طباعة

آيات الصائمين الحلقة (٢٧)

التاريخ: 2009/09/19

آيات الصائمين الحلقة (٢٧)

السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله، تقبل الله صيامكم وطاعاتكم في هذه الايام والليالي المباركة، معكم في حلقة أخری من برنامجكم الرمضاني اليومي هذا ووقفة تدبيرية في قوله عزوجل: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» وفي هذا القول المبارك عدة عبر ودروس تربوية للصائمين.
لقد جاء المقطع القرآني المتقدم مسك ختام لخمس آيات بينات وردت في سورة البقرة في تشريع عبادة الصيام في شهر رمضان المبارك وبيان بعض أحكامها. والقول المتقدم جاء في نهاية الآية الخامسة بعد ذكر مدة الصيام اليومي من الفجر الی الليل وأحكام مباشرة النساء وتحريمها خلال الإعتكاف ثم قال عز من قائل: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا». أن في هذا القول المبارك نهيا إلهياً من الإخلال بأحكام فريضة الصوم، وفي التعبير الخاص الوارد به درس بليغ نستلهمه من قوله عزوجل: «فَلاَ تَقْرَبُوهَا»، فهنا لم يقل الله عز من قائل مثلاً: لا تتجاوزا تلك الحدود ، بل قال «فَلاَ تَقْرَبُوهَا»، وفي ذلك درس بالالتزام بالإحتياط عن كل ما قد يؤدي الی تجاوز تلك الحدود الإلهية فضلاً عن إجتناب ما يؤدي حتماً الی تجاوزها.
أي أن علی الصائم أن يتجنب كل ما يحتمل فيه أنه يؤدي الی الوقوع في تجاوز الحدود فضلاً عما يتيقن أنه يؤدي الی التجاوز حتماً. وكل ذلك حرصاً علی إتمام عبادة الصوم بالصورة التي يحبها الله عزوجل لعباده. ولكي يعين الله جل جلاله عباده الصائمين علی التحلي بهذا الإحتياط المبارك ذكرهم بأن هذه الحدود هي حدود الله فنسبها الی ذاته المقدسة لكي يقوي فيهم روح الإحتياط عن كل ما يقربهم الی تجاوزها إما بدافع الخوف منه جل جلاله أو بدافع الحب له أو بدافع الشكر له جلت نعماؤه.
أما بالنسبة لقوله عزوجل «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»، فهو يشتمل علی إشارة قرآنية جليلة الی حقيقة مهمة تعد من قواعد وأصول فهم القرآن الكريم وهي أن الله تبارك وتعالی يبين آياته بالصورة التي تخاطب ليس عقولهم فقط بل قلوبهم أيضاً، أي بلغة وعبارات وتشبيهات وأمثال تهز وجدانهم وتنور قلوبهم فضلاً عن تنوير عقولهم وبالتالي تعينهم علی التحلي بالتقوی التي هي الغاية من عبادة الصوم بل من إنزال الكتاب الإلهي.
من هنا ينبغي لنا جميعاً أن نتلو القرآن الكريم بالكيفية التي تحرك بها قلوبنا بأتجاه ما تدركه عقولنا من خلال التدبر فيه، أي أن نتلوه بكل وجودنا.