التاريخ: ٢٠٠٩/٠٩/١٣
السلام عليکم أحباءنا وأهلاً بکم في لقاءٍ آخر من هذا البرنامج نتوقف فيه للتدبر في قوله عزوجل: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».
وهذه الآية تتوسط الآيات الواردة في تشريع فريضة صيام شهر رمضان المبارک من سورة البقرة، فما سر ذلک؟ وما الذي تقدمه هذه الآية من دروس لطالبي أداء فريضة الصوم بالصورة التي يحبها ويرتضيها الله جل جلاله لعباده؟
عندما نتأمل في توسط هذه الآية الکريمة لآيات تشريع فريضة الصوم المبارکة نجد أن في ذلک دعوة قرآنية للصائمين بالإهتمام بالدعاء عموماً وفي شهر رمضان المبارک خاصة. فبعد أن حثت الآيات السابقة الصائمين علی الإهتمام بالقرآن الکريم والإستهداء بآياته البينات والمحکمات؛ وبعد أن بينت لهم عظمة برکات فريضة الصوم وأنها توجد في الإنسان استشعاراً وجدانياً بنعم الله وإحسانه وبالتالي تعظيمه وتمجيده عزوجل والتوجه إليه بالحمد والشکر. بعد ذلک جاءت هذه الآية الکريمة لکي تعرّف الصائمين بالوسيلة المحورية والأساسية للتوجه الی الله المنعم والمحسن وشکره والإرتباط به عزوجل وهي وسيلة الدعاء؛ وعلی ضوء فهم هذه الحقيقة، نفهم سر کثرة الأدعية المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) في أيام وليالي شهر رمضان المبارک وأسحاره المبارکة، فکأن أئمة العترة المحمدية عليهم السلام يقدمون هذه الأدعية المبارکة إعانة للصائمين علی التوجه الی الله عزوجل بوسيلة الدعاء وعبر نصوص معصومة تتضمن أفضل آداب الدعاء بأسمی صيغ مخاطبة الله عزوجل والإرتباط به.
لقد ورد في الحديث القدسي المشهور المروي في مصادر الفريقين عن رسول الله (صلی الله عليه وآله) أنه کان يقول: قال الله عزوجل: کل عمل ابن آدم هو له غير الصيام، فهو لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة العبد المؤمن من النار يوم القيامة، کما يقي أحدکم سلاحه في الدنيا وإن للصائم فرحتين، فرحة حين يفطر فيطعم ويشرب وفرحة حين يلقاني فأدخله الجنة.
هذا الحديث القدسي يشتمل علی إشارة ضمنية الی أثر عبادة الصوم في إشعار الصائم بقربه من الله جل جلاله، وهذه من الثمار المبارکة المترتبة علی أداء فريضة الصيام بالصورة المطلوبة والدعاء يمثل الوسيلة المکملة لأثر الصيام في إشعار العبد بقربه من ربه الجليل؛ وهذا ما ينبه إليه الله عزوجل وهو يدعو الصائمين لمناجاته من خلال التأکيد علی قربه منهم، فهو أَقْرَبُ إليهم مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ لذلک فإن مناجاته أمرٌ يسير ممکن حتی بدون ألفاظ بل بمجرد التوجه القلبي.
والله تعالی هو أيضاً القريب من الإنسان والذي ينتظر منه أن يدعوه لکي يستجيب له، فإذا تحقق الدعاء من العبد تحققت الإستجابة من الله جل جلاله حتماً!
المصدر: اذاعة طهران العربية
آيات الصائمين ( الحلقة ١٨ )
- الزيارات: 2299