا محمد علي عن هذا الأسلوب, أنا كتبت له أنه احتراماً للشيخ عثمان واحتراماً لسماحة الدكتور عصام على الأقل, وهذا أيضاً نحن نتمناه للأخوة جميعاً, تفضلوا شيخنا.
سماحة الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, أنا أقول للجميع أنه لا يكتب على الشاشة والتكست، أنا جاء في نظري الآن أن هذا الكلام يعتبر هو الانسحاب التكتيكي للدكتور الشيخ عصام دكتور عصام أنت قبلت المناظرة بأن تكون في كل أسبوع, عندك ارتباط، عندك شغل، يمكن تكون الأسبوع الذي بعده. أما قولك نجعلها كل أسبوعين وبعد ذلك تقول لي كل شهر مرة لا يصلح هذا أبداً! دكتور عصام أنت الاشغال الجديدة هذه عندك ثقة, عندك التزام, عندك مواعيد, عندك أي عمل إن كنت تريد أن تعتذر عن أسبوع فلا يهم أما كل أسبوعين هكذا مجرد عندي التزامات كثيرة! كانت عندك التزامات كثيرة أيضاً من قبل! طيب ننتظر أسبوعين فقط حتى تأتينا بكلام ابن تيمية وتذكر الجزء والصفحة ولا تذكر الطبعة, يعني لا توجد إلا طبعة ثانية للكتاب, والطبعة الثانية عندي ولا توجد فيها هذا الكلام الذي قلته.
دكتور عصام هل تريد أن تستمر معي في المناظرة أو لا تريد؟ هل تريد أن تنسحب أو لا تريد؟ حدد موقفك, أما قضية كل أسبوعين الوقت طويل جداً إذا كان كل أسبوع ولا نلحق, معك المايك الآن تريد كل أسبوع انظر الليلة قلت الجلسة عن «آية المباهلة» فلا تكلمت كلمة عنها, سمعنا كلاماً عجيب الليلة, ولا أحد يوافقك من الشيعة على هذا الكلام؛ إنه لا يوجد نص واحد يدل على الإمامة, بل مجموع وكل النصوص تدل بأجمعها على الإمامة! هذا الكلام غير موجود ولا أظن أن الشيعة أعجبهم هذا الكلام, تفضل دكتور عصام ورجاءً كما قلت لا أحد يكتب على التكس.
الأخ سماحة السيد طلال من طرف الاثني عشرية:
عفواً شيخنا رجاءً قبل كل شيء يا شيخ انظر أولاً وضعوا نقطة حمراء علينا حتى يكتب محمد علي ما يريد! شيخنا أنتم تمنيتم كم مرة أنه رجاءً لا أحد يكتب على التكس انظر إلى التعليقات، انظر رفعت النقاط الحمراء عن كم واحد, الأخ محمد علي قال: إنه انتهت المناظرة. شيخنا انتهت المناظرة أم لم تنته فقط هذا السؤال، انتهت أم لم تنته؟ إذا لم تنته إذن ما زال هناك بعض الأسئلة أنت تسأل ونحن نجيب معنى هذا أنها لن تنتهي. ورجاءً أنه إذا يتدخل الأخوة بهذا الشكل فأنا أتصور أنه خارج عن أدب الحوار, خصوصاً إذا ما تحترمونا تحترمون شيخكم على الأقل! أخي العزيز احترموا أخوانكم احترموا شيخكم! على أيّ حال تفضلوا, على الأقل نحن موجودين في الغرفة, خير إن شاء, الله تفضلوا سيدنا الدكتور عصام.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أقول: إنه أخي فضيلة الشيخ عثمان ظلمني أنا قلت أنه بسبب الشبهات والإشكالات التي توالت على مذهب أهل البيت, وعلى الروايات والأدلة القرآنية والحديثية في أهل البيت, أصبح الآن من الصعوبة أنك تقنع الطرف الآخر بوجوب اتّباع أهل البيت إلا إذا جمعت مجموعة الأدلة.
نعم, يوجد هنالك بعض الأدلة رواية واحدة تدل على هذا ويوجد آية واحدة تدل على هذا, لكن ليس كل الآيات فيها هذه الدلالة مثل «آية المباهلة» أو غير هذه الآية, ممكن أن أقول تدل دلالة صريحه على اتباع أهل البيت وحدهم بذاتها, ولكن هنالك أكثر الأدلة لا تدل بذاتها وحدها.
النقطة التي أشرت إليها وهي: إنني أريد أن تكون المناظرة كل أسبوعين وليس كل أسبوع! أرجوك يا شيخ عثمان لا تعبر عن هذا بهذه الصورة؛ لأنه ليس تعبيراً علمياً عندما تخاطبني بقولك لي: تريد أن تنسحب! نحن في حوار البحث عن الحق, أصلاً أنت أكثر من مرة، قلت إنك تريد الحج وغبت أكثر من ثلاثة أسابيع, فلم أقل أنك تنسحب, وجئت مرة أخرى وقلت: سأذهب للعمرة! وجئت مرة ثالثة وقلت: سأذهب عمرة! وجئت أكثر من مرة وغبت أسبوعين, ومرة ثالثة غبت شهر!! أنا الآن أقول لك عندي عمل أريد كل أسبوعين مناظرة لا كل أسبوع, أنا أريد أن تستمر كل أسبوعين حتى أكمل عملي, يعني هذا الأسبوع والذي بعده يمكن لفترة شهر أو شهرين حتى أكمل عملي, ثم بعد ذلك وبعد إكمال عملي نعود كل أسبوع, فلماذا أنت هكذا عندما تركت المناظرة شهر لم أقل لك: أنك أنت انسحبت من المناظرة؟! أرجوك لا تعبِّر هذه التعبيرات, وتفضل الآن وأنا أقول: يا أخي الأسبوع القادم لا يوجد مناظرة وإنما الأسبوع الذي بعده, تفضل معك المايك يا أخي عثمان.
فضيلة الشيخ عثمان:
عفواً الدكتور عصام بدل ما تقول الأسبوع القادم لا توجد مناظرة بل الأسبوع الذي بعده فيه مناظرة يجب أن تتكلم معي بأسلوب أكاديمي علمي, قول هكذا؛ أنا اعتذر! اسمحوا لي ما في هذا الأسبوع مناظرة, بل الذي بعده ما أطلب منك دكتور عصام أنا جاي أناظرك, تستطيع أن تعتذر تقول: عندي شغلة, عندي سفر, عندي كذا، فقط ما نريد أن تجعلها قاعدة، كل أسبوعين مرة، أنا ماشي معك, أنا ماشي معك حتى لا تنسحب, والله أنا موافق على اقتراحك خشية أن تنسحب, من خلال هذه الفرصة, ولكن أنا سأفوتها عليك, ولن أترك لك مجالاً للانسحاب, الأسبوع هذا القادم ما عندي مانع إذا كان عندك شغل تريد أن ترتاح, فمن حقك أن ترتاح دكتور عصام, ولكن أنا الكذبات أريدها إن شاء الله أن تجاوب عليها, إن شاء الله تعالى, ونريد أن تجيب عليها, وكذلك تكلم عن «آية المباهلة» وتكلم عن تحليل شخصيتي, وأرجوا أن تحلل أيضاً كذبك الذي تكذبه, أو تأتي بالشيخة الدكتورة أمينة المغربية تبين لنا إنك غير كذاب, وتأتي وتبين إنها ليست كذبات.
الشيء الثالث: دكتور عصام بالنسبة للأسبوع القادم لا مانع إن شاء الله تعالى, ولكن الأسبوع الذي بعده إن شاء الله تلتزم بكل أسبوع, وقضية أنني انقطعت شهرين وأسبوع، شهر، أسبوع، الإجابة بسيطة دكتور عصام, نحن انقطعنا للحج أسبوعين فقط واستئذنكم وأذنتم وذهبنا إلى الحج, نسأل الله القبول, ثم رجعنا, ثم بعد ذلك أنت اعتذرت مرتين عن عدم حضورك المناظرة وقلت: الخط عندكم في مدينة قم مقطوع مرتين, ومرة قلت: إن الأخ الكابتن سافر للعمرة, وقلت: إنه لا تستطيعون الحضور؛ لأن الأعمال كثيرة؛ أنت الذي اعتذرت ثم أسبوع يعني حلقة واحدة, ثم حلقتين على السفر. هذا ما كان. أنا ما عندي مانع إذا كان عندك شغل أعطيك شهراً ما عندي مشكلة, خلي أشوف وأعرف ماذا تريد؟ أم إنك تماطلها أسبوعين ثم أسبوعين ثم أسبوعين ثم بعد ذلك سوف تقول: إنك تريد تنسحب! انسحب فليأتِ الكوراني! انسحب وسيأتي الكوراني يناظر في ربّي، من أجل أعرف هل أنا أعرف ربي أم لا أعرفه؟ هل أعرف الله أو لا أعرفه؟ والمشكلة الأسبوعين ماذا تصنع ولا يسمعون الناس منك شيئاً بعد أن تتأخر عليهم أسبوعين؟! لذلك دكتور عصام رجاءً لديك التزام الأسبوع القادم ما في مانع, أما أن تجعلها المدة كل فترة أسبوعين هذا غير مقبول دكتور عصام, ولا أقول: غير مقبول بأنني سأنسحب؛ لأنك ما وافقت على هذا الكلام, لكن أقول أسفاً إذا تريد أن تعتذر تطلب الإذن بأن تجعلها أسبوعين لعدة أسابيع اجعلها هكذا، أريد أن أناقش كذا, حتى الليلة دخلت عليّ في «آية المباهلة» مباشرة, مفاجئة! وقلت: «آية المباهلة», ولم تتكلم عن [آية‌ المباهلة], فقط تريد تشوف ردت الفعل منّي؟
دكتور عصام الأسبوع القادم إذا لا تريد تأتي ما في مانع, والأسبوع القادم أنا موجود في غرفة الأنصار إن شاء الله تعالى, وأرجو أن تتكلم بما تطيب به قلوب الحاضرين إن شاء الله تعالى، وسأذكر ما عندي حتى لو انسحبت من المناظرة واعتذرت، أنا موجود إن شاء الله كل أسبوع, أما عندك وأما في غرفتنا, لنستمر في المناظرة معك, أنا موجود إلا إذا قدر الله سفراً أو عارضاً أو طارئاً, وجزاكم الله خيراً وأشكركم وإن شاء الله تعالى كالعادة في الاستمرار بهذا المناظرة, وجزاكم الله تبارك وتعالى وجزا كل القائمين على المناظرة خير الجزاء, ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا ويوفق جميع من حضر إلى اتباع الحق والالتزام به, والله أعلى وأعلم, وصلّ الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
الأخ الشيخ أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
طيب خير إن شاء‌ الله, الآن لعل آخر كلمة تكون حتى إن شاء‌ الله نستفيد من الشيخ الدكتور عصام, ونستفيد من الشيخ عثمان بعد ذلك.
سماحة الدكتور السيد عصام:
بسم الله الرحمن الرحيم, أخي الشيخ عثمان أنا مجرد اقترحت اقتراحاً ما أستحق كل الكلام هذا أصلاً، تريد تهرب تريد تنسحب! إنما لماذا أهرب؟ وأنا بالنسبة لي أريد التقريب بين المسلمين وأرى أن الوسيلة الوحيدة للتقريب هو الحوار الإسلامي والله إن الحوار هو الذي سيقرب وجهات النظر, وسيبيّن كل شيء, أنا أعتبر المسألة مسألة عبادية, أتعبد إلى الله بهذه المناظرة, لذلك أنا أعتبر عندما أدخل المناظرة معناه سأدخل الصلاة، والله أنا عندي هذه الصلاة، وهذه الصيام، وهذا الحج, وهذه الزكاة، أؤدي من خلال هذه المناظرة واجباً تماماً مثل الواجبات الشرعية المفروضة عليّ, لكن يا أخي مثلما طراً عليك عمل وقلت: سأذهب, وتأخرت وقلت: هذين الأسبوعين ليس عندي سأذهب إلى الحج, ثم جئت بعد فترة وقلت: هذين الأسبوعين, وحددت وقلت: سنأتي في تاريخ (24/4), وأنت تحدد وأنا لم أقل شيئاً, هل جاء‌ يوم من الأيام وقلت لك: يا أخي أنت لا تريد الحج ولا تريد العمرة, بل تريد تترك المناظرة تريد تنسحب؟! لماذا يا شيخ عثمان بهذا الأسلوب تتعامل معي؟! يعني هذا الأسلوب أسلوب سطحي! أنا مجرد اقترحت اقتراحاً! والله يا أخي ليس إني أريد أن أتهرّب! لماذا أتهرب؟ يعني أريد أن أهرب من أخي يا أخي، أنت أخي، نحن نتعاون ونجلس جلسة أخوية، لا يوجد هنا هروب وغير هروب! لماذا أهرب من أخي؟ ولذلك أنا أشكرك على هذا الأسلوب في التعامل، بلغت من الخصومة لأخيك إلى هذا الحد! كم من مرة أنت اعتذرت وتركت المناظرة وتقبلت عذرك.. أما مسألة انقطاع الخط: والله يا أخي إن الأمر لم يكن بأيدينا! والله إنه حدث انقطاع فعلاً لا نستطيع أن ندخل وحاولنا أكثر من مرة أن ندخل. هذه الانقطاعات التي هي لا إرادية وكانت خارج الإرادة تعتبرها حجة؟! لا تستعمل هذه الأساليب الخصومية تريد تنسحب! تهرب!! يا أخي في الحوارات الأخوية الإسلامية بين مسلم وبين مسلم آخر لا يوجد هروب أو تهرب! لا يا أخي, توجد بيننا قضية أخوية. أنا والله، أقسم بالله أن عندي عملاً مهماً في خلال هذين الشهرين فقط, وأنا اقترحت عليك أن تكون كل أسبوعين, إذا أردت أن تقبل فاقبل وإلا أمري إلى الله سوف أطبِّق رغبتك يا أخي, ولكن, لأني فقط عندي هذين الشهرين عمل مهم جداً جداً, وانا فقط قلت أسبوع نتناظر وأسبوع لا نتناظر, إذا كنت تقبل بذلك وإذا لم تقبل القضية ليست مشكلة، القضية إليك, وتفضل وشكراً لك على هذا الأسلوب الأخلاقي في التعامل.
أبو أحمد البكري من طرف الوهابية:
إن شاء الله لعلنا نخرج مع الشيخ وله اللاقط, تفضل يا شيخ.
الشيخ عثمان:
بسم الله الرحمن الرحيم, دكتور عصام آخر كلمة أقولها لك: أنا ما قلت لك أنك تهربت! ما قلت: تهربت من النقاش! أنا قلت: هذا الاقتراح غير مقبول على العموم جزاك الله خيراً وبارك الله فيك, وإن شاء الله تبارك وتعالى يهدينا وإياك إلى صراطه المستقيم, وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويهدينا اتباعه, ويرينا وإياك الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه, وشكراً لكم على إتاحتكم لنا هذه الفرصة وعلى تفضلكم بدخول هذه الغرفة, والآن إذا كانت هناك أسئلة سوف نجيب عليها في الجلسة القادمة جميعاً, كما قلت: إن شاء الله تعالى, وبهذا تكون المناظرة الحادية عشر قد انتهت والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page