(وان المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً)([23]) .
المراد بالدعاء في هذه الاية الكريمة العبادة ، فقد ورد الدعاء بمعنى العبادة أيضاً في الاية : (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)([24]) .
اما المراد بالمساجد في الاية ، فهناك اختلاف بين المفسرين ; فقال بعض ان المساجد في الاية جميع الاماكن التي يسجد فيها لِلّه ، ومن مصاديقه المسجد الحرام وسائر المساجد([25]) . وقال بعض آخر ان المساجد هي أماكن السجود السبعة ، مستندين على رواية من الامام النقي(عليه السلام) في ان المقصود بالمساجد الاعضاء السبعة للجسم التي توضع على الارض عند السجود([26]) . وقال الميبدي : ان المراد بالمساجد الاماكن التي بنيت للصلاة والذكر . وروي عن قتادة في تفسير هذه الاية ان اليهود والنصارى كانوا يشركون باللّه عند دخولهم معابدهم ، ولهذا قال تعالى للمؤمنين : (وان المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً)([27]) .
يستفاد من مجموع آراء المفسرين في هذا المجال ان المراد من المساجد هو الامكنة التي تبنى لعبادة اللّه ، ومن مصاديقها المسجد الحرام وغيره من المساجد ، اما التفسير الذي يشير إلى أنها المواضع السبعة في الانسان التي توضع على الارض عند السجود ، فربما اريد منه التوسعة في مفهوم الاية .
ولاهمية المساجد وفضلها على بقية الاماكن ، فقد نسبها اللّه تبارك وتعالى إليه ، ليميزها عن الامكان الاخرى ، ذلك ان اختصاص المساجد باللّه المنزه عن الصفات الحسية ينطوي على بعد رمزي ، واشارة إلى انها موضع اهتمام خاص من لدنه تعالى . وعليه فان الاعمال التي تُمارس فيها يجب ان تكون مرتبطة باللّه تعالى ، وان لا يطرح فيها أي أمر سوى ما يتعلق بمصالح المسلمين ، كما ان النية في تأسيسها ينبغي ان لا تخرج عن هذا الاطار ، اي في سبيل اللّه ، وفي سبيل إعلاء كلمة التوحيد لا غير .
__________________
([23]) الجن : 18 .
([24]) المؤمن : 60.
([25]) الميزان 20 : 206 .
([26]) المصدر نفسه .
([27]) رشيد الدين الميبدي، كشف الاسرار وعدة الابرار 10 : 256، باهتمام علي اصغر حكمت ، طهران ، 1339.
العبادة ، الهدف الرئيسي لبناء المساجد
- الزيارات: 2920