• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عبد الرحمان بن عوف

كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو فسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن وهو من بني زهرة وهو ابن عم سعد بن أبي وقاص .
هو من كبار الصحابة ومن المهاجرين الأولين وشهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم المشاهد كلها ، وهو أيضاً من السنة الذين رشحهم عمر بن الخطاب للخلافة، بل جعله رئيساً على مجلس الشورى والمقدم عليهم جميعاً إذ قال : وإذا اختلفتم فكونوا في الشق الذي فيه عبد الرحمان بن عوف .
وهو أيضاً من العشرة المبشرين بالجنة في اعتقاد « أهل السنة والجماعة».
وعبد الرحمان بن عوف كما هو مشهور من التجار الكبار في قريش والذي ترك ثروة ضخمة وأموالاً بلغت حسب المؤرخين : ألف بعير ومائة فرس وعشرة آلاف شاة ، وأرضاً كانت تزرع على عشرين ناضحاً ، وخرجت كل واحدة من نسائه الأربع بنصيبها من المال الذي تركه فكان أربعة وثمانين ألفاً (1) .
وعبد الرحمان بن عوف هو صهر عثمان بن عفان لأنه تزوج أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أخت عثمان لأمه .
وقد عرفنا من خلال كتب التاريخ أنه لعب دوراً كبيراً لإبعاد علي عن الخلافة بشرطه الذي اشترطه عليه في تحكيم سنة الخليفتين أبي بكر وعمر ، لعلمه مسبقاً بأن علياً لا يقبل بذلك الشرط أبداً لأن سنتهما مخالفة للكتاب والسنة النبوية .
وهذا وحده يكفينا دليلاً على تعصب عبد الرحمان للبدع الجاهلية وبعده عن السنة المحمدية ومشاركته الفعالة في المؤامرة الكبرى للقضاء على العترة الطاهرة وإبقاء الخلافة في حوزة قريش تتحكم فيها كيف شاءت .
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الأحكام ، باب كيف يبايع الإمام الناس ، قال المسور : طرقني عبد الرحمان بعد هجيع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت ، فقال : أراك نائماً فو الله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم ، انطلق فادع الزبير وسعداً فدعوتهما له فشاورهما ثم دعاني فقال : أدع لي عليا فدعوته فناجاه حتى ابهار الليل ثم قام علي من عنده وهو على مطمع ، وقد كان عبد الرحمان يخشى من علي شيئاً . ثم قال : ادع لي عثمان فدعوته فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح .
فلما صلى للناس من الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر فأرسل إلى من كان حاضراً من المهاجرين والأنصار ، وأرسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر ، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمان ثم قال : أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان ، فلا تجعل على نفسك سبلاً ، ثم قال مخاطباً لعثمان : أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده ، فبايعه عبد الرحمان وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون (2) .
والباحث يفهم من هذه الرواية التي أخرجها البخاري بأن المؤامرة قد دبرت بليل ، ويفهم أيضاً الدهاء الذي يتمتع به عبد الرحمان بن عوف وأن اختيار عمر له لم يكن عفوياً .
تأمل في قول الراوي وهو المسور : فدعوت له عليا فناجاه ثم قام علي من عنده وهو على مطمع .
وهذا يدلنا على أن عبد الرحمان بن عوف هو الذي أطمع علياً في الخلافة حتى لا ينسحب علي من الشورى المزيفة ويتسبب لهم في انقسام الأمة مرة أخرى كما وقع عقيب بيعة أبي بكر في السقيفة ، ويؤكد صحة هذا الاحتمال قول المسور : « وقد كان عبد الرحمان يخشى من علي شيئاً » .
من أجل ذلك لعب عبد الرحمان دور المراوغ المخادع فطمأن علياً في الليل وهنأه بالخلافة ، لما أصبح وحشر أمراء الأجناد وحضر رؤوس القبائل وزعماء قريش عند ذلك انقلب عبد الرحمان ليفاجئ علياً بأن الناس لا يعدلون بعثمان وأن عليه أن يقبل وإلا سبجعل على نفسه سبيلاً ( يعني يقتلونه إن رفض البيعة لمن اختاروه وهو عثمان بن عفان ) .
وإن الباحث ليفهم ذلك بوضوح خصوصاً عندما يقرأ هذه الفقرة الأخيرة من الرواية ، يقول المسور : « فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمان ثم قال : أما بعد يا علي إني نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان فلا تجعل على نفسك سبيلاً » .
فلماذا يوجه عبد الرحمان خطابه إلى علي وحده من بين الحاضرين ، ولماذا لم يقل مثلاً : أما بعد يا علي ويا طلحة ويا زبير ؟ !
من أجل ذلك فهمنا بأن الأمر دبر بليل وأن الجماعة كانوا متفقين من البداية على عثمان وإبعاد علي عنها .
ولنا أن نجزم بأنهم جميعاً كانوا يخشون من علي لو وصل إلى لخلافة أن يعود بهم إلى العدالة والمساواة ويحيي لهم سنة النبي ، ويميت بدعة ابن الخطاب في المفاضلة خصوصاً وأن عمر بن الخطاب قد أشار قبل موته إلى ذلك وحذرهم من خطر علي عليهم ، فقال : « لو ولوها الأجلح لحملهم على الجادة » والجادة هي السنة النبوية التي لا يحبها عمر ولا تحبها قريش عامة ، ولو كانوا يحبون سنة النبي لولوا علياً ولحملهم عليها ولردهم إليها ، فهو نائبها والقائم عليها .

وكما قدمنا في بحث طلحة والزبير وسعد بأنهم زرعوا الشوك وحصدوا الخسران والندامة .
فلننظر إلى عبد الرحمان بن عوف وما آل إليه تدبيره ، يقول المؤرخون بأن عبد الرحمان بن عوف ندم أشد الندم لما رأى عثمان خالف سنة الشيخين وأعطى المناصب والولايات إلى أقاربه وحاباهم بالأموال الطائلة ، فدخل عليه وعاتبه وقال : إنما قدمتك (3) على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر فخالفتهما وحابيت أهل بيتك وأوطأتهم رقاب المسلمين .
فقال عثمان : إن عمر كان يقطع قرابته في الله وأنا أصل قرابتي في الله ، قال عبد الرحمان : لله علي أن لا أكلمك أبداً ، فلم يكلمه حتى مات وهو هاجر لعثمان ، ودخل عليه عثمان عائداً له في مرضه فتحول عنه إلى الحائط ولم يكلمه (4) .
وبهذا يكون الله سبحانه قد استجاب دعاء الإمام علي في عبد الرحمان كما استجابه في طلحة والزبير فقتلا من يومهما .
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي ي شرح النهج إن علياً غضب يوم الشورى وعرف ما دبره عبد الرحمان بن عوف فقال له :
« والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه ، دق الله بينكما عطر منشم » (5) .
ويقصد الإمام علي بأن عبد الرحمان طمع أن يستخلفه عثمان من بعده كما فعل أبو بكر بعمر ، وقد قال له علي : أحلب حلباً لك شطره واشدد له اليوم ليرده عليك غداً .
أما عطر منشم الذي دعا به علي عليهما فهو مثل سائر يقال : أشأم من عطر منشم وهو يدل على النفور والمقاتلة .

واستجاب الله دعاء الإمام فلم تمض سنوات قليلة حتى ضرب الله بينهم العداوة والبغضاء وإذا بعبد الرحمان يعادي صهره ولا يكلمه حتى الموت ولا يأذن له بالصلاة على جنازته .
ويتجلى لنا أيضاً من هذا البحث الوجيز أن عبد الرحمان بن عوف هو رأس من رؤوس قريش الذين عملوا على طمس السنة النبوية وإبدالها ببدع الخليفتين .
كما يتجلى لنا بأن الإمام علياً ( عليه السلام ) هو الوحيد الذي ضحى بالخلافة وما فيها من أجل الحفاظ على السنة المحمدية التي جاء بها أخوه وابن عمه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين .
وأنت أيها القارئ الكريم لا شك بأنك عرفت « أهل السنة والجماعة » على حقيقتهم كما عرفت بنفسك من هم أهل السنة ، فالمؤمن غر كريم ولكنه لا يلدغ من جحر مرتين

____________________
(1) الطبري والمسعودي وابن سعد وطه حسين وغيرهم .
(2) صحيح البخاري ج 8 ص 123 .
(3) قوله إنما قدمتك يدل على الاستبداد برأيه ولم يكن عن مشورة ولا عن اختيار الناس له كما يزعمون .
(4) تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 166 ، أنساب الأشراف للبلاذري ج 5 ص 57 ، العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج 2 ص 261 .
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 63 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page