• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حقوق الزوج

من أهمّ حقوق الزوج حقّ القيمومة ، قال الله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) (1).
فالأُسرة باعتبارها أصغر وحدة في البناء الاجتماعي بحاجة إلى قيّم ومسؤول عن أفرادها ، له حقّ الإشراف ، والتوجيه ، ومتابعة الأعمال ، والممارسات ، وقد أوكل الله تعالى هذا الحق إلى الزوج ، فالواجب على الزوجة مراعاة هذا الحق المنسجم ، مع طبيعة الفوارق البدنية والعاطفية لكلٍّ من الزوجين ، وأن تراعي هذه القيمومة في تعاملها مع الأطفال وتشعرهم بمقام والدهم .
ومن الحقوق المترتبة على حق القيمومة حق الطاعة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أن تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدّق من بيتها شيئاً إلاّ بإذنه ، ولا تصوم تطوعاً إلاّ بإذنه ، ولا تمنعه نفسها ، وإن كانت على ظهر قتب ، ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه... ) (2) .
حتى إنّه ورد كراهة إطالة الصلاة من قِبل المرأة ؛ لكي تتهرّب من زوجها ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا تُطوِّلنّ صلاتكنّ لتمنعنَّ أزواجكنّ ) (3) .
ويجب عليها إحراز رضاه في أدائها للأعمال المستحبة ، فلا يجوز لها الاعتكاف المستحب إلاّ بإذنه (4) ، ولا يجوز لها أن تحجّ استحباباً إلاّ بإذنه ، وإذا نذرت الحج بغير إذنه لم ينعقد نذرها (5) .
ومن أجل تعميق العلاقات العاطفية ، وإدامة الروابط الروحية ، وإدخال السرور والمتعة في نفس الزوج ، يستحب للمرأة الاهتمام بمقدمات ذلك ، فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( جاءت امرأة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت : يا رسول الله ، ما حقّ الزوج على المرأة ؟ قال : أكثر من ذلك ، فقالت : فخبّرني عن شيء منه فقال : ليس لها أن تصوم إلاّ بإذنه ـ يعني تطوعاً ـ ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه ، وعليها أن تطّيّب بأطيب طيبها ، وتلبس أحسن ثيابها ، وتزيّن بأحسن زينتها ، وتعرض نفسها عليه غدوةً وعشية ، وأكثر من ذلك حقوقه عليها ) (6) .
ويستحب لها كما يقول الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( .. إظهار العشق له بالخِلابة ، والهيئة الحسنة لها في عينه ) (7) .
وفي رواية جاء رجل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : إنّ لي زوجةً إذا دخلت تلقّتني ، وإذا خرجت شيّعتني ، وإذا رأتني مهموماً قالت : ما يهمّك ، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك ، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( بشّرها بالجنة ، وقل لها : إنّك عاملة من عمّال الله ، ولك في كلِّ يوم أجر سبعين شهيداً ) .
وفي رواية : ( إنّ لله عزَّ وجلَّ عمّالاً ، وهذه من عمّاله ، لها نصف أجر الشهيد ) (8) .
ويحرم على الزوجة أن تعمل ما يسخط زوجها ويؤلمه ، في ما يتعلق بالحقوق العائدة إليه ، كإدخال بيته مَن يكرهه ، أو سوء خُلقها معه ، أو إسماعه الكلمات المثيرة وغير اللائقة .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها ، لم يُقبل منها صرفاً ، ولا عدلاً ، ولا حسنةً من عملها حتى ترضيه ) (9) .
وقال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ ، لم تُقبل منها صلاة حتى يرضى عنها ، وأيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها ، لم تُقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها ، كغُسلها من جنابتها ) (10) .
ويحرم على الزوجة أن تهجر زوجها دون مبرّر شرعي (11) ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة ، حُشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون ، في الدَرك الأسفل من النار ، إلاّ أن تتوب وترجع ) (12) .
ومن أجل الحيلولة دون تمادي الزوجة غير المطيعة في ارتكاب الممارسات الخاطئة ، التي تخلق أجواء التوتر في الأُسرة ، جعل الإسلام للزوج حق استخدام العقوبات المؤدّبة لها ، إذا لم ينفع معها الوعظ والإرشاد ، وتندرج العقوبة من الأخف أَوّلاً ثمّ الأشد ثانياً ، حسب حال المرأة ، ومقدار نشوزها ، وإعراضها ، وعدم طاعتها ، بعد بذل النصيحة والموعظة ، قال الله تعالى : ( ... وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ... ) (13) .
فتجوز له العقوبة إذا منعته من نفسها ، وتسلّطت عليه بالقول أو الفعل ، فيبدأ بوعظها وتخويفها من الله تعالى ، فإن أثّر ذلك وإلاّ هجرها بالإعراض عنها في مدخله ، ومخرجه ، ومبيته ، من غير إخلال بما يحفظ حياتها من غذاء ولباس ، فإن أثّر ذلك وإلاّ ضربها ضرباً غير مبرّح ، وإن خرجت من منزله بغير إذنه أو بإذنه وامتنعت عن الرجوع إليه فله ردّها ، وإن أبت فله تأديبها بالإعراض عنها وقطع الإنفاق (14) .
وأكّدت الروايات على مراعاة حق الزوج ، واتّباع الأساليب الشيّقة في إدامة أواصر الحبّ والوِئام ، وخلق أجواء الانسجام والمعاشرة الحسنة داخل الأُسرة ، فجعل الإمام الباقر ( عليه السلام ) حُسن التبعّل جهاداً للمرأة فقال ( عليه السلام ) : ( جهاد المرأة حُسن التبعّل ) (15) .
ولأهمية مراعاة هذا الحق ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( لا تؤدي المرأة حقّ الله عزَّ وجلَّ ، حتى تؤدي حقّ زوجها ) (16) .
وذكر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طاعة الزوج في سياق ذكره لسائر العبادات والطاعات ، التي توجب دخول الجنة ، حيث قال : ( إذا صلّت المرأة خَمسها ، وصامت شهرها ، وأحصنت فرجها ، وأطاعت بعلها ، فلتدخل من أيّ أبواب الجنة شاءت ) (17) .
ووضع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأهل بيته ( عليهم السلام ) منهجاً في العلاقات بين الزوجين ، يعصم الحياة الزوجية من التصدّع والاضطراب ، فأكّد على الزوجة أن لا تكلّف زوجها مالا يطيق في أمر النفقة ، وهو أمر يسبّب كثيراً من المتاعب في الحياة الزوجية ، ويضرّ بصفوها وانسجامها .

قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أيّما امرأة أدخلت على زوجها في أمر النفقة وكلّفته ما لا يطيق ، لا يقبل الله منها صرفاً ، ولا عدلاً ، إلاّ أن تتوب ، وترجع ، وتطلب منه طاقته ) (18) .

وحثّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المرأة على إصلاح شؤون البيت ، واستقبال الزوج بأحسن استقبال فقال : ( حقّ الرجل على المرأة إنارة السراج ، وإصلاح الطعام ، وأن تستقبله عند باب بيتها فترحّب به ، وأن تقدّم إليه الطشت والمنديل ... ) (19) .
ويستحب للزوجة أن تكسب رضا الزوج وتنال مودته ، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( خير نسائكم التي إن غضبت أو أُغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى عني ) (20) .
وجعل الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) رضا الزوج على زوجته شفيعاً لها عند الله تعالى ، فقال : ( لا شفيع للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها ، ولمّا ماتت فاطمة ( عليها السلام ) ، قام عليها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقال : اللهمّ إنّي راضٍ عن ابنت نبيك ، اللهمّ إنّها قد أوحشت فآنسها ) (21) .  ومن أجل التغلّب على المشاكل المعكّرة لصفو المودّة والوِئام ، يستحب للزوجة أن تصبر على أذى الزوج ، فلا تقابل الأذى بالأذى والإساءة بالإساءة ؛ لأنّ ذلك من شأنه أن يغمر أجواء الأُسرة بالتوترات الدائمة ، والمشاكل التي لا تنقضي ، والصبر هو الأسلوب القادر على إيصال العلاقات إلى الانسجام التام ، بعودة الزوج إلى سلوكه المنطقي الهادئ ، فلا يبقى له مبرّر للإصرار على سلوكه غير المقبول ، قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغَيرته ) (22) .

ومن آثار مراعاة الزوجة لحقوق الزوج في الوسط الأُسري ، أن تصبح له مكانة محترمة في نفوس أبنائه ، فيحفظون له مقامه ، ويؤدّون له حق القيمومة فيطيعون أوامره ، ويستجيبون لإرشاداته ونصائحه ، فتسير العملية التربوية سيراً متكاملاً ، ويعمّ الاستقرار والطمأنينة جوّ الأُسرة بأكمله ، وتنتهي جميع ألوان وأنواع المشاحنات والتوترات المحتملة .
ـــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 34 .
(2) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 277 .
(3) الكافي 5 : 508 .
(4) الكافي في الفقه : 187 .
(5) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 191 .
(6) الكافي 5 : 508 .
(7) تحف العقول : 239 .
(8) مكارم الأخلاق : 200 .
(9) مكارم الأخلاق : 202 .
(10) الكافي 5 : 507 .
(11) جواهر الكلام 31 : 201 . ومنهاج الصالحين ، المعاملات : 103 .
(12) مكارم الأخلاق : 202 .
(13) سورة النساء : 4 / 34 . 
(14) الكافي في الفقه : 294 .
(15) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 278 .
(16) مكارم الأخلاق : 215 .
(17) مكارم الأخلاق : 201 .
(18) مكارم الأخلاق : 202 .
(19) مكارم الأخلاق : 215 .
(20) مكارم الأخلاق : 200 .
(21) بحار الأنوار 103 : 257 .
(22) مَن لا يحضره الفقيه 3 : 277 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page