طباعة

نور وبلاغة الحلقة (٦٧) - قال النبي (ص): مثل المؤمن كمثل النحلة، لا تأكل الا طيباً، ولا تضعه الاطيبا.


التاريخ: 2009/11/30
حديث: (مثل المؤمن كمثل النحلة، لا تأكل الا طيباً، ولا تضعه الاطيبا).
نص الحديث
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): مثل المؤمن كمثل النحلة، لا تأكل الا طيباً، ولا تضعه الاطيبا.


دلالة الحديث
هذا الحديث يظل من الاحاديث الملفتة للنظر، والمرشح بتأويلات متعددة تجعل القارئ له منبهرا منه لما ينطوي عليه من دلالة وبلاغة.
من حيث الدلالة يشر الحديث الی جملة تأويلات، في مقدمتها: التأويل الذاهب الی ان الانسان المؤمن ينبغي ان يلتزم بما يؤمن به وان يوصله الی الأخرين لان زكاة الشيء هو تعليمه وتوصيله الی الآخر.
ومن تأويلاته ان المؤمن يكتسب مصادر معرفته تأويلاته من اهلها، اي: من المبادئ الحقة المتمثلة في تراث المعصومين (عليهم السلام)، حيث يأخذ المعرفة من مصادرها الحقة، وكذلك يعلمها الاخرين فيكون بذلك قد تغذي بالطيب، واعطی الطيب او الحق من المعرفة.


بلاغة الحديث
بلاغياً نجد ان هذا الحديث قد ارتكن الی صورة تشبيهية قد اعتمدت اداة هي (المثل) في توضيح الهدف الذي يريد النص بان يوصله الينا. كيف ذلك؟
لقد انتخب الحديث (النحلة) دون سواها، للتدليل علی ضرورة اخذ المعرفة من اهلها، وتعليمها الی الاخرين، فالنحلة - كما نعرف جميعاً - تتغذی علی الزهور - وهو نبات طيب - وتضع عسلاً وهو غذاء طيب، ولا شيء اكثر جمالاً من منظر او مشهد الزهور، كما لا شيء اكثر حلاوة وتذوقاً من تناول العسل، اذن: تتمثل بلاغة الحديث في كونه قد شبه غذاء النحلة وهو الزهور بغذاء المؤمن، اي: المعرفة التي يتلقاها من مصادرها الحقة (كتاب الله وعترته)، ثم يقدم معرفته المذكورة الی الآخر، اي: يعلمها الآخرين، او علی الاقل يفيد منها في تعديل سلوكه. كيف ذلك؟
ان الشخصية المؤمنة عندما تتلقی حديثاً عن المعصومين (عليه السلام) مثلاً، تكون قد تغذت علی ما هو طيب.
وحينما تعمل بما تغذت به كما لو فرضنا ان الحديث يطالب بالصدق والامانة والاخلاص والوفاء والاحسان والانفاق، انما تعمل الشخصية بهذه التوصيات انها تتلقاها دون العمل، بل تكون فعلاً صادقة وامينة ومخلصة ووفية. محسنة ومنفقة، وهذا هو منتهی الدقة والجمالية في المقارنة بين النحلة وبين المؤمن، سائلين الله تعالی ان يجعلنا كذلك، وان يوفقنا الی الطاعة، انه سميع مجيب.

*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir