30 ـ قال : حدّثنا حمّاد بن عيسى الجهني ، قال : حدّثني مسمع بن سيار ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال :
( بلغ معاوية أنّ علياً ( عليه السلام ) يستنفر الناس بالكوفة للمسير إليه إلى الشام وذلك بعد الموادعة والحكومة ، فبلغ ذلك من معاوية المبالغ وجعل يدسّ الرجال إلى علي ( عليه السلام ) للقتل ويعمل الحيلة في ذلك ، إلى أن كاتب عمرو بن حريث المخزومي إلى الكوفة ، فقدم الرجل الى عمرو بن حريث فأنزله في مكان يقرب منه .
وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا يرى المسح على الخفّين وكان يجلس في مسجد الكوفة الأعظم ، يفتي الناس ويقضي بينهم حتى تجب الصلاة فيخلع الخفّين ويطهّر الرجلين ويصلّي بالناس ، فإذا أراد أن ينصرف إلى أهله لبس خفّه وانصرف ، فأجمع الرجل أن يرصد علياً ( عليه السلام ) ، فإذا خلع خفّيه جعل في أحدهما أفعى ـ أو قال : ثعبان ممّا كان معه ـ ففعل ذلك وجعل الأفعى ـ أو قال الثعبان ـ في أحد الخفّين ، فلمّا أراد أمير المؤمنين أن يلبس خفّه انقضّ عقاب ، فاختطف الخفّ وطار به في الجوّ ، ثمّ طرحه فخرج الأفعى فقُتل .
قال : فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للناس : خُذوا أبواب المسجد فأخذت الأبواب ونظروا ، فإذا رجل غريب وهو الرجل الذي أرصد علياً بما صنع ، فاعترف أنّ معاوية بعثه لذلك إلى عمرو بن حريث .
قال : فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : جيئوا بعمرو بن حريث ولا تنالوه بسوء ، فانطلقوا فجاؤا به ترتعد فرائصه فأرادوا قتله ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : دعوه فليس هو ولا معاوية بقاتلي ولا يقدران على ذلك ، أنا قاتلي رجل من مراد ضرْب من الرجال أعسر أيسر أصيفر ، ينظر بعيني شيطان ، وجعل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يصفه قال : يقتلني في الشهر الحرام لا بل في شهر رمضان ، عهدٌ من النبي الأُمي ( صلّى الله عليه وآله ) إليَّ بذلك وقد خاب مَن افترى ، ثمّ أطلق عن عمرو وأنشأ يقول :
تـلـكم قـريـش تـمـناني لـتقتلني
فـلا وربّـك مـا تـروى ولا ظفروا
أمــا بـقـيت فـإنّي لـست مـتّخذاً
أهـلاً ولا شـيعة فـي الدين إذ غُدروا
قــد بـايعوني فـما أوفـوا بـبيعتهم
يـوماً ، ومـالوا بـأهل الكفر إذ كفروا
وقـلّصوا لـي عـن حـرب مـشمّرة
مـا لـم يُـلاقِ أبـو بـكر ولا عمر
فــإن هـلكت فـرهن ذمّـتي لـكم
بـذات ودقـين لا يـعفوا لـها بـشر
عـام الـثلاثين خـيل غـير مـخلقة
إذا الـمـحرّم عـنها مـرّ أو صـفر
وسـوف يـأتيك عـن أنـباء مـلحمةٍٍ
يـبيض مـن ذكـرهم أنـباءها الشعر
إذا الـتـقى مــرّة بـالمرج جـمعهم
تـعلوا قـضاعة أو يـشفي بها مضر
فـسـوف يـبـعث مـهـدي لـسنّته
فينشر الوحي والدين الذي طهروا ) (1)
___________
( 1 ) رواه مختصراً في قرب الإسناد : 81 ، عنه مدينة المعاجز : 204 ، أخرجه في أعلام الورى : 181 .
الجزء السادس - القسم الثلاثون
- الزيارات: 1168