في وصف مذهب (1) الشيعة الإثني عشريّة
اعلم ؛ إن مذهبهم (2) في الأصول : أن الباري تعالى هو المخصوص بالأزلية والقِدَمْ ، لأنه واحد ، وان (3) كلّ ما سواه حادث ، وأنه ليس بجسم ، ولا في مكان ؛ وإلاّ لكان محدثا ، ونزّهوه عن مشابهة المخلوقات ، وأنه قادر على جمع (4) المقدورات ، وأنه عدل حكيم لا يظلم ولا يجور ، ولا يفعل القبيح ؛ وإلاّ لزم عليه (5) الجهل (6) والحاجة .. تعالى الله عنهما ، وأن أفعال العباد مستندة إليهم ، حسنها وقبيحها ؛ وإلاّ لا نتفى الثواب والعقاب ، وأنه يثيب (7) المطيع ؛ وإلاّ لزم الظلم ، والعاصي إن شاء عذّبه وإن شاء عفى عنه ، وأن أفعاله تعالى محكمة متقنة (8) واقعة لغرض ؛ وإلاّ لكان عابثا ، قال الله (9) تعالى : ( وما خلقنا السّماء والاَرض و ما بينهما لاعبين ) (10) .
وأنه تعالى أرسل الأنبياء لإرشاد العالم ، وأنه تعالى غير مرئيّ ولا مدرك بالحواس ، لقوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير ) (11) . وأنه ليس في جهة ؛ وإلاّ لكان محتاجا إليها ، تعالى الله عن الحاجة ، وأن أمره ونهيه وإخباره حادثة (12) ؛ لاستحالة إخبار المعدوم (13) أمره ونهيه .
وأن الأنبياء معصومون عن (14) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر الى آخره ، وإلاّ لارتفع (15) الوثوق عن إخباراتهم (16) ؛ فانتفت (17) فائدة بعثتهم (18) ، ولزم التنفر (19) عنهم .
وأن الأئمة عليهم السلام معصومون كالأنبياء عليهم السلام ؛ لأنهم (20) يقومون مقامهم في الإرشاد ، ووجوب اتّباعهم ، وأنهم منصوص عليهم من الله ورسوله ، لأن العصمة لطف (21) خفيّ لا يعلمها (22) غير الله تعالى ..
هذا خلاصة مذهب الإمامية (23) الإثني عشرية في الأصول (24) .
وأما مذهبهم في الفروع ؛ فإنهم أخذوا أحكام الشريعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن أئمتهم المعصومين الناقلين عن جدّهم محمد (25) صلى الله عليه وآله وسلم المتلقى (26) عن جبرئيل ، عن الله تعالى ، كما قال بعضهم شعرا (27) :
إذا شئت أن ترضى (28) لنفسك مذهبا
ينجيك يوم البعث من لهب (29) النار
فــدع عـنك قـول الشـافعي ومـالك
وأحمـد والمـروي عن كـعب أحـبار (30)
ووال أنـاســا قــولهم (31) وحــديثهم
روى جدّنا (32) عن جبـرئيل عن الباري (33)
ولاية أهـل البـيت فـرض عـلى الورى
ومـن لم يـؤدّ الفرض عُـذب بـالنار (34)
ولا فــرق بـين الجــاحدين لحـقهم
ومن عبد الأوثـان أو جـحد البـاري (35)
ولم يقولوا بالرأي ولا بالإجتهاد (36) ، وحرّموا القول بالقياس والإستحسان (37) ـ الذي أحدثه أهل (38) المذاهب الاربعة (39) ـ ، ولم يغيّروا مذهب الإسلام ـ الذي كان عليه الرسول عليه وآله السلام والصحابة وأتباعهم الى أيام المنصور ـ كما غيّره أهل (40) المذاهب الأربعة رغبة في الدنيا ، واختيارا للعاجل على الآجل .
____________
(1) في الطبعة الحجرية : مذاهب .
(2) في نسخة (ر) : مذاهبهم .
(3) في نسخة ( ألف ) : لأن .
(4) كذا ، والظاهر : جميع .
(5) لا يوجد في الطبعة الحجرية : عليه : وكذا في نسخة ( ألف ) و (ر) .
(6) في نسخة ( ألف ) : أو .. بدلا من الواو .
(7) في مطبوع الكتاب : مثيب .
(8) لا يوجد : محكمة متقنة .. في المطبوع من الكتاب على الحجر ، كما لا يوجد في نسخة ( ألف ) : متقنة .
(9) لا يوجد لفظ الجلالة في نسخة (ر) .
(10) سورة الأنبياء (21) : 16 .
(11) سورة الأنعام (6) : 103 . وجاء صدر الآية في بعض النسخ .
(12) في الطبعة الحجرية : حادث .
(13) وردت في جميع النسخ ـ عدا نسخة ( ألف ) ـ واو هنا .
(14) في نسخة ( ألف ) : من ، بدلا من : عن .
(15) في نسخة (ر) : ارتفع .
(16) في الطبعة الحجرية : من إخبارهم ، وفي نسخة ( ألف ) : من إخباراتهم .
(17) في نسخة ( ألف ) : وانتفت .
(18) لا يوجد قوله : فانتفت فائدة بعثتهم .. في نسخة (ر) .
(19) في نسخة ( ألف ) و (ر) : التنفير .
(20) في نسخة (ر) : وأنهم .
(21) في الطبعة الحجرية ونسخة ( ألف ) : أمر .. بدلا من : لطف .
(22) في نسخة (ر) : لا يعلمه .
(23) في الطبعة الحجرية : الشيعة .. بدلا من : الإمامية .
(24) انظر ـ مثلا ـ تجريد الإعتقاد للمحقق الطوسي : 187 ـ 223 ، وغيره من الكتب الكلامية . ولاحظ : عقائد الإمامية للمظفر ، أصل الشيعة وأصولها لكاشف الغطاء ... وغيرهما .
(25) من قوله : وعن أئمتهم ... الى هنا لا يوجد في نسخة (ر) .
(26) في الطبعة الحجرية : الملتقى .. وهو خلاف الظاهر ، وفي نسخة ( ألف ) : المتقى ، وعلى حاشيتها : المتلقى .
(27) وأورده العلامة المجلسي في بحاره 108|117 في نقله لإجازة الشيخ إبراهيم القطيفي للسيد شريف التستري .
(28) كذا في المطبوع من الكتاب والبحار ونسخة ( ألف ) ، وفي ما عداها : تختار ، والظاهر : تختر .
(29) في بحار الأنوار : ألم ، بدلا من : لهب .
(30) جاء العجز في البحار هكذا : وأحمد والنعمان أو كعب أحبار .
(31) في نسخة (ر) : نقلهم .. بدلا من : قولهم .
(32) في نسخة ( ألف ) : جدّهم .
(33) الصراط المستقيم : 3|20 ، باختلاف يسير .. والى هنا جاء في بحار الأنوار .
(34) جاء هذا البيت في نسخة ( ألف ) خاصة دون غيرها من النسخ .
(35) هذا البيت لم يرد في الطبعة الحجرية للكتاب ، وجاء في نسخة (ر) خاصة .
وفي نسخة ( ألف ) جاء هكذا :
ومن لا يوالي حيدرا فهو كافر * كمن عبد الأصنام أو جحد الباري
(36) في نسخة (ر) : بالإستحسان .. وهو أولى لولا تكرّره بعد ذلك .
(37) لا توجد : والإستحسان ، في نسخة (ر) .
(38) في مطبوع الكتاب ونسخة ( ألف ) : أحد ، بدلا من : أهل .
(39) وتابعه غيره . لاحظ : اصول الفقه المقارن للسيد محمد تقي الحكيم ، والنص والإجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين ، والموسوعة الرائعة الغدير للعلامة الأميني .. وغيرها ..
(40) لا توجد في الطبعة الحجرية كلمة : أهل .
في وصف مذهب الشيعة الإثني عشرية
- الزيارات: 2814