• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تعليق لابد منه لإكمال البحث

وتجدر الإشارة إلى أن الشيعة تقيدوا بمصادر التشريع من الكتاب والسنة ولم يزيدوا عليها شيئاً وذلك لوجود النصوص الكافية عند أئمتهم لكل مسألة من المسائل التي يحتاجها الناس .
وقد يستغرب ذلك بعض الناس ويستبعدون أن يكون لأئمة أهل البيت نصوص كافية لكل ما يحتاجه الناس لمواكبة كل العصور حتى تقوم الساعة .
ولتقريب هذا الواقع لذهن القارئ لابد من الإشارة إلى الأمور التالية :
إذا اعتقد المسلم بأن الله سبحانه بعث محمداً بشريعة مكملة لكل الشرائع السابقة ومهيمنة عليها لتكمل مسيرة الإنسانية فوق هذه الأرض لتعود بعدها إلى الحياة الإبدية .
«هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله» (التوبة : 33 ) .
وإذا اعتقد المسلم بأن الله سبحانه أراد من الإنسان أن يكون خاضعاً لأحكامه في كل أقواله وأفعاله ويسلم إليه مقاليد أموره .
«إن الدين عند الله الإسلام» ( آل عمران : 19 ) ، «ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه» ( آل عمران : 85 ) .
وإذا كان الأمر كذلك فلابد أن تكون أحكام الله كاملة وشاملة لتغطية كل ما يحتاجه الإنسان في مسيرته الشاقة للتغلب على كل العقبات والصمود أمام التحديات والوصول إلى الهدف المنشود .
ولكل ذلك عبر سبحاه وتعالى عن هذه الحقيقة بقوله :
«ما فرطنا في الكتاب من شيء» ( الانعام : 38 ) .
وعلى هذا الأساس فليس هناك من شيء إلا وهو مذكور في كتاب الله تعالى ، ولكن الإنسان بعقله المحدود لا يدرك كل الأشياء التي ذكرها الله سبحانه وتعالى لحكمة بالغة لا تخفى على أهل المعرفة . وذلك كقوله سبحانه وتعالى :
«وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم» ( الإسراء : 44 ) .
و « إن من شيء » بدون استثناء تدل على الإنسان والحيوان والجماد يسبح وقد يقبل الإنسان تسبيح الحيوان والكائنات الحية من النباتات ولكن عقله لا يفقه تسبيح الحجارة مثلاً . قال تعالى :
«أنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق» ( ص : 18 ) .
وإذا سلمنا بذلك وآمنا به ، فلابد من التسليم والإيمان بأن كتاب الله فيه كل الأحكام التي يحتاجها الناس إلى يوم القيامة ، ولكننا لا ندركها إلا إذا رجعنا لمن أنزل عليه وفهم كل معانيه ، وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى :
«ونزلنا عليك لكتاب تبياناً لكل شيء» ( النحل : 89 ) .
وإذا سلمنا بأن الله سبحانه بين كل شيء إلى رسوله ليبين للناس ما نزل إليهم ، فلابد أن نسلم بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد بين كل شيء ولم يترك شيئاً يحتاجه الناس إلى يوم القيامة إلا وأعطى فيه حكماً .
وإذا لم يصلنا ذلك البيان أو لم نعرفه نحن اليوم فذلك ناتج عن قصورنا وتقصيرنا وجهلنا ، أو هو ناتج عن خيانة الواسطة التي بيننا وبينه أو هو ناتج عن جهل الصحابة وعدم وعيهم لما بينه صلى الله عليه وآله وسلم .
ولكن الله سبحانه وتعالى جلت حكمته يعلم أن كل هذه الاحتمالات ممكنة أو واقعة فلا يترك شريعته تضيع ، فاصطفى من عباده أئمة أورثهم علم الكتاب وتبيانه ، لكي لا يكون للناس على الله حجه ، قال تعالى :  «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا»  ( فاطر : 32 ) .
ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين للناس ما يحتاجون إليه واختص وصية علياً بكل ما يحتاج الناس بعده إلى قيام الساعة وذلك للمزايا التي كان يتمتع بها علي من بين الأصحاب جميعاً من ذكاء مفرط وفهم حاد وحفظ قوي ووعي لكل ما يسمع ، فعلمه النبي كل ما يعلم وأرشد الأمة إليه على أنه بابه الذي منه يؤتى.
وإذا قال قائل بأن رسول الله بعثه الله للناس كافة فليس من حقه أن يختص بالعلم أحدهم ويحرم الآخرين ، قلنا : ليس لرسول الله في ذلك الأمر شيء إنما هو عبد مأمور ينفذ ما يوحى إليه من ربه ، فالله هو الذي أمره بذلك ، لأن الإسلام هو دين التوحيد ومبني على الوحدة في كل شيء فلابد لتوحيد الناس وجمعهم من قيادة واحدة ، فهذا أمر بديهي قرره كتاب الله وحكم به العقل والوجدان قال تعالى :
«لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا» ( الأنبياء : 22 ) وقال أيضاً : «وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض» (المؤمنون : 81 ) .
كذلك لو أرسل الله رسولين في زمن واحد ، لانقسم الناس إلى أمتين وتفرق أمرهم إلى حزبين متعارضين . قال تعالى : «وإن من أمة إلا خلا فيها نذير» ( فاطر : 24 ) .
كذلك كان لكل نبي وصي يخلفه في قومه وأمته ، كي لا يتشتت امرهم ويتفرق جمعهم .
وهذا لعمري أمر طبيعي يعرفه الناس كافة سواء كانوا علماء أو جاهلين مؤمنين أو كافرين ، ألا ترى أن كل قبيلة وكل حزب وكل دولة لابد لها من رئيس واحد يتزعمها ويقودها ، ولا يمكن أن يخضعوا لرئيسين في نفس الوقت .
لكل هذا اصطفى الله سبحانه من الملائكة رسلا ومن الناس ، وشرفهم بمهمة القيادة لعباده وجعلهم أئمة يهدون بأمره . قال تعالى :  «إن الله اصطفى آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين» ( آل عمران : 33 ) . والأئمة الذين اصطفاهم الله سبحانه لختم الرسالة المحمدية ، هم أئمة الهدى من عترة النبي وكلهم من آل إبراهيم ذرية بعضها من بعض هؤلاء هم الذين أشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : « الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش » (1)  .
ولكل زمان إمام معلوم ، فمن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية .
والله سبحانه وتعالى إذا اصطفى إماماً طهره وعصمه وعلمه فلا يؤتى الحكمة إلا لأهلها ومستحقيها .
وإذا رجعنا إلى أصل الموضوع وهو معرفة الإمام كل ما يحتاج إليه الناس من أحكام الشريعة من خلال النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة والتي تواكب مسيرة البشرية إلى قيام الساعة ، فإننا لا نجد في الأمة الإسلامية من ادعى ذلك غير أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين صرحوا عديد المرات بأن عندهم الجامعة وهي من إملاء رسول الله وخط علي بن أبي طالب وفيها كل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش .
وقد أشرنا إلى هذه الصحيفة الجامعة التي كان يحملها علي معه وقد أشار إليها البخاري ومسلم في صحيحهما ولا يمكن لأي واحد من المسلمين تكذيب ذلك .
وعلى هذا الأساس فإن الشيعة الذين انقطعوا لأئمة أهل البيت حكموا في الشريعة بنصوص القرآن والسنة ولم يضطروا لغيرها وذلك على الأقل طيلة ثلاثة قرون حياة الأئمة الاثني عشر .
أما « أهل السنة والجماعة » فقد اضطروا للاجتهاد والقياس وغير ذلك لفقدان النصوص وجهل أئمتهم من أيام الخلافة الأولى .
وإذا كان الخلفاء عندهم قد عمدوا لحرق النصوص النبوية والعمل على منعها وكتمانها .
وإن كان كبيرهم يقول : حسبنا كتاب الله ، ضارباً بالسنة النبوية عرض الجدار ، فمن الطبيعي جداً أن يفتقروا إلى النصوص المبينة لأحكام القرآن نفسه .
فكلنا يعلم بأن أحكام القرآن الظاهرية قليلة جداً وهي في عمومها تفتقر إلى بيان النبي ، ولذلك قال تعالى : «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم» ( النحل : 44 ) .
وإذا كان القرآن يفتقر للسنة النبوية لتبين أحكامه ومقاصده .
وإذا كان أقطاب « أهل السنة والجماعة » قد أحرقوا السنة المبينة للقرآن ، فلم يبق عندهم بعدها نصوص لا لبيان القرآن ولا لبيان السنة نفسها .
فلابد والحال هذه أن يعمدوا للاجتهاد والقياس واستشارة العلماء عندهم فيأخذوا بالاستحسان وبما يرون فيه مصلحتهم الوقتية .
ومن الطبيعي جداً أن يحتاجوا إلى كل ذلك لفقد النصوص ويضطروا إليه اضطراراً .

____________________
(1) أخرج الحديث البخاري في صحيحه ج 8 ص 127 وصحيح مسلم ج 6 ص 3 وفي بعض الروايات كلهم من بني هاشم بدلاً من قريش ، وسواء أكان من بني هاشم أم من قريش فكلهم من آل إبراهيم كما هو معلوم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page