التاريخ: 2009/10/06
نص الحديث
قال الامام علي (عليه السلام): الحلم عشيرة.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يعرض لظاهرة الحلم، وهي مفردة تطلق علی جملة دلالات، منها، المنع عن الذنب، ومنها: الصبر علی الاذی، ومنها: الاناة وعدم العجلة في الردّ علی الاساءة.
وهو بهذه الدلالات يصبح سمة شاملة وذات اهمية بالغة، ولذلک وصفه الامام (عليه السلام) بانه (عشيرة) من جهة ان العشيرة هي مجموعة من الناس وليست فرداً، وهذا يعني ان الحلم يقوم مقام العشيرة في حماية الانسان.
بلاغة الحديث
والمهم ان التعبير عن اهمية الحلم من خلال صياغته صورة تمثيلية، يتطلب حديثاً عن بلاغتها.
ان عبارة (الحلم عشيرة) هي صورة تمثيلية وتتجسد اهمية هذا الصورة من حيث الشکل الخارجي بانها مقتصرة، اي: لم تتجاوز الکلمتين، ولکنها من جهة الدلالة تکتنز بحشد کبير من المعاني المتنوعة والعميقة والمثيرة. والسؤال هو: لماذا انتخب الامام (عليه السلام) ظاهرة (العشيرة) ورمز بها الی الحلم؟
العشيرة مجموعة من الناس، وهذا وحده يتداعي بالذهن الی ان العشيرة تحمي اي فرد ينتسب اليها ومن الواضح ان الفرد وحده لا يقوی علی مصارعة العدوّ بينما العشيرة قادرة علی ذلک، واذا افترضنا ان شخصاً ما لم يمتلک غضبه ومارس سلوکاً عدوانياً أو دفاعياً فان الاثر المترتب علی الغضب قد يصبّ علی صاحبه من الاذی النفسي والعصبي وايضاً: الجسدي اذا قدر للطرف الآخر بان يردّ علی الغاضب من خلال الضرب اون الجرح او حتی الموت، حيث ورد في النصوص الشرعية ان الغاضب من الممکن ان يتصاعد انفعاله الی درجة القتل للآخر أو قتل الآخر له.
اذن عبارة او صورة (الحلم عشيرة) لها دلالاتها من زاوية ان الحلم وهو الاناة أو الصفح يوفـّر لصاحبه راحة نفسية وعقلية وعصبية وجسدية، بصفة ان توفير الراحة والانتصار علی العدوّ لا يأتي بسهولة لمحدودية قدرات الفرد، ولکن الحلم اصبح بمثابة العشيرة التي تنتصر لاحد افرادهما، فتوفر له الحماية بالنحو الذي اوضحناه.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir