طباعة

نور وبلاغة الحلقة (٤٨) - قال الامام الکاظم (ع): ان الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا فکذلک الحکمة


التاريخ: 2009/08/22


نص الحديث
قال الامام الکاظم (عليه السلام): ان الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا فکذلک الحکمة: تعمر في قلب المتواضع، ولا تعمر في قلب المتکبر الجبار.


دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول ظاهرة (الحکمة) واهمية توفرها في الشخصية، حيث ليس ثمة استعداد مطلق لتقبل الاذهان لها الا من يتواضع لله تعالی، ولا يانف من التعلم، وهذا امر طالما نلحظه في تعاملنا مع الناس، حيث نجد من يتقبل مثلاً: نصيحة الاخر، ونجد من ياخذه الغرور او التکبر فيابی للاستماع الی النصيحة والمهم هو: ان ظاهرة تقبل الحکمة وعدمه، تظل من الاهمية بمکان کبير: لو اتيح للشخص بان يتاملها من حيث انعکاساتها علی حياته من جانب، وانعکاساتها - وهذا هو الاهم - علی حياته الاخروية من الجانب الاخر، حيث يتسبب رفض الشخص للنصيحة او الحکمة خساراً اخروياً کما هو واضح: کما لو اصر علی ارتکاب المعصية مثلاً دون ان يتوب عن ذلک، والعکس هو الصحيح ايضاً.


بلاغة الحديث
والان بعد ان لاحظنا اهمية تقبل الحکمة وانعکاساتها الدنيوية والاخروية يعنينا ان نتجة الی بلاغة الحديث المتقدم حيث قدم الامام الکاظم (عليه السلام) تشبيها فائقا وملفتا للنظر الا وهو: مماثلة تقبل الحکمة وعدمها للزرع حيث ان الزرع ينبت في الاراضي اللينة او السهلة، ولا يمکن بان نتصور قابلية ذلک في الصخور اي: الارض الصخرية واهمية هذا التشبيه هي: انه يقدم لنا صورة مالوفة في خبر اتنا جميعاً، ويقدم - في الان ذاته - تجانساً کبيراً بين بين طرفي التشبيه، حيث ان انتخاب الارض السهلة والصخرية وهما متضادتان، تتماثلان مع التقبل والرفض للشيء وهما متضادان ايضاً، ولکن الاهم من ذلک هو: انتخاب الزرع ونحوه تجسيداً لمفهوم الحکمة من حيث تقبلها وعدمه. کيف ذلک؟
الجواب: ان عملية نمو النبات لها اهمية کبيرة في اعطاء الثمر للعملية المذکورة اي: النمو، وکذلک الحکمة، فان الحکمة لاتتاتی فجاة بل تتاتی من التجارب المتنوعة في حياة الانسان، ولذلک جاء في احد تقريرات الامام (علیه السلام) بالنسبة الی اثر البيئة في نمو العقل الانساني بانها - اي التجارب - تسهم بنمو کبير في تحقيق ذلک، وهذا مالاحظه الامام الکاظم (علیه السلام) في تقريره الذاهب الی الحکمة وصلتها بالنمو، اي: ان الحکمة تحتاج الی عملية نمو وليس مجرد حضور ذهني، وهذا ما جسده (علیه السلام) في تقريره الی ان الحکمة تعمر في قلب المتواضع وليس في قلب المتکبر والمعاند.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانید

المأخذ : arabic.irib.ir