في تقدّم الشيعة في علم العروض
وفيه عدّة صحائف:
1ـ في أوّل من وضع علم العروض.
2ـ في أوّل من صنّف في علم العروض بعد الخليل.
3ـ في الكتب المؤلّفة فيه للشيعة غير ما تقدّم.
الصحيفة الاُولى
في أوّل من وضع علم العروض
هو الخليل بن أحمد المتقدّم ذكره في فصل علم اللغة([1]). ولا خلاف في أنّه هو أوّل من استخرج العروض وحصّن به أشعار العرب، حتّى صار يعرف بالعروضي([2]). ولو أردنا ذكر من نصّ على ذلك من أهل العلم لطال المقام، وقد أخرجنا شيئاً من ذلك في الأصل([3]).
ودعوى إبن فارس في الصاحبي: أنّ علم العروض كان قديماً، ثمّ أتت عليه الأيام وقلّ في أيدي الناس، ثمّ جدّده الخليل; مُستدلاًّ بقول الوليد بن المغيرة في القرآن: لقد عرضت مايقرأه محمد على أقراء الشعر هزجه ورجزه وكذا وكذا فلم أره يشبه شيئاً من ذلك([4]). لايساعد عليها أثر ولا تاريخ ولا استنباط صحيح.
وإنّما هو حدس منه وتخمين تفرّد به، لا اعتبار به عند أهل العلم بالأخبار، وإنّما كان الوليد يعرف قوافي الشعر بطبعه وغريزته، كما كان يعرف العربية كذلك، وهذا غير العلم الذي حَصَرَ أقسامه الخليل في خمس دوائر، يستخرج منها خمسة عشر بحراً([5]).
هذا حمزة بن الحسن الإصفهاني في كتاب التنبيه يقول: وبعدُ، فإنّ دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب اُصول من الخليل، وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم أخذه ولا عن مثال تقدّمه احتذاه([6])... إلى آخر كلامه المنقول في الأصل([7]).
وقال أبو الفرج محمد بن إسحاق بن أبي يعقوب النديم عند ذكره للخليل: وهو أوّل من استخرج العروض وحصّن به أشعار العرب([8]).
وقال إبن قتيبة عند ذكره: هو صاحب العروض([9]). وقال أبو بكر الزبيدي في أوّل كتاب استدراك الغلط: والخليل بن أحمد أوحد العصر، وقريع الدهر، وجهبذ الاُمّة، واُستاذ أهل الفطنة الذي لم ير نظيره ولا عرف في الدنيا عديله.... إلى أن قال: ثمّ ألّف على مذهب الاختراع وسبيل الإبداع كتاب «الفرش والمثال» في العروض، فحصر بذلك جميع أوزان الشعر وضمّ كلّ شيء منه إلى حيّزه وألحقه بشكله، وأقام ذلك في دوائر أعجزت الأذهان وبهرت الفطن وغمرت الألباب([10]).
وقال عبدالواحد في مراتب النحويين: وأبدع الخليل بدايع لم يسبق إليها.... إلى أن قال: واختراعه العروض وأحدث أنواعاً من الشعر ليست من أوزان العرب([11]).
وقال إبن خلكان في ترجمته: وهو الذي استنبط علم العروض وأخرجه إلى الوجود([12])... إلى آخر كلامه.
وقال العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف إبن المطهّر الحلّي في الخلاصة: الخليل بن أحمد كان أفضل الناس في الأدب وقوله حجة فيه، اخترع العروض، وفضله أشهر من أن يذكر، وكان إمامي المذهب([13]) إنتهى بحروفه.
ولو أردنا نقل كلمات علماء الأدب في النصّ على ذلك لطال المقام وفيما ذكرنا كفاية للمرام([14]).
الصحيفة الثانية
في أوّل من صنّف في علم العروض بعد الخليل
فاعلم أنّ ذلك هو، أبو عثمان المازني، بكر بن محمد بن حبيب النحوي (رضي الله عنه)([15]) المتوفي سنة 248([16])، كان من غلمان إسماعيل بن ميثم، إمام المتكلّمين في الشيعة، كما نصّ عليه أبو العباس المبرّد، وقال أبو العباس النجاشي في كتاب أسماء المصنّفين من الشيعة: كان سيـّد أهل العلم بالنحو والعربية واللغة بالبصرة وتقدّمه مشهور بذلك([17]).
وذكره جمال الدين ابن المطهّر في الخلاصة بنحو ماذكره النجاشي، وأنّه من العلماء الإمامية([18]).
وقال السيوطي في الطبقات: كان إماماً في العربيّة، متّسعاً في الرواية، يقول بالإرجاء، وكان لايناظره أحد إلاّ قطعه لقدرته على الكلام، وقد ناظر الأخفش في أشياء فقطعه، وقال المبرّد: لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان([19]).. وله من التصانيف: كتاب «في القرآن»([20]) وكتاب «علل النحو»([21])، كتاب «تفاسير»([22])، كتاب سيبويه([23])، كتاب «مايلحن فيه العامة»([24])، كتاب «الألف واللام»([25])، كتاب «التصريف»([26])، كتاب «العروض»([27])، كتاب «القوافي»، كتاب «الديباج». نصّ على هذه الكتب إبن النديم والسيوطي والحموي وغيرهم([28])، وكتاب عروض أبي عثمان المازني ذكره في كشف الظنون([29]) أيضاً.
الصحيفة الثالثة
في الكتب المؤلّفة فيه للشيعة غير ما تقدّم
كتاب «الإقناع في العروض» لكافي الكفاة الصاحب بن عبّاد([30]) المتقدّم ذكره([31]).
كتاب «صنعة الشعر في العروض والقوافي» للخالع المشهور، الحسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين الرافعي المعروف بالخالع([32])([33])، المتوفّى في أثناء المائة الرابعة([34]). له ترجمة مفصّلة في الأصل من الإمامية([35]).
وكتاب «عيار الشعر» وكتاب «تهذيب الطبع» وكتاب «العروض» جميعاً للشريف أبي الحسن محمد بن أحمد الطباطبائي الإصفهاني، كما في نسمة السحر في ذكر من تشيّع وشعر ([36]). كان تولّده سنة 322([37]). وذكره في معاهد التنصيص، وأثنى عليه وذكر كتاب العروض له، وقال: لم يسبق إلى مثله([38]). وهو صاحب الأبيات المشهورة في حسن التعليل:
يامن حكى الماء فرط رقته***وقلبه في قساوة الحجر
ياليت حظي كحظ ثوبك من***جسمك ياواحداً من البشر
لاتعجبوا من بلا غلالته***قد زرّ أزراره على القمر([39])
وكتاب «العروض والقوافي» لمحمّد بن أحمد الوزير([40]) المتقدّم ذكره في الكُتّاب([41]).
وكتاب «الكافي في علم العروض والقوافي»، وكتاب
«نظم العروض» للسيـّد أبي الرضا فضل الله الراوندي(رحمه الله) ([42])([43])، كان
حياً سنة 548([44])، له ترجمة حسنة في الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة([45]).
ورسالة «العروض والقوافي» للحكيم الأنوري([46])([47]) الشاعر المتوفي سنة إنقراض الدولة العباسية([48]).
وكتاب «العروض» لملك النحاة([49])([50])، وهو صاحب العمدة في النحو المذكورة في كشف الظنون، نصّ على تشيّعه عند ذكرها([51])، وسيأتي ذكره في أئمة علم النحو إن شاء الله([52]).
و«الأكليل التاجي في العروض»، و«قرّة عين الخليل في شرح النظم الجليل لإبن الحاجب»، و«شرح قصيدة صدرالدين الساوي في العروض» جميعاً للشيخ تقي الدين الحسن بن عليّ بن داود الحلّي([53]) صاحب كتاب الرجال المعروف بـ «إبن داود»، تلميذ السيـّد إبن طاووس المتقدّم ذكرهما في صحيفة علماء الجرح والتعديل([54]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) لاحظ الصحيفة الأولى من الفصل العاشر.
([2]) لاحظ الفهرست لإبن النديم: ص67 في الفن الأول من المقالة الثانية، ووفيات الأعيان ج2: ص244، ومعجم الاُدباء ج11: ص73، وبُغية الوعاة ج1: ص577، وأعيان الشيعة ج6: ص337، ومعجم رجال الحديث ج8: ص80 رقم 4346.
([3]) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: ص150 وص178.
([4]) الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب: ص38.
([5]) انظر أعيان الشيعة ج6: ص339، وشذرات الذهب ج1: ص275.
([6]) وفيات الأعيان ج2: ص245، نقلاً عن كتاب التنبيه على حروف المصحف لحمزة بن الحسن الإصفهاني.
([7]) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: ص178.
([8]) الفهرست لإبن النديم: ص67 في الفن الأول من المقالة الثانية.
([9]) المعارف : ص301.
([10]) لاحظ مقدّمة استدراك الغلط على كتاب العين.
([11]) مراتب النحويين: ص30 ـ 31.
([12]) وفيات الأعيان ج2: ص244.
([13]) خلاصة الأقوال: ص140 رقم 387.
([14]) انظر الفهرست لإبن النديم: ص81 في الفن الأول من المقالة الثانية، وسير أعلام النبلاء ج7: ص429 رقم 161، وتهذيب الكمال ج8: ص326 رقم 1725، والمعارف : ص301، ومعجم الاُدباء ج11: ص72، والكامل في التاريخ ج6: ص50، وأنباه الرواة ج1: ص341، وبُغية الوعاة ج1: ص557، وشذرات الذهب ج1: ص275، وطبقات النحويين : ص47.
([15]) لاحظ ترجمته في رجال النجاشي ج1: ص272 رقم 277، وخلاصة الأقوال: ص81 رقم 160، ورجال ابن داود: ص58 رقم 264، وروضات الجنات ج2: ص134 رقم 151، وأعيان الشيعة ج3: ص590، والكنى والألقاب ج3: ص131، وقاموس الرجال ج2: ص376 رقم 1190، ونقد الرجال ج1: ص295 رقم 792، وجامع الرواة ج1: ص129، ومعجم رجال الحديث ج4: ص23 رقم 1872، وتهذيب المقال ج4: ص152، وتنقيح المقال ج1: ص180، والفهرست لإبن النديم: ص89 في الفن الأول من المقالة الثانية، ووفيات الأعيان ج1: ص283 رقم 118، ومعجم الاُدباء ج7: ص108، وتاريخ بغداد ج7: ص93 رقم 3529، والمنتظم ج12: ص12 رقم 1507، وشذرات الذهب ج2: ص113، وسير أعلام النبلاء ج12: ص270 رقم 103، وبُغية الوعاة ج1: ص463 رقم 953، وطبقات النحويين : ص87، ونزهة الألباب : ص183، النجوم الزاهرة ج2: ص329، ومرآة الجنان ج2: ص109، والوافي بالوفيات ج10: ص311 رقم 4698، وأنباه الرواة ج1: ص346، وتاريخ الإسلام للذهبي، في وفيات سنة 249: ص186 رقم 110.
([16]) رجال النجاشي ج1: ص273.
([17]) رجال النجاشي ج1: ص273 .
([18]) خلاصة الأقوال: ص81 رقم 160.
([19]) بُغية الوعاة ج1: ص463.
([20]) معجم الاُدباء ج7: ص122، وبُغية الوعاة ج1: ص465.
([21]) معجم الاُدباء ج7: ص122، وبُغية الوعاة ج1: ص465، والذريعة ج15: ص314 رقم 2011، وهدية العارفين ج1: ص234.
([22]) معجم الاُدباء ج7: ص122، والذريعة ج4: ص229 رقم 1155.
([23]) بُغية الوعاة ج1: ص465، والذريعة ج4: ص229 رقم 1155، وهدية العارفين ج1: ص234.
([24]) الفهرست لإبن النديم: ص89 في الفن الأول من المقالة الثانية، والذريعة ج19: ص36 رقم 189، وهدية العارفين ج1: ص234.
([25]) الفهرست لإبن النديم: ص89 في الفن الأول من المقالة الثانية، وهدية العارفين ج1: ص234.
([26]) الفهرست لإبن النديم: ص89، والذريعة ج4: ص197 رقم 978، وهدية العارفين ج1: ص234.
([27]) الفهرست لإبن النديم: ص89، والذريعة ج15: ص254 رقم 1643، وكشف الظنون ج2: ص1137، وهدية العارفين ج1: ص234.
([28]) انظر الفهرست لإبن النديم: ص89، وبُغية الوعاة ج1: ص465، ومعجم الاُدباء ج7: ص122، وهدية العارفين ج1: ص234.
([29]) كشف الظنون ج2: ص1137.
([30]) لاحظ كشف الظنون ج1: ص140.
([31]) تقدّم ذكره في الصحيفة الثانية من الفصل العاشر.
([32]) كشف الظنون ج2: ص1082، والذريعة ج15: ص91 رقم 605.
([33]) لاحظ ترجمته في رجال النجاشي ج1: ص192 رقم 166، وإيضاح الإشتباه: ص162 رقم 224، ونقد الرجال ج2: ص113 رقم 1518، وروضات الجنات ج3: ص155 رقم 264، وأعيان الشيعة ج6: ص144، وقاموس الرجال ج3: ص520 رقم 2244، ومعجم الاُدباء ج13: ص290، وتاريخ بغداد ج8: ص105 رقم 4222، والمنتظم ج8: ص210 رقم 3168، ولسان الميزان ج2: ص574 رقم 2820، وميزان الاعتدال ج1: ص547 رقم 2048، وتاريخ الإسلام للذهبي، في وفيات سنة 422: ص80 رقم 59، والوافي بالوفيات ج13: ص48 رقم 52، وبُغية الوعاة ج1: ص538 رقم 1121، والأعلام للزركلي ج2: ص254، ومعجم المؤلفين ج4: ص46.
([34]) لاحظ تاريخ بغداد ج8: ص106، والمنتظم ج8: ص210 رقم 3168، ولسان الميزان ج2: ص575، وكشف الظنون ج1: ص168، وص380 وص771.
([35]) تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: ص90 وص179.
([36]) نسمة السحر ج3: ص105 رقم 152، وانظر الذريعة ج15: ص363 رقم 2309، وج4: ص511 رقم 2279، وج15: ص256 رقم 1656.
ولاحظ ترجمة الرجل في الدرجات الرفيعة: ص481، ومعالم العلماء: ص152، والغدير ج3: ص340، وأعيان الشيعة ج9: ص72، وأنوار الربيع ج1: ص257، ومعجم الشعراء: ص463، ومعاهد التنصيص ج2: ص129، والوافي بالوفيات ج2: ص79، ومعجم الاُدباء ج17: ص143، ووفيات الأعيان ج1: ص130، والأعلام للزركلي ج4: ص308.
([37]) نسمة السحر ج3: ص105.
([38]) معاهد التنصيص على شواهد التلخيص ج1: ص179، ومعجم الاُدباء ج17: ص143.
([39]) نسمة السحر ج3: ص152، والغدير ج3: ص345.
([40]) لاحظ معجم الاُدباء ج17: ص212، والذريعة ج15: ص260 رقم 1681.
([41]) تقدّم ذكره في الصحيفة الرابعة من الفصل العاشر.
([42]) انظر الدرجات الرفيعة: ص506، والذريعة ج24: ص216 رقم 1124، وإيضاح المكنون ج2: ص659.
([43]) لاحظ ترجمته في الدرجات الرفيعة: ص506، وأعيان الشيعة ج8: ص408، وروضات الجنات ج5: ص365 رقم 545، وأمل الآمل ج2: ص217 رقم 652، ومنتهى المقال ج5: ص206 رقم 2292، والكنى والألقاب ج2: ص435، ومجالس المؤمنين ج1:ص526، ومعجم رجال الحديث ج14: ص339 رقم 9417.
([44]) الدرجات الرفيعة: ص511.
([45]) لاحظ الدرجات الرفيعة: ص506 ـ 512.
([46]) الذريعة ج15: ص259 رقم 1674.
([47]) لاحظ ترجمته في أعيان الشيعة ج3: ص508، والكنى والألقاب ج2: ص58.
([48]) لاحظ أعيان الشيعة ج3: ص509، والكامل في التاريخ، في حوادث سنة 585.
([49]) الذريعة ج15: ص255 رقم 1644.
([50]) وهو الشيخ أبو نزار، الحسن بن أبي الحسن، صافي بن عبدالله بن نزار، النحوي المعروف بملك النحاة، ولد سنة 489 بالجانب الغربي من بغداد بمحلّة تعرف بشارع دار الرقيق، وتوفي يوم الثلاثاء 8 شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة باب الصغير... لاحظ ترجمته في روضات الجنات ج3: ص85 رقم 251، وأعيان الشيعة ج5: ص115، وكشف الظنون ج2: ص1170، ووفيات الأعيان ج2: ص92 رقم 168، ومعجم الاُدباء ج8: ص122 رقم 12، وبُغية الوعاة ج1: ص504 رقم 1044، وسير أعلام النبلاء ج502 في ترجمة البطلمبوسي، وأنباه الرواة ج1: ص305، والوافي بالوفيات ج12: ص56، ومرآة الجنان ج3: ص386، والنجوم الزاهرة ج6: ص68، وشذرات الذهب ج4: ص227، وهدية العارفين ج1: ص279، وتذكرة الحفّاظ ج4: ص1323.
([51]) كشف الظنون ج2: ص1170.
([52]) انظر الصحيفة السادسة من الفصل الخامس عشر، في ذكر مشاهير أئمة علم النحو من الشيعة.
([53]) لاحظ الذريعة ج2: ص281 رقم 1139، وج17: ص73 رقم 381، وج14: ص12 رقم 1532، وهدية العارفين ج1: ص283.
([54]) تقدّم ذكرهما في الصحيفة التاسعة من الفصل الثاني، فراجع.
