طباعة

بغض عائشة لآل النبي (صلى الله عليه وآله)‏ - إيذاء عائشة للنبي (ص) في حياته

ونحن حين ننتقد عائشة ونعاديها، لا لأنها بنت أبي بكر، بل لسوء تصرفها ‏وسوء معاملتها مع آل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولأنها كانت تبغض ‏عليا (ع) وتعمل ضده وتثير المسلمين عليه، وإلا فإنا [ نحب محمد بن أبي ‏بكر ـ أخيها ـ لأنه نصر الحق وتابع الإمام علي (عليه السلام) ].‏
أما عائشة فما حافظت على مكانتها بل سودت تاريخها بأعمالها المخالفة ‏لكتاب الله وحديث النبي (صلى الله عليه وآله) فما أطاعت زوجها ولا ‏أطاعت ربها!!‏
الشيخ عبد السلام: لا يليق هذا الكلام بكم وأنت سيد شريف وعالم نبيل، ‏فكيف تعبر عن أم المؤمنين بهذا التعبير، بأنها سودت تاريخها؟!‏
قلت: كل زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندنا في مكانة متساوية، ‏باستثناء أم المؤمنين خديجة الكبرى (ع) فإن النبي كان يفضلها عليهن ـ ‏فإن أم سلمة وسودة وعائشة وحفصة وميمونة وسائر زوجاته (صلى الله ‏عليه وآله) كلهن أمهات المؤمنين، ولكن المؤرخين لا سيما أعلامكم فتحوا ‏لعائشة صفحات خاصة، تروي مداخلتها في الفتن، ومشاركتها مع ‏الرجال في أمور لا تعنيها، بل مخالفة لشأنها ومقامها كزوجة للنبي (صلى ‏الله عليه وآله). وهذا مقصودنا من تسويدها تاريخها، وليتها كانت تسلك ‏مسلك قريناتها، أعني زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتحافظ على ‏حرمة النبي(صلى الله عليه وآله) كما حفظنها.‏
الشيخ عبد السلام: أظن أن سبب عدائكم وبغضكم لأم المؤمنين عائشة، هو ‏خروجها على الإمام علي كرم الله وجهه، وإلا فإن سلوكها مع رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) كان أحسن سلوك، وليس لأحد انتقاد في ذلك، وكان ‏رسول الله يكرمها كثيرا ونحن نكرمها لإكرام النبي لها.‏
قلت: سبب بغضنا لعائشة ليس لخروجها على الإمام علي (عليه السلام) ‏فحسب بل لسوء سلوكها مع النبي (صلى الله عليه وآله)، وإيذائها له أيضا، ‏وتمردها عليه (صلى الله عليه وآله) وعدم إطاعتها له في حياته!!‏
الشيخ عبد السلام: هذا بهتان عظيم! فإن كلنا نعلم بأنها كانت أحب زوجات ‏النبي (صلى الله عليه وآله) إليه، فكيف كانت تؤذي رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله) وهي تقرأ في القرآن الحكيم: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ‏لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الآْخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً}(1)؟
قلت: أيها الشيخ لقد تكرر منكم سوء التعبير ورميتموني بالافتراء والبهتان ‏والكذب، ولكن سرعان ما انكشف الأمر وثبت بأني غير كاذب ولا مفتر، ‏بل أنا ناقل الأخبار من كتب علمائكم ومسانيد أعلامكم، وقلت لكم: بأن ‏الشيعة لا يحتاجون إلى وضع الأخبار وجعل الأحاديث في إثبات عقائدهم ‏وحقانية أئمتهم وفضائلهم ومناقبهم، فإن كتاب الله سبحانه ينطق بذلك ‏والتاريخ يشهد لهم.‏
أما قولك بأنها كيف كانت تؤذي النبي وهي تقرأ الآية الكريمة: (إِنَّ الَّذِينَ ‏يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ...) الخ.‏
فأقول: نعم كانت تقرأ الآية وكان أبوها أيضا يقرأها وكثير من كبار ‏الصحابة قرؤوا هذه الآية الكريمة وعرفوا معناها ولكن.. كما نقلت لكم ‏الأخبار المروية في كتبكم وصحاحكم في الليلة الماضية وانكشف حقائق ‏كثيرة للحاضرين ولكم إن كنتم منصفين غير معاندين!!‏




إيذاء عائشة للنبي (صلى الله عليه وآله) في حياته‏
أما أخبار إيذاء عائشة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياته فلم تذكر ‏في كتب الشيعة وحدهم، بل ذكرها بعض أعلامكم أيضا منهم: أبو حامد ‏محمد الغزالي في كتابه إحياء العلوم:ج2/ الباب الثالث كتاب آداب النكاح / ‏‏135، والمتقي الهندي في كنز العمال ج7/116، وأخرجه الطبراني في ‏الأوسط والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من حديث عائشة قالوا: و جرى ‏بينه (صلى الله عليه وآله) و بين عائشة كلام حتى أدخل النبي (صلى الله ‏عليه وآله) أبا بكر حكما بينهما، و استشهده، فقال لها رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله) تكلمين أو أتكلم؟ فقالت: بل تكلم أنت و لا تقل إلا حقا!‏
فلطمها أبو بكر حتى دمي فوها وقال: يا عدوة نفسها! أو غير الحق يقول؟ ‏فاستجارت برسول الله (صلى الله عليه وآله) وقعدت خلف ظهره، فقال له ‏النبي (صلى الله عليه وآله): لن ندعك لهذا ولم نرد هذا منك.‏
قال أبو حامد الغزالي في نفس الصفحة: وقالت له مرة في كلام غضبت ‏عنده: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟! ـ قال وذلك حين صباها ـ فتبسم ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) واحتمل ذلك حلما وكرما.‏
وأخرجه أبو يعلى في مسنده وأبو الشيخ في كتاب الأمثال، من حديثهما ‏معنعنا.‏
قال الغزالي: وقال (صلى الله عليه وآله) لها: إني لأعرف رضاك من ‏غضبك.‏
قالت: وكيف تعرفه يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): إذا رضيت ‏قلت: لا وإله محمد، وإذا غضبت قلت: لا وإله إبراهيم.‏
قالت: صدقت... إنما أهجر إسمك!(5).‏
وتحدثها بهذه العبارات والتعابير التالية مع النبي (صلى الله عليه وآله):‏
بل تكلم أنت و لا تقل إلا حقا!‏
أنت الذي تزعم أنك رسول الله!!‏
إنما أهجر إسمك!‏
بالله عليكم! أنصفوا..! أما كان رسول الله يتأذى من هذه التعابير القارصة ‏والكلمات اللاذعة حين يسمعها من زوجته؟!‏
والمفروض أن تتصاغر الزوجة لزوجها وأن تحترمه وتخضع له ولا ‏تتجاسر عليه بكلام يؤذيه، وكذلك المفروض على المؤمنين والمؤمنات أن ‏يكرموا النبي (صلى الله عليه وآله) ويحترموه احتراما كبيرا ويعظموه ‏كثيرا، حتى أنه لا يجوز لأحد أن يرفع صوته فوق صوت النبي (صلى الله ‏عليه وآله) أو يدعوه باسمه من غير تشريف واحترام كما يدعو بعضهم ‏بعضا، لقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ‏النَّبِيِّ ‏وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا ‏تَشْعُرُونَ}(6).‏
وقال سبحانه: {لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}(7).‏
فالمفروض على زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) ـ عائشة وقريناتها ـ ‏أن يكرمن النبي ويحترمنه ويخضعن له (صلى الله عليه وآله) أكثر من ‏غيرهن، ولكن مع الأسف الشديد نرى في سلوكها تمردا على رسول الله كما ‏وصفها المؤرخون وحتى من أعلامكم مثل أبو حامد الغزالي، والطبري، ‏والمسعودي وابن الأعثم الكوفي وغيرهم، قالوا: إنها تمردت عن أمر الله ‏ورسوله (صلى الله عليه وآله)! فهل هذا التمرد يدل على طيبها أم خبثها؟! ‏وهل حياة المتمردين على الله ورسوله تكون ناصعة أم سوداء مظلمة؟!‏
وإني أستغرب كلام الشيخ عبد السلام وقوله: بأن سبب بغضنا لعائشة، ‏خروجها على الإمام علي كرم الله وجهه!‏
وكأنه يحسب هذا الأمر هينا! وهو عند الله عظيم عظيم.. لأنها شقت عصا ‏المسلمين، وسببت سفك دماء كثير من المؤمنين والصالحين، فرملت نساء، ‏وأيتمت أطفالا!! وهي بخروجها على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ‏‏(ع)، وإثارة فتنة البصرة، وأمرها للناس، وتحريضهم لمقاتلة الإمام علي ‏‏(عليه السلام)‏، فمهدت الطريق وفتحت باب الحرب والقتال لمعاوية وحزبه ‏الظالمين وكذلك للخوارج الملحدين الفاسقين!!‏
فأي ذنب أعظم من هذا يا شيخ! وهي بخروجها من بيتها إلى ‏البصرة خالفت نص كلام الله الحكيم إذ قال سبحانه:‏
{وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُْولى}(8).‏
نعم جميع زوجات رسول الله غير عائشة امتثلن أمر الله تعالى وأطعنه ‏وحفظن حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته وما خرجن من ‏بيوتهن إلا للضرورة، وقد روى الأعمش كما ورد في صحاحكم ومسانيدكم: ‏قالوا لأم المؤمنين سودة زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم لا ‏تخرجين إلى الحج والعمرة؟ فثوابهما عظيم؟
قالت: لقد أديت الحج الواجب وأما بعد ذلك فواجبي أن أجلس في بيتي ، ‏لقوله تعالى:‏
(وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ...) فامتثالا لأمره عز وجل، لا أخرج من بيتي بل أحب ‏أن أقر في الدار التي خصها لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أخرج ‏إلا لضرورة، حتى يدركني الموت ـ وهكذا كانت حتى التحقت بالنبي ‏الكريم (صلى الله عليه وآله) ـ.‏
فنحن لا نفرق بين زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكلهن أمهات ‏المؤمنين، فمن هذه الجهة كلهن عندنا على حد سواء.‏
وأما في المنزلة والمقام فشأنهن شأن المؤمنات الأخريات فيكتسبن المقام ‏والجاه عند الله سبحانه بالأعمال الصالحة وبالتقوى، فمن عملت منهن ‏الصالحات واتقت فنحبها، ومن لم تتق وما عملت صالحا فلا نحبها، ومن ‏خالفت وعصت ربها فنبغضها.‏
____________
4- سورة الأحزاب، الآية 57.‏
5- أقول: أخرجه مسلم في صحيحه ج7/135 من حديثها ورواه البغوي في ‏المصابيح ج2 / 35.‏
((المترجم))
6- سورة الحجرات، الآية 2.‏
7- سورة النور، الآية 63.‏
8- سورة الأحزاب، الآية 33.‏