25 ـ قال : حدّثنا عمرو بن ثابت ، عن جبلة بن سحيم ، عن أبيه ، قال : ( لمّا بويعَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بلغه أنّ معاوية قد توقّف عن إظهار البيعة له ، وقال : إن أقرّني على الشام وأعمالي التي ولاّنيها عثمان بايعته ، فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّ معاوية مَن قد عَلِمتَ (1) ، وقد ولاّه الشام مَن كان قَبلَك ، فولِّه أنت كيما تتسق الأُمور ، ثمّ اعزله إن بدا لك ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتضمن لي عمري يا مغيرة فيما تولّيته إلى خلعه ؟! قال : لا .
قال : فلا يسألني الله عزّ وجلّ عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبداً ( وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ) (2) ، لكنّي أبعثُ إليه فأدعوه إلى ما في يدي من الحقّ ، فإن أجابَ فرجلٌ من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، وإن أبى حاكمتُه إلى الله . فولّى المغيرة وهو يقول : [ فحاكمه إذاً ، فأنشأ يقول ] (3) :
نَصَحْتُ علياً في ابنِ حَربٍ نَصيحةً فَرَدَّ فما منّي لـه الدهــرُ ثانيــة
ولَمْ يَقبَـلْ النُّصحَ الذي جِئتُه بــه وكانَتْ لَه تِلكَ النَّصيحةُ كافيــة (4)
وقالوا لَه : ما أخَلَصَ النُّصْحُ كلّـه فقلت لـه : إنّ (5) النَّصيحةَ غاليـة
فقام قيس بن سعد فقال : يا أمير المؤمنين ، إنّ المغيرة أشار عليك بأمر لم يرِدْ اللهَ به ، فقدّم فيه رجلاً وأخّر فيه أُخرى ، فإن [ كان لك ] (6) الغلبة تقرَّبَ إليك بالنصيحة ، وإن كانت لمعاوية تقرَّبَ إليه بالمشورة ، ثمّ أنشأ يقول :
كادَ ومَن أرسـى ثبيــراً مكانَه مغيـرة أن يقـوى عليك معاويـة
كنتَ بحمـدِ الله فينـا موفَّقــاً وتلك التي أراكهـا غَيْــرُ كافيـة
فسبحانَ مَـن عَلا السماءَ مكانَها والأرضَ دحاها كما هي هيه ) (7)
___________
( 1 ) في الأمالي : عَرِفت .
( 2 ) الكهف : 51 .
( 3 ) من الأمالي .
( 4 ) في الأمالي : عافية .
( 5 ) في الأمالي : ذات .
( 6 ) من الأمالي .
( 7 ) رواه الشيخ في أماليه 1 : 85 .
الجزء التاسع - القسم الخامس والعشرون
- الزيارات: 1519