طباعة

الأنصار من غير الهاشميين 9

 

الأنصار من غير الهاشميين 9

مجمع بن عبدالله العائذي :

 قُتل في الحملة الاُولى، كما عن ابن شهرآشوب([1]) .

                من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) . له ذكر في صفّين، خرج مع نفر يريدون الحسين (عليه السلام) عند مجيئه إلى العراق، فانتهوا إليه (عليه السلام) بعذيب الهجّانات، فلحقوا به (عليه السلام)، وقتلوا في أوائل المحاربة يوم الطفّ رضوان الله عليهم .

                وقد نال مضافاً إلى شرف الشهادة، شرف تسليم الحجّة المنتظر عجّل الله فرجه في زيارة الناحية المقدّسة([2]) .

 

مسعود بن الحجّاج التيمي :

وابنه : عبدالرحمن :

 

استشهدا في الحملة الاُولى، كما عن المناقب([3]) .

                كان مسعود وابنه من الشيعة المعروفين، ولمسعود ذكر في المغازي والحروب، وكانا شجاعين مشهورَين، خرجا مع ابن سعد حتّى إذا كانت لهما فرصة أيّام المهادنة جاءا إلى الحسين (عليه السلام) يسلّمان عليه، فبقيا عنده وقتلا في الحملة الاُولى، كما ذكره السروي([4]) .

                واقتصر المامقاني على التحاقهما يوم السابع مع الحسين (عليه السلام)، وأنّهما استشهدا بين يديه، وقد خصّهما الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف بالسلام عليهما في زيارة الناحية المقدّسة([5]) .

 

مسلم بن عوسجة :

 

كان رجلاً شريفاً سريّاً عبداً متنسّكاً .

                لمّا التحم القتال حملت ميمنة ابن سعد على ميسرة الحسين (عليه السلام)، وفي ميمنة ابن سعد : عمرو بن الحجّاج الزبيدي، وفي ميسرة الحسين (عليه السلام) زهير بن القين، وكانت حملتهم من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة، وكان مسلم بن عوسجة في الميسرة، فقاتل قتالاً شديداً لم يسمع بمثله، فكان يحمل على القوم وسيفه مصلت بيمينه فيقول :

إن تسألوا عنّي فإنّي ذو لبد***وأنّ بيتي في ذرى بني أسد

فمن بفناي حائد عن الرشد***وكافر بدين جبّار صمد

                ولم يزل يضرب فيهم بسيفه حتّى عطف عليه مسلم بن عبدالله الضبابي وعبدالرحمن بن أبي خشكارة البجلي فثارت لشدّة الجلاد غبرة عظيمة، فلمّا انجلت إذا هم بمسلم بن عوسجة صريعاً وبه رمق، فمشى إليه الحسين (عليه السلام)معه حبيب بن مظاهر، فقال له الحسين (عليه السلام) : رحمك الله يا مسلم ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ([6]) .

                ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال : عزّ علَيَّ مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنّة، فقال مسلم قولاً ضعيفاً : بشّرك الله بخير . فقال له حبيب : لولا  أعلم أنّي في الأثر لأحببتُ أن توصي إليَّ بكلِّ ما أهمّك . فقال مسلم : اُوصيك بهذا ـ وأشار إلى الحسين ـ أن تموت دونه، قال : أفعل وربّ الكعبة، وفاضت روحه بينهما وصاحت جارية له : وا مسلماه، يا سيّداه، يابن عوسجتاه، فتنادى أصحاب ابن الحجّاج قتلنا مسلماً . فقال شبث بن ربعي لمن حوله : ثكلتكم اُمّهاتكم، أيقتل مثل مسلم وتفرحون ! لربّ موقف له كريم في المسلمين، رأيته يوم « آذربيجان »، وقد قتل ستّة من المشركين قبل تلتام خيول المسلمين([7]) .

                قال ابن شهرآشوب : برز مسلم بن عوسجة مرتجزاً :

إن تسألوا عنّي فإنّي ذو لبد***من فرع قوم في ذرى بني أسدِ

فمن بغانا حائداً عن الرشد***وكافر بدين جبّار صمد

                فقاتل حتّى قتله مسلم الضبابي وعبدالرحمن البجلي([8]) .

                هو أوّل قتيل من أنصار الحسين (عليه السلام) بعد قتلى الحملة الاُولى . كان صحابيّاً ممّن رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وروى عنه([9]) .

                قال المامقاني(رحمه الله): مسلم بن عوسجة عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الحسين.. وكان صحابيّاً ممّن رأى النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وكان رجلاً شجاعاً له ذكر في المغازي والفتوح الإسلاميّة، ونصّ على ذلك ابن سعد في محكي طبقاته، وعن العسقـلاني أنـّه كان رجـلاً شريفاً سرياً عابداً متنسّكاً، استشهد مع الحسين (عليه السلام)بكربلاء، انتهى .

                أقول : جلالة الرجل وعدالته وقوّة إيمانه وشدّة تقواه ممّا تكلّ الأقلام عن تحريرها، ولو لم يكن في حقّه إلاّ ما تضّمنته زيارة الناحية المقدّسة لكفاه . قال عجّل الله فرجه : « السَّلاَمُ عَلى مُسْلِمِ بْنِ عَوْسَجَةِ الاَْسَدي الْقائِلِ لِلْحُسَينِ (عليه السلام)وَقَدْ أَذِنَ لَهُ في الاِْنْصِرافِ : أَنَحْنُ نُخَلّي عَنْكَ، وَبِمَ نَعْتَذِرُ إِلَى اللهِ مِنْ أَداءِ حَقِّكَ، لاَ  وَاللهِ ! حَتّى اُكَسِّرَ في صُدُورِهِم رُمْحي هـذا، وَأَضْرِبَهُم بِسَيْفي ما ثَبَتَ قائِمُهُ في يَدي، وَلاَ  اُفارِقُكَ وَلَوْ لَم يَكُن مَعي سِلاَحٌ اُقاتِلُهُم بِهِ لَقَذَفْتُهُم بِالْحِجارَةِ، ثُمَّ لَمْ اُفارِقُكَ حَتّى أَمُوتَ مَعَكَ، وَكُنْتَ اَوَّلَ مَنْ شَرى نَفْسَهُ، وَأَوَّلَ شَهيد مِنْ شُهداءِ اللهِ قَضى نَحْبَهُ، فَفُزْتَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . شَكَرَ اللهُ اسْتِقْدامَكَ وَمُواساتَكَ إِمامَكَ، إِذْ مَشى إِلَيْكَ وَأَنْتَ صَريعٌ فَقالَ : رَحِمَكَ اللهُ يا مُسْلِمَ بْنِ عَوْسَجَةَ، وَقَرَأَ (عليه السلام)( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً )، لَعَنَ اللهُ الْمُشْتَرِكِينَ في قَتْلِكَ : عَبْداللهِ الضّبابي وَعْبدالرَّحْمـن بْنَ خَشكارَةِ الْبَجْلي وَمُسْلِمَ بْنِ عَبْدالله الضّبابي » . انتهى كلامه عجّل الله فرجه، وجعلنا من كلّ مكروه فداه([10]) .

 

مسلم بن كثير :

ومولاه رافع بن عبدالله :

 

استشهد مسلم بن كثير الأزدي في الحملة الاُولى، كما عن ابن شهرآشوب([11]) .

                واستشهد رافع بن عبدالله بعد صلاة الظهر مبارزة، كما عن إبصار العين([12]) .

                والظاهر أنّ مسلم بن كثير ممّن أدرك النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وممّن صحب أمير المؤمنين (عليه السلام)فاُصيبت رجله في الجمل حتّى لقّب بالأعرج([13]) .

                وقد ذكرهما القمّي، وذكر (نافع) بدل (رافع)، ولعلّه تصحيف .

 

مسلم بن كناد :

 

من المستشهدين بين يدي الحسين (عليه السلام)، ووقع التسليم عليه في الزيارة الرجبيّة([14]) .

 

المعلّى بن حنظلة الغفاري :

 

برز المعلّى بن حنظلة الغفاري، وجعل يقاتل حتّى انكسر رمحه في يده، فانتضى سيفه وجعل يضاربهم حتّى كلّ ساعده، وقتل منهم مقتلة عظيمة، فكبى به جواده، فرماه على وجهه إلى الأرض، فداروا به من كلّ جانب ومكان وقتلوه ضرباً وطعناً رضوان الله عليه .

                ولم يذكره غير ابن طاووس والدربندي .

 

المعلّى بن المعلّى البجلي :

 

برز المعلّى بن المعلّى البجلي، وكان معروفاً بالشدّة والبأس والصعوبة والمراس، وأنشأ يقول :

أنا المعلّى وأنا ابن البجلي***ديني على دين الحسين بن عليّ

أضربكم بصارم لم يفلل***والله ربّي حافظي من زلل

وناصري ثمّ مزكّي عملي***يوم معادي وبه توكّلي

                ثمّ حمل على القوم، ولم يزل يقاتل حتّى قَتل من القوم أربعة وعشرين رجلاً، ثمّ أخذوه أسيراً، وأوقفوه بين يدي ابن سعد لعنه الله، فقال : لله درّك من رجل ما أشدّ نصرتك لصاحبك، ثمّ ضرب عنقه([15]) .

                ولم يذكره غيره .

 

مُنجح بن سهم ( مولى الحسين (عليه السلام) ) :

 

عدّه الفضيل بن الزبير ممّن قُتل مع الحسين (عليه السلام)، قتله حسّان بن بكر الحنظلي([16]) .

                ونقل المامقاني عن الزمخشري في ربيع الأبرار ; أنّ حسينيّة كانت جارية للحسين بن عليّ (عليهما السلام) اشتراها من نوفل بن الحارث بن عبدالمطّلب، ثمّ تزوّجها سهم، فولدت منه منجحاً، فهو مولى الحسين (عليه السلام)، انتهى . وقد كانت تخدم في بيت السجّاد (عليه السلام)، فلمّا خرج الحسين (عليه السلام) إلى العراق خرجت معه ومعها ابنها منجح حتّى أتوا كربلاء، ولمّا تبارز الفريقان يوم الطفّ قاتل القوم قتال الأبطال، وقُتل في أوائل القتال رضوان الله عليه، وقد تضمّنت الزيارة الواردة في رجب التسليم عليه، وكذا زيارة الناحية المقدّسة، وقد زاده ذلك شرفاً على شرف شهادته([17]) .

 

نافع بن هلال الجملي :

 

كان سيّداً شريفاً سريّاً شجاعاً، وكان قارئاً كاتباً من حملة الحديث، ومن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، حضر معه حروبه الثلاث في العراق ( الجمل وصفّين والنهروان )، وخرج إلى الحسين (عليه السلام) فلقيه في الطريق وكان ذلك قبل مقتل مسلم، وكان أوصى أن يتّبع بفرسه المسمّى بالكامل، فاُتبع مع عمرو بن خالد وأصحابه .

                قال الطبري : « إنّ نافع بن هلال كان يقاتل يومئذ وهو يقول :

أنا الجملي أنا على دين عليّ

                قال : فخرج إليه رجل يقال له مزاحم بن حريث، فقال : أنا على دين عثمان، فقال له : أنت على دين الشيطان، ثمّ حمل عليه فقتله »([18]) .

                وروي في إبصار العين عن الطبري كذلك، منع الماء في الطفّ على الحسين (عليه السلام)فاشتدّ عليه وعلى أصحابه العطش، فدعا أخاه العبّاس فبعثه في ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً، وأصحبهم عشرين قربة، فجاؤوا حتّى دنوا من الماء ليلاً، واستقدم أمامهم باللواء نافع بن هلال، فحسّ بهم عمرو بن الحجّاج الزبيدي، كان حارس الماء، فقال : مَن ؟

                قال : من بني عمّك .

                فقال : مَن أنت ؟

                قال : نافع بن هلال .

                فقال : مَن جاء بك ؟

                قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه .

                قال : اشرب هنيئاً .

                قال : لا  والله، لا  أشرب منه قطرة والحسين (عليه السلام) عطشان، ومَن ترى من أصحابه . فطلعوا عليه فقال : لا  سبيل إلى سقي هؤلاء، إنّما وضعنا بهذا المكان لنمنع الحسين وأصحابه، فحمل عليهم العبّاس بن عليّ (عليه السلام)ونافع بن هلال الجملي، ففرّقوهم وأخذوا أصحابهم وانصرفوا إلى رحالهم، وقد قتلوا منهم رجالاً » ([19]) .

                قال الطبري : « كان نافع بن هلال الجملي قد كتب اسمه على أفواق نبله، فجعل يرمي بها مسمومةً وهو يقول :

أنا الجملي أنا على دين عليّ

                فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جَرح .

                قال : فضرب حتّى كسرت عضداه، واُخذ أسيراً . قال : فأخذه شمر بن ذي الجوشن ومعه أصحاب له يسوقون نافعاً حتّى اُوتي به عمر بن سعد، فقال له عمر : ويحك يا نافع، ما حملك على ما صنعت بنفسك ؟ قال  ـ والدماء تسيل على لحيته ـ : إنّ ربّي يعلم ما أردتُ، والله، لقد قتلت منكم اثني عشر سوى مَن جرحت وما ألوم نفسي على الجهد، ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني، فقال له شمر : اقتله أصلحك الله، قال : أنت جئت به فإن شئت فاقتله، قال : فانتضى شمر سيفه فقال له نافع : أما والله ! أن لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه، فقتله([20]) .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]. المناقب / ابن شهرآشوب : 4/122 .

[2]. تنقيح المقال : 2/53 .

[3]. المناقب / ابن شهرآشوب : 4/122 .

[4]. إبصار العين : 148 .

[5]. انظر ترجمة مسعود في تنقيح المقال : 3/213، وترجمة عبدالرحمن بن مسعود : 2/148 .

[6]. إبصار العين : 83 .

[7]. مقتل الحسين (عليه السلام) / السيّد المقرّم : 241 . الإرشاد / الشيخ المفيد : 2/103 . بحار الأنوار : 45/19 . تاريخ الطبري : 4/232 .

[8]. المناقب / ابن شهرآشوب : 4/110 . مقتل الحسين (عليه السلام) من تاريخ ابن أعثم : 128 .

[9]. أنصار الحسين / شمس الدين : 108 .

[10]. تنقيح المقال : 3/214 .

[11]. المناقب / ابن شهرآشوب : 4/122 .

[12]. إبصار العين : 143 .

[13]. راجع تنقيح المقال : 3/215 .

[14]. معجم رجال الحديث : 18/151، وراجع أنصار الحسين (عليه السلام) / محمّدمهدي شمس الدين : 121 .

[15]. أسرار الشهادة : 297 .

[16]. تسمية مَن قتل مع الإمام الحسين (عليه السلام) : 153 .

[17]. تنقيح المقال : 2/247 .

[18]. تاريخ الطبري : 4/331 .

[19]. إبصار العين : 115 .

[20]. تاريخ الطبري : 4/336 .