• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حديث من سره أن يحيا حياتي

قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
« من سره أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال عليا من بعدي وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي »(1).
وهذا الحديث هو كما نرى من الاحاديث الصريحة التي لا تقبل التأويل ولا تترك للمسلم أي اختيار بل تقطع عليه كل حجة ، وإذا لم يوال عليا ويقتد بأهل البيت عترة الرسول فهو محروم من شفاعة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله .
وتجدر الاشارة هنا بأنه خلال البحث الذي قمت به شككت في البدء في صحة هذا الحديث واستعظمته لما فيه من تهديد ووعيد لمن كان على خلاف مع علي وأهل البيت وخصوصا أن هذا الحديث لا يقبل التأويل ، وخفت الوطأة عندما قرأت في كتاب الاصابة لابن حجر العسقلاني بعدما أخرج الحديث قوله : « قلت في أسناده يحيى بن يعلى المحاربي وهو واه » وأزال ابن حجر بهذا القول بعض الاشكال الذي علق بذهني إذ تصورت أن يحيى بن يعلى المحاربي هو واضع الحديث وهو ليس بثقة ، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يوقفني على الحقيقة بكاملها ، وقرأت يوما كتاب « مناقشات عقائدية في مقالات إبراهيم الجبهان » (2) .
وأوقفني هذا الكتاب على جلية الحال إذ تبين أن يحيى بن يعلى المحاربي هو من الثقات الذين اعتمدهم الشيخان مسلم والبخاري ، وتتبعت بنفسي فوجدت البخاري يخرج له أحاديث في باب غزوة الحديبية من جزئه الثالث في صفحة عدد 31 ، كما أخرج له مسلم في صحيحه في باب الحدود من جزئه الخامس في صفحة عدد 119 والذهبي نفسه - على تشدده - أرسل توثيقة إرسال المسلمات وقد عده أئمة الجرح والتعديل من الثقات واحتج به الشيخان فلماذا هذا الدس والتزوير وتقليب الحقائق والطعن في رجل ثقة احتج به أهل الصحاح ؟ ألانه ذكر الحقيقة الناصعة في وجوب الاقتداء بأهل البيت فكان جزاؤه من ابن حجر التوهين والتضعيف ، وقد فات ابن حجر أن من ورائه علماء جهابذة يحاسبونه على كل صغيرة وكبيرة ويكشفون تعصبه وجهله لانهم يستضيئون بنور النبوة ويهتدون بهدى أهل البيت .
وعرفت بعد ذلك أن ببعض علمائنا يحاولون جهدهم تغطية الحقيقة لئلا ينكشف أمر الصحابة والخلفاء الذين كانوا أمراءهم وقدوتهم فتجدهم مرة يتأولون الاحاديث الصحيحة الثابتة ويحملونها غير معانيها ، مثال ذلك تأويلهم لمعنى المولى بدل الاولى إلى معنى المحب والناصر في حديث « من كنت مولاه فهذا علي مولاه » ، فعلماء أهل السنة يقولون بصحة الحديث ولكن يجب تأويله إلى معنى المحب والناصر وذلك لتصحيح خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وإلا لوجب أن يكون علي كرم الله وجهه أولى منهم جميعا ، وهذا فيه مافيه من تفسيق أكثر الصحابة الذين بايعوا أبا بكر وهو منكر من القول ؛ هذا قول علماء أهل السنة والجماعة كما صرح لي به كثير من علمائنا في تونس ! ولما قلت لهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الحديث وخلال الخطبة سألهم ( ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى عند ذلك قال « من كنت مولاه فهذا علي مولاه » ) ، أجاب البعض بأن هذا من زيادات الشيعة ، وعندما سألتهم : أيعقل أن يجمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مائة ألف من الحجيج في حر الهجير ويحبسهم في الشمس المحرقة ليقول لهم بأن عليا محب وناصر المسلمين ؟ أهذا معقول ؟ ؟ فسكتوا ولم يجيبوا .
ومرة يكذبون الاحاديث التي تناقض مذهبهم وإن وردت في صحاحهم وأسانيدهم ، مثال ذلك حديث « الخلفاء من بعدي إثنا عشر كلهم من قريش وفي رواية كلهم من بني هاشم » وقد أخرج الحديث كل من البخاري ومسلم وكل صحاح أهل السنة والجماعة ، ومع ذلك فهم يكذبون أن يكون هؤلاء هم الائمة الاثنا عشر من أهل البيت الذين تقول بإمامتهم وولائهم الشيعة الامامية الاثنا عشرية ، وهم يعدون الخلفاء الراشدين الاربعة ومنهم من يلحق بهم الخليفة عمر بن عبدالعزيز فيصح العدد خمسة ويتوقفون عند ذلك لانهم ، والحق معهم لا يعدون معاوية وابنه يزيد ولا مروان بن الحكم وأولاده من الخلفاء الراشدين ، ويبقى العدد ( إثنا عشر ) بالنسبة إليهم لغزا ليس له حل اللهم إلا إذا قالوا بقول الامامية ! .
ومرة يحذفون من الحديث نصفه أو ثلثيه ليبدلوه بـ ( كذا وكذا ) ! ! ومثال ذلك حديث « إن هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا » قاله وهو آخذ برقبة علي وقد أخرج هذا الحديث كل من الطبري في تاريخه وابن الاثير في كامله وكذلك كنز العمال ومسند الامام أحمد وصاحب السيرة الحلبية وابن عساكر ولكن الذي طبع كتاب تفسير الطبري ج 19 ص 121 لم يترك الحديث كاملا كما نطق به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل حذف منه كل معانيه وأبدلها بقوله « إن هذا أخي وكذا وكذا ! ! » » وغفل عن أن الطبري أخرج الحديث كاملا في تاريخه ج 2 ص 319 - 321 ؛ إنها الامانة العلمية ، ولعل هذا العالم لم تمكنه الحيل من تكذيب الحديث ورأى أن فيه نصا صريحا على خلافة علي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعمد إلى تغطية هذه النصوص وتبديلها بكذا وكذا وظن هذا المسكين بأنه سوف يحجب نور الشمس عندما يغمض هو عينيه ، أو أنه سوف يقنع القراء والمثقفين بقوله : كذا وكذا ، كلا إنها كلمة هو قائلها ! ! .
ومرة يشككون في الرواة الثقاة لانهم حدثوا بما لا تهوى انفسهم ، مثال ذلك طعنهم في يحيى بن يعلى المحاربي وهو من الثقاة الذين احتج بهم البخاري ومسلم في الصحاح ولكن ابن حجر العسقلاني طعن به ووصفه بأنه واه ، لا إلا أنه روى حديث الموالاة الذي أمر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بأن يوالوا من بعده عليا وأهل البيت ، وهذا الحديث لا يروق لابن حجر وأمثاله الذين يحاولون جهدهم طمس الحقائق التي أنفق معاوية بن أبي سفيان كل ما يملك من الذهب والفضة في سبيل طمسها فلم يفلح ، فكيف يمكن لابن حجر أن يطمسها بطعنه في الرواة الثقاة ، وقد كان لمعاوية زيادة على المال ، الحول والطول والسلطة والجاه ومع ذلك فشل فشلا ذريعا وطواه الزمان في خبر كان بينما بقي نور الامام علي يشع على مر الايام ، فكيف يتسنى لابن حجر وأضرابه أن يشككوا في حقيقة أهل البيت بمجرد الطعن في الرواة الامناء الثقاة ؟ ؟ فهيهات هيهات أن ينطفئ نور الله بالافواه ! . .
ومرة يخرجون الحديث في الطبعة الاولى ويحذفونه في الطبعات الاخرى بدون أي إشارة إلى مبرر الحذف رغم أن المطلعين يدركون سبب ذلك ! ! مثال ذلك ما فعله محمد حسين هيكل في كتابه « حياة محمد » في الطبعة الاولى ص 104 قال :
عندما نزل قوله سبحانه ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) ثم أورد القصة كما ذكرها المؤرخون وفي أخرها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم .. ! !» ولكنه حذفها في الطبعة الثانية وما بعدها من الطبعات بدون إشارة ولا تعليق يشيران من قريب أو من بعيد لسبب حذفه هذه الفقرة من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان الشيخ محمد جواد مغنية - والعهدة عليه - نقل في كتابه « الشيعة في الميزان » هذه الحادثة وقال أن محمد حسين هيكل حذف هذه الفقرة مقابل آلاف الجنيهات ، وبما أن هيكل لم يكذب الخبر ولم يعلل حذفه للفقرة المذكورة ، فقد تبين صدق الشيخ محمد جواد مغنية ، واطلاعه الواسع على مجريات الامور ! .
على أننا نقول لهؤلاء وأمثالهم الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا : إتقوا الله وقولوا قولا سديدا وتذكروا قوله سبحانه وتعالى : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) سورة البقرة آية 159 ، وقوله سبحانه وتعالى : ( إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا ، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) سورة البقرة آية 174 .
فهل لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله ويعترفوا بالحق عسى أن يتوب الله عليهم ، قبل فوات الآوان ؟ ؟ ؟ .
وقد تحقق لدي كل هذا بعد البحث والتمحيص وعندي أدلة قاطعة على ما أقول ، فليتهم إذ يحاولون عبثا كل هذه المحاولات لتبرير أعمال الصحابة الذين انقلبوا على الاعقاب ، فجاءت أقوالهم متناقضة بعضها مع بعض ومتناقضة مع التاريخ .
ليتهم اتبعوا الحق ولو كان مرا إذا لاراحوا واستراحوا ، ولكانوا سببا في جمع شمل هذه الامة المتمزقة والمتناحرة لا لشيء إلا لتأييد أقوالهم أو تفنيدها .
وإذا كان بعض الصحابة الاولين غير ثقاة في نقل الاحاديث النبوية الشريفة فيبطلون منها ما لا يتماشى وأهواءهم وخصوصا إذا كانت هذه الاحاديث من الوصايا التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وآله عند وفاته ، فقد أخرج البخاري ومسلم أن رسول الله أوصى عند موته بثلاث :
- أخرجوا المشركين من جزيرة العرب .
- أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم . . ثم يقول الراوي :
ونسيت الثالثة (3).
فهل يعقل أن الصحابة الحاضرين الذين سمعوا وصايا الرسول الثلاث عند موته ينسون الوصية الثالثة وهم الذين كانوا يحفظون القصائد الشعرية الطويلة بعد سماعها مرة واحدة ؟ كلا ولكن السياسة هي التي أجبرتهم على نسيانها وعدم ذكرها ، إنها مهزلة أخرى من مهازل هؤلاء الصحابة ، ولان الوصية الاولى لرسول الله كانت - بلا شك - استخلاف علي بن أبي طالب فلم يذكرها الراوي .
مع أن الباحث في هذه المسألة يجد رائحة الوصية لعلي تفوح رغم كتمانها وعدم ذكرها فقد أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الوصايا كما أخرج مسلم أيضا في صحيحه في كتاب الوصية أنه ذكر عند عائشة أن النبي أوصى إلى علي (4) ، أنظر كيف يظهر الله نوره ولو ستره الظالمون .
أعود فأقول إذا كان هؤلاء الصحابة غير ثقاة في نقل وصايا رسول الله فلا لوم بعد ذلك على التابعين وتابعي التابعين .
وإذا كانت عائشة أم المؤمنين لا تطيق ذكر اسم علي ولا تطيب لها نفسا بخير كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته (5) والبخاري في صحيحه ( باب مرض النبي ووفاته ) وإذا كانت تسجد لله شكرا عندما سمعت بموته ، فكيف يرجى منها ذكر الوصية لعلي وهي من عرفت لدى الخاص والعام بعدائها وبغضها لعلي وأولاده ولاهل بيت المصطفى .
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
___________________
( 1 ) مستدرك الحاكم ج 3 ص 128 الطبراني في الجامع الكبير الاصابة لابن حجر العسقلاني ، كنز العمال ج 6 ص 155 . المناقب للخوارزمي ص 34 ينابيع المودة ص 149 . حلية الاولياء ج 1 ص 86 تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 95 .
( 2 ) مناقشات عقائدية في مقالات إبراهيم الجبهان صفحة 29 .
( 3 ) صحيح البخاري ج 1 ص 121 باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير ، صحيح مسلم ج 5 ص 75 كتاب الوصية .
( 4 ) صحيح البخاري ج 3 ص 68 باب مرض النبي ووفاته صحيح مسلم ج ص 14 من كتاب الوصية .
( 5 ) طبقات ابن سعد القسم الثاني من الجزء 2 ص 29 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page