• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عثمان بن عفان « ذو النورين »

وهو الخليفة الثالث الذي وصل الخلافة بتدبير عمر بن الخطاب وعبد الرحمان بن عوف الذي أخذ عليه العهد والميثاق بأن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الخليفتين .
وأنا شخصياً أصبحت أشك في الشرط الثاني الذي يتمثل في الحكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
لأن عبد الرحمان بن عوف يعرف أكثر من غيره بأن الخليفتين أبا بكر وعمر لم يحكما السنة النبوية ، وإنما حكما باجتهادهما وآرائهما ، وأن السنة النبوية على عهد الشيخين كادت تكون معدومة تماماً لولا وقوف الإمام علي على إحيائها كلما سمحت له الظروف بذلك .
وأغلب الظن أنه اشترط على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بأن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة الشيخين ، فرفض علي هذا العرض قائلاً : لا أحكم إلا بكتاب الله وسنة رسوله ، فخسر الخلافة لأنه أراد إحياء سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفاز بها عثمان لأنه قبل أن يواصل درب أبي بكر وعمر اللذين صرحا غير مرة بأن لا حاجة بالسنة النبوية وإنما يكفي القرآن ليحللوا حلاله ويحرموا حرامه .
ويزيدنا يقيناً صحة ما ذهبنا إليه أن عثمان بن عفان فهم من هذا الشرط أن عليه أن يجتهد برأيه في الأحكام كما فعل صاحباه ، وهي السنة التي سنها الشيخان بعد النبي .
ولذلك نرى عثمان أطلق العنان لرأيه واجتهد أكثر من صاحبه حتى أفكر عليه الصحابة ، وجاؤوا يلومون عبد الرحمان بن عوف قائلين له : هذا عمل يديك !
ولما كثرت المعارضة والإنكار على عثمان ، قام في الصحابة خطيباً فقال لهم : « لماذا لم تنكروا على عمر بن الخطاب اجتهاده ، ألانه كان يخيفكم بدرته ؟ » .
وفي رواية ابن قتيبة : قام عثمان خطيباً على المنبر لما أنكر الناس عليه فقال : أما والله يا معشر المهاجرين والأنصار لقد عبتم علي أشياء ونقمتم على أموراً ، قد أقررتم لابن الخطاب مثلها ، ولكنه وقمكم وقمعكم ، ولم يجترئ أحد بملأ بصره منه ولا يشير بطرفه إليه ، أما والله لأنا أكثر من ابن الخطاب عدداً وأقرب ناصرا (1) .
وأعتقد شخصياً بأن الصحابة من المهاجرين والأنصار لم ينكروا على عثمان اجتهاده ، فقد ألقوا الاجتهاد وباركوه من أول يوم ، ولكنهم أنكروا عليه لما عزلهم وولى المناصب والولايات الفساق من بني عمومته وقرابته الذين كانوا بالأمس القريب حرباً على الإسلام والمسلمين .
وقد سكت المهاجرون والأنصار على أبي بكر وعمر لأنهما أشركاهم في الحكم وأعطياهم المناصب التي فيها المال والجاه .
أما عثمان فإنه عزل أكثرهم وأعطى الأموال الطائلة إلى بني أمية بغير حساب ، عند ذلك أنكروا عليه وأثاروا حوله الشبهات إلى أن قتلوه .
وهذه هي الحقيقة التي تنبأ بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال لهم : «إني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها » .
وقال الإمام علي ( عليه السلام ) .
« كأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى : «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين» ( القصص : 83 ) .
بل والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها » .
فهذا هو الواقع ، أما أن نعتقد بأنهم أنكروا عليه تغيير سنة النبي فهذا مما لا سبيل إليه ، ولأنهم لم ينكروا على أبي بكر وعمر ، فكيف ينكرونها عليه ، والمفروض أن عثمان بن عفان أكثر عدداً وأقرب ناصراً من أبي بكر وعمر كما صرح هو نفسه بذلك ، لأنه زعيم بني أمية وبنو أمية أقرب للنبي من تيم وعدي ، قبيلتي أبي بكر وعمر وأشد منهما قوة ونفوذاً وأشرف منهما حسباً ونسباً .
ولأن الصحابة لم ينكروا على أبي بكر وعمر ، بل كانوا يقتدون بسنتهما ويتركون سنة النبي وهم يعلمون فلا يمكن أن ينكروا على عثمان ما أقروه لغيره .
والدليل أنهم حضروا في كثير من المواقف التي غير فيها عثمان سنة النبي كإتمامه صلاة السفر ومنعه من التلبية وتركه التكبير في الصلاة ومنعه من التمنع في الحج ، فلم ينكر عليه غير علي بن أبي طالب كما سنعرفه قريباً بحول اله .
والصحابة كانوا يعرفون سنة النبي ويعمدون على مخالفتها من أجل إرضاء الخليفة عثمان .
أخرج البيهقي في سننه الكبرى عن عبد الرحمان بن يزيد قال : كنا مع عبد الله بن مسعود فلما دخل مسجد منى ، قال : كم صلى أمير المؤمنين (يعني عثمان ) قالوا : أربعاً ، فصلى أربعاً ، قال : فقلنا : ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ركعتين وأبا بكر صلى ركعتين ؟ !
فقال : بلى وأنا أحدثكموه الآن ، ولكن عثمان كان إماماً فما أخالفه والخلاف شر (2) .
إقرأ واعجب من هذا الصحابي وهو من أكابرهم عبد الله بن مسعود ، إذ يرى في خلاف عثمان شراً ، ويرى في خلاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كل الخير .
أفبعد هذا يقال : إنهم أنكروا عليه عندما ترك السنة النبوية ؟ !
وروى سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد قال :
إعتل عثمان وهو بمنى ، فأتى علي فقيل له : صل بالناس .
فقال علي : إن شئتم ، ولكن أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني ركعتين !
فقالوا : لا إلا صلاة أمير المؤمنين عثمان أربعاً ، فأبى علي أن يصلي بهم (3) .
اقرأ واعجب من هؤلاء الصحابة وهم ألوف مؤلفة لأنهم كانوا بمنى في موسم الحج ، كيف يرفضون صراحة سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يقبلون إلا بدعة عثمان ! وإذا كان عبد الله بن مسعود يرى في خلاف عثمان شراً فيصلي أربعاً رغم أنه يروي عن النبي ركعتين فلعله فعل ذلك تقية خوفاً من هؤلاء الذين يعدون بالآلاف والذين لا يقبلون إلا ما فعله عثمان ضاربين بالسنة النبوية عرض الجدار .
ولا تنس بعد كل هذا أن تصلي وتسلم على النبي وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي رفض أن يصلي بهم إلا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد أراد بذلك إحياء السنة النبوية التي خالفوها ، ولم يخش علي في ذلك لومة لائم ، ولا خاف من جموعهم ومؤامراتهم .
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن عبد الله بن عمر قال : الصلاة في السفر ركعتان من خالف السنة فقد كفر (4) .
وبهذا فقد كفر عبد الله بن عمر الخليفة عثمان وكل الصحابة الذين تابعوه على بدعة إمام الصلاة في السفر ، ومع ذلك فلنا عودة مع الفقيه عبد الله بن عمر لنحكم عليه بما حكم به على غيره .
كما أخرج البخاري في صحيحه قال : سمعت عثمان علياً (رضي الله عنهما ) بين مكة والمدينة ، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما ، فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعاً قائلاً : لبيك عمرة وحجة معاً . فقال عثمان : تراني أنهى الناس عن شيء وتفعله أنت ؟ فقال علي : لم أكن لأدع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقول أحد من الناس (5) .
ألا تعجب من خليفة المسلمين الذي يخالف صريح السنة ولا يكتفي بذلك حتى ينهى الناس عنها فلا ينكر عليه أحد منهم إلا علي بن أبي طالب الذي لم يكن يدع سنة رسول الله ولو قتل دون ذلك .
فقل لي بربك ، هل تجد في أصحاب محمد من يمثل السنة النبوية بحق وحقيقة غير أبي الحسن علي ( عليه السلام ) .
ورغم سطوة الحاكم وشدته ورغم تأييد الصحابة له ، فإن علياً لم يترك السنة أبداً ، وهذه كتبهم وصحاجهم تشهد على صدق ما ذهبنا إليه من أنه (سلام الله عليه ) قد حول بكل جهوده إحياء السنة النبوية وإرجاع الناس إلى احضانها ولكن لا رأي لمن لا يطاع ، كما قال هو بنفسه .
فلم يكن في ذلك العصر من يطيعه ويعمل بأقواله غير الشيعة الذين والوه واتبعوه وانقطعوا إليه في كل شيء .
وبهذا يتبين لنا جلياً بأن الصحابة لم ينكروا على عثمان تغييره للسنة النبوية ، فقد عرفنا من صحاحهم كيف أنهم يخالفون سنة النبي ولا يخالفونه في بدعه ، ولكنهم ثارت ثائرتهم عليه من أجل الدنيا الدنيئة لكسب المال والجاه والسلطان .
وهم الذين حاربوا علياً دون هوادة لأنه لم يولهم المناصب وطالبهم أن يرجعوا الأموال التي جمعوها بغير حق إلى بيت مال المسلمين ليستيد منها المساكين .
لك الله يا أبا الحسن ، يا من حافظت على كتاب ربك وسنة ابن عمك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنت إمام المتقين وناصر المستضعفين وكان شيعتك هم الفائزون إذ أنهم تمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله بالتفافهم حولك وانقطاعهم إليك .
فهل تصدق أيها القارئ العزيز والباحث اللبيب بعد كل ما مر عليك من أبحاث بأن أتباع عثمان بن عفان هم أهل السنة ، واتباع علي هم الروافض وأهل البدع ؟
فاحكم بما أراك الله إن كنت من المنصفين .
«إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به ، إن الله كان سميعاً بصيراً» (النساء : 58 ).
صدق الله العلي العظيم


____________
(1) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج 8 ص 31 .
(2) السنن الكبرى للبيهقي ج 3 ص 144 .
(3) المحلى لابن حزم ج 4 ص 270 .
(4) البيهقي في سننه ج 3 ص 140 وكذلك الطبراني في المعجم الكبير والجصاص في أحكام القرآن ج 2 ص 310 .
(5) صحيح البخاري ج 2 ص 151 باب التمتع والإقران من كتاب الحج .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page