• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأحاديث النبوية عند "أهل السنة" متناقضة

لعل الباحث يجد كثيراً من السنن التي تنسب إلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي في الحقيقة ليست إلا بدعاً ابتدعها بعض الصحابة بعد وفاته و ألزموا الناس بها و حملوهم عليها قهراً، حتى اعتقد أولئك المساكين أنها من أفعال النبي و أقواله.
و لذلك جاءت تلك البدع في أغلبها متناقضة و متعارضة مع القرآن، فاضطر علماؤهم للتأويل و القول بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعل هذا مرة، و فعل ذاك أخرى كقولهم بأنه صلى مرة بالبسملة و أخري صلى بدون البسملة، و مرة مسح رجليه في الوضوء و أخرى غسلهما، و مرة قبض يديه في الصلاة و أخري أسدلها، حتى ذهب البعض منهم للقول بأنه فعل ذلك متعمداً للتخفيف علي أمته حتى يختار كل واحد منهم ما يناسبه من العمل.
إنه كذبّ برفضه الإسلام الذي بني عقائده علي كلمة التوحيد و توحيد العبادة حتى في المظهر و اللباس فلم يسمح للمحرم وقت الحج أن يلبس ما يريد لا شكلاً ولا لوناً، و لم يسمح للمأموم إلا أن يتبع إمامه في حركاته وسكناته من قيام و ركوع و سجود و جلوس.
كما أنه كذبّ لأن الأئمة الطاهرين من أهل البيت يرفضون تلك الروايات و لا يقلبون بالاختلاف في العبادات شكلاً و مضموناً.
و إذا رجعنا إلى تناقض الأحاديث عند "أهل السنة و الجماعة" فهي كثيرة جداً تفوق الحصر، و سوف نعمل علي جمعها في كتاب خاص إن شاء الله.
وكالعادة و بإيجاز نذكر هنا بعض الأمثلة ليتبين للباحث على أي أساس بني "أهل السنة و الجماعة" مذهبهم و عقيدتهم.
فقد جاء في صحيح مسلم و في شرح الموطاً لجلال الدين السيوطي عن أنس بن مالك قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و أبي بكر و عمر و عثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ: بسم الله الحرمان الرحيم.
و في رواية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يجهر بقراءة بسم الله الرحمان الرحيم، قال: و قد روي هذا الحديث عن أنس قتادة و ثابت البناني و غيرهما و كلهم أسنده و ذكر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا أنهم اختلف عليهم في لفظه اختلافاً كثيراً، مضطرباً و متدافعاً، فمنهم من يقول فيه: كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمان الرحيم، و منهم من يقول كانوا لا يجهرون ببسم الله الحرمان الرحيم، و منهم من يقول: كانوا يجهرون ببسم الله الرحمان الرحيم و منهم من قال: كانوا لا يتركون بسم الله الرحمان الرحيم، و منهم من قال: كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.
قال: و هذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من افقهاء (1)
أما إذا أردت معرفة السر الحقيقي لهذا التناقض و الاضطراب من نفس الراوي و هو أنس بن مالك الذي كان يلازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه حاجبه، فتراه مرة يروي بأنهم - رسول الله و الخلفاء الثلاثة - كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمان الرحيم، و مرة بأنهم لا يتركونها.
إنما هو الواقع الأليم المؤسف الذي اتبعه أكثر الصحابة في نقل الحديث و روايته حسبما تقتضيه المصلحة السياسية و حسبما يرضي الأمراء.
فلا شك بأنه روي عدم القراءة لبسم الله الرحمان الرحيم عندما عمل بنو أمية و حكامهم علي تغيير كل سنة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان علي بن أبي طالب يتمسك بها ويعمل على إحيائها.
فقد قامت سياستهم على مخالفته في كل شيء و العمل بضده. حيث اشتهر (سلام الله عليه) بأنه كان يبالغ في الجهر بالبسمة حتى في الصلاة السرية.
و هذا ليس ادعاء منا أو من الشيعة، فنحن لم نعتمد في كل ما كتبنا إلا على كتب "أهل السنة و الجماعة" و تصريحاتهم.
و قد ذكر الإمام النيسابوري في تفسير غرائب القرآن، و بعد ذكره للروايات المتناقضة عن أنس بن مالك قال: "و فيها تهمة أخري، و هي أن علياً (رضي الله عنه) كان يبالغ في الجهر بالتسمية، و لما كان زمن بني أمية بالغوا في المنع من الجهر سيعاً منهم في إبطال آثار علي بن أبي طالب، فلعله إنما خاف منهم فلهذا اضطراب أقواله" (2)
كما صرح الشيخ أبو زهرة ما يقارب هذا المعني إذ قال: "لابد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار علي (عليه السلام) في القضاء و الإفتاء، لأنه ليس من المعقول أن يلعنوا علياً فوق المنابر، و أن يتركوا العلماء يتحدثون بعلمه و ينقلون فتاواه و أقواله للناس، و خصوصاً ما يتصل بأساس الحكم الإسلامي" (3)
و الحمد الله الذي أظهر الحق على لسان بعض علمائهم فاعترفوا بأن علياً كان يبالغ في الجهر ببسم الله الرحمان الرحيم.
و نستنتج بأن الذي دعاه (سلام الله عليه)أن يبالغ في الجهر بالتسمية، هو أن الخلفاء الذين سبقوه تركوها إما عمداً أو سهواً واقتدى بهم الناس فأصبحت سنة متبعة و هي بلا شك مبطلة للصلاة إذا ما تركت عمداً، و إلا لما بالغ الإمام علي (عليه السلام) في الجهر بها حتى في الصلاة السرية.
ثم إننا نشتم من روايات أنس بن مالك التزلف لإرضاء بني أمية الذين أطروه و أغدقوا عليه الأموال و بنواله القصور لأنه من المناوئين لعلي (عليه السلام) هو الآخر و يظهر بغضه لأمير المؤمنين (عليه السلام) من قصة الطير المشوي عندما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي هذا الطير"، فجاء علي يستأذن فرده أنس ثلاث مرات، و لما عرف النبي في المرة الرابعة قال لأنس: ما حملك على ما فعلت؟ قال أنس: رجوت أن يكون واحداً من الأنصار. (4)
و يكفي هذا الصحابي أن يسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو ربه بأن يأتيه بأحب الخلق إليه، و يستجيب الله لدعاء رسوله فيأتيه بعلي (عليه السلام)، ولكن بغض أنس له يحمله على الكذب فيرد علياً مدعياً بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حاجة له و يتكرر منه الكذاب ثلاث مرات متوالية لأنع لم يقبل أن يكون علي (عليه السلام) أحب الخلق إلي الله بعد رسوله، ولكن علياً اقتحم الباب في المرة الرابعة ودخل، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما حسبك عني يا علي؟ قال: جئتك فردني أنس ثلاث مرات، قال: ما حملك على ذلك يا أنس؟ قال: يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلاً من قومي.
و التاريخ بعد ذلك يحدثنا بأن أنس بقي علي بغضه للإمام (عليه السلام) طيلة حياته، و هو الذي استشهده علي يوم الرحبة بحديث الغدير فكتم الشهادة و دعا عليه الإمام (عليه السلام) فلم يقم من مجلسه إلا أبرص، فكيف لا يصبح أنساً من المناوئين لعلي (عليه السلام) و هو بيغضه و يتقرب إلي أعدائه بالبراءة منه.
لكل ذلك جاءت روايته في خصوص البسملة تفوح بالولاء لمعاوية بن أبي سفيان إذ يقول: "صليت خلف النبي و أبي بكر و عمر و عثمان" و يعني بذلك أنه ما كان يقبل بالصلاة وراء علي، و هو بالضبط ما كان يريده معاوية و أتباعه من رفع ذكر الخلفاء الثلاثة و طمس ذكر علي (عليه السلام) و عدم التحدث باسمه.
و بما أنه ثبت من طريق أئمة العترة الطاهرة و شيعتهم بأن علياً (عليه السلام) كان يجهر بالبسملة في الفاتحة والسورة التي بعدها، كما ثبت أيضاً من طريق "أهل السنة و الجماعة" بأنه كان يبالغ في الجهر بالبسملة حتى في الصلاة السرية، فثبت بذلك أنها هي السنة النبوية الصحيحة، فمن تركها فقد ترك الواجب و أبطل صلاته، لأن مخالفة السنة هو الضلال، فما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا.
و لنا بعد هذا عدة مآخذ على روايات الصحابة التي تخالف سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم و عدة أمثلة ذكرنا البعض منها في أبحاث سابقة و سنذكر البعض الآخر في أبحاث لاحقة. و المهم في كل ذلك أن نعرف بأن "أهل اسنة و الجماعة" يقتدون بأقوال و أفعال الصحابة.
أولاً: لإيمانهم بأن أقوالهم و أفعالهم هي سنة ملزمة.
ثانياً: لاشتباههم في أن ما قاله الصحابة و ما فعلوه لا يخالف السنة النبوية، لأن الصحابة كانوا يحكمون بآرائهم و ينسبون ذلك للنبيصلى الله عليه وآله وسلم حتى يتمكنوا من التأثير في النفوس و يأمنوا معارضة المعارضين.
و إذا كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو المعارض الوحيد الذي حاول بكل جهوده في أيام خلافته إرجاع الناس للسنة النبوية بأقواله و أفعاله و فضائه، و لكن بدون جدوى لأنهم شغلوه بالحروب الطاحنة فلم ينته من حرب إلا و أشعلوا له حرباً أخرى، ولم ينته من حرب الجمل حتى أسعروا حرب صفين ولم ينته من صفين حتى أشعلوا حرب النهروان و لم ينته منها حنى اغتالوه في محراب الصلاة.
و جاء معاوية للخلافة و كان همه الوحيد هو إطفاء نور الله، فعمل بكل جهوده للقضاء علي سنة النبي التي أحياها الإمام علي (عليه السلام)، و أرجع الناس لبدع الخلفاء و خصوصاً البدع التي سنها هو لهم، و عمل على سب علي (عليه السلام) و لعنه حتى لا يذكره ذاكر إلا بما هم مشين.
يذكر المدائني أن بعض الصحابة جاء إلى معاوية فقال له: " يا أمير المؤمنين، إن علياً (عليه السلام) مات و ليس هناك شيء تخافه، فلو رفعت هذا اللعن عنه؟ فقال معاوية: لا والله حتى يهرم عليه الكبير و يشيب عليه الصغير.
يقول المدائني: فمكثوا علي ذلك (بنو أمية) دهراً و علموه إلى صبيانهم في الكتاتيب و إلى نسائهم و خدمهم و مواليهم، و قد نجح معاوية في مخططه نجاحاً كبيراً، إذ أبعد الأمة الإسلامية (إلا القليل منها) عن وليها و قائدها الحقيقي، و جرهم إلى معاداته و البراءة منه، و ألبس لهم الباطل بالحق وجعلهم يعتقدون بأنهم هم "أهل السنة" و أن من والى علياً و اتبعه فهو خارجي و صاحب بدعة.
و إذا كان الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و ما أدراك، يلعن فوق المنابر و يتقرب إلى الله بسبه و لعنه، فما بالك بالشيعة الذين اتبعوا ، فقد منعوا عطاءهم و حرقوا عليهم ديارهم و صلبوهم على جذوع النخل و دفنوهم أحياء، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إن معاوية في نظري هو حلقة من سلسلة المؤامرة الكبرى و فصل من فصولها، و لكنه نجح أكثر من غيره في طمس الحقائق و تقليبها ظهراً على عقب، و أرجع الأمة إلى الجاهلية الأولي في لباس الإسلام.
و تجدر الإشارة بأنه كان أدهى ممن سبقه من الخلفاء فكان ممثلاً بارعاً يجيد التمثيل فيبكي في بعض الأحيان حتى يؤثر في الحاضرين فيعتقدون أنه من الزهاد العباد المخلصين و يقسو و يتجبر أحياناً أخرى حتى يخيل إلى الحاضرين أنه من أكبر الملحدين و يظن البدوي بأنه رسول الله!
ولابد لإتمام البحث أن نعرف من خلال رسالة محمد بن أبي بكر التي وجهها إليه ورده عليها مدي مكره و دهائه كما سنعرف من خلال الرسالتين حقايق لا غنى للباحثين من الوقوف عليها.


__________________
(1) تنوير الحوالك شرح على موطاً مالك ج 1 ص 103 و نحن نقول: الحمد لله أن شهد شاهد من أهلها على اضطراب الأحاديث عندهم و تناقضها و أنه كما أعترف، لا تقوم لأحد من فقهائهم حجة، إنما الحجة قائمة مع أئمة الهدي الأطهار الذين بم يختلفوا في شيء.
(2) تفسير غرائب القرآن للنيسابوري بهامش تفسير الطبري ج 1 ص 77.
(3) الشيخ أبو زهرة في كتاب الإمام الصادق ص 161.
(4) لأخرجه الحاكم في المستدرك و قال: صحيح على شرط الشيخين، و أخرجه الترمذي في صحيحه ج 2، ص 299، و الطبري في الرياض النضرة ج 2 ص 160، تاريخ بغداد ج 3 ص 171، كنز العمال ج 6 ص 406، النسائي في الخصائص ص 5، و ابن الأثير في أسد الغابة ج 4 ص 30.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page