طباعة

مناظرة هشام بن الحكم مع ضرار بن عمرو الضبي

المناظرة التاسعة والعشرون(مناظرة هشام بن الحكم مع ضرار بن عمرو الضبي(1) )
دخل ضرار بن عمرو الضبّي على يحيى بن خالد البرمكي فقـال لـه: يا أبا عمرو هل لك في مناظرة رجلٍ هو ركن الشيعة ؟
فقال ضرار: هلّم من شئت.
فبعث إلى هشام بن الحكم، فأحضره.
فقال: يا أبا محمد، هذا ضرار، وهو من قد علمت في الكلام والخلاف لك فكلمه في الامامة.
فقال: نعم، ثم أقبل على ضرار فقال: يا أبا عمرو: خبرني على ما تجب الولاية والبراءة أعلى الظاهر أم على الباطن ؟
فقال ضرار: بل على الظاهر فإن الباطن لا يُدرك إلا بالوحي.
قال هشام: صدقت، فأخبرني الان أي الرجلين كان أذب عن وجه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالسيف وأقتل لاعداء الله بين يديه وأكثر آثاراً في الجهاد أعليّ بن أبي طالب أو أبوبكر ؟
فقال: بل علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ ولكن أبابكر كان أشد يقيناً.
فقال هشام: هذا هو الباطن الّذي قد تركنا الكلام فيه وقد اعترفت لعلي ـ عليه السلام ـ بظاهر عمله من الولاية، وأنه يستحق بها من الولاية ما لم يجب لابي بكر.
فقال ضرار: هذا هو الظاهر نعم.
قال له هشام: أفليس إذا كان الباطن مع الظاهر فهو الفضل الّذي لا يُدفع ؟ !
فقال له ضرار: بلى.
فقال له هشام: ألست تعلم أن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال لعليّ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي(2) . قال ضرار: نعم.
قال هشام: أفيجوز أن يقول هذا القول إلاّ وعنده في الباطن مؤمن ؟
قال: لا.
قال هشام: فقد صح لعليّ ـ عليه السلام ـ ظاهره وباطنه ولم يصح لصاحبك لا ظاهر ولا باطن والحمد للّه(3) .
________________________________________
(1) ضرار بن عمرو الضبي: هو شيخ الضرارية، رأس من رؤوس المعتزلة لم يذكروا له ولادة ولا وفاة، ومن سيرته يفهم انه كان حياً في عصر هارون الرشيد، وكان قاضياً، فشهد قوم على زندقته عند القاضي سعيد بن عبد الرحمن فامر بضرب عنقه فهرب، وقيل اخفاه يحيى بن خالد البرمكي، وكان جلداً في مذهبه له مقالات خبيثة منها ان النار لا حر فيها ولا في الثلج برد ولا في العسل حلاوة، وانما يخلق ذلك عند الذوق واللمس، وله تصانيف كثيرة وكان ينكر عذاب القبر.
راجع: سير اعلام النبلاء ج10 ص544 ترجمة رقم: 175، الضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص222 ترجمة رقم: 765، ميزان الاعتدال ج2 ص328 ترجمة رقم: 3953، لسان الميزان ج3 ص203 ترجمة رقم: 912، الفهرست لابن النديم ص214.
(2) تقدمت تخريجاته.
(3) بحار الانوار ج10 ص292 ح1، الفصول المختارة ص9 ـ 10.