طباعة

الشِّقاق والنشوز

إذا حدث الشقاق ، وضع الإسلام أُسساً وقواعد موضوعية لإنهائه في مهده ، أو التخفيف من وطأته على كلا الزوجين ، فإذا كانت الزوجة هي المسبّبة للشقاق والنشوز ، بعدم طاعتها للزوج وعدم احترامه ، فللزوج حق استخدام بعض الأساليب كالوعظ أَوّلاً ، والهجران ثانياً ، والضرب الرقيق أخيراً (1) .
قال تعالى : ( ... وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيرًا ) (2) .
ثمّ تأتي المرحلة الثانية ، وهي مرحلة السعي في المصالحة ، ببعث حَكم من أهل الزوج ، وحَكم من أهل الزوجة ، كما جاء في قوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) (3) .
وينبغي على الحَكمين مراجعة الزوج والزوجة قبل بدء التشاور ، فإن جعلا إليهما الإصلاح والطلاق ، أنفذوا ما رأياه صلاحاً من غير مراجعة ، وإن رأيا التفريق بينهما بطلاق أو خُلع ، لا يحق لهما إمضاء ذلك إلاّ بعد مراجعة الزوجين (4) .
قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( ليس للحَكَمين أن يفرّقا حتى يستأمرا الرجل والمرأة ، ويشترطا عليهما إن شئنا جمعنا ، وإن شئنا فرّقنا ، فإن جمعا فجائز ، وإن فرّقا فجائز ) (5) .
ويجوز للحاكم الشرعي أن يبعث الحَكَمين من غير أهلهما (6) .
ومهما اتفق الحكمان فلا يجوز الفصل بين الزوجين في حال غياب أحدهما (7) .
وإن كان أحد الزوجين مغلوباً على عقله بطل حكم الشقاق (8) .
وفي جميع مراحل عمل الحَكَمين يستحبُّ لهما الإصلاح إن أمكن ذلك ؛ لعموم أدلة بغض الطلاق وكراهيته من قِبل الله تعالى .
ومن الأفضل اختيار الحَكَمين على أساس العلم ، والتقوى ، والكفاءة في مواجهة الأمور ، والقدرة على استيعاب المواقف المتشنّجة ، والصبر عليها ، وأن يقولا الحقّ ولو على أنفسهما .
وينبغي على الحَكَمين أن يمنحا الفرص المتاحة ؛ لإعادة مسار العلاقات الزوجية إلى حالتها قبل الشقاق والنشوز ، وإن طالت مدة الإصلاح والمفاوضات المتقابلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 333 . وجواهر الكلام 31 : 202 وما بعدها .
(2) سورة النساء : 4 / 34 .
(3) سورة النساء : 4 / 35 .
(4) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 333 . وجواهر الكلام 31 : 210 ، 215 .
(5) تهذيب الأحكام 8 : 103 .
(6) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 333 .
(7) المصدر السابق نفسه .
(8) المصدر السابق نفسه .