بناء مسجد المدينة
في هذا اليوم (18) ربيع الأول سنة (1هـ) عند وصول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى المدينة قرر الشروع في الحصول على أرض والقيام ببنائها مسجداً، فاشترى مربداً ليتيمين من الخزرج بعشرة دنانير.
ومكان المسجد اختارته ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث بركت عنده ونقلوا إليه الحجارة من منطقة الحرة.
ومثلما ساهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بناء الكعبة فقد شارك في بناء مسجد المدينة. فكان مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو المقر العام للحكومة الإسلامية والمركز المهم لتجمع المسلمين ومتابعة شؤونهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.
وجعل بيوت أزواجه أمام القبلة وبنى بيت فاطمة في غرب المسجد حيث قبره الان إذ دفن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وابتنى جيران المسجد منازلهم وجعلوا أبوابها الى المسجد، إلى أن أمر الله تعالى بسد الأبواب إلا باب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وباب علي (عليه السلام) وقد أزال المسلمون القبور الموجودة في تلك الارض قبل البناء عليها وكانت قبورها دارسة مما يبين جواز هذا الأمر مع المقابر. وكان طول المسجد أولا مئة ذراع في مثلها ثم زيد في مساحة مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرّات عديدة .
الثاني والعشرين من ربيع الأول
محاولة يهود بني النضير قتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقعت الحادثة في السنة الثانية للهجرة أي بعد غزوة بدر في (22) ربيع الأول.
بنو النضير من يهود الشام لذلك سادوا على سائر يهود المدينة وهو الصحيح وقيل من قبيلة جذام العربية ثم تهوّدوا . والنضير جبل على بعد ميلين من المدينة . وكان بنو النضير قد عاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يحاربوه، ولا يحاربوا معه .
وكانت العداوة بين اليهود وبالخصوص بني النضير وبين المسلمين قد ساءت بعد اعمال كعب بن الأشرف ضد المسلمين ومحالفته مشركي قريش، وتحتم على المسلمين ابعادهم عن المدينة.
ولما قتل المسلمون كعب بن الاشرف اشتدت العداوة ففكر اليهود في قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وكانت هناك روايتان في ذلك مرّة في محاولة قتله بصخرة ومرّة بمحاولة قتله بخنجر.
لقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى بني النضير يستعينهم في الديِّة، للقتيلين الذين قتلهما عمرو بن أمية وهما من بني عامر، للعهد الذي كان (صلى الله عليه وآله وسلم) اعطاهما ـ وكان بين بني النضير وبين بني عامر عهد وحلف ـ . وقعت الحادثة في السنة الثانية للهجرة أي بعد غزوة بدر في (22) ربيع الأول.
قالوا: نعم يا أبا القاسم نُعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا:
إنّكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى جانب جدار من بيوتهم قاعد. فقالوا: من رجل يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيقتله بها فيريحنا منه، فانتدب لذلك عمرو بن جَحّاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرةً ورسول الله في نفرٍ من أصحابه وقال سلام بن مشكم لقومه لا تفعلوا والله ليخبرن بما هممتم به .
فأتاه الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وقال لأصحابه: لا تبرحوا، فخرج راجعاً الى المدينة. وقيل إنّهم رموا الحجر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذه جبريل .
فلما استبطأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة. فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى انتهوا إليه فأخبرهم الخبر بما أرادت اليهود من الغدر.
واعتبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محاولتهم قتله نقضاً للعهد المبرم بينهما، وقد قال تعالى: (واوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم) (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا)
وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا دين لمن لا عهد له .
الثالث والعشرين من ربيع الأوّل:
مجئ فاطمة بنت موسى بن جعفر الى قم في (23) ربيع الأول (201هـ). جاءت فاطمة (سلام الله عليها) الى قم وكان سبب مجيئها هو أنه لما أحضر المأمون الرضا (عليه السلام) من المدينة الى مرو لولاية العهد في سنة (200هـ) يوم (23) ربيع الأول خرجت فاطمة أخته تقصده في سنة (201هـ) فلما وصلت الى ساوة مرضت فسألت كم بينها وبين قم؟ قالوا: عشرة فراسخ، فقالت (سلام الله عليها): احملوني إليها، فحملوها الى قم، ولما وصل خبرها إلى قم استقبلها أشرافها وتقدّمهم موسى ابن خزرج بن سعد الاشعري، فلما وصل إليها أخذ بزمام ناقتها ونزلت (عليها السلام) داره حيث مكثت فيها سبعة عشر يوماً ثم توفيت سلام الله عليها .