37 ـ قال : حدّثنا أبو أحمد يحيى بن يحيى المقري الفتى الظريف قال : وجدت في كتاب عمّي الفضل فيما كتبه عن أبي منصور أحمد بن العباس عن أبيه الفضل بن يحيى ، قال سئل أبو جعفر محمد بن علي عن قول الله عزّ وجلّ : ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ] (1) ) فكان جوابه أن قال : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ـ فلان وفلان (2) ـ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاَءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ ـ يعني من الإمامة والخلافة ـ فَإِذًا لاَ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ) (3) .
قال أبو جعفر : والنقير النقطة التي تكون في وسط النواة .
( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ـ [ نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من ] (4) الإمامة دون خلق الله جميعاً ـ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) (5) [ يقول ] (6) فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة ، فكيف يقرّون [ به ] (7) في آل عمران وينكرون في آل محمد ، ( فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاَّ ظَلِيلاً ) (8) .
ثمّ قال : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) (9) إذا ظفرنا وظهرنا ، ثمّ قال للناس : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) (10) .
قال : قلت : فذاك ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (11) ، قال : إيّانا عنى ، قلت : فقوله : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (12) ، قال : إيّانا عنى ، قلت : فقوله : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (13) ، قال : نحن الأُمة الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه وحجّته في أرضه ، قلت : فقوله : ( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) (14) ، قال : المُلك العظيم أن جعل منهم أئمة ، مَن أطاعهم فقد أطاع الله ومَن عصاهم عصى الله فهو المُلك العظيم .
قلت : فقوله : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ ) (15) قال : إيّانا عنى ، نحن مجتبون ، ولم يجعل علينا في الدين من ضيق ، والحرج أشدّ من الضيق ، ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) ، قال : إيّانا عنى خاصة ، ( هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ ) في الكتب التي مضت ، ( وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ ) فرسول الله شهيد علينا فيما بلّغنا عن الله عزّ وجلّ ، ونحن الشهداء على الناس ، فمّن صدذقنا يوم القيامة صدّقناه ، ومَن كذّبنا يوم القيامة كذّبناه .
قال : فقوله : ( قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) ، قال : إيّانا عنى ، وعلي أقضانا وأولنا وخيرنا بعد النبي ( صلّى الله عليه وآله ) . قلت : فقوله : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) (16) ، قال : إيّانا عنى ، نحن المسؤولون ونحن أهل الذكر . فقلت : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (17) ، قال : المنذر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، وفي كل زمان منّا إمام يهدي إلى ما جاء به نبي الله ثمّ الهداة من بعده علي بن أبي طالب والأوصياء . قلت : فقوله : ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (18) ، قال : فرسول الله أفضل الراسخين قد علم جميع ما أُنزل عليه ، وما كاد لينزل عليه شيئاً لم يعلمه ، وأوصياؤنا من بعده يعلمون ذلك كله ، فقال : الذين لا يعلمون ما يقول إذا لم يعلم تأويله نادى بهم الله يقولون آمناّ به كل من عند ربّنا ، والقرآن له خاص وعام وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه والراسخون في العلم يعلمونه .
قلت : فقوله : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) (19) ، قال : إيّانا عنى ، فالسابق الإمام ، والمقتصد العارف ، والظالم الشاك الواقف منهم (20) .
______________
( 1 ) و ( 2 ) من المصادر .
( 3 ) النساء : 51 ـ 53 .
( 4 ) من المصادر .
( 5 ) النساء : 54 .
( 6 ) من المصادر .
( 7 ) من المصادر .
( 8 ) النساء : 55 ـ 57 .
( 9 ) النساء : 58 .
( 10 ) النساء : 59 .
( 11 ) المائدة : 55 .
( 12 ) التوبة : 105 .
( 13 ) البقرة : 143 .
( 14 ) النساء : 54 .
( 15 ) الحج : 77 ـ 78 .
( 16 ) الزخرف : 44 .
( 17 ) الرعد : 7 .
( 18 ) آل عمران : 7 .
( 19 ) فاطر : 32 .
( 20 ) رواه مع اختلافات في الكافي 1 : 205 ، العياشي : 1 : 246 ، الإمامة والتبصرة : 40 ، البحار 23 : 289 ، إرشاد القلوب 2 : 298 .
الجزء الخامس - القسم السابع والثلاثون
- الزيارات: 978