• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تعريف الصحابي

بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين.
موضوع بحثنا مسألة الصحابة.
لا خلاف في أنّ لاصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)دوراً في تقدّم الاسلام، وأنّ الصحابة قد ضحّوا في سبيل هذا الدين، ونصروا هذا الدين بمواقفهم في الحروب والغزوات وغير ذلك من المخاطر التي توجّهت إلى هذا الدين، وإلى شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولا خلاف أيضاً في أنّ كثيراً من تعاليم هذا الدين وأحكام هذه الشريعة، إنّما وصلت إلى سائر المسلمين بواسطة هؤلاء الاصحاب.
إنّما الكلام في أنّنا هل يجب علينا أن ننظر إلى كلّ واحد واحد منهم بعين الاحترام ؟ وأن نقول بعدالتهم واحداً واحداً ؟ بحيث يكون الصحابي فوق قواعد الجرح والتعديل، ولا تناله يد الجرح والتعديل أصلاً وأبداً، أو أنّهم مع كلّ ما قاموا به من جهود في سبيل هذا الدين، وبالرغم من مواقفهم المشرّفة، أفراد مكلّفون كسائر الافراد في هذه الاُمّة ؟
الحقيقة: إنّنا ننظر إلى الصحابة على أساس التقسيم التالي، فإنّ الصحابة ينقسمون إلى قسمين:
قسم منهم: الذين ماتوا في حياة رسول الله، بحتف الانف، أو استشهدوا في بعض الغزوات، فهؤلاء نحترمهم باعتبار أنّهم من الصحابة الذين نصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعانوه في سبيل نشر هذا الدين.
القسم الثاني منهم: من بقي بعد رسول الله، وهؤلاء الذين بقوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينقسمون أيضاً إلى قسمين:
فمنهم: من عمل بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأخذ بسنّته، وطبّق أوامره.
ومنهم: من خالف وصيّته، ولم يطعه في أوامره ونواهيه (صلى الله عليه وآله وسلم)وانقلب على عقبيه.
أمّا الّذين عملوا بوصيّته، فنحن نحترمهم، ونقتدي بهم.
وأمّا الذين لم يعملوا بوصيّته، وخالفوه في أوامره ونواهيه، فنحن لا نحترمهم.
هذا هو التقسيم.
فإنْ سئلنا عن تلك الوصيّة التي كانت المعيار والملاك في هذا الحب وعدم الحب، فالوصية هي: حديث الثقلين، إذ قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديث المتّفق عليه: «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي...» إلى آخر الحديث(1) .
هذه خلاصة عقيدتنا، ونتيجة بحثنا عن عدالة الصحابة.

وأمّا البحث التفصيلي:
تعريف الصحابي
الصحابي لغة:
الصحابي في اللغة هو: الملازم، هو المعاشر للانسان، يقال: فلان صاحب فلان، أي معاشره وملازمه وصديقه مثلاً.
وقال بعض اللغويين: إنّ الصاحب لا يقال إلاّ لمن كثرت ملازمته ومعاشرته، وإلاّ فلو جالس الشخص أحداً مرّةً أو مرّتين، لا يقال إنّه صاحَبَه أو تصاحبا، وهكذا كلمات اللغويين، راجعوا: لسان العرب، والقاموس، والمفردات للراغب الاصفهاني، والمصباح المنير للفيّومي، في مادة «صحب».
الصحابي اصطلاحاً:
إنّما الكلام في المعنى الاصطلاحي والمفهوم المصطلح عليه بين العلماء للفظ الصحابي، هل إذا أطلقوا كلمة الصحابي وقالوا:
فلان صحابي، يريدون نفس المعنى اللغوي، أو أنّهم جعلوا هذا اللفظ لمعنىً خاص يريدونه، فيكون مصطلحاً عندهم ؟
بالمعنى اللغوي لا فرق بين أنْ يكون الصاحب مسلماً أو غير مسلم، بين أن يكون عادلاً أو فاسقاً، بين أن يكون برّاً أو فاجراً، يقال: فلان صاحب فلان.
لكن في المعنى الاصطلاحي بين العلماء من الشيعة والسنّة، هناك قيد الاسلام بالنسبة لصحابي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنْ لم يكن الشخص مسلماً، فلا يُعترف بصحابيّته، وبكونه من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهذا القيد متفق عليه ومفروغ منه.
وهل هناك قيد أكثر من هذا ؟ بأن تضيَّق دائرة مفهوم هذه الكلمة أو لا ؟
لعلّ خير كلمة وقفت عليها ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه الاصابة في معرفة الصحابة.
يقول الحافظ ابن حجر في تعريف الصحابي: وأصحّ ما وقفت عليه من ذلك: أنّ الصحابي من لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم مؤمناً به ومات على الاسلام(2) .
يظهر أنّ التعريف الاصح عند الحافظ ابن حجر، ليس فيه فرق مع المعنى اللغوي إلاّ في قيد الاسلام، إنّه من لقي النبي مؤمناً به ومات على الاسلام.
في هذا التعريف الذي هو أصح، يكون المنافق من الصحابة، إذن، يكون المنافق صحابيّاً، ويؤيّدون هذا التعريف بما يروونه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أنّه قال في حقّ عبدالله بن أُبي المنافق المعروف: «فلعمري لنحسننّ صحبته مادام بين أظهرنا»، فيكون هذا المنافق صحابيّاً، وهذا موجود في الطبقات لابن سعد وغيره من الكتب(3) .
فإذن، يكون التعريف الاصح عامّاً، يعمُّ المنافق والمؤمن بالمعنى الاخص، يعمّ البرّ والفاجر، يعمّ من روى عن رسول الله ومن لم يرو عن رسول الله، يعمّ من عاشر رسول الله ولازمه ومن لم يعاشره ولم يلازمه، لانّ المراد والمقصود والمطلوب هو مجرّد الالتقاء برسول الله، ولذا يقولون بأنّ مجرَّد رؤية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)محققة للصحبة، مجرّد الرؤية !
يقول الحافظ ابن حجر: وهذا التعريف مبني على الاصح المختار عند المحققين، كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل ومن تبعهما، ووراء ذلك أقوال أُخرى شاذة.فيكون هذا القول هو القول المشهور المعروف بينهم.
ثمّ يقول ابن حجر في الطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيّاً: يعرف كون الشخص صحابياً لرسول الله بأشياء، أوّلها: أن يثبت بطريق التواتر أنّه صحابي، ثمّ بالاستفاضة والشهرة، ثمّ بأنْ يروى عن أحد من الصحابة أنّ فلاناً له صحبة، ثمّ بأنْ يقول هو إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة: أنا صحابي.
وهذا طريق معرفة كون الشخص صحابيّاً لرسول الله، التواتر ثمّ الشهرة والاستفاضة، ثمّ قول أحد الصحابة، ثمّ دعوى نفس الشخص ـ بشرط أنْ يكون عادلاً وبشرط المعاصرة ـ أن يقول: أنا صحابي.
وحينئذ، يبحثون: هل الملائكة من جملة صحابة رسول الله ؟ هل الجنّ من جملة صحابة رسول الله ؟ هل الذي رأى رسول الله ميّتاً ـ أي رأى جنازة رسول الله ولو لحظةً ـ هو صحابي أو لا ؟
فمن كان مسلماً ورأى رسول الله ومات على الاسلام فهو صحابي.
والاسلام ماذا ؟ شهادة أنْ لا إله إلاّ الله، وشهادة أنّ محمّداً رسول الله.
فكلّ من شهد الشهادتين، ورأى رسول الله ولو لحظةً، ومات على الشهادتين، فهو صحابي.
فلاحظوا، كيف يكون قولهم بعدالة الصحابة أجمعين، كأنّهم سيقولون بعدالة كلّ من كان يسكن مكة، وكلّ سكّان المدينة المنورة، وكلّ من جاء إلى المدينة أو إلى مكّة والتقى برسول الله ولو لحظة، رأى رسول الله ورجع إلى بلاده، فهو صحابي، وإذا كان صحابيّاً فهو عادل.
ولذا يبحثون عن عدد الصحابة، وينقلون عن بعض كبارهم أنّ عدد الصحابة ممّن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة.
وهنا يعلّق بعضهم ويقول: بأنّ أبا زرعة الرازي الذي قال هذا الكلام قاله في من رآه وسمع منه، أمّا الذي رآه ولم يسمع فأكثر وأكثر من هذا العدد بكثير.
توفّي النبي ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان، من رجل وامرأة، قاله أبو زرعة.
فقال ابن فتحون في ذيل الاستيعاب: أجاب أبو زرعة بهذا سؤال من سأله عن الرواة خاصة، فكيف بغيرهم(4) !
إذن، عرفنا سعة دائرة مفهوم الصحبة والصحابي، وعرفنا أنّ مصاديق هذا المفهوم لا يعدّون كثرةً، ومع ذلك نراهم يقولون بعدالة الصحابة أجمعين، وهذا هو القول المشهور بينهم، وربما أُدّعي الاجماع على هذا القول كما سيأتي.

الاقوال في عدالة الصحابة
في الحقيقة، الاقوال في عدالة الصحابة هي:
أوّلاً: عدالة الصحابة جميعاً.
ثانياً: كفر الصحابة جميعاً.
ثالثاً: أقوال بين التكفير والتعديل.
أمّا كفرهم جميعاً، فقول طائفة أو طائفتين من المسلمين، ذكر هذا القول عنهم السيّد شرف الدين في كتاب أجوبة مسائل جار الله(5) ، وهذا القول لا نتعرض له، ولا نعتني به، لانّه قول اتفق المسلمون ـ أي الفرق كلهم ـ على بطلانه، فيبقى هناك قولان.

القول بعدالة جميع الصحابة
ادعاء الاجماع على عدالة جميع الصحابة
يقول ابن حجر العسقلاني: اتفق أهل السنّة على أنّ الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة(5) .
لاحظوا هذه الكلمة: لم يخالف في ذلك إلاّ شذوذ من المبتدعة.ويقول الحافظ ابن حزم: الصحابة كلّهم من أهل الجنّة قطعاً(7) .
ويقول الحافظ ابن عبد البر: ثبتت عدالة جميعهم...، لاجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنّة والجماعة(8) .
لاحظوا هنا، أهل العلم يعلمون بأنّ الحافظ ابن عبد البر صاحب الاستيعاب متّهم بينهم بالتشيّع، وممّن يتّهمه بهذا ابن تيميّة في منهاج السنّة، لاحظوا ماذا يقول: لاجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنّة والجماعة، فيظهر أنّ الاتّهام بالتشيّع متى يكون، يكون حيث يروي ابن عبد البر روايةً تنفع الشيعة، يروي منقبة لامير المؤمنين ربّما لا يرتضيها ذلك الشخص، فيتّهم ابن عبد البر بالتشيّع، وإلاّ فهو يقول: لاجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنّة والجماعة على أنّهم كلّهم عدول.
وقال ابن الاثير في أُسد الغابة: كلّهم عدول لا يتطرّق إليهم الجرح(9) .
في هذه النصوص أمران:
الامر الاوّل: هو القول بعدالة الصحابة كلّهم.
الامر الثاني: دعوى الاجماع على عدالة الصحابة كلّهم.
مناقشة الاجماع:
في مقابل هذا القول نجد النصوص التالية:
يقول ابن الحاجب في مختصر الاُصول: الاكثر على عدالة الصحابة. والحال قال ابن حجر: إنّ القول بعدالتهم كلّهم مجمع عليه وما خالف إلاّ شذوذ من المبتدعة.
يقول ابن الحاجب: الاكثر على عدالة الصحابة، وقيل: هم كغيرهم، وقيل قول ثالث: إلى حين الفتن، فلا يقبل الداخلون، لانّ الفاسق غير معيّن، قول رابع: وقالت المعتزلة: عدول إلاّ من قاتل علياً(10) .إذن، أصبح الفارق بين المعتزلة وغيرهم من قاتل علياً.
يقول أهل الحق وهم أهل السنة والجماعة: إنّ من قاتل عليّاً عادل !ويقول المعتزلة: الذين قاتلوا عليّاً ليسوا بعدول.هذه عبارة مختصر الاُصول لابن الحاجب.وراجعوا أيضاً غير هذا الكتاب من كتب علم الاُصول.ثمّ إذا دقّقتم النظر، لرأيتم التصريح بفسق كثير من الصحابة، من كثير من أعلام القوم، أقرأ لكم نصّاً واحداً.يقول سعد الدين التفتازاني، وهذا نصّ كلامه، ولاحظوا عبارته بدقّة: إنّ ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ، والمذكور على ألسنة الثقات، يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم ـ بعض الصحابة ـ قد حاد عن طريق الحق، وبلغ حدّ الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد والعناد، والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسة(11) .وكما قرأنا في الليلة الماضية، خاطب أبوبكر معشر المهاجرين: بأنّكم تريدون الدنيا، وستور الحرير، ونضائد الديباج، وتريدون الرئاسة، وكلّكم يريدها لنفسه، وكلّكم ورم أنفه.يقول التفتازاني: وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسة، والميل إلى اللذّات والشهوات.يقول: إذ ليس كلّ صحابي معصوماً، ولا كلّ من لقي النبي بالخير موسوماً.وكان موضوع تعريف ابن حجر العسقلاني: من لقي النبي.يقول سعد الدين: ليس كلّ من لقي النبي بالخير موسوماً، إلاّ أنّ العلماء لحسن ظنّهم بأصحاب رسول الله، ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق، وذهبوا إلى أنّهم محدودون عمّا يوجب التضليل والتفسيق، صوناً لعقائد المسلمين عنالزلل والضلالة في حقّ كبار الصحابة، سيّما المهاجرين منهم والانصار، والمبشّرين بالثواب في دار القرار(12) .ففي هذا النص اعتراف بفسق كثير من الصحابة، واعتراف بأنّهم حادوا عن الحق، بأنّهم ظلموا، بأنّهم كانوا طلاّب الملك والدنيا، وبأنّهم وبأنّهم، إلاّ أنّه لابدّ من تأويل ما فعلوا، لحسن الظنّ بهم !!
فظهر أنّ الاجماع المدّعى على عدالة الصحابة كلّهم، هذا الاجماع في غير محلّه وباطل ومردود، ولاسيّما وأنّ مثل سعد الدين التفتازاني وغيره الذين يصرّحون بمثل هذه الكلمات، هؤلاء مقدّمون زماناً على ابن حجر العسقلاني، فدعوى الاجماع من ابن حجر، هذه الدعوى، مردودة، ولا أساس لها من الصحة.حينئذ يأتي دور البحث عن أدلّة القول بعدالة الصحابة أجمعين، أي أدلّة القول الاوّل.الاستدلال بالكتاب والسنّة على عدالة جميع الصحابة
استدلّ القائلون بهذا القول، بآيات من القرآن الكريم، وبأحاديث، وبأمر اعتباري، فتكون وجوه الاستدلال لهذا القول، ثلاثة وجوه: الكتاب، السنّة، والامر الاعتباري.لنقرأ نصّ عبارة الحافظ ابن حجر، عن الحافظ الخطيب البغدادي، في مقام الاستدلال على هذه الدعوى.يقول الحافظ ابن حجر: أنّ الخطيب في الكفاية ـ في كتابه الكفاية في علم الدراية ـ أفرد فصلاً نفيساً في ذلك فقال:عدالة الصحابة ثابتة معلومة، بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم، فمن ذلك قوله تعالى:الاية الاُولى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(13) .الاية الثانية: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(14) .
الاية الثالثة: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ)(15) .الاية الرابعة: (السَّابِقُونَ الاَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَان رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(16) .الاية الخامسة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(17) .
ثمّ الاية الاُخرى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَينْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) إلى قوله تعالى: (إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(18) ، في آيات يطول ذكرها.ثمّ أحاديث شهيرة، يكثر تعدادها، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم، ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق(19) .إذن، تمّ الاستدلال بالكتاب والسنّة.وامّا الاستدلال الاعتباري، لاحظوا هذا الاستدلال أنّه يقول:
على أنّهم لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء ممّا ذكرناه، لاوجبت الحال التي كانوا عليها، من الهجرة والجهاد ونصرة الاسلام وبذل المهج والاموال وقتل الاباء والابناء، والمناصحة في الدين وقوّة الايمان واليقين، أوجب كلّ ذلك القطع على تعديلهم، والاعتقاد بنزاهتهم، وأنّهم كافّةً أفضل من جميع الخالفين بعدهم، والمعدّلين الذين يجيؤون من بعدهم، هذا مذهب كافّة العلماء ومن يعتمد قوله.
ثمّ روى الخطيب البغدادي بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاعلم أنّه زنديق، وذلك أنّ الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنّما أدّى إلينا ذلك كلّه الصحابة، وهؤلاء يريدون أنْ يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنّة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة(20) .
إذن الدليل آياتٌ من القرآن، وروايات، وهذا الدليل الاعتباري الذي ذكرناه.
نصّ العبارة ينقلها الحافظ ابن حجر ويعتمد عليها، ثمّ يضيف الحافظ ابن حجر بعد هذا النص، يقول: والاحاديث الواردة في تفضيل الصحابة كثيرة.
وفرق بين هذه العبارة، وبين المدعى، كان المدّعى عدالة الصحابة كلهم، لكنْ تبدّل العنوان، وأصبح المدّعى: الاحاديث الواردة في تفضيل الصحابة كثيرة.
ثم قال ابن حجر: من أدلّها على المقصود: ما رواه الترمذي وابن حبّان في صحيحه من حديث عبدالله بن مغفل قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «الله الله في أصحابي، لا تتّخذوهم غرضاً، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أنْ يأخذه»(21) .
فهذا حديث من تلك الاحاديث التي أشار إليها الخطيب البغدادي، ولم يذكر شيئاً منها، إلاّ أنّ أدلّها وأحسنها في نظر ابن حجر العسقلاني هذا الحديث الذي ذكره.

مناقشة الاستدلال:
فنحن إذن لابدّ وأنْ نبحث عن هذه الادلّة، لنعرف الحقّ من غيره في مثل هذه المسألة المهمّة.
قبل الورود في البحث عن هذه الادلّة، أُضيف أنّهم على أساس هذه الادلّة يقولون بحجيّة سنّة الصحابة، ويقولون بحجيّة مذهب الصحابي، ويستدلّون بهذه الادلّة من الايات والاحاديث، مضافاً إلى حديث يعتمد عليه بعضهم في الكتب الاُصوليّة، وإنْ كان باطلاً من حيث السند عندهم كما سنقرأ، وهو: «أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم».
يدلّ هذا الحديث على أنّ كلّ واحد واحد من الصحابة يمكن أن يُقتدى به، وأن يصل الانسان عن طريق كلّ واحد منهم إلى الله سبحانه وتعالى، بأن يكون واسطة بينه وبين ربّه، كما سنقرأ نصّ عبارة الشاطبي.
وبهذا الحديث ـ أي حديث أصحابي كالنجوم ـ تجدون الاستدلال في كتاب المنهاج للقاضي البيضاوي، وفي التحرير لابن الهمام وفي مسلّم الثبوت وإرشاد الفحول وغير ذلك من الكتب الاُصوليّة، حيث يبحثون عن سنّة الصحابة وعن حجية مذهب الصحابي، والصحابي كما عرفناه: كلّ من لقي رسول الله ورآه ولو مرّةً واحدةً وهو يشهد الشهادتين.
بل استدلّ الزمخشري بحديث أصحابي كالنجوم في تفسيره
الكشّاف، يقول: فإنْ قلت: كيف كان القرآن تبياناً لكلّ شيء [ لانّ الله سبحانه وتعالى يصف القرآن بأنّه تبيان لكلّ شيء، فإذا كان القرآن تبياناً لكلّ شيء، فلابدّ وأنْ يكون فيه كلّ شيء، والحال ليس فيه كثير من الاحكام، ليس فيه أحكام كثير من الاشياء فيجيب عن هذا السؤال: ] قلت: المعنى: إنّه بيّن كلّ شيء من أُمور الدين، حيث كان نصّاً على بعضها، وإحالة على السنّة حيث أمر باتّباع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وطاعته وقال: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى)(22) ، وحثّاً على الاجماع في قوله: (وَيَتّبِع غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)(23) ، وقد رضي رسول الله لاُمّته اتّباع أصحابه والاقتداء بآثاره في قوله: «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم»، فمن ثمّ كان القرآن تبياناً لكلّ شيء(24) .
وأمّا التحقيق في الادلّة التي ذكرها الخطيب البغدادي، وارتضاها ابن حجر العسقلاني، وحديث أصحابي كالنجوم، فيكون على الترتيب التالي:
الاية الاُولى:
قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(25) .
أولاً: الاستدلال بهذه الاية لعِدالة الصحابة أجمعين موقوف على أنْ تكون الاية خاصة بهم، والحال أنّ كثيراً من مفسّريهم يقولون بأنّ الاية عامّة لجميع المسلمين.
لاحظوا عبارة ابن كثير يقول: والصحيح أنّ هذه الاية عامّة في جميع الاُمّة(26) .
ثانياً: قوله تعالى: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) في ذيل الاية المباركة حكمه حكم الشرط، أي إنْ كنتم، أي ما دمتم، وهذا شيء واضح يفهمه كلّ عربي يتلو القرآن الكريم، ونصّ عليه المفسّرون، لاحظوا كلام القرطبي: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) مدحٌ لهذه الاُمّة ما أقاموا على ذلك واتّصفوا به، فإذا تركوا التغيير ـ أي تغيير الباطل ـ وتواطؤوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم، وكان ذلك سبباً لهلاكهم(27) .
وقال الفخر الرازي والنظام النيسابوري: وهذا يقتضي كونهم آمرين بكلّ معروف وناهين عن كلّ منكر، والمقصود به بيان علّة تلك الخيريّة(28) .
وحينئذ نقول: كلّ من اتّصف بهذه الاوصاف، فيكون خير الاُمّة، ونحن أيضاً نقتدي بهم، وتعالوا أثبتوا لنا مَن المتصف بهذه الصفات لنقتدي به، فيكون البحث حينئذ صغروياً، ويكون البحث في المصداق، ولا نزاع في الكبرى، أي لا يوجد أي نزاع فيها.
الاية الثانية:
قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً)(29) .
هذه الاية مفادها ـ كما في كثير من تفاسير الفريقين(30) ـ أنّ الله سبحانه وتعالى جعل الاُمّة الاسلاميّة أُمّة وسطاً بين اليهود والنصارى، أو وسطاً بمعنى عدلاً بين الافراط والتفريط في الاُمور، فالاية المباركة تلحظ الاُمّة بما هي أُمّة، وليس المقصود فيها أنْ يكون كلّ واحد من أفرادها موصوفاً بالعدالة، لانّ واقع الامر، ولانّ الموجود في الخارج، يكذّب هذا المعنى، ومن الذي يلتزم بأنّ كلّ فرد فرد من أفراد الصحابة كان (خير أُمّة أُخرجت للناس)
(كذلك جعلناكم أُمّةً وسطاً) أي عدلاً، ومن يلتزم بهذا ؟
إذن، لا علاقة للاية المباركة بالافراد، وإنّما المقصود من الاية مجموع الاُمّة من حيث المجموع.
الاية الثالثة: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)(31) .
أوّلاً:هذه الاية مختصة بأهل بيعة الرضوان، بيعة الشجرة، ولا علاقة لها بسائر الصحابة، فيكون الدليل أخص من المدّعى.
ثانياً:في الاية المباركة قيود، في الاية رضا الله سبحانه وتعالى عن المؤمنين، الذين بايعوا (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الْشَّجَرَةِ) ، ثمّ إنّ هناك شرطاً آخر وهو موجود في القرآن الكريم (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ...) إلى آخر الاية(32) .
قال المفسرون كابن كثير والزمخشري وغيرهما: إنّ رضوان
الله وسكينته مشروطة بالوفاء بالعهد وعدم نكث العهد(33) .
فحينئذ، كلّ من بقي على عهده مع رسول الله فنحن أيضاً نعاهده على أنْ نقتدي به، وهذا ما ذكرناه أوّلاً في بداية البحث.
الاية الرابعة: قوله تعالى: (واَلسَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَان رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّات تَجْرِي تَحْتَهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)(34) .
والاستدلال بهذه الاية لعدالة عموم الصحابة في غير محلّه، لانّ موضوع الاية (السَّابِقُونَ الاَْوَّلُونَ) ، وأيّ علاقة بعموم الصحابة ؟ تريدون من هذه الاية أنْ تثبتوا عدالة مائة ألف شخص بالاقل، وهي تقول (السَّابِقُونَ الاَوَّلُونَ) .
حينئذ من المراد من السابقين الاوّلين ؟ قيل: أهل بدر، وقيل: الذين صلّوا القبلتين، وقيل: الذين شهدوا بيعة الشجرة.
كما اختلفوا أيضاً في معنى التابعين (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَان) على أقوال عديدة موجودة في تفاسيرهم(35) .
وأخرج البخاري عن البراء بن عازب قيل له: طوبى لك،
صحبت النبي وبايعته تحت الشجرة، قال: إنّك لا تدري ما أحدثنا بعده(36) .
وإقرار العقلاء على أنفسهم حجة !!
وليس المقرّ بذلك هو البراء وحده، بل هذا وارد عن جمع من الصحابة وفيهم عائشة، ولا يخفى اشتمال اعترافهم على الاحداث، وهو اللفظ الذي جاء في الصحاح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في أحاديث الحوض الاتية.
الاية الخامسة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(37) .
هذه الاية لو راجعتم التفاسير لرأيتموها نازلةً في واقعة بدر بالاتفاق، وفي معنى الاية قولان:
القول الاول: أي يكفيك الله والمؤمنون المتّبعون لك.
القول الثاني: إنّ الله يكفيك ويكفي المؤمنين بعدك أو معك.
وكأنّ الاستدلال ـ أي استدلال الخطيب البغدادي ـ يقوم على أساس التفسير الاوّل، وإذا كان كذلك، فلابدّ وأنْ يؤخذ الايمان والاتّباع والبقاء على المتابعة لرسول الله بعين الاعتبار، ونحن أيضاً
موافقون على هذه الكبرى، وإنّما البحث سيكون بحثاً في المصاديق.
الاية السادسة: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِين أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِين تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالاِيمَانَ مِنْ قَبْلِهمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةً وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلاِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِْيْمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(38) .
هذه كلّ الايات.
واستدلّ الخطيب البغدادي وابن حجر العسقلاني بهذه الايات المباركة، وفيها قيود وصفات وشروط وحالات، فكلّ من اجتمعت فيه هذه الصفات والحالات فنحن نقتدي به، لكن لابدّ وأنْ تكون الاية ناظرة إلى عموم الاُمّة الاسلاميّة، وإلاّ فكلّ فرد
فرد من الاُمّة، وحتّى من الصحابة، يكون قد اجتمعت فيه هذه الصفات والحالات ؟ هذا لا يدّعيه أحد، حتى المستدل لا يدّعيه.
بقي الكلام في الحديث الذي استدلّ به ابن حجر العسقلاني، لانّ الخطيب لم يذكر حديثاً !
الحديث الاول:
«الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله فيوشك أن يأخذه».
قال الشاطبي حيث استدلّ بهذا الحديث: من كان بهذه المثابة حقيق أنْ يتَّخذ قدوة وتجعل سيرته قبلة(39) .
ونحن أيضاً نقول: من كان بهذه المثابة، حقيق أن يتّخذ قدوة وتجعل سيرته قبلة.
وهل كلّ فرد فرد من الاصحاب يكون الانسان إذا أحبّه فقد أحبّ رسول الله، وإذا أبغضه فقد أبغض رسول الله: «فبحبّي أحبّهم... فببغضي أبغضهم» ؟ كلّ فرد فرد هكذا ؟ لا أظنّ الخطيب البغدادي، ولا ابن حجر العسقلاني، ولا أيّ عاقل من عقلائهم يدّعي هذه الدعوى.
الحديث الثاني:
«أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم».
وقد أشرت إلى من استدلّ بهذا الحديث، بالتفسير وعلم الاُصول، وحتى في الموارد الاُخرى، وحتّى الكتب الاخلاقيّة أيضاً، وحتّى في الفقه يستدلّون بهذا الحديث، ولكن مع الاسف، هذا الحديث ليس بصحيح عندهم، لاحظوا العبارات:
في شروح التحرير ; قال أحمد بن حنبل: لا يصح(40) .
وفي جامع بيان العلم لابن عبد البر ; قال أبو بكر البزّار: لا يصح(41) .
وقال ابن حجر في تخريج الكشّاف: أورده الدارقطني في غرائب مالك(42) .
وقال ابن حزم في رسالته في إبطال القياس: هذا خبر مذكوب موضوع باطل لم يصح قط(43) .
وقال ابن حجر في تخريج الكشّاف: ضعّفه البيهقي(44) .
وقال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: إسناده لا يصح(45) .
وذكر المنّاوي أنّ ابن عساكر ضعّف هذا الحديث(46) .
وأورده ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الاحاديث الواهية.
وبيّن أبو حيّان الاندلسي ضعف هذا الحديث في تفسيره(47) .
وأورد الذهبي هذا الحديث في أكثر من موضع في ميزان الاعتدال ونصّ على بطلانه(48) .
وأبطل هذا الحديث ابن قيّم الجوزيّة في إعلام الموقعين(49) ، وابن حجر العسقلاني في تخريج الكشّاف المطبوع في هامش الكشّاف(50) .
وذكر السخاوي هذا الحديث في المقاصد الحسنة وضعّفه(51) .
ووضع السيوطي علامة الضعف على هذا الحديث في كتاب الجامع الصغير(52) .
وضعّفه أيضاً القاري في شرح المشكاة(53) .
وأوضح ضعفه المنّاوي في فيض القدير(54) .
وفوق ذلك كلّه، فإنّ شيخ الاسلام !! ابن تيميّة ينصّ على ضعف هذا الحديث في كتاب منهاج السنّة(55) .
ويبقى الدليل الاعتباري، إنّه إذا لم نوافق على عدالة كلّ فرد فرد من الصحابة، فقد أبطلنا القرآن، فقد أبطلنا السنّة النبويّة، فقد بطل الدين !!
والحال إنّنا أبطلنا عدالة الصحابة، ولم يبطل الدين، والدين باق على حاله، والحمد لله ربّ العالمين.
يقولون هذا وكأنّ الطريق منحصر بالصحابة ؟! إنّ الطريق الصحيح منحصر بأهل البيت (عليهم السلام)، وأهل البيت أدرى بما في البيت، أهل البيت هم القادة بعد الرسول.
الرأي الحقّ في مسألة عدالة الصحابة
وأمّا الرأي الحق في المسألة، بعد أن بطلت أدلة القول الاوّل الذي ادعي عليه الاجماع، فهو أنْ ننظر إلى الكتاب وإلى السنّة نظرة أُخرى، فنجد في القرآن الكريم أنّ الذين كانوا حول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ثلاثة أقسام:
إمّا مؤمنون، وهذا واضح.
وإمّا منافقون، وهذا واضح.
وإمّا في قلوبهم مرض، وهذا أيضاً واضح.
هؤلاء طوائف كانوا حول رسول الله.
فإذن، ليس كلّ من كان مع رسول الله كان مؤمناً، المؤمنون طائفة منهم، المنافقون طائفة أُخرى، والذين في قلوبهم مرض طائفة ثالثة.
ومن الجدير بالذكر ـ وعلى الباحثين أن يتأمّلوا فيما أقول ـ أنّ
في سورة المدّثر وهي ـ على قول ـ أوّلُ ما نزل من القرآن الكريم في مكّة المكرّمة، ولو لم تكن أوّل ما نزل فلعلّها السورة الثانية، أو السورة الثالثة، في أوائل البعثة النبويّة والدعوة المحمّديّة نزلت هذه السورة المباركة، في هذه السورة نجد أنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) لاحظوا بدقّة (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) هذه طائفة من أهل مكّة (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) إذنْ، في مكّة عند نزول الاية أُناس كانوا أهل كتاب واُناس مؤمنين (وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً)(56) .
يظهر من هذه الاية المباركة: أنّ حين نزول السورة المباركة في مكة كان الناس في مكّة على أربعة أقسام: كافرون، أهل كتاب، مؤمنون، في قلوبهم مرض.
الكافرون معلوم، وهم المشركون، وأهل الكتاب أيضاً معلوم، يبقى المؤمنون وهم الذين آمنوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
أمّا الذين في قلوبهم مرض، فمن هم ؟ ففي مكة، المسلمون
الذين كانوا حول رسول الله عددهم معيّن محصور، وأفراد معدودون جدّاً، يمكننا معرفة المؤمن منهم من الذي في قلبه مرض، نحن الان لسنا بصدد تعيين الصغرى، لسنا بصدد تعيين المصداق، لكنّا عرفنا على ضوء هذه الاية المباركة أنّ الناس في مكّة في بدء الدعوة المحمديّة كانوا على أربعة أقسام: أُناس مشركون كافرون وهذا واضح، في الناس أيضاً أهل كتاب وهذا واضح، وفي الناس آمن برسول الله وهذا واضح، الذين في قلوبهم مرض، هؤلاء ليسوا من الذين آمنوا، وليسوا من المشركين والكافرين، وليسوا من أهل الكتاب، فمن هم ؟ فيظهر، أنّ هناك في مكة المكرمة وفي بدء الدعوة المحمديّة أُناساً عنوانهم عند الله وفي القرآن الكريم: (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) .
ولو راجعتم التفاسير لرأيتم القوم متحيّرين في تفسير هذه الاية وحلّ هذه المشكلة، ولن يتمكّنوا إلاّ أنْ يفصحوا بالحق وإلاّ أنْ يقولوا الواقع، فما دام لا يريدون الواقع تراهم متحيّرين مضطربين.
يقول الفخر الرازي بتفسير الاية(57) ـ لاحظوا بدقّة ـ: جمهور المفسّرين قالوا في تفسير قوله: (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) إنّهم
الكافرون، والحال أنّ في قلوبهم مرض قسيم وقسمٌ في مقابل الكافرين، هذا رأي جمهور المفسّرين.
ثمّ يقول ـ لاحظوا بدقّة ـ: وذكر الحسين بن الفضل البجلي: أنّ هذه السورة مكيّة، ولم يكن بمكّة نفاق، فالمرض في هذه الاية ليس بمعنى النفاق.
وترك الامر على حاله، ليس بمعنى النفاق، إذاً ماذا ؟ فهذا قول في مقابل قول جمهور المفسّرين !
يقول الفخر الرازي وهو يريد أنْ يدافع عن قول جمهور المفسّرين، لاحظوا بدقة قوله: قول المفسّرين حق، وذلك لانّه كان في معلوم الله تعالى أنّ النفاق سيحدث، أي في المدينة المنوّرة، فأخبر عمّا سيكون، وعلى هذا تصير هذه الاية معجزة، لانّه إخبار عن غيب سيقع، وقد وقع على وفق الخبر، فيكون معجزاً !!
كان ذكر الذين انحصر في قلوبهم مرض هنا معجزة، لكن لن يرتضي الفخر الرازي أيضاً هذا التوجيه مع ذكره له.
والعجيب من الفخر الرازي حيث يقول: جمهور المفسّرين قالوا إنّهم الكافرون، وهو يدافع عن قولهم ويقول: هو حق، ثمّ يحمل الاية على أنّه إخبار عن النفاق الذي سيقع.
فإذا كان قول المفسّرين حقّاً، فقد فسّروا بأنّهم الكافرون،
وأنت تقول: بأنّ هذا إخبار عن النفاق الذي سيقع في المدينة المنوّرة، فكيف كان قول المفسّرين حقّاً ؟ وهذا يكشف عن تحيّرهم واضطرابهم في القضية.
وممّا يزيد في وضوح الاضطراب قوله بعد ذلك: ـ أرجو الملاحظة بدقة ـ: ويجوز أنْ يراد بالمرض الشك.
أي: الذين في قلوبهم شك، لكنْ يعود الاشكال، فمن الذين في قلوبهم شك، في بدء الدعوة في مكة، في مقابل الذين آمنوا، والذين كفروا، وأهل الكتاب ؟
فيعلّل كلامه قائلاً: لانّ أهل مكّة كان أكثرهم شاكّين.
فنقول: من المراد هنا من أهل مكة ؟ هل المراد أهل الكتاب ؟ هل المراد الكفّار والمشركون ؟ من هؤلاء الذين أكثرهم مشركون ؟
وقد زاد في الطين بلّةً فقال: وبعضهم كانوا قاطعين بالكذب ؟
وهذا عجيب من مثل الفخر الرازي، عجيب والله، وليس إلاّ الاضطراب والحيرة !!
هذا، والفخر الرازي في مثل هذه المواضع يأخذ من الزمخشري ولا يذكر اسم الزمخشري، وطابقوا بين عبارة الفخر الرازي والزمخشري، لرأيتم الزمخشري جوابه نفس الجواب، ولا أدري تاريخ وفاة الحسين بن الفضل، وربّما يكون متأخّراً عن
الزمخشري، فنفس الجواب موجود عند الزمخشري وبلا حلّ للمشكلة(58) .
ويأتي أحدهم فيأخذ كلام الفخر الرازي والزمخشري حرفيّاً، ويحذف من كلام الفخر الرازي قول الحسين بن الفضل والبحث الذي طرحه الفخر الرازي، وهذا هو الخازن في تفسيره، فراجعوا(59) .
ثمّ جاء المتأخرون وجوّزوا أنْ يكون المراد النفاق، وأن يكون المراد الشك، وتعود المشكلة، وكثير منهم يقولون المراد الشك أو النفاق، لاحظوا ابن كثير(60) ولاحظوا غيره من المفسّرين، فهؤلاء يفسّرون المرض بالشك، يفسّرون المرض بالنفاق ويسكتون، أي يسلّمون بالاشكال أو السؤال.
كان في مكّة المكرّمة نفاق، وأنتم تعلمون دائماً أنّ النفاق إنّما يكون حيث يخاف الانسان على ماله، أو يخاف على دمه ونفسه، فيتظاهر بالاسلام وهو غير معتقد، وهذا في الحقيقة إنّما يحصل في المدينة المنوّرة، لقوّة الاسلام، لتقدّم الدين، ولقدرة رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا كلّه صحيح.
أمّا في مكّة، حيث الاسلام ضعيف، وحيث أنّ النبي مطارد، وحيث أنّه يؤذى صباحاً ومساءً، فأيّ ضرورة للنفاق، وأيّ معنى للنفاق حينئذ ؟ والله سبحانه وتعالى لم يعبّر بالنفاق، وإنّما عبّر بالمرض في القلب، وفيه نكتة.
إذن، كان في أصحاب رسول الله منذ مكّة من في قلبه مرض، ومن كان منافقاً، وأيضاً كان حواليه مؤمنون، فكيف نقول إنّهم عدول أجمعون ؟ وهذا على ضوء هذه الاية.
وأمّا الايات الواردة في النفاق، أو السورة التي سمّيت بسورة المنافقون، فأنتم بكلّ ذلك عالمون عارفون.
وأمّا السنّة، فيكفينا من السنّة حديث الحوض، وأنتم كلّكم مطّلعون على هذا الحديث وألفاظه، وهو في الصحيحين، وفي المسانيد وفي المعاجم، وهو من أصحّ الاحاديث المعتبرة المقبولة:
«ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني، حتّى إذا رفعوا إليّ رأيتهم اختلجوا دوني، فلاقولنّ: يا ربّ أصحابي أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّكم تحشرون إلى الله تعالى، ثمّ يؤخذ بقوم منكم ذات الشمال، فأقول: يا ربّ أصحابي، فيقال لي: إنّك لا
تدري ما أحدثوا بعدك، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم ـ إشارة إلى قوله تعالى: (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُم وَمَنْ يَنْقَلِب عَلى عَقِبيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً)(1) ـ فأقول كما قال العبد الصالح: (كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ إنْ تُعذِّبْهُمْ فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(2) ».
قال رسول الله: «بينما أنا قائم إذا زمرة، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلمّ، فقلت: أين ؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم ؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثمّ إذا زمرة، حتّى إذا عرفتهم قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراهم يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم، فأقول: أصحابي أصحابي، فقيل: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بعداً بعداً، أو سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي»(3) .
وأنا عندما أثبتنا على ضوء الكتاب والسنة القطعية وجود
المنافقين ومن في قلبه مرض حول رسول الله، فإنّ هذه الادلّة تكون قرينة للادلّة التي يستدلّون بها على فرض تمامية دلالتها بالعموم أو الاطلاق، بأن تكون تلك الايات بعمومها دالّة على فضل أو فضيلة، أو تكون بنحو من الانحاء دالة على عدالة الصحابة بصورة عامّة، فتلك الادلّة التي ذكرناها أو أشرنا إليها ممّا يدلّ على وجود المنافقين والذين في قلوبهم مرض حول رسول الله، تلك الادلّة تكون مخصّصة أو مقيّدة للايات والاحاديث التي استدل بها على عدالة الصحابة بصورة عامة على فرض تمامية الاستدلال بها.
وهذه الادلّة التي أشرنا إليها تكون قرينة على خروج المنافقين والذين في قلوبهم مرض عن تحت تلك العمومات، إمّا تخصّصاً أو تخصيصاً.
حينئذ لا يمكن التمسك بإطلاق أو عموم تلك الايات أو الروايات على فرض تمامية الاستدلال بها، وعلى فرض تمامية ظهورها في العموم أو الاطلاق.
وهذا المقدار يكفينا لانْ نعرف حكم الله سبحانه وتعالى في المسألة، ولان نعرف أنّهم يحاولون المستحيل، وغاية ما هناك إنّهم حاولوا أنْ يسدّوا باب أهل البيت، وباب الرواية عن أهل بيت العصمة والطهارة، وأرادوا أن يروّجوا لغيرهم، وعندما يواجهون مثل هذه القضايا وهذه المشاكل يضطربون ويتحيّرون، ولا يدرون ماذا يقولون، وهذا واقع الامر.ونحن ليس عندنا أيّ نزاع شخصي مع أحد من الصحابة، ليس عندنا أي خصومة خاصّة مع واحد منهم، إنّما نريد أنْ نعرف ماذا يريده الله سبحانه وتعالى منّا، ونريد أنْ نعرف الذي يريد الله سبحانه وتعالى أنْ يكون قدوةً لنا، وأُسوة لنا، وواسطة بيننا وبينه في الدنيا والاخرة.وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.
--------------------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
(1) تقدّم الكلام عن هذا الحديث.
(2) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 10.
(3) الطبقات الكبرى 2 / 65، السيرة النبويّة لابن هشام 3 / 305، وغيرهما.
(4) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 3.
(5) أجوبة مسائل جار الله: 12.
(6) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 17 ـ 18.
(7) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 19.
(8) الاستيعاب في معرفة الاصحاب 1 / 8.
(9) أُسد الغابة في معرفة الصحابة 1 / 3.
(10) مختصر الاُصول 2 / 67.
(11) شرح المقاصد 5 / 310.
(12) شرح المقاصد 1 / 310.
(13) سورة آل عمران: 110.
(14) سورة البقرة: 143.
(15) سورة الفتح: 18.
(16) سورة التوبة: 100.
(17) سورة الانفال: 64.
(18) سورة الحشر: 8 ـ 10.
(19) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 6 عن الكفاية في علم الرواية: 46.
(20) الكفاية في علم الرواية: 46.
(21) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 10.
(22) سورة النجم: 3.
(23) سورة النساء: 115.
(24) الكشاف في تفسير القرآن 2 / 628.
(25) سورة آل عمران: 110.
(26) تفسير ابن كثير 1 / 399.
(27) تفسير القرطبي 4 / 173.
(28) تفسير الفخر الرازي، تفسير النيسابوري 2 / 232.
(29) سورة البقرة: 143.
(30) مجمع البيان 1 / 244، الكشاف 1 / 318، القرطبي 2 / 154، النيسابوري 1/421، وغيرها.
(31) سورة الفتح: 18.
(32) سورة الفتح: 10.
(33) الكشاف 3 / 543، ابن كثير 4 / 199.
(34) سورة التوبة: 100.
(35) الدر المنثور 4 / 269، القرطبي 8 / 236، الكشاف 2 / 210، ابن كثير 2 / 398.
(36) صحيح البخاري 5 / 160.
(37) سورة الانفال: 64.
(38) سورة الحشر: 8 ـ 10.
(39) الموافقات 4 / 79.
(40) التقرير والتحبير في شرح التحرير، التيسير في شرح التحرير 3 / 243.
(41) جامع بيان العلم 2 / 90، إعلام المواقعين 2 / 223، البحر المحيط 5 / 528.
(42) الكاف الشاف في تخريج احاديث الكشاف (هامش الكشاف) 2 / 628.
(43) انظر: البحر المحيط في تفسير القرآن لابي حيّان 5 / 528.
(44) الكاف الشاف 2 / 628.
(45) جامع بيان العلم وفضله 2 / 90.
(46) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 / 76.
(47) البحر المحيط 5 / 528.
(48) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1 / 413، 2 / 102.
(49) إعلام المواقعين 2 / 223.
(50) الكاف الشاف 2 / 628.
(51) المقاصد الحسنة في بيان كثير من الاحاديث المشتهرة على الالسنة: 26 ـ 27.
(52) الجامع الصغير بشرح المناوي 4 / 76.
(53) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 523.
(54) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 4 / 76.
(55) منهاج السنة 7 / 142.
(56) سورة المدثر: 31.
(57) تفسير الرازي 30 / 207.
(58) الكشاف في تفسير القرآن 4 / 650.
(59) تفسير الخازن 4 / 330.
(60) تفسير ابن كثير 4 / 388.
(61) سورة آل عمران: 144.
(62) سورة المائدة: 117 ـ 118.
(63) مسند أحمد 1 / 389، 2 / 35، 6 / 33، صحيح البخاري 6 / 69، 8 / 148، 151، 9 / 58، صحيح مسلم 4 / 180، الموطّأ 2 / 462، المستدرك 4 / 74 ـ 75.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page