• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فتنة : الأحداث في عهد عثمان

الملل والنحل : أن أقاربه قد ركبوا نهابرَ فركَبَتْه وجاروا فجير عليه . ووقعت اختلافات كثيرة وأخذوا عليه أحداثاً كلها محالة على بني أمية : منها : ردة الحكم بن أمية إلى المدينة بعد أن طرده النبي (عليه السلام) وكان يسمَّى طريد رسول الله وبعد أن تشفّع إلى أبي بكر وعمر أيام خلافتهما فما أجابا إلى ذلك ، ونفاه عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخاً . ومنها : نفيه أبا ذرّ إلى الربذة . وتزويجه مروان بن الحكم بنته وتسليمه خُمس غنائم إفريقيَّة له وقد بلغت مئتي ألف دينار . ومنها : إيواؤه عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد أن أهدر النبي (عليه السلام) دمه . وتوليته عبد الله بن عامر البصرة حتى أحدث فيها ما أحدث . إلى غير ذلك مما نقموا عليه . وكان أمراء جنوده معاوية بن أبي سفيان عامل الشام ، وسعد بن أبي وقاص عامل الكوفة ، وبعده الوليد بن عقبة ، وعبد الله بن عامر عامل البصرة ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل مصر ، وكلهم خذلوه ورفضوه حتى أتى قدره عليه . (1)
الفائق : عثمان أرسلت إليه أم سلمة : يا بُني ما لي أرى رعيتك عنك مزوّرين وعن جنابك نافرين ، لا تُعفِّ سبيلاً كان رسول الله (ص) لحَبها ، ولا تقدح بزند كان أكباها . توخّ حيث توخّى صاحباك ، فإنهما ثكما الأمر ثكماً ولم يظلماه . (2)
قال الزمخشري : ازورّ عنه : إذا عدل وأعرض . والتعفية : الطمس . ولحَبها : نفى عنها كل لبس وكشف كل عماية . وأكباها : عطلها من القدح بها . ثكمتُ الطريق : لزمته . ولم يظلماه : لم ينقصاه ولا زادا عليه .
ويروي أيضاً : أن سعداً وعماراً أرسلا إلى عثمان أن ائتنا فإنا نريد أن نذاكرك أشياء أحدثتها ، فأرسل إليهما : ميعادكم يوم كذا حتى أتشزّن ثم اجتمعوا للميعاد ، فقالوا : ننقم عليك ضربك عماراً ، فقال : تناوله رسولي من غير أمري ، فهذه يدي لعمار فليصطبر ، وذكروا بعد ذلك أشياء نقموها ، فأجابهم وانصرفوا راضين ، فأصابوا كتاباً منه إلى عامله أن خذ فلاناً وفلاناً وفلاناً فضرب أعناقهم ، فرجعوا فبدءوا بعلي (عليه السلام) فجاءوا به معهم فقالوا : هذا كتابك ؟ فقال عثمان : والله ما كتبت ولا أمرت ، قالوا : فمن تضنّ ؟ قال أظن كاتبي ، وأظن به يا فلان . (3)
قال الزمخشري : التشزن هو الاستعداد . فهذه يدي لعمار : يريد الانقياد . والصبر : القصاص .
تاريخ الطبري : فدخل عليّ بن أبي طالب على عثمان ، فقال : الناس ورائي وقد كلموني فيك . والله ، ما أدري ما أقول لك وما أعرف شيئاً تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه . إنك لتعلم ما نعلم ، ما سبقناك إلى شيء فنُخبرك عنه ... وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضُل به فأمات سنة معلومة وأحيا بدعة متروكة . وإني سمعت رسول الله (ص) يقول : يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور في جهنم كما تدور الرحى ثم يرتطم في غمرة جهنم ، وإني أحذّرك الله وأحذّرك سطوته ونقماته فإن عذابه شديد أليم ... قال علي (ع) : سأخبرك أن عمر بن الخطاب كان كل من ولّى فإنما يَطأ على صماخه إن بلغه عنه حرف جلبه ثم بلغ به أقصى الغاية ، وأنت لا تفعل ضعفت ورفقت على أقربائك ، قال عثمان : هم أقرباؤك أيضاً ! فقال عليّ : لعمري أن رحمهم مني لقريبة ولكنّ الفضل في غيرهم . قال عثمان : هل تعلم أن عمر ولى معاوية خلافته كلها فقد وليته ! فقال علي : أنشدك الله هل تعلم أنّ معاوية كان أخوف من عمر من يرفا غلام عمر منه ؟ قال : نعم . قال عليّ : فإن معاوية يقتطع الأمور دونك وأنت تعلمها فيقول للناس : هذا أمر عثمان ! فيبلغك ولا تُغير على معاوية ! (4)
أقول : يظهر من هذه الكلمات أن أمر عثمان قد شاع بين الناس ، وهم بين ناصح وشاتم ومبارز ، ولا يُرى من علي (ع) إلا أنه كان من الناصحين له والمدافعين عنه والناهين عن قتاله ، ومع هذا ترى جماعة من الشاتمين والمبارزين والمحركين ينسبون إليه القتل ويتّهمونه به ، وأكثر المخالفين في الجمل وصفين من هؤلاء الأفراد .
ويروي الطبري : فقالت عائشة : يا بن عباس ، أنشدك الله ـ فإنك قد أُعطيت لساناً إزعيلاً ـ أن تخذل عن هذا الرجل ، وأن تشكك فيه الناس ، فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت ، ورفعت لهم المنار، و تحلّبوا من البلدان لأمر قد حم‏ . (5)
البدء والتاريخ : أن الناس نقموا عليه أشياء فمن ذلك كلفه بأقاربه كما قاله عمر ، فآوى الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله (ص) وكان سيّره إلى بطن وج . ولأنه كان يُفشي سرّ رسول الله ويُطلع الناس عليه . ومنها : أنه أقطع الحارث بن الحكم مهرقته موضع شرقي المدينة ، وكان النبي (ص) لما قدم إلى المدينة ووصل إلى ذلك الموضع ضرب برجله وقال : هذا مُصلانا ومُستمطرنا ومخرجنا لأضحانا وفطرنا فلا تنقضوها ولا تأخذوا عليها كِرى ، لعن الله من نقض من بعض سوقنا شيئاً . ومنها : أنه أقطع مروان بن الحكم فدك قرية صدقة رسول الله (ص) ، وأعطاه خُمس الغنائم من إفريقيّة . ومنها : أنه أعطى عبد الله بن خالد بن أسيد أربعمئة ألف درهم وأعطى الحكم بن أبي العاص مئة ألف درهم . ومنها : أن عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان بأبيه عمر وقتل ابنين لأبي لؤلؤة فلم يُقدِه . ومنها : أنه عزل عمال عمر وولى بني أمية وانتزع عمرو بن العاص عن مصر واستعمل عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وانتزع سعد بن أبي وقاص عن الكوفة واستعمل الفاسق الوليد بن العقبة بن أبي معيط ، وهو أخوه لأمه ، فوقع في الخمر فشربها ، ويصلي الصلاة لغير وقتها ، فصلى بالناس يوماً الفجر أربعاً ، وهو ثَمِل !! فلمَّا انصرف قال : أزيدكم فإني نشيط ؟! فشغب الناس وحصبوه ، فلما شكاه الناس عزله واستعمل عليهم شراً منه : سعيد بن العاص ، فقدم رجل عظيم الكبر شديد العجب ، وهو أول من وضع العُشور على الجُسور والقناطر . ومنها : أن ابن أبي سرح قتل سبعمئة رجل بدم رجل واحد فأمر بعزله ولم يُنكر عليه . ومنها : أنه جعل الحروف كلها حرفاً واحداً وأكره الناس على مصحفه . ومنها : أنه سيّر عامر بن عبد قيس من البصرة إلى الشام لتنزهه عن أعماله . وسيّر أبا ذر الغفاري إلى الربذة ، وذلك أن معاوية شكاه أنه يطعن عليه ، فدعاه واستعتبه ولم يُعتب ، فسيره إلى الربذة وبها مات . ومنها : أنه تزوج نائلة بنت الفرافصة الكلبية فأعطاها مئة ألف من بيت المال ، وأخذ سفطاً فيه حلي فأعطاه بعض نسائه ، واستسلف من بيت المال خمسة آلاف درهم ، وكان اشترط عليه عند البيعة أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وبسيرة الشيخين فسار بها ستّ سنين ثم تغيّر كما ذكر ... فتكلم الناس في ذلك وأظهروا الطعن ، فخطب عثمان وقال : هذا مال الله أعطيه من أشاء وأمنعه من أشاء فأرغم الله أنف من رغم أنفه !! فقام عمار بن ياسر فقال : أنا أول من رغم أنفه من ذلك . فقال له عثمان : لقد اجترأت عليّ يا ابن سمية فوثب بنو أمية على عمار فضربوه حتى غُشي عليه ، فقال : ما هذا بأول ما أوذيت في الله . وضرب عبد الله بن مسعود في مخالفته قراءته . (6)
أقول : يكفي واحد من هذه الأحداث في انصراف الناس عنه ومخالفتهم له ونقضهم بيعته ، فكيف بهذه الأعمال المختلفة والأحداث الكثيرة ، التي يتبرّأ منها كل مسلم حرّ .
فإذا كان أمير المسلمين يعمل بهذه الأعمال الجائرة فإلى أين ينتهي جريان أمور الملة وكيف تكون عواقب أمورهم ؟ ولا يبعد أن يقال : إن الحكومة الأموية والجنايات الواقعة في تلك الدولة ، نتيجة هذه الأحداث .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الملل والنحل ، ج 1 ، ص 18 .
2 ـ الفائق ج 1 ، ص 549 .
3 ـ الفائق ، ج 1 ، ص 656 .
4 ـ تاريخ الطري ، ج 5 ، ص 33 .
5 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 140 .
6 ـ البدء والتاريخ ، ج5 ، ص 199 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page