ليس نظرنا في هذا الكتاب الطعن على مسلم ، ولا نريد إيجاد تفرقة بين المسلمين ، ولا تجديد خلاف ونفاق ، ولا تحريك عاطفة أو بَغضاء .
وإنّما غرضنا الأصيل بيان حقائق الإسلام ، وتذكير ما أراده رسول الله (ص) والكشف عن الصراط المستقيم ، ورفع الأستار عن الفتن الحادثة .
وقد نورد بعض الأحاديث استطراداً ، ولا نريد إلاّ أن يهدينا الله عزّ وجلّ إلى ما يحبّ ويرضى .
البخاري : بإسناده ، كاد الخيران أن يهلكا : أبو بكر وعمر ، لما قدم وَفد بني تميم أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التميمي الحنظلي أخي بني مجاشع ، وأشار الآخر بغيره ، فقال أبو بكر لعمر : إنّما أردت خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، فارتفعت أصواتهما عند النبيّ (ص) ، فنزلت : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) ، إلى قوله : ( عَظِيمٌ ) . (1)
مستدرك الحاكم : عن أبي ليلى عن علي أنّه قال : يا أبا ليلى ، أمّا كنت معنا بخيبر ؟ قال بلى والله ، كنت معكم ، قال : فإنّ رسول الله (ص) بعث أبا بكر إلى خيبر فسار بالناس واهزم حتى رجع . (2)
أقول : هذا صريح في أنّ أبا بكر قد قصّر في العمل بمأموريّته ، وخالف التكليف المعيّن له من جانب النبيّ (ص) ، وانهزم من الأعداء ولم يستقم في الجهاد .
تهذيب ابن عساكر : كان رسول الله (ص) يصلّي من الليل في ليلة باردة لم نر قبلها ولا بعدها برداً كان أشدّ منه ، فقال رسول الله (ص) : ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة ؟ فسكتنا فلم يُجبه منّا أحد ، ثمّ قال : فسكتنا ، فقال : قم . وفي رواية ابن شاهين ثمّ قال : قم يا أبا بكر . فقال : استغفر الله ورسوله ! ثمّ قال : إنّ شئت ذهبت ، فقال : يا عمر . فقال استغفر الله ورسوله ! ثمّ قال : يا حذيفة ! فلم أجد بدّاً إذ دعاني باسمي أن أقوم ، فقال : اذهب وائتنا بخبر القوم .. الخ . (3)
أقول : وفي صدر الرواية ـ لقد رأيتنا مع رسول الله ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقُرّ .
مسند أحمد : عن قيس ، خطب أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أيّها الناس ولوددت أنّ هذا كفانيه غيري ولئن اخذتموني سنة نبيكم (ص) ما أطيقها إن كان لمعصوماً من الشيطان ، وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء . (4)
أقول : ليت أبا بكر يتذكّر قول رسول الله (ص) : وإن تولّوا علياً تجدوه هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق . وقال سلمان : ولو بايعتم عليا لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم .
تاريخ الطبري : قال أبو بكر : إنّي لا آسى على شيء من الدنيا إلاّ على ثلاث فعلتهنّ وددت أنّي تركتهنَّ ، وثلاث تركتهنّ وددت أنّي فعلتهنَّ ، وثلاث وددت أنّي سألت عنهن رسول الله (ص) ، فأمّا الثلاث اللائي وددت أنّي تركتهنَّ : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلّقوه على الحرب ، ووددت أنّي لم أكن حرّقت الفجاءة السُلمى وأنّي كنت قتلته سريحاً أو خلّيته نجيحاً ، وودت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ـ يريد عمر وأبا عبيدة ـ فكان أحدهما أميراً وكنت وزيراً ، ... وأمّا اللاتي وددت أنّي سألت رسول الله (ص) ووددت أنّي سألت رسول الله (ص) لمن هذا الأمر ! فلا ينازعه أحد ؟ ووددت أنّي سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب ؟ وودت أنّي كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمّة ، فإنّ في نفسي منهما شيئاً . (5)
أقول : هذا الكلام يناسب أن يكون ممّن لم يصاحب رسول الله (ص) ، ولم يسمع منه روايات في حقّ أهل بيته وفي عليّ (ع) ، ولم ير منه شدّة محبّته وتجليله لهم ، ولم يحضر غزوة خيبر ولا تبوك ولا في غدير خمٍّ ، ولم يعرف عليّ بن أبي طالب ، وفضله وشجاعته ومجاهدته وعمله وتقواه وقربه من النبيّ (ص) .
وأمّا ما يستفاد من هذا الكلام : هو الشكّ والتردد والاضطراب من جهة الجهل بمن له هذا الأمر .
وسيأتي نظير هذا التردد عن عمر أيضاً .
وراجع روايات السقيفة واستخلاف أبي بكر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ البخاري ج 4 ، ص 160 .
2 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 37 .
3 ـ تهذيب ابن عساكر ، ج 4 ، ص 98 .
4 ـ مسند أحمد ، ج 1 ، ص 14 .
5 ـ تاريخ الطبري ، ج 4 ، ص 52 .
أحاديث في أبي بكر
- الزيارات: 3015