• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شكوى أمير المؤمنين علي (ع)

يقول علي (ع) في النهج : حتى إذا قبض الله رسوله صلّى الله عليه وآله ، رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتّكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أمروا بمودّته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه ، فبنوه في غير موضعه ، معادن كلّ خطيئة . (1)
وفي مستدرك الحاكم عن علي (ع) قال : إنّ ممّا عهد إلي النبيّ (ص) أنّ الأمة ستغدر بي بعده . (2)
ويروي أيضاً عن ابن عبّاس قال ، قال النبيّ (ص) : أما إنّك ستلقى بعدي جهدا ! قال : في سلامة من دِيني ؟ قال : في سلامة من دينك .
وعن علي (ع) قال : قال لي رسول الله (ص) : إنّ الأمّة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملّتي وتُقتل على سنّتي ، من أحبّك أحبّني ومن أبغضك ابغضني ، وإنّ هذه ستُخضّب من هذا . يعنى لحيته من رأسه . (3)
أقول : راجع في تحقيق غدر الأمّة مبحث : وصيّة رسول الله (ص) وفتنة السقيفة من هذا الكتاب ، ثمّ إلى مباحث أخر ، حتى تعلم ما صنعوا بعد نبيّهم ، بل غدرهم في آخر ساعات من حياته ، ومخالفتهم وصيّة رسول الله (ص) .
ويشير علي (ع) إلى خلاصة غدرهم ونتيجة صنيعهم في حقّه :
في تاريخ الطبري : عن علي (ع) : أنّ النبي (ص) قبض وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي ، فبايع الناس أبا بكر فبايعت كما بايعوا ، ثمّ أنّ أبا بكر هلك وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي ، فبايع الناس عمر بن الخطاب فبايعت كما بايعوا ، ثمّ إنّ عمر هلك وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي فجعلني سهماً من ستة أسهم ، فبايع الناس عثمان فبايعت كما بايعوا ، ثمّ سار الناس إلى عثمان فقتلوه ثمّ أتوني فبايعوني طائعين غير مكرهين ، فأنا مُقاتل من خالفني بمن اتّبعني ، حتى يحكم الله بيني وبينهم . (4)
أقول : الولاية الحقيقية بجعل الله تعالى وإعطائه ، وهي مرتبة تكوينيّة روحانية ومقام معلوم لا يزيد بإقبال الناس وتوجههم ، ولا ينقص بإدبارهم وإعراضهم . كما ورد بأنّ الإمام كالكعبة يُؤتى ولا يأتي . وأمّا الإمارة والخلافة الظاهرية فهي تتحصل بإقبال الناس وتوجّههم واعتبارهم ، وتنتفي بأدبارهم ومخالفتهم ، فإنّ أساس هذه الخلافة تحقّق السلطنة الظاهرية والنفوذ والحكومة والغلبة للحاكم ، بأيّ وسيلة كان وبأي طريق وقع ، حقّاً أو باطلاً . ولكل من هاتين الخلافتين آثار وأحكام شرعية وعقلية وعرفية ، ولا ربط بأحديهما إلى الأخرى .
ثمّ إنّ الأحقّ بالولاية الظاهرية مَن كانت له ولاية حقيقية باطنية ؛ فإنّه أولى لإجراء الأحكام والقوانين الدينية ، وهو أعلم بإصلاح أمور الناس دنيوية وأخروية ، وإنّه مأمون عن الانحراف والضلال والإضلال ، وهو أحرى بالاتّباع والاهتداء ، وهذا معنى قوله (ع) : وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي .
ولمّا كان الإمام له أن يفسّر الحقائق ويبيّن الأحكام ويحفظ معارف الدين ويدفع الشكوك والشبهات ، فليس من وظائفه أن يأتي الناس ويدعوهم إليه ، ويبلّغ الأحكام ويجاهد في التبليغ والدعوة . بل لهم أن يأتوا الإمام ، ويستفيدوا من محضره ، ويهتدوا بهديه ، ويستنيروا بنوره ، ويستكملوا بتعاليمه وتربيته .
ومن الأسف : أنّ أكثر الناس عن طريق السعادة لناكبون ، وعن صراط الحقيقة لمعرضون ، وعن الله وعن رسوله وعن أوليائه لمعتزلون ، يريدون متاعاً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون .
وما أقبح ما صنعوا ؛ حيث خالفوا أهل بيت رسول الله (ص) وأعرضوا عن طريقة أئمّة الهدى ، الذين قال فيهم الرسول : إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً .
بل ولم يقنعوا ولم يكتفوا بتركهم والإعراض عنهم ، وشرعوا بالتهمة والسبّ والشتم . وكادوا يظنّون أنّ هذا المنكر من المعروف ، وأنّهم يتقرّبون بها إلى الله تعالى ، فانظر ماذا يقول الإمام علي بن الحسين (ع) في ديدنهم :
في الطبقات ، قال منهال : دخلت على علي بن الحسين فقلت : كيف أصبحت أصلحك الله ؟ فقال : ما كنت أرى شيخاً من أهل المصر مثلك لا يدري كيف أصبحنا ! فأمّا إذ لم تدرِ فأخبرك : أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ؛ إذ كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأصبح شيخنا وسيدنا يُتقربُ إلى عدونا بشتمه أو سبّه على المنابر ! وأصبحت قريش تعدّ أنّ لها الفضل على العرب لأنّ محمّداً (ص) منها ، لا يعدّ لها فضلٌ إلاّ به ، وأصبحت العرب مقرَّه لهم بذلك ، وأصبحت العرب تعد أنّ لها الفضل على العجم لأنّ محمّداً (ص) منها ، لا يعدّ لها فضل إلاّ به ، وأصبحت العجم مقرّه لهم بذلك ، فلئن كانت العرب صدقت أنّ لها الفضل على العجم ، وصدقت قريش أنّ لها الفضل على العرب لأنّ محمّداً (ص) منها ، إنّ لنا أهل البيت الفضل على قريش لأنّ محمّداً (ص) منّا ، فأصبحوا يأخذون بحقّنا ولا يعرفون لنا حقّا ، فهكذا أصبحنا إذ لم تعلم كيف أصبحنا . (5)
ــــــــــــــ
1 ـ نهج البلاغة : 150 .
2 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 10 .
3 ـ نفس المصدر ، ص 142 .
4 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 171 .
5 ـ الطبقات ، ج 5 ، ص 219 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page