طباعة

القاسم بن الحسن (عليهما السلام)

 

القاسم بن الحسن (عليهما السلام)

روى الطبري في تاريخه، عن حميد بن مسلم، قال : « خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر في يده السيف، عليه قميص وإزار ونعلان، قد انقطع شِسع أحدهما، ما أنسى أنّها اليسرى، فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي : والله ! لأشدّنّ عليه، فقلت له : سبحان الله، وما تريد إلى ذلك يكفيك قتل هؤلاء الذين تراهم قد احتولوهم، قال : فقال : والله لأشدّنّ عليه، فشدّ عليه، فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال : يا عمّاه، قال : فجلّى الحسين كما يجلّي الصقر ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب، فضرب عمراً بالسيف فاتّقاه بالساعد فأطنّها من لدن المرفق، فصاح ثمّ تنحّى عنه، فحملت خيل لأهل الكوفة ليستنقذوا عمراً من حسين، فاستقبلت عمراً بصدورها، فحرّت حوافرها وجالت الخيل بفرسانها عليه، فتوطّأته حتّى مات، وانجلت الغبرة فإذا أنا بالحسين قائمٌ على رأس الغلام، والغلام يفحص برجليه، وحسين يقول : بُعداً لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك، ثمّ قال : عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا  يجيبك، أو يجيبك ثمّ لا  ينفعك، صوتٌ والله كثر واتره، وقلّ ناصره، ثمّ احتمله، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض، وقد وضع حسين صدره على صدره، قال : فقلت في نفسي : ما يصنع به، فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه عليّ بن الحسين وقتلى قد قتلت حوله من أهل بيته، فسألت عن الغلام فقيل هو : القاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب »([1]) .

                قال ابن شهرآشوب : « ثمّ برز قاسم بن الحسن وهو يرتجز ويقول :

إن تنكروني فأنا ابن حيدره***ضرغام آجام وليث قسوره

على الأعادي مثل ريح صرصره***أكيلكم بالسيف كيل السندره »([2])***   وروى المجلسي في البحار : « ثمّ خرج من بعده عبدالله بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام)، وفي أكثر الروايات أنـّه القاسم بن الحسن (عليه السلام)، وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم، فلمّا نظر الحسين إليه قد برز اعتنقه، وجعلا يبكيان حتّى غُشي عليهما، ثمّ استأذن الحسين (عليه السلام) في المبارزة، فأبى الحسين أن يأذن له، فلم يزل الغلام يقبّل يديه ورجليه حتّى أذن له، فخرج ودموعه تسيل على خدّيه وهو يقول :

إن تنكروني فأنا ابن الحسن***سبط النبيّ المصطفى والمؤتمن

هذا حسين كالأسير المرتهن***بين اُناس لا  سُقوا صوب المزن

                وكان وجهه كفلقة القمر، فقاتل قتالاً شديداً حتّى قتل على صغره خمسة وثلاثين رجلاً »([3]) .

                وعبدالله هو أبو بكر بن الحسن، كما عن أكثرهم، وهو الذي تزوّج سكينة
بنت الحسين (عليه السلام)، فقتل عنها ولم يعقّب، وسكينة لم تتزوّج بعده حتّى ماتت رضوان الله عليها ([4]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]. تاريخ الطبري : 4/341 .

[2]. مناقب ابن شهرآشوب : 4/118 .

[3]. بحار الأنوار : 45/34 .

[4]. راجع كتاب عقيلة قريش آمنة بنت الحسين (عليه السلام) للمؤلّف .