موضوع البرنامج:حكايات وهدايات الحلقة (١٤) - هدايات بليغة لمن أراد النجاة في الدنيا والآخرة.
التاريخ: ٢٠٠٩/٠٨/٢٤
أهلاً بکم في لقاء آخرمن هذا البرنامج أعددنا لکم فيه حکايةً واحدة هي حکاية الصبي الحکيم، وهي حکاية تشتمل علی عدة هدايات بليغة لمن أراد النجاة في الدنيا والآخرة.
حکی العلامة عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي الشافعي اليمني في کتابه: روض الرياحين في مناقب الصالحين وعلی الصفحة 67 من الطبعة المصرية قال: الحکاية السادسة والخمسون عن بهلول رضي الله عنه قال: بينما أنا ذات يوم في بعض شوارع البصرة وإذا الصبيان يلعبون بالجوز واللوز، وإذا بصبي ينظر إليهم ويبکي.
فقلت: هذا صبي يتحسرعلی ما في أيدي الصبيان ولا شيء معه فيلعب به.
فقلت له: أي بني ما يبکيک؟ أشتري لک من الجوز واللوز ما تلعب به مع الصبيان.
فرفع بصره الی وقال: ما للعب خلقنا؟
فقلت: أي بني فلماذا خلقنا.
قال: للعلم والعبادة.
قلت: من أين لک ذلک بارک الله تعالی فيک.
قال: من قوله عزوجل: «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ».
قلت له: أي بني إني أراک حکيما فعظني وأوجز، فأنشأ يقول:
أری الدنيا تجهز بانطلاق
مشمرة علی قدم وساق
فلا الدنيا بباقية لحي
ولا حي علی الدنيا بباق
کأن الموت والحدثان فيها
إلی نفس الفتی فرسا سباق
فيا مغرور بالدنيا رويدا
ومنها خذ لنفسک بالوساق
حکاية هذا (الصبي الحکيم) طبق ما نقلها العلامة اليافعي الشافعي قال: قال بهلول رضي الله عنه: ثم رمق الصبي السماء بعينيه وأشارإليها بکفيه ودموعه تنحدرعلی خديه، وأنشأ يقول:
يا من إليه المبتهل
يا من عليه المتکل
يا من إذا ما آملٌ
يرجوه لم يخط الأمل
قال الراوي: فلما أتم کلامه خرمغشيا عليه، فرفعت رأسه إلی حجري ونفضت التراب عن وجهه بکمي، فلما أفاق قلت أي بني ما نزل بک وأنت صبي صغير لم يکتب عليک الذنب.
قال: إليک عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الکبار فلا يتقد لها إلا بالصغار، وأنا أخشی أن أکون من صغار حطب جهنم.
فقلت له: أي بني أراک حکيماً فعظني وأوجز فأنشأ يقول:
غفلتُ وحادي الموت في أثري يحدو
فإن لم أرح يوماً فلابد أن أغدو
أُنعّم جسمي باللباس ولينه
وليس لجسمي من لباس البلا بُدُ
کأني به قد مرفي برزخ البلا
ومن فوقه ردم ومن تحته لحد
وقد ذهبت مني المحاسن وانمحت
ولم يبق فوق العظم لحم ولاجلد
أری العمر قد ولی ولم أدرک المنی
وليس معي زاد وفي سفري بُعُد
وقد کنت جاهرت المهيمن عاصيا
وأحدثت أحداثا وليس لها رد
وأرخيت خوف الناس سترا من الحيا
وما خفت من سري غداً عنده يبدو
بلی خفته لکن وثقت بحلمه
وإن ليس يعفو غيره فله الحمد
فلوا لم يکن شيء سوی الموت والبلا
عن اللهو لکن زال عن رأينا الرُشد
عسی غافر الزلات يغفر زلتي
فقد يغفر المولی إذا أذنب العبدُ
أنا عبد سوء خنت مولاي عهده
کذلک عبد السوء ليس له عهدُ
فکيف إذا أحرقت بالنار جثتي
ونارک لا يقوی لها الحجر الصلدُ
أنا الفرد عند الموت والفرد في البلا
واُبعث فردا فارحم الفردَ يا فردُ
ننقل لکم حکاية هذا الصبي الحکيم الذي لم يعرف بهلول هويته بعد، نشير الی أن الأبيات التي أنشأها الصبي تعبر عن حال من أغفلته الدنيا عن الإستعداد للآخرة وقد تقدم به العمر ولا تعبر عن حاله هو وإنما أراد من إنشائها موعظة بهلول وقد أثرت فيه بالفعل کما نری في تتمة الحکاية التي نقلها العلامة اليافعي في کتاب رياض الرياحين في مناقب الصالحين، حيث قال بهلول: فلما فرغ من کلامه وقعت مغشياً عليّ وإنصرف الصبي فلما أفقتُ نظرت الی الصبيان فلم أره معهم.
فقلت لهم: من يکون ذلک الغلام؟
قالوا: أو ما عرفتَهُ؟
قلت: لا.
قالوا: ذلک من أولاد الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين.
قلت: قد عجبت من أين تکون هذه الثمرة إلا من تلک الشجرة، نفعنا الله تعالی به وبآبائه آمين.
______________________
المأخذ : arabic.irib.ir
حكايات وهدايات الحلقة (١٤) - هدايات بليغة لمن أراد النجاة في الدنيا والآخرة.
- الزيارات: 3671