22 ـ قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال : حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن عمر ، قال : حدّثني أبي ، عن أخيه ، عن بكر بن عيسى ، قال :
( لمّا اصطفّ الناس للحرب بالبصرة خرج طلحة والزبير في صفّ ( من ) (1) أصحابهما ، فنادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الزبير بن العوام ، فقال له : يا أبا عبد الله ، أُدْن منّي لأفضي إليك بسرّ عندي ، فدنا منه حتى اختلف أعناق فرسيهما ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أنشدّتك الله إنّ ذكّرتك شيئاً فذَكَرْتَه أما تعترِفَ به ؟ فقال : نعم ، فقال : أما تذكر يوماً كنت مقبلاً عليَّ بالمدينة تحدّثني ، إذ خرج علينا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فرآك [ معي ] (2) وأنت تبسم إليَّ ، فقال لك : يا زبير ، أتحبّ علياً ؟ فقلت : وكيف لا أُحبّه وبيني وبينه من النسب والمودّة في الله ما ليس لغيره ، فقال : إنّك ستقاتله وأنت ظالم له (3) ، فقلت : أعوذ بالله من ذلك ؟ فنكس الزبير رأسه ، ثمّ قال : إنّي أنسيتُ هذا المقام .
فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : دَع هذا ، فلستَ بايعتني طوعاً (4) ؟ قال : بلى ، قال : فوجدّتَ منّي حَدَثاً يوجب مفارقتي ؟ فسكت ، ثمّ قال : لا جرم والله ما قاتلتك ، ورجع متوجّهاً نحو البصرة .
فقال [ له ] (5) طلحة : ما لَكَ يا زبير تنصرف عنّا ، سَحَركَ ابنُ أبي طالب ؟ فقال : لا ، ولكن ذكَّرني ما كان أنسانيه الدهر ، واحتجّ عليَّ ببيعتي له ، فقال طلحة : لا ، ولكن جَبُنتَ وانتفخ سحرك ، فقال الزبير : لم أجْبُنْ ، لكن أُذكرت فذكرت ، فقال له عبد الله : يا أبة ، جئت بهذين العسكرين العظيمين حتى إذا اصطفّا للحرب ، قلتَ : اتركهما وانصرف ، فما تقول قريش غداً بالمدينة ؟! الله الله يا أبة ، لا تشمت بنا الأعداء ، ولا تشمتنّ (6) نفسك بالهزيمة قبل القتال ، قال : يا بُني ، ما أصنع ، وقد حلفتُ له بالله ألاّ أُقاتله ؟ قال [ له ] (7) : فكفّر عن يمينك ولا تفسد أمرنا ، فقال الزبير : عبدي مكحول حرٌ لوجه الله كفارة ليميني (8) ، ثمّ عاد معهم للقتال . فقال همام الثقفي في فعل الزبير وما فعل وعتقه عبده في قتال علي ( عليه السلام ) :
أيعتِقُ مكحولاً ويَعصــي نَبيَّهُ لقَد تاهَ عن قَصْدِ الهُدى ثُمَّ عُوقُ
أيَنوي بهذا الصِّدقَ والبِّرَ والتُّقَى سيَعلَمُ يومــاً مَن يَبِرُّ ويَصدِقُ
لشتّانَ ما بَينَ الضَّلالــةِ والهُـدى وشتّــانَ مَن يَعصي النّبِيَّ ويَعتِقُ
ومَـنْ هـوَ في ذَاتِ الإلـهِ مُشمّـِرٌ يكبــر بــرا ربـه ويصــدق
أفِي الحقّ أن يُعصـى النَّبِيُّ سَفَاهَـةً ويُعتَــقُ عن عصيانِــهِ ويُطلَقُ
كَدَافِـقِ مــاءٍ للسَّــرابِ يؤمُـهُ ألاَ في ضَلالٍ ما يَصبُّ ويَدفِقُ ) (9)
___________
( 1 ) ليس في الأمالي .
( 2 ) من الأمالي .
( 3 ) في الأمالي : له ظالم .
( 4 ) في الأمالي : طائعاً .
( 5 ) من الأمالي .
( 6 ) في الأمالي : لا تُشمّر .
( 7 ) من الأمالي .
( 8 ) في الأمالي : يميني .
( 9 ) رواه الشيخ في أماليه 1 : 137 .
الجزء الثامن - القسم الثاني والعشرون
- الزيارات: 1678