طباعة

حكايات وهدايات الحلقة (١٦) - حکايتين من أثربعث الحياء من الله في الردع عن المعاصي و برکة صدق التوجه الی الله عزوجل.

حكايات وهدايات الحلقة (١٦) - حکايتين من أثربعث الحياء من الله في الردع عن المعاصي و برکة صدق التوجه الی الله عزوجل.

التاريخ: 2009/09/01
السلام عليکم أحباءنا، معکم في هذا اللقاء وحکايتين في الأولی هداية لطيفة الی أثربعث الحياء من الله في الردع عن المعاصي وفي الثانية هداية جليلة الی برکة صدق التوجه الی الله عزوجل.
روي أن مولانا الإمام موسی الکاظم (عليه السلام) اجتاز يوماً علی دار بشر الحافي في بغداد، فسمع الملاهي وأصوات الغناء والرقص تخرج من تلک الدار، فخرجت جارية وبيدها قمامة مجلس اللهو. فرمت بها في الدرب.
فقال لها الإمام (عليه السلام): يا جارية، صاحب هذه الدارحر أم عبد؟
فقالت: بل حر.
فقال (عليه السلام): صدقت، لوکان عبدا خاف من مولاه.
فلما أخذت الجارية الماء ورجعت ودخلت علی بشر قال مولاها - وهوعلی مائدة السکر-: ما أبطأک علينا؟
فقالت: حدثني رجل بکذا وکذا. فخرج حافياً حتی لقي مولانا الکاظم (عليه السلام)، واعتذر، وبکی، واستحيي من فعله وعمله منه، فتاب علی يده ولقب مُنذ ذلک اليوم ببشر الحافي لأنه خرج حافياً خلف الإمام بعد أن أثار قوله (عليه السلام) في قلبه الحياء من الله جل جلاله.
نقدم لکم الحکاية الثانية في هذا اللقاء وفيها هداية جليلة الی آثاردعوة الناس الی الحق بالعمل لا باللسان.
روي العالم الحنبلي سبط ابن الجوزي عن العابد الزاهد شقيق البلخي قال: خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلت القادسية، فإذا شاب حسن الوجه شديد السمرة - عليه ثوب صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان - وقد جلس منفردا عن الناس، فقلت في نفسي هذا الفتی من الصوفية يريد أن يکون کلا علی الناس، والله لأمضين إليه وأوبخنه، فدنوت منه فلما رآني قال: يا شقيق اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.
فقلت في نفسي: هذا عبد صالح، قد نطق بما في خاطري، لألحقنه ولأسألنه أن يجالسني. فغاب عن عيني فلما نزلنا (واقصة) وهي من منازل الطريق فإذا به يصلي وأعضاؤه تظطرب ودموعه تتحادر.
فقلت: أمضي إليه وأعتذر.
فأوجزفي صلاته ثم قال: يا شقيق وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى.
فقلت: هذا من الأبدال، قد تکلم علی سري مرتين.
ونبقی مع شقيق البلخي وهو يروي الحکاية قائلاً: فلما نزلنا منزل (زيالة) إذا به قائم علی البئروبيده رکوة يريد أن يستقي ماء، فسقطت الرکوة في البئر، فرفع طرفة إلی السماء وقال:
أنت ريي إذا ظمئت إلی الماء
وقوتي إذا أردت طعاماً
يا سيدي ما لي سواها.
قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها، فأخذ الرکوة وملأها وتوضاً وصلی أربع رکعات، ثم مال إلی کثيب رمل هناک، فجعل يقبض بيده ويطرحه في الرکوة ويشرب.
فرأيت ذلک عجباً منه فقلت: أطعمني يا عبد الله من فضل ما رزقک الله وما أنعم عليک.
فقال: يا شقيق، لم تزل نعم الله علينا ظاهرة وباطنة، فأحسن ظنک بربک. ثم ناولني الرکوة، فشربت منها فإذا هو سويق وسکر، ما شربت - والله أبداً- ألذ منه ولا أطيب ريحاً. فشبعت ورويت، وأقمت أياماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً. ثم لم أره حتی دخلت مکة. فرأيته ليلة إلی جانب قبة الميزاب نصف الليل، يصلي بخشوع وأنين وبکاء. فلم يزل کذلک حتی ذهب الليل، فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح. ثم قام إلی صلاة الفجر فطاف بالبيت أسبوعاً وخرج، فتبعته فإذا له حاشية وأموال وغلمان، وهو علی خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس يسلمون عليه ويتبرکون به.
فقلت لبعضهم: من هذا؟
فقال: موسی بن جعفر.
فقلت: قد عجبت أن تکون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.
المصدر: اذاعة طهران العربية